علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
العلّة في إسناد الحديث ومتنه
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 274 ـ 278
2025-06-12
41
[[العلة في الإسناد]]
وأكثرها ما يقع في إسناد الحديث، مثل ما رواه يعلى بن عبيد (1)، عن سُفيان الثوريّ، عن عَمرو بن دِينَار، عن ابنِ عُمَر، عن النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قال: "البَيِّعان بالخيار" (2).
فهذا إسناد متّصل بنَقْل عَدلٍ عن عَدْلِ، لكنَّه معلول غيرُ صحيح في قوله: (عن عمرو بن دينار)، وإنَما هو (عن عبد الله بن دينار)، عن ابن عُمر، فَوَهِمَ يَعلى بن عُبيد، وعدل عن عبد الله بن دينار إلى عَمرو بن دِينار، وكلاهما ثِقة (3).
[[العلة في صحة الإسناد والمتن]]
وقد تكون العلّةُ في صحَّة الإسناد والمتن جميعًا (4)، كما في التَّعليل بالإرسال، والوَقْف.
[[العلة في المتن خاصة]]:
وقد تكونُ في المتنِ خاصَّة (5) مثل ما انفرد مسلم بإخراجه في حديث أنس من اللفظ المصرّح بنفي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم (6)، فعلّل قوم (7) رواية لفظ المذكور لمّا رأوا أنّ الأكثرين قالوا: "وكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله ربّ العالمين"، من غير تعرّض لذكر البسملة (8)، وهو المتّفق عليه في "الصحيحين" (9)، ورأوا أنّ مَن رواه بلفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له، فهم مِن (10) قوله: "كانوا يستفتحون بالحمد لله": كانوا لا يبسملون! فرواه على ما فهم وأخطأ؛ لأنّ معناه أنّ السورة التي كانوا يستفتحون بها من السور هي الفاتحة، وليس فيه التعرّض لذكر البسملة.
[[علة غير قادحة]]
وقد تكون العلة غير قادحة (11)، كإرسال مَن أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط، ولذلك قيل: مِن أقسام الصحيح، ما هو صحيح معلول، كما كان من الصحيح ما هو صحيح شاذّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هو ضعيف في سفيان، ثقة في غيره، قاله ابن معين في "تاريخ الدوري" رقم (104، 375، 543) وغيره.
(2) وكذا روي عن أبي عبد الرحمن المقرئ عن أبيه عن شعبة عن عمرو بن دينار عن ابن عمر، أفاده الدارقطني في "العلل" (13/ 168) رقم (3053)، وقال عن رواية يعلى وهذه: "وكلاهما وهم، والصحيح عن الثوري وعن شعبة عن عبد الله بن دينار". قلت: أخرجه البخاري (2113) والنسائي (7/ 250) وأحمد (2/ 135) وابن الجارود (209) والطحاوي (4/ 12) من طرق عن سفيان عن عبد الله بن دينار به. وينظر "تحفة الأشراف" (5/ 223، 231) رقم (7131، 7155 - ط دار الغرب)، "إتحاف المهرة" (8/ 521) رقم (9890)، "مقدمة ابن الصلاح" (82 - 83)، "التقييد والإيضاح" (1/ 474 - 475 - تحقيق أسامة الخياط)، "تدريب الراوي" (1/ 254).
وللمنذري جزء مطبوع بتحقيق أخينا الشيخ مشعل بن باني، وهو بعنوان: "الجزء فيه حديث المتبايعين بالخيار والكلام على رواته رضوان الله عليهم أجمعين"، وليس فيه ذكر لطريق يعلى بن عبيد.
(3) قد يقول قائل: ما داما ثقتين فما الضرر من هذا الخلط؟ والجواب: إنّ لكلٍّ من الرجلين إسناده، ولكلٍّ منهما رجاله، والخلط بينهما لا يقتصر عليهما بل يتعدّاهما إلى بقيّة رجال الإسناد.
(4) أوضح مثال عليه: إن أبدل راويًا ضعيفًا براو ثقة، وتبيّن الوهم، استلزم القدح في المتن أيضًا، إن لم يكن له طريق أخرى صحيحة، وهذا مثال على العلّة التي في الإسناد، وتقدّم فيه وفي المتن جميعًا.
(5) وقد تكون غير قادحة لا في المتن ولا في الإسناد، ومثال ذلك: ما يقع من اختلاف ألفاظ كثيرة في أحاديث "الصحيحين" إذا أمكن الجمع بينها إلى معنى واحد، فإنّ القدح ينتفي عنها. وقد تكون قادحة في المتن والإسناد وعليه المثال الذي ذكره المصنّف، وأمّا علّة تقع في المتن خاصّة وتقدح فيه دون الإسناد، فلا أعلمه، ولا أتصوّره، ولا يمكن أن يقع خلل في المتن إلّا وله تعلّق بالإسناد، ومن أطلق هذا النوع فمن باب التجوز والتنويع؛ لأنّ ما وقع القدح فيه في المتن، استلزم القدح في السند، وإلا فهو باقٍ على أصلّه في الصحّة. وانظر لجميع ما سبق: "نكت ابن حجر" (2/ 747)، "النكت الوفية" (ق 160/ ب)، "فتح المغيث" (1/ 115)، "تعليل العلل لذوي المقل"(171).
(6) أخرجه مسلم (399) بعد (52) بسنده إلى الأوزاعي عن قتادة أنّه كتب إليه يخبره عن أنس أنّه حدّثه قال: "صلّيت خلف النبي ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أوّل قراءة ولا في آخرها". وفي هامش الأصل ما نصّه: "حاشية: فيه علة أقوى، وهو أنّ قول الأوزاعي: "كتب إليّ قتادة" فيه مجاز؛ لأن قتادة كان أكمه، فلا تتأتّى الكتابة منه، فيكون قد أمر بالكتابة عنه غيره، وحينئذٍ فذلك الغير مجهول الحال، ولا يكفي في توثيقه توثيق قتادة له إلا من يقبل التزكية على الإبهام، وهو مرجوح لاحتمال أن يكون مضعّفًا عند غيره بقادح، فرجعت رواية الأوزاعي إلى أنّها عن شخص مجهول كتب إليه بإذن قتادة عن قتادة عن أنس". قال أبو عبيدة: هذا كلام ابن حجر في "النكت" (2/ 755) بالحرف، وقد طوّل النفس جدًّا على الحديث، وأيّد الكلام المذكور بمؤيّدات كثيرة.
(7) منهم: الدارقطني (1/ 316) والبيهقي (2/ 51) كلّ منهما في "السنن".
(8) أفاد الدارقطني أنّ المحفوظ عن قتادة من رواية عامّة أصحابه عنه: "كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله ربّ العالمين" قال: "وهو المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس" وفصّل في ذكر الطرق، وكذلك فعل البيهقي، وينظر "المجالسة" للدينوري (3569) وتعليقي عليه.
(9) أخرجه البخاري (743) ومسلم (399)، واعتنى العلماء عناية قوية بطرق حديث أنس، وأفرد الخطيب أحاديث المسألة بجزء، طبع مختصره للذهبي، وفي الباب عدّة مصنّفات، انظرها في "معجم المصنّفات المطروقة" (1/ 231).
(10) في الأصل: "في".
(11) هذا القسم يأباه من يشترط تأثير العلّة، ومثاله على وزان كلام المصنّف: وجود حديث مدلّس بالعنعنة، فإنّ ذلك علّة توجب التوقّف عن قبوله، فإذا وجد من طريق أخرى صرّح فيها بالسماع، تبيّن أنّ العلّة غير قادحة، وهكذا إذا وقع اختلاف في الإسناد بين الرواة، وهذا يوجب التوقّف، فإن أمكن الجمع تبين أنّ العلّة غير قادحة.