القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
خصائص الاقتناع الذاتي للقاضي الإداري
المؤلف:
زينب سعيد جاسم
المصدر:
مبدأ الاقتناع الذاتي للقاضي الإداري
الجزء والصفحة:
ص19-23
2025-04-30
51
لكل امر هناك سمات ومميزات يمتاز بها تجعله ينفرد بها دون غيره، وهذا ينطبق على الاقتناع الذاتي للقاضي الإداري الذي يتميز بعدة خصائص (1)، تتجسد في قانونية الاقتناع، واقعية الاقتناع، نسبية الاقتناع ايجابية الاقتناع، وهذه السمات هي التي تميز ما يكون عليه الاقتناع، ونتناولها بالبحث تباعاً :-
اولاً : قانونية الاقتناع الذاتي: -
من الخصائص المميزة التي تميز قناعة القاضي إنّ هذه القناعة تتكون نتيجة أدلة الاثبات، إذ تتولد من رحم الأدلة القانونية المشروعة، وتتصف الأدلة بأنها مشروعة عندما يتصف سلوك القاضي أثناء العملية القضائية باتباع أحكام القانون، فيكون مسلكه في إطار ما رسمه له القانون، فإذا ما كان سلوكه معيباً مخالف للقانون ترتب عليه بطلان الحكم الذي تكون نتيجة عدم مشروعية تلك الأدله، وهذا الأمر ينعكس بصفة خاصة على اقتناع القاضي الذي يتكون نتيجة الخطوات التي خطاها في القضية المعروضة عليه، فالاقتناع عمليه تتأثر بالأدلة التي استند اليها القاضي لتكوين قناعته (2).
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا العراقية ... ومدى صحة ثبوت الواقعة المنسوبة للموظف، وملاءمة العقوبة في حالة اسناد المخالفة الانضباطية للموظف وتقرر في ضوء ذلك أما بتأييد الحكم الصادر بالعقوبة إذا وجدته صحيحاً أو تعديله إذا وجدته غير صحيح في جزء منه أو إبطاله في حالة عدم صحته على أن تورد المحكمة في حكمها الحجج والاسانيد الواقعية القانونية التي تستند عليها في الحكم لتصل الى ما انتهت إليه في منطوقه...)(3).
فالقاضي الإداري وهو في طور تكوين اقتناعه ملزم ألا يخالف مبدأ المشروعية (4) شأنه في ذلك شأن خضوع جميع السلطات في الدولة لهذا المبدأ، فإذا ما عرفنا أن القاضي الإداري هو قاضي مشروعية وغالباً ما تكون أحكامه مصدراً للمشروعية في إطار القانون الإداري لكون القانون الإداري قانوناً حديث النشأة، كذلك يوصف بانه قانون قضائي تكونت أغلب مبادئه من الأحكام القضائية (5)، اذ إن سلطة القاضي الإداري لم تعد محددة بالتأكد من خضوع الإدارة لمبدأ المشروعية، وإنما أضحى له سلطة تقديرية لممارسة العمل القضائي الغاية منها هو ايجاد نوع من الموازنة بين حق الإدارة في امتلاك وسائل فعاله من أجل تحقيق أهدافها المشروعة، وبين حق الأفراد في الحماية من تعسف الادارة فكان الاولى به وهو يسعى إلى تكوين تصور حول وقائع القضية المنظورة من قبله أن لا يحيد عن هذا المبدأ، وأن يكون اقتناعه في إطار ما حدده القانون من أدله مشروعة، وفي الوقت نفسه عليه أن يراعي ما منحة له القانون من حرية واسعة أعطت له الفرصة في ان يختار الدليل المناسب ليبني عليه حكمه.
ثانياً: واقعية الاقتناع الذاتي :-
إذا كان الاقتناع يتكون من أدلة اثباتية استخلصها القاضي من الوقائع المطروحة على بساط البحث، فإن هذا الاقتناع يتصف بالواقعية، ويقصد بالواقعية هنا إن الاقتناع الذي تكون لدى القاضي لا يختلف مع حقيقة الواقع الذي جعله القاضي هدفاً يروم الوصول إليه، وهذه الصفة نتيجة منطقية تعاضد الصفة الأولى( قانونية الاقتناع )لأنّ القاضي ما دام قد كوّن قناعته من أدلة وبنفس الوقت كانت هذه الأدلة مشروعه ومتوافقة مع القانون، فكان اقتناعه متوافقاً مع حقيقة الواقع (6) ، فهنا يتوجب عليه أن يجري مطابقة بين مجموع الوقائع المطروحة عليه، وبين ما هو كامن في النص القانوني، لينتهي إلى نتيجة بتطابق أو عدم تطابق واقع الحال مع ما هو منصوص عليه في القانون، فإذا ما عرفنا أن المجهود الذهني الذي يبذله القاضي يمر بمرحلتين : الأولى التثبت من وجود الوقائع، والثانية النتيجة التي توصل إليها القاضي والتي يترتب عليها الحل الأمثل للنزاع (7)، ففي المرحلة الأولى يقوم القاضي بدراسة صلة الوقائع بالدعوى، حيث يتوافق ذلك داخل ذهن القاضي مع مجموعة من القواعد القانونية سواء أكانت تلك المتعلقة بالموضوع أم بالأثبات أم بالإجراءات وكل ما تقدم يقع في المرحلة الأولى للتفكير ودراسة وقائع الدعوى (8) ، فاستنتاج القاضي للوقائع عند تمحيصه للأدلة إنما يقوم بنشاط ذهني يكون محله الواقع والقانون، فهو يمارس سلطة تقديرية في إطار هذا الواقع أو ذلك القانون(9)، اما المرحلة الثانية فيكون للقاضي دور كبير فيها حيث يترجم قناعته الى حكم يصدره للفصل في الدعوى (10).
نخلص من ذلك أن قناعة القاضي الإداري ليست خيالاً متجرداً عن الواقع، وإنما هي متكونة من أدلة الاثبات.
ثالثاً نسبية الاقتناع الذاتي :-
إذا كان على القاضي أن يصل الى الحقيقة المطلقة عند تكوين اقتناعه، فهذا الأمر يختلف من قاض إلى آخر، وذلك بحسب ما تتميز به شخصيته وتحصيله العلمي، وادراكه العالي، وضميره العادل، فكل ذلك يأتي من خلال ما يبذله القاضي في تطوير مداركه ليساعده في الوصول إلى أعلى درجات التحصين من أن تؤثر عليه الدوافع والأفكار الكامنة في صميم نفسه اثراً سيئاً عندما يكون اقتناعه، وأهم هذه الدوافع ضعف الثقافة لدى القاضي، والنقص في التذكر أو الانتباه أو التمييز، إضافة إلى ما يتركه الارهاق الدائم والمرض الطويل والتحيز من آثار سلبية على قناعته(11).
رابعاً: ايجابية الاقتناع الذاتي :-
للاقتناع الذاتي خاصيه أخرى يتميز بها ألا وهي الايجابية (12) والتي تظهر باستنتاج الوقائع المطروحة في نطاق القضية، فالقاضي لا يقف الموقف السلبي أمام ما يعرض عليه، حيث يسعى بكل الوسائل الممكنة التي توصله إلى حقيقة ما يكون عليه الأمر ، فله أن يكمل الدليل الناقص الذي يقدم إليه من الخصوم، وأيضاً يتعين عليه أن يتحرى بنفسه ما يدعيه طرفا الدعوى، وما يقدم إليه من أدلة (13)، فالقاضي الإداري لا يقف الموقف السلبي عند متابعته لإجراءات الدعوى، بل دائماً يكون موقفه موقف المتدخل لاعادة التوازن بين طرفي الدعوى بحيادية تامة دون أن يميل لأحد الطرفين، وهذا يفسر ما يكون عليه الاقتناع الذاتي للقاضي الإداري من ايجابية.
هذه الايجابية لقناعة القاضي الإداري هي نتيجة متحصلة من الدور الايجابي للقاضي الإداري وهذا ما تم بيانه في حيثيات إحدى القرارات القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا المصرية قولها (وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن تكييف الدعوى وتحديد طلبات الخصوم فيها هو من تصريف محكمة الموضوع تجريه وفقا لما هو مقرر من ان القاضي الإداري يهيمن على الدعوى الإدارية وله فيها دور ايجابي يحقق من خلاله مبدأ المشروعية وسيادة القانون ولذلك فانه يستخلص التكييف الصحيح للطلبات مما يطرح عليه من أوراق ومستندات ودفاع وطلبات الخصوم فيها وما يستهدفونه من إقامة الدعوى دون توقف على حرفية الألفاظ التي تستخدم في إبداء تلك الطلبات ودون تحريف لها أو قضاء بما لم يطلبوا أو يهدفون إلى تحقيقه، والعبرة دائماً بالمقاصد والمعاني وليست بالألفاظ والمباني...) (14).
اما القضاء الإداري في العراق فأيد هذا الدور في إحدى قراراته بقولة لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الإدارية العليا وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً، ولدى عطف النظر على الحكم المميز ... لاحظت المحكمة الإدارية العليا أن قانون الاثبات قد أعطى للقاضي الإداري دوراً ايجابياً ووضع على عاتقه تحقيق العدالة وأن السير في هذه الدعوى لاتخاذ القرار المناسب فيها يتطلب البحث في أوراق وملف الموظفة لتتبع المستندات والأوامر الإدارية ثابتة التاريخ بما في ذلك أوامر منحها العلاوة للوصول إلى اقرب تاريخ يقيني لمباشرتها، وحيث إنّه قد ثم إحالة المدعية إلى التقاعد فإن على المحكمة ادخال هيئة التقاعد الوطنية شخصاً ثالثاً للاستيضاح منها عن السيرة الوظيفية للمدعية، وحيث إن الحكم المميز صدر دون مراعاة الامور القانونية المتقدمة مما اخل بصحته، لذا تقرر نقضه وإعادة الاضبارة إلى محكمتها لمراعاة ما تقدم والبت فيها وفقاً للقانون... )(15) في هذا القرار تطبيق عملي واضح لما اقره القانون للدور الايجابي للقاضي الإداري، الامر الذي سمح له بان يأخذ على عاتقه مهمة إعادة التوازن بين طرفي الدعوى التي ينظرها، ومن ثم لم يقف موقف المتفرج أو المحايد ، وهذا الدور جاء كنتيجة منطقية لطبيعة الدعوى الإدارية.
_______________
1- الخاصية جمعها خصائص، وتعني عند اهل اللغة : انفراد اللفظ او الفكرة بصفات تميزه عن المشترك معه في المعنى اشار اليه علي هادي جهاد السلطة التقديرية للقاضي المدني في ادلة الاثبات (دراسة مقارنه)، ط1، مكتبة القانون المقارن للنشر والتوزيع، بغداد، 2020، ص20.
2- د د. انيس حسيب السيد المحلاوي، القناعة الوجدانية للقاضي الجنائي بوسائل الاثبات الحديثة، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2016، ص 18-19.
3- ينظر حكم المحكمة الادارية العليا رقم (182/ قضاء الموظفين / تمييز /2015) في (2017/1/ 5 )، قرارات مجلس الدولة وفتاواه لعام 2017، ص 389-390
4- المشروعية تعني الزام واحترام القواعد القانونية النافذة في الدولة من هيئات السلطة فيها، وما ينتج عنه من خضوع الدولة بهيئاتها كافه وافرادها للقانون بمعناه العام، اشار اليه د. علي يونس اسماعيل القاضي الاداري بين المشروعية والملائمة، ط1، دار القارئ للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، 2018، ص 26.
5- د. علي يونس اسماعيل القاضي الاداري بين المشروعية والملائمة، ط1، دار القارئ للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان، 2018، ص 33.
6- انيس حسيب السيد المحلاوي، القناعة الوجدانية للقاضي الجنائي بوسائل الاثبات الحديثة، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2016، ص19.
7- علي هادي جهاد السلطة التقديرية للقاضي المدني في ادلة الاثبات (دراسة مقارنه)، ط1، مكتبة القانون المقارن للنشر والتوزيع، بغداد، 2020 ، ص33.
8- د. نبيل اسماعيل عمر، سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية والتجارية( دراسة تحليليه وتطبيقيه)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2002، ص 163.
9- علي هادي جهاد السلطة التقديرية للقاضي المدني في ادلة الاثبات (دراسة مقارنه)، ط1، مكتبة القانون المقارن للنشر والتوزيع، بغداد، 2020، ص35.
10- د. نبيل اسماعيل عمر، سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية والتجارية( دراسة تحليليه وتطبيقيه)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الاسكندرية، 2002 ، ص 164.
11- فاضل زيدان ،محمد سلطة القاضي الجنائي في تقدير الادلة ( دراسة مقارنه)، اطروحة دكتوراه مقدمه الى كلية القانون، جامعة بغداد ،1987 ، ص 144.
12- الايجابية تعني الاندفاع الناشئ لما يستقر من الايمان في القلب ليستطيع الانسان التعايش مع حوله من الواقع او تبديله، لكي يطابق الواقع الايجابي الموجود في مخيلته، فالإيجابية اقتناع عقلي ودافع نفسي وجهد بدني لا يكتفي بتنفيذ العمل المطلوب، بل يتعدى الى المبادرة في طلب العمل والبحث عنه، ايناس الملكاوي تعريف الايجابية مقال منشور على الموقع الالكتروني http://sotor.com تاريخ الزيارة 2020/12/23 ساعة 11:8 am.
13- د. انيس حسيب السيد المحلاوي، القناعة الوجدانية للقاضي الجنائي بوسائل الاثبات الحديثة، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، 2016 ، ص 31.
14- ينظر: قرار المحكمة الادارية العليا المصرية رقم الطعن (36415) لسنة 66ق) في تاريخ 2014/12/13، قرار منشور في بوابة مصر للقانون والقضاء على الموقع www.laweg.net ، تاريخ الزيارة 3:002021/5/2 am .
15- ينظر: قرار المحكمة الادارية العليا رقم ( 223 قضاء الموظفين / تمييز (2019 في 2021، قرار غير منشور).