علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
الحديث المضطرب
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 265 ـ 267
2025-06-09
113
الصنف الثالث:
[المضطرب وحدُّه]
المُضْطَرِبُ، وهو الذي تختلف الرواية فيه، فيرويه بعضُهُم على وجه، وبعضُهُم على وجه آخر مخالِفٍ، وإنّما سُمِّيَ بالمضطرب إذا تساوت الروايتان، أمّا إذا ترجَّحَت إحداهما بوجه من وجوه الترجيحات، فالحكم للراجحة، ولا يكون من الاضطراب في شيء (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مراده: إذا تميّز مخرج الحديث من بين وجوه اضطراب الرواة، فلا يعلّ أصل الحديث، قال ابن حجر في "الإصابة" (3/ 578) في ترجمة (نوفل بن فروة الأشجعيّ): "وشرط الاضطراب أن تتساوى الوجوه في الاختلاف، وأمّا إذا تفاوتت، فالحكم للراجح بلا خلاف".
أمّا إذا كان الحديث يرويه الثبت على وجه، ويخالفه الواهي، هذا ليس بعلّة قادحة، وإن أدخل الدارقطني هذا الضرب في كتابه "العلل" إلا أنّه حكم للثبت في الغالب، وإن حاد عن ذلك فلقرينة ظهرت له.
وممّا ينبغي أن يعلم أنّ أكثر من طعن فيهم من الرواة إنّما كان بسبب مخالفتهم للثقات، فلو كان كلّ اضطراب معلّ للحديث؛ لما سلم لنا شيء من السنّة!
والمضطرب لا يلزم منه الضعف، فإذا كان أحد الوجوه مرويًّا بسند صحيح والآخر بسندٍ ضعيف، فيحكم للصحيح القويّ، وإن أمكن الجمع بين الأقوال التي فيها تعيين المبهم بالحمل على تعدّد الواقعة، أو باحتمال أنّ المذكورين هما المعنيان، أو أنّ راويًا أخطأ في التسمية فحسب، فهذا لا يعلّ أصل صحّة الحديث، وهذا الضرب موجود في "الصحيحين".
نعم، لو اضطرب الرواة في مخرج الحديث وهو يرجع إلى وجه واحد، فالاختلاف حينئذٍ حقيقيّ، فإذا كان يمكن الجمع إذا كان الاضطراب في المتن فهو مُقَدَّمٌ على غيره، وإن ترجّح - بالضبط أو العدد - وجه قوي، فيحكم له، فإن تكافأت الطرق، وتساوت، ولم يمكن تعيين الصواب، ومعرفة الراجح، فهذا الذي يعلّ بالاضطراب.
والجمع المتَّجهُ في أوجه الاضطراب يكون غالبًا في المبهم، كأن يسمّيه حافظ في إسناد، ويسمّيه آخر على لون آخر، فإذا كان المسمّيان ثقتين، فهذا لا يضرّ في الصحّة، وإن ظهر لنا من إسناد آخر تسمية الرجلين معًا، فيكون الصواب الوجهين، فهذا الجمع مقدّم على الترجيح، ولا سيما مع هذه القرينة، ويكون هذا في الإسناد تارة، وفي المتن تارة، ولا بُدَّ من اعتبار القرائن في ذلك كلّه، أنظر أمثلة توجيهها وبيان الراجح منها في تعليقي على "الخلافيّات" للبيهقيّ (1/ 143، 145، 233، 234، 154 - 155، 227).
والتمثيل في تسمية المبهم على الاختلاف في ضربين، فإن غلب على الظنِّ أنَّ الراوي واحد، ولم يمكن الجمع بين القولين، ينظر: فإنْ كان الرجلان معًا ثقتين أو لا، فإن كانا ثقتين، فهنا مقتضى مذاهب الفقهاء والأصوليّين أن لا يضر هذا الاختلاف؛ لأنّه إذا كان الحديث عن هذا المعيّن فهو عدل، وإن كان عن الآخر فهو عدل، فكيفما انقلبنا، انقلبنا إلى عدل، فلا يضر – عندهم - هذا الاختلاف.
ومذهب أهل الحديث فيه، غير مذهب الفقهاء والأصوليّين، فهم يقولون في الاضطراب المتذبذب بين عدلين ثقتين: إنّ الاضطراب يدلّ على عدم ضبط في الجملة، وهذا متّجه عند فقدان الدليل على أنّ الحديث عنهما جميعًا.
نعم، يمكن حينئذٍ "الأخذ بالأقل، وهو المتيقّن عند اضطراب الرواة وعدم إمكان ترجيح وجه من وجوه الاضطراب" أفاده شيخنا الألباني في "الصحيحة" (4/ 371)، وينظر للتفصيل: "نكت ابن حجر على ابن الصلاح" (2/ 560)، "المضطرب" (ص 116) لبازمول. وإن كان أحد الراويين ضعيفًا، وقد تردّد الحال بين أن يكون عن الثقة أو عنه، أو عنهما، فهو غير حجّة، لتطرّق احتمال كونه عن الضعيف، اللهمَّ إلَّا أن يكون قد رواه عنهما جميعًا، ويعرف ذلك من خلال جمع الطرق.
وأوجه الاضطراب تحتاج إلى الترجيح، وإزالة الخلاف بالوقوف على الصحيح من الوجوه، أو الراجح منها، وفي هذا - في جُلِّ صوره - اجتهاد من المُخَرِّجِ، وقد يقبل الأمر الخلاف، ويقوى ويضعف حسب ما ينقدح في نفس المُحدِّث، وكلّما قويت الملكة، وحصرت الطرق، وكان المُخَرِّجُ عارفًا بالعلل الخفية، فإنّه يصيب الحق، أو يحوم حوله، وكم من حديث أعلّ بالاضطراب، وضُعِّفَ بسببه، وخلص منه بعض الحاذقين من المخرّجين وجهًا قويًّا، وجعله أصلًا وركنًا ركينًا، صحّحه بسببه، وما حديث القلّتين من هذا ببعيد، وقد خصّه العلائي بجزء مفرد، وهو منشور.