تتصف المناطق الحارة الرطبة، مثل حوض الكنغو وحوض الأمزون، بمتوسط حراري سنوي لا يقل عن 56 ̊  مئوية، وبكمية من المطر السنوي تزيد على 150 سم، ورطوبة نسبية تتراوح بين 77% - 92%، وتلك هي المناطق التي تسودها الغابات الاستوائية الكثيفة، التي يستحيل اختراقها، وتصعب إزالتها، وهي لا شك موحشة معادية تماماً لمعيشة الإنسان، وفي هذه البيئة يستحيل التحكم في النمو النباتي، والنباتات الطفيلية لا حصر لها، وإذا ما أزيل الغطاء النباتي عن مساحة من أرض الغابة، فإن التربة سرعان ما تفقد خصوبتها عن طريق عمليات الغسل وإزالة موادها، وبالتالي لا تنتج إلا القليل، ويلزم ترك التربة شراقي بلا زراعة زمناً يساوي أربعة أو خمسة أمثال الزمن الذي يستغرقه محصول معلوم في الأرض، والإنسان هنا كائن هامشي مهدد دائماً بالبلاء من كل جانب.

ففي أفريقيا الاستوائية يعاني 90% من سكانها بأمراض الطفيليات المعروفة، وفي الهند كان معظم سكانها يقاسون من حمى الملاريا، إلى أن اكتشفت الأمصال والعقاقير منذ أربعينيات القرن العشرين، وتشغل المناطق الحارة الرطبة في أمريكا، وفي أفريقيا، وفي آسيا نحو 28% من مساحات القارات، ولا يسكنها سوى 8% من سكان العالم، ذلك أن هذه البيئات تزخر بأعداد لا حصر لها من الكائنات المعادية لمعيشة الإنسان، لكن غزارة ووفرة النبات والميكروبات غير العادية يصعب السيطرة عليها.

ورغم هذا فإن نطاق عروض مماثلة في آسيا المدارية يزدحم بملايين البشر، ففيه يسكن ربع سكان العالم فوق 8% من مساحة اليابس المستغلة، بكثافات سكانية تفوق (150) شخصاً لكل كيلو متر مربع، وتمثل جاوة المثل الصارغ لهذا الشذوذ في النطاق المداري الرطب الطارد للسكان، لكن جاوة جزيرة ضيقة نحيلة وطويلة، من السهل اختراقها والتداخل خلالها، بالإضافة الى أنها جبلية، وعليها تتساقط الأمطار، وتجري مياهها في مجاري مائية فوق منحدرات المخاريط البركانية، فتحمل معها رواسب غاية في الخصوبة الى السهول التي تحيط بها، كما ويمكن القول باختلاف في فصول السنة نتيجة للنظام الموسمي الذي يطولها، والجزيرة بذلك ذات خصائص طبيعية فريدة خاصة بها، والفرق واضح بينها وبين جزيرة بورنيو المجاورة لها في الشمال، فهي جزيرة مندمجة تتصف بصفات المناخ الحار الرطب الرتيب على مدار السنة.