الفصل السابع
التخطيط السياحي
المبحث الأول: التخطيط السياحي أنواعه أهميته أهدفه ومقوماته
المبحث الثاني: مقومات تطور النشاط السياحي كأحد العناصر الأساسية لعملية التخطيط 

المبحث الأول 
التخطيط السياحي
أنواعه- أهميته ـ أهدافه ـ ومقوماته 
يعتبر التخطيط من الأدوات العلمية والعملية الهادفة إلى تحقيق التنمية والتقدم والحياة الأفضل للسكان في مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعمارية والثقافية، وهو ضرورة لتنسيق الجهود وحشد طاقات المجتمعات واستثمارها بشكل منظم وفعال من أجل تحقيق أهداف التنمية والتقدم من خلال توجيه وتوزيع مكتسبات التنمية بعدالة وتوازن بين جميع فئات المجتمع والمناطق. وتتم عملية (Process) التخطيط من خلال حصر ودراسة جميع أنواع الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة والإمكانات المتوفرة في الدولة وأقاليمها ومناطقها لغايات توجيهها لإشباع حاجات السكان سواء كانت استهلاكية أو خدمية، وهذا يعني أن التخطيط بمفهومه العام يسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال الاستغلال الأمثل للموارد وتوزيعها بشكل متوازن بين جميع الشرائح الاجتماعية ومناطق تواجد السكان. ولهذا فإن التخطيط والتنمية في نهاية المطاف هما وجهان لعملة واحدة ويستخدمان في بعض الأحيان بشكل مترادف ومتبادل. 
يُعد التخطيط أحد أساسيات العصر الحديث للنجاح في بلوغ الأهداف، فهو يهتم بالوسائل التي تمكن من بلوغ الهدف على أسس علمية صحيحة استناداً إلى الدراسات العلمية والإحصاءات والبيانات الدقيقة والتجارب السابقة التي تؤدي إلى كشف المشكلات المتوقعة وإيجاد الحلول السليمة لها قبل تفاقمها.

وتقع الوظيفة التخطيطية في مكان القلب للعمل الإداري الفعال سواء كان الأمر يتعلق بالإدارة -القومية- إدارة الموارد وتوجيه استخدامها على مستوى الدولة – أو كان العمل الإداري متعلقاً بالمستوى الإقليمي أو القطاعي أو مستوى - الوحدة الإنتاجية.
يعتبر من أدق التعاريف وأشملها ما قدمه الأستاذ الدكتور علي السلمي حيث عرف التخطيط بأنه:
تحديد الأعمال أو الأنشطة، وتقدير الموارد واختيار السبل الأفضل لاستخدامها من أجل تحقيق أهداف معينة، ونتفق مع التعريف الأخير للتخطيط: لأنه عملية مستمرة ومستقبلية في طبيعتها، وتتجه إلى الإعداد المتكامل للوصـول إلــــى نتائج وإنجازات مستهدفة.
التخطيط:
هو عصب أو مركز التنمية السياحية لأنه يتناول الجوانب الفكرية والتطبيقية المتعلقة بتنظيم الظروف التي تؤدي الى التنمية السياحية بالإضافة الى ذلك فأنه يركز على تحديد الأهداف قصيرة أو طويلة المدى والتنسيق بين مصادر الموارد أو الثروات ووسائل وطرق الاستفادة منها، وللتخطيط السياحي أهداف اقتصادية تتمثل في زيادة الدخل القومي وإيجاد الوظائف الجديدة، وبشكل غير مباشر فان التخطيط السياحي يؤدي الى زيادة احتياطي النقد الأجنبي.
كما أن للتخطيط السياحي أهداف غير اقتصادية تتمثل في حماية المصادر الطبيعية والمحافظة عليها، ورفع مستوى المعيشة عن طريق جعل السفر والترفيه في متناول الجميع ⁽¹⁾.

أولا: مفهوم التخطيط السياحي
تعد صناعة السياحة والسفر من الظواهر الإنسانية القديمة، وتطورت بتطور المجتمعات البشرية، ومنذ ولادة الإنسان على الكون أصبح في حركة دائمــــة بــين السفر والتنقل سعياً وراء جمع القوت أو التحرر من القيود البيئية والتطلع الى العلم والمعرفة، وتحولت ظاهرة انتقال الإنسان لتحقيق احتياجاته الذاتية الى ظاهرة اجتماعية وثقافية هدفها الراحة والاستجمام والمعرفة.
لقد تغيرت النظرة الى السياحة في الوقت الحاضر وأصبحت صناعة مركبة تعتمد عليها العديد من دول العالم لتنمية مواردها الاقتصادية والاجتماعية، حتى أصبحت العمود الفقري للاستثمارات الاقتصادية في العديد من دول العالم لدورها في الحصول على العملات الأجنبية وتوفير فرص العمل ( & ,Valene .(Eadington, 1992: preface
وبموجب ما سبق ونظرا لأهمية صناعة السياحة، ونظراً لتشعب فروعها ودخولها في معظم مجالات الحياة اليومية، دعا الكثير من المهتمين بهذه الصناعة الى ضرورة إدخال السياحة في استراتيجيات التخطيط والتنمية وإتباع المنهج العلمي عند التخطيط لها من اجل حصر ودراسة كافة الإمكانات والموارد المتاحة في منطقة ما.
إن التخطيط السياحي كان موجوداً منذ القدم، ولكن دون أن يتبلور مفهومه، ويظهر ذلك من التصاميم المعمارية للمدن والقلاع والقصور القديمة بوظائفها التجارية والعسكرية والترفيهية المختلفة مثل مصر والعراق والشام وان نظرة فاحصة لذلك يبين طبيعة الوظيفة الترفيهية التي كانت مزيجاً من المعطيات الطبيعية والبيئية (غنيم وسعد، 1999: 39).
وقد ظهر التخطيط السياحي بشكل واضح ومحدد بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تطورت حركة السفر الدولية بشكل سريع وكثيف، وتزايدت أعداد السياح إلى جانب تنوع أشكال السياحة، وتعددت المناطق السياحية واختلفت وظائفها وخصائصها، وقد أدى كل هذا إلى زيادة الاهتمام بالسياحة والأنشطة السياحية، وظهرت الحاجة لضبط وتوجيه هذه النشاطات من أجل الحد من آثارها السلبية على المجتمع والبيئة، وتحقيق أقصى درجات النفع الاقتصادي، خصوصاً بعد أن أصبح ينظر إلى السياحة على أنها صناعة ومصدر دخل أساسي في كثير من دول العالم، والتخطيط السياحي نوع من أنواع التخطيط التنموي وهو عبارة عن مجموعة مـــن الإجراءات المرحلية المقصودة والمنظمة والمشروعة التي تهدف إلى تحقيق استغلال واستخدام أمثل لعناصر الجذب السياحي المتاح والكامن وتحقيق أقصى درجات المنفعة الممكنة، مع متابعة وتوجيه وضبط لهذا الاستغلال لإبقائه ضمن دائرة المرغوب والمنشود، ومنع حدوث أي نتائج أو آثار سلبية ناجمة عنه (هرمز، (14:2006).
وعليه يعد التخطيط السياحي عملية ضرورية لضمان رقي وتقدم المجتمع، إذ يساعد التخطيط السياحي على جمع كم كبير من البيانات والمعلومات عن الموارد الطبيعية ومن ثم تنظيمها وتحليلها ووضعها أمام الإدارة لاتخاذ القرارات المناسبة لحماية الموارد الطبيعية وتطويرها، لذلك فالتخطيط السياحي لم يعد مجرد ترف فكري أو رفاهية أكاديمية، بل هو جزء لا يتجزأ من الحاجة العملية لربط الأفكار والمفاهيم والنظريات بالواقع العملي، لذا فهو عبارة عن مجموعة من القرارات أو السياسات التي تكمل بعضها البعض لاستثمار الموارد الطبيعية السياحية البيئية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، مع الأخذ في الاعتبار تحقيق التنمية المستدامة.
ويشير د. نبيل الروبي إلى التخطيط السياحي بصورته المبسطة على أنه رسم صورة تقديرية لمستقبل النشاط السياحي في منطقة أو عدة مناطق وخلال فترة زمنية قادمة. ويصاحب رسم هذه الصورة عملية حصر للموارد السياحية من أجل تحديد أهداف الخطة السياحية وتحقيق تنمية سياحية فعالة ومنتظمة من إعداد وتنفيذ برامج متناسقة تتكامل من خلال الأنشطة السياحية الفرعية على مستوى مناطق الدولة ⁽²⁾. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1) محمود محمود هويدي، المدخل لدراسة السياحة، دار الأفاق العربية، القاهرة، ص279. 

(2) د. عبد الإله أبو عياش، ود. حميد عبد النبي الطائي، التخطيط السياحي، ط1، دار الوراق، عمان، الأردن 2004، ص 31.

مواضيع ذات صلة

جـوانـب التـخطيـط السيـاحـي

أهميـة التـخطيـط السـيـاحـي

السياحـة والاسـتـقرار الاجـتـماعـي

السياحـة والاسـتـقرار الاقتــصـادي

السياحـة والاستـقرار السيـاسـي

الأثر الاقتصادي للأمـن السياحـي ووسائل الأمـن السياحـي

العلاقة بين السياحة والأمن والعوائق التي تواجه الأمن السياحي

مـستـويـات المنـتـج السيـاحـي

أمـن وسـلامـة السـائـح

مـرتـكـزات (مـتـطلبـات) الأمـن السيـاحـي

مـفهـوم الأمـن السـيـاحـي و شمـوليـتـه

وسائل السياسة السياحية ومحتوى السياسة السياحية والأطراف المعنية بها