تعد الشحنة الكهربائية أساس الكهربائية، والمغناطيسية في الكون، فبدونها لا طاقة كهربائية ولا مجال مغناطيسي علينا أن نعترف منذ البداية ان الشحنة الكهربائية أمر عجيب لانفقه سره، ولا ندرك ماهيته؛ فهي لا نفهمها ولا تدخل في مجال الوعي والتأمل، وهي في ذلك تشبه الروح في الكائنات الحية والشيء الوحيد الذي نستطيع فعله هو تفسير أثرها. ان التفكير في ماهية الشحنة الكهربائية قد يكون عبئاً ضائعاً لا طائل وراءه ولا جدوى فيه. يتحدث كثير من المتعلمين عن الشحنة الكهربائية  وهم لا يمكن لهم أن يعرفوا ماهيتها. انهم يصولون ويجولون في الحديث عن الألكترونات والذرات والتيار الكهربائي والفولتية والمقاومة ويتصورون انهم أعطوا تفسيرا علميا للشحنة الكهربائية، وما دروا انهم يفسرون الماء بعد الجهد بالماء، فهم حفظوا بعض المصطلحات العلمية من الكتب فظنوا انهم فهموا كل أسرار الكهرباء، فاذا سألتهم عن ماهية الشحنة الكهربائية أجابوك إجابة المصاب بعمى الألوان ، ذلك لأنهم بعدما لاحظوا تأثيرها تصوروا انهم فهموها فهما كاملا. إنك لا تكاد تسأل أحد المتعلمين عن الشحنة الكهربائية حتى يبدأ بشرح تأثيرات التيار الكهربائي والفولتية شرحًا مطولا الى درجة تسبب الصداع ، وكأنه يروي لك حكاية ألف ليلة وليلة. فسؤالك في واد وجوابه في واد اخر فهو يدور في حلقة مفرغة ويظن انه أعطاك جوابا وافيا كافيا عنها، والأحرى به أن يعترف بجهله فيها منذ البداية فيريح، ويستريح. سأل أحد الفلاسفة قبل وفاته بلحظات: ماذا تعلمت؟ فقال: تعلمت أنني لا أعرف شيئا. أن الفيزيائيين عرّفوا الشحنة الكهربائية على انها خاصية فيزيائية للمادة كالكتلة ، والكتلة أمر لازال العلماء لايدركون كنهها، ومن مهازل القدر انهم يعرفون مجهولا بمجهول آخر.
اكتفى العلماء بهذا التعريف ، و وقفوا عند هذا الحد، وهم لا يلامون في ذلك فاذا تجاوزوه ربما أدى ذلك بهم الى الإصابة بداء الوسوسة الذي لا رجاء من شفائه. لقد ذكرنا انفا في موضوع المادة ان الذرة مكونة من نواة تحتوي على بروتونات ، ونيوترونات ،وتدور حولها الكترونات كما تدور الكواكب حول الشمس.
ان الشحنة الكهربائية تتربع على عرش الالكترون والبروتون أما النيوترون المسكين فلا شحنة تتربع على عرشه ، والحقيقة ان هذه الخاصية للنيوترون أفادته ، وهو يحسب أنها أضرته ضررا بليغا ، فهو بهذه الخاصية يستطيع أن يخترق المادة ويتغلغل في أعماقها دون أن تشعر به أما لو كان يملك شحنة كهربائية لكان أمره مفضوحاً وربما تطرده المادة، ولا تفتح له أبوابها ؛ وبذلك اختاره العلماء كأفضل جاسوس يدخل الى أعماق المادة ويأتي لهم بالأخبار الصادقة. ان النيوترون بهذه الصفة المنفردة يشبه الطفل الذي يشعر بأنه صار دون أترابه في المنزلة ، فيبدأ يزعق ويتمرد فالنيوترون عندما يرى الالكترون ، والبروتون يمتلكان شحنة شعر ان تلك مزية تضاف اليهم. ولذلك يكون وقحا مشاغبا فاستغل العلماء وقاحته، واستخدموه في الانشطار النووي الذي يأكل الأخضر واليابس. صنف العلماء الشحنة الكهربائية الى نوعين موجبة ، وسالبة ، فالبروتون يحمل شحنة موجبة ، والالكترون يحمل شحنة سالبة ، وتوصلوا بالتجارب منذ القدم الى ان الشحنات المختلفة تتجاذب ، والشحنات المتشابهة تتنافر ، فالشحنة الموجبة تجذب الشحنة السالبة بينما هي تنفر من شبيهتها ، والعكس صحيح. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (ومن كُلِّ شَيءٍ خَلَقنَا زَوجَينِ) [الذاريات: 49] . ان مفهوم هذه الآية الكريمة هو ان كل شيء في الكون يتكون من زوجين اثنين ، ولا يقتصر الأمر على الكائنات الحية ، بل يشمل الكائنات الحية ، وغير الحية على حد سواء. ان الذرة أساس كل مادة في الكون وهي مكونة من زوجين اثنين هما: البروتون، والالكترون ، وبما ان كل شيء في الكون مكون من ذرات نستطيع القول اذن  ان مفهوم الآية ينطبق على الكائنات غير الحية كما ينطبق على الكائنات الحية. ان البعض يفهم ان الزوجين هما الذكر والانثى من الكائنات الحية، ويحصر الآية القرآنية بحدود هذا النطاق، وقد اتضح. خطأ هذا الرأي مؤخرا ولم يعد يؤمن به الا الذين بقوا متمسكين بآراء العلماء القدماء الذين لايعرفون شيئا عما توصل اليه العلم الحديث ، والاحرى بهم أن يوسعوا نطاق الآية لتشمل الكائنات غير الحية ، وهذا يتماشى مع العلم الحديث.
ان الالكترون ينجذب نحو البروتون ، والبروتون ينجذب نحو الالكترون ، كما ينجذب الرجل نحو المرأة ، والمرأة نحو الرجل ، وكأن الكائنات الحية والكائنات غير الحية لهم طبيعة واحدة جبلت عليها اننا إذا منعنا انجذاب الالكترون نحو البروتون تطلب ذلك منا أن نبذل جهدا غير قليل ، وربما حصلت كوارث كهربائية نتيجة هذا المنع فالأحرى بنا أن نجعل الأمور تسير على طبيعتها ، خشية الكوارث ان منعنا انجذاب الالكترون الى البروتون لا يختلف عن فصل الرجال عن النساء ، والنساء عن الرجال فاذا منعناهم من الاختلاط في وضح النهار لجأوا الى طرق ملتوية للاختلاط تشوبها الريبة ؛ وبذلك تحدث الكوارث على منوال ما تحدث للالكترون والبروتون. ان جعل الأمور تسري بصورة طبيعية ، تجنبنا الكوارث التي لا يحمد عقباها، .........
تعد الشحنة الكهربائية خاصية مميزة لبعض الجسيمات إضافة إلى الكتلة مثل البروتونات والالكترونات والبوزترونات ، وهذه خاصية مرتبطة دائما بالمجال الكهربائي والمغناطيسي تؤثر فيه، وتتأثر به.
ان الجسيمات الأولية التي تعد وحدات بناء الكون يختلف بعضها من بعض بالكتلة ونوع الشحنة، فنحن لا نستطيع أن نميز بين الالكترون، والبروتون إلا من حيث الكتلة ونوع الشحنة لكل منهما، واعتمادا على هذا الاختلاف بينهما، نجد أن الالكترون يسلك سلوكا مختلفاً تماماً عن سلوك البروتون فكل منهما يتعامل مع العالم الخارجي، اعتمادا على تلك الخاصيتين، فلكل منهما شخصيته الخاصة به كما أن لكل إنسان شخصيته التي تميزه عن الآخرين.
اعتماداً على ذلك يمكن القول إن الشحنة الكهربائية هي معيار كمي لقابلية الجسم على التفاعل مع المحيط الخارجي، أو القيام بأفعال كهرومغناطيسية متبادلة وهي بذلك تشبه الكتلة من حيث التعامل مع العالم الخارجي ؛ وبهذا تكون الكتلة ، والشحنة هما من يحددان سلوك الجسيمات في العالم المحيط بها إن الالكترون والبروتون يختلفان بنوع التأثير الذي يؤثر العالم فيهما، وهما أيضاً يختلفان بالطريقة التي يتفاعلان بها مع العالم المحيط بهما، كما يختلف الناس في ذلك، فلكل انسان شخصيته الخاصة به والتي تتحكم بسلوكه، وتعامله مع العالم المحيط به، وهذه الشخصية هي نتاج تفكيره الذي تتحكم فيه عوامل عدة منها وراثية ، ومنها مكتسبة أما الإلكترون، والبروتون، فلا يتحكم بسلوكهما إلا خاصيتين هما: الكتلة والشحنة.
ان عقل الإنسان محاط بغلاف وهمي ؛ يمنعه من ان يرى نقاط الضعف ، والجوانب السيئة في نفسه ، فهو يعتقد أنه يمتلك الحكمة، وسلامة التفكير ، ورجاحة العقل ؛ مما يؤهله لأن يتسلم زمام الأمور في قيادة شعبه، أو قومه، ولذلك قيل لا يوجد إنسان يستصغر نفسه ، فكل إنسان يشعر بأنه لديه محاسن خاصة به تميزه عن غيره.
أما الالكترون والبروتون ، فلا يختلفان عن بعضهما إلا من حيث الكتلة ونوع الشحنة كما قلنا ولهاتين الخاصيتن محاسن ، ومساوئ على حد سواء. يختلف الناس عن بعضهم البعض في كثير من الصفات، وهذا يؤدي في احيان كثيرة إلى التحاسد، والتنافس ، والتنازع ؛ وغالبا ما تنشأ المشاجرات والعراك جراء ذلك اما الجسيمات الأولية فتكون قيمة الشحنة الكهربائية هي الصفة الوحيدة التي توحدهم لكن الاختلاف يكون في العلامات اي في نوع الشحنة ، لا في قيمتها. فالشحنة اذن لا تختلف من حيث قيمتها من جسيم الى اخر ، فهي صفة واحدة موحدة لكل الجسيمات اما الناس فيختلفون في الكثير من الصفات، ولا يوجد اثنان يمتلكان الصفة نفسها بصورة متساوية الا قليلا ، فطيبة القلب او التسامح والعصبية مثلا موزعة بين الناس بصورة غير منتظمة ، فهي تزيد ، وتنقص من شخص إلى آخر، وقد تكون ضعيفة جدا في بعض الناس فكل انسان يمتلك نزعة ملائكية ونزعة شيطانية بعبارة أخرى كل إنسان يمتلك في داخله بذرة الخير وبذرة الشر ، وعادة ما تكون الظروف الاجتماعية هي التي تتحكم في نمو إحدى البذرتين ، فتطغي أحداهما على الأخرى او تكونان متساويتين في الإنسان. فالانسان الذي تطغي بذرة الخير فيه يكون إنسانا خيرا سويا لكنه لا يخلو من بذرة خبيثة على أي حال. أما الإنسان الذي تطغي فيه البذرة الخبيثة ، يكون الاعتداء والاجرام غالبا على معظم تصرفاته ،وهو أيضاً لا يخلو من بذرة الخير اما الذي تكون فيه البذرتان متساويتين فهذا أمره محير؛ فهو تارة يكون خيرا محترما، وتارة يكون معتديا مجرما حسبها تقتضيه ظروفه دون أن ينتبه إلى التناقض الذي يقع فيه ، او بالأحرى لا يدري به ، وهو بذلك يختلف عن الإنسان المنافق، فالانسان المنافق يتصرف بعدة وجوه حسب ما تقتضيه مصلحته، وهو يعلم بهذا التناقض في تصرفاته ، اما الإنسان الذي تكون فيه بذرة الخير ، وبذرة الشر متكافئتين فهو لا يعلم بهذا التناقض ذلك لان الظروف الاجتماعية هي التي تدفعه الى أن يتصرف بإحدى الشخصيتين من حيث لا يشعر.
اننا لا نعرف شيئاً من الشحنة الا من حيث تفاعل الجسيم المشحون مع محيطه ، وهذا التفاعل محدد بقوانين رياضية لكن القوانين اعطتنا تصورا في الشحنة غير مكتمل ، فنحن لا نستطيع أن نعرف الشحنة تعريفا كاملا الا اذا عرفنا القانون الذي تتفاعل به مع المحيط الخارجي، والأثر التي تتركه، لأن خاصية كشف الأجسام لا تظهر إلا عندما تتفاعل مع المحيط الخارجي ، فأنت مثلاً لا تستطيع أن تعرف أخلاق الإنسان إلا إذا عرفت العمل الذي يقوم به أو تعامله مع المجتمع. غالباً ما يصادفنا جسيم بدون شحنة كالنيوترون لكننا لا نجد شحنة بدون جسيم فالشحنة بدون جسيم كالظل بدون جسم.
إن وجود الشحنة في الجسيم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتركيب الجسيم ، كما ترتبط أفعال الإنسان بصفاته النفسية والبايولوجية وكما أنه لا يمكن فهم الآلية المسؤولة عن أعمال الإنسان فهماً كاملاً ، كذلك لا يمكن فهم الآلية المسؤولة عن الشحنة في المحيط فهماً كاملاً. خلاصة القول إن الشحنة الكهربائية هي الآلية التي تحدد تفاعل الجسيم المشحون مع العالم الخارجي.
إن الشحنة كمية ثابتة لا تزيد ولا تنقص ، ولا تستطيع أن تقتطع منها، أو تضيف إليها مهما استخدمنا من تكنولوجيا متطورة اي ان من المستحيل وجود شحنة تقل كميتها، أو تزيد عن الكمية المحددة، وهذه الحقيقة تعد من أكبر الحقائق غموضا في كل ما يتعلق بطبيعة الشحنة الكهربائية.
أما الجسيم الأكبر من الجسيم الأولي كالذرة ، فهي متعادلة كهربائيا اي إن عدد البروتونات الموجبة الشحنة يساوي عدد الالكترونات السالبة الشحنة أما إذا وجدنا ذرة موجبة فهذا يعني أن الذرة فقدت الكترونًا أو أكثر؛ وبذلك أصبح. عدد البروتونات الموجبة أكبر من عدد الالكترونات السالبة، ولكن هل أن الكون كله متعادل؟
ممكن الإجابة بنعم إذا اعتبرنا أن الكون محدود، ففي هذه الحالة تكون محصلة الشحنة فيه تساوي صفرًا أي إن عدد الشحنات السالبة تساوي عدد الشحنات الموجبة، ويمكن الإجابة بلا إذا اعتبرنا أن الكون غير محدود ومن الجدير بالذكر أن التعادل الكهربائي لا يعني عدم وجود شحنة ، أو عدم وجود خواص كهرومغناطيسية، بل تكون فيه الشحنات السالبة مساوية للشحنات الموجبة. كذلك لا يمكن أن نقول ان النيوترون لا يمتلك شحنة رغم انه متعادل، بل هو يمتلك شحنتين كهربائيتين مختلفتين، أي واحدة موجبة و واحده سالبة، لكن احداهما تلغي الأخرى ومن ثم تكون محصلة شحنته تساوي صفرا يبقى السؤال الذي كان، وما يزال يحير العلماء هو لماذا لا توجد شحنة أكبر او أصغر من شحنة الالكترون؟ ويبقى الجواب في ذمة المستقبل.
للشحنات الكهربائية قانون فعل متبادل مماثل لقانون الجذب بين جسمين الذي صاغه نيوتن ، واول من صاغ قانون الفعل المتبادل بين الشحنات الكهربائية هو العالم الانجليزي كيفنديش لكنه لم ينشر ابحاثه الخاصة بالكهرباء ، وبقيت محفوظة في جامعة كامبردج لمدة تزيد على المائة عام إلى أن اخرجها من مدارجها العالم ماكسويل ، ثم قام بنشرها، واعتمادا على هذه الأبحاث اكتشف العالم الفرنسي كولوم قانون الفعل المتبادل بين الشحنات وبرهن على صحته بالتجربة وصار القانون يحمل اسمه من ذلك الحين إن قوة الفعل المتبادل بين الشحنات كبيرة جداً ، وهذا ساعد كولوم كثيراً في صياغة قانون لها دون أن يستخدم أجهزة حساسة، أو معقدة؛ فقد استخدم كولوم جهاز الميزان الإلتوائي صياغة قانون القوة بين الشحنات الكهربائية. ينص قانون كولوم على أن القوة الكهربائية بين جسمين مشحونين يتناسب تناسبا طرديا مع حاصل ضرب شحنتيهما ، وعكسيا مع مربع المسافة بين الجسمين وهذا القانون مماثل لقانون قوة الجذب من حيث الصيغة الذي ينص على أن قوة الجذب بين جسمين تتناسب تناسبا طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما وعكسيا مع مربع المسافة بينها ولا يوجد فرق في الصيغة للقانونين الا أن الشحنة في قانون كولوم تحل محل الكتلة في قانون نيوتن.
ان الوضع الطبيعي للذرات هو التعادل الكهربائي فمجموع الشحنات الموجبة التي تحملها البروتونات داخل النواة مساوية لمجموع الشحنات السالبة للالكترونات التي تدور حول النواة ، وبذلك تكون الذرة متعادلة كهربائيا كما ذكرنا انفا لكن اذا حصل فقدان في احد الكتروناتها، او أكثر سوف تظهر الشحنة الكهربائية للذرة بجلاء ، ويكون لها تأثير ملحوظ في الوسط.
ان الشحنة الكهربائية المتحركة تنتج تيارا كهربائيا، فالتيار الكهربائي هو سريان الشحنات الكهربائية في سلك معدني ، وسريان الشحنات الكهربائية هي طاقة كهربائية يمكن أن تتحول الى طاقة ضوئية ، أو طاقة حركية ، أو طاقة حرارية ، كما ان الشحنات لا يمكن لها أن تتحرك في السلك المعدني الا بوجود فرق الجهد بين طرفي السلك، والذي يساوي التيار الكهربائي الناتج من حركة الشحنات مضروبا بالمقاومة التي يسببها السلك ، وهي إعاقة الحركة الشحنات داخل السلك، ففرق الجهد في الدائرة الكهربائية هو الذي يجعل الشحنات الكهربائية تسير من الجهد العالي الى الجهد الواطئ مما ينتج عن هذه الحركة تيار كهربائي. ان الشحنة الكهربائية تولد مجالا كهربائيا حولها، وهو الفضاء الذي تظهر فيه تأثير الشحنة الكهربائية ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالشحنة المتحركة تولد مجالا مغناطيسيا أيضا، وهو بدوره يولد قوة مغناطيسية.
يعتبر تعريف المجال الكهربائي والمغناطيسي أكثر تعقيدا من الشحنة الكهربائية، فالشحنة الكهربائية مرتبطة بجسيم ومن خلال دراسة سلوك الجسيم نستطيع أن نعرف خصائص الشحنة أما المجال فهو غير مرتبط بشيء وغالباً ما عبر الفيزيائيون عن حيرتهم ودهشتهم لعدم وجود أي تعريف معين للمجال إن الجسيم لا يؤثر في حواسنا ومع ذلك نستطيع أن ندرس سلوكه بواسطة أجهزة أعدت لذلك لكن الأمر أصعب من ذلك بالنسبة للمجال حيث لا يمكننا التكهن بأي شيء عن تركيبه أو بنيته. إننا نستطيع أن نصور الجسيم الدقيق على أنه كرية صغيرة أو ما شابه ذلك أما بالنسبة للمجال فهو مرتبط بذهننا كشيء متصل يملأ الفراغ مثلما يملأ السائل الوعاء.
إن الطبيعة ذات خواص لا تعد والجسيم الذي يحمل شحنة أيضاً ذو خواص لا تعد كما يقول لينين والمجال الكهربائي والمغناطيسي هو الآخر ذو خواص لا تعد ولهذا السبب فإن عملية الإدراك او الفهم الاعمق لخواص المجال سوف لا تتوقف مطلقاً. إن تصوراتنا عن ماهية المجال الكهربائي تنجم نتيجة البحث التجريبي لخواصه ولا يمكن أن نعرف خواصه بطريقة أخرى والخاصية الأساسية للتيار الكهربائي هي قابليته للتأثير في الشحنات الكهربائية الساكنة أو المتحركة بقوة معينة وبوجود التأثير في الشحنة يثبت وجود المجال وتوزيعه في الفراغ؛ فالمجال الكهربائي تولده الشحنات الكهربائية والشحنات الكهربائية هي مصدر المجال الكهربائي ، ويبحث التأثير المتبادل بين الشحنة والمجال يمكننا قياس المجال ، وبقيمة محددة بدقة وهذه القيمة تسمى "شدة المجال" وهي عبارة عن القوة المؤثرة في الشحنة الكهربائية. إن المجال المتولد من الشحنة الكهربائية يمكن تمثيله بخطوط تنبع من الشحنات الموجبة، وتنتهي عند الشحنات السالبة.
للمجال المغناطيسي خاصية أساسية، وهي قابليته في التأثير في الشحنات الكهربائية المتحركة بقوة معينة كما أن المجال المغناطيسي يتولد من الشحنات الكهربائية المتحركة، وخطوط القوى التابعة للمجال المغناطيسي تشمل تيارات على هيئة خطوط مقفلة ليس لها بداية أو نهاية.
وقد قام ماكسويل استنادا الى اكتشاف كولوم وامبير بصياغة القوانين الدقيقة التي تحدد فيه المجالين الكهربائي والمغناطيسي واكتفى العلماء بمعرفة كيف يؤثر المجال في الشحنة والظروف التي ينشأ عندها وتركوا معرفة طبيعته.
إن المجال المغناطيسي يولد مجالاً كهربائيا ، والمجال الكهربائي يولد مجالاً مغناطسيا ، ولقد رأى ماكسويل من هذا التأثير المتبادل ظاهرة الحث الكهرومغناطيسي ، وقد قام بالخطوة الأخيرة في اكتشاف الخواص الأساسية للمجال الكهرومغناطيسي بدون أي إرشادات من ناحية التجربة ، وصاغ في الحال القانون الكمي الذي يحدد قيمة المجال المغناطيسي استنادا الى سرعة تغير المجال الكهربائي وبعد اكتشاف العلاقة المتبادلة بين المجالين الكهربائي ، والمغناطيسي أصبحت الحقيقة واضحة ، وهي أن المجالين ليسا بمثابة شيئين منفردين مستقلين عن بعضهما بل هما مظهر واحد متكامل، تم تسميته بالمجال الكهرومغناطيسي. كما أن المجال الكهربائي في الذرة هو الذي يقيد الإلكترون بنواة الذرة.
ان المغناطيس يجذب الحديد بسبب تأثير المجال المغناطيسي على الحديد، فعند تقريب قطعة من الحديد للمجال المغناطيسي يبدأ التجاذب بين المغناطيس وذرات الحديد فيتقاربان الى أن يلتصقا.
ظهرت صفات المغناطيسية في أحجار في مدينة مغنيسيا (Magnesia) في بلاد الاغريق واخذ تسميته منها كان أجدادنا - رحمهم الله - يجهلون سر المغناطيس ، وهم مهما حاولوا التفكير به زادوا عجزا في اكتشاف سره ؛ لذلك كانوا يعزونها الى الجن والأرواح وغيرها من خرافات وأباطيل علينا أن لا نلوم أجدادنا في ذلك؛ فهم عاشوا في زمان يخلو من البحوث الفيزيائية والكيميائية ، فكانوا أميل الى اعتناق السخافات والأباطيل منه الى الحقائق العلمية ولو عاش اينشتاين في زمانهم لعله يفسر ذلك على منوال ما يفسرون. يحكى ان أحد الرعاة في قديم الزمان كان يمشي في منطقة جبلية وكان ينتعل حذاء فيه مسامير من الحديد وعلى حين غرة شعر الراعي بأن حذاءه التصق بالأرض التصاقا شديداً فقد كان في الأرض شيء من حجر المغناطيس فانجذبت اليه مسامير الحذاء، ولكن الراعي المسكين ظن بأن الجن أرادت أن تخطفه ، فهلع قلبه واشتد به الخوف ، ولم يجد مناصا الا بأن يخلع حذاءه ويفر هاربا ان مثل هذه الاعتقادات ما زالت بعضها موجودة اليوم ؛ ولذلك نرى بعض الناس تميل الى الخرافات ، والتقاليد السخيفة ، مما أدى الى انتشار ما يسمون بالمعالجين الروحانيين في مجتمعنا بكثرة كما بينا ذلك في مقدمة الكتاب. كان علماء القرن التاسع عشر متأثرين بالنظرية الميكانيكية للأجسام المادية فهم لا يفكرون الا في المادة ، وتطوراتها وكل ما يتعلق بها؛ لذلك ابتدعوا فكرة السيال الكهربائي اذ كان من العسير عليهم تصور فكرة المجال وبعد بروز علماء القرن العشرين ، وافكارهم عن الكهربائية اخذت نظرية المجال تحتل مكانا كبيرا ، واخذت فكرة السيال الكهربائي التي تتركز على النظرية الميكانيكية في الاضمحلال ، وادرك العلماء ان علم الطبيعة قد اشرف على فجر عهد جديد، وصاروا ينظرون الى المجال الكهرومغناطيسي كما ينظرون الى شيء ملموس كما لا يمكننا ان ننكر ان نظرية المجال لم تقض على كل اثار النظرية الميكانيكية ، فللنظرية الميكانيكية بعض المحاسن ، ولذلك لجأ بعض العلماء اليها ضمن حدود معينة لا يتعدونه،
ولنبين الان محاولات الفكر البشري عبر التأريخ، لفهم الظواهر الكهربائية والمغناطيسية: يعتقد ان اول من درس الظواهر الكهربائية المغناطيسية هو الفيلسوف الاغريقي طاليس (Thales) (624 - 546 ق.م) الذي يعتبره الاغريق مكتشفاً علومهم. وجد طاليس ان قطعة من الكهرمان (Ambe) تجذب الاجسام الخفيفة مثل الريش عندما تدلك بالصوف، أو الفرو؛ ذلك لان الريش اكتسب شحنة كهربائية عندما ذلك بالصوف، وأول من لاحظ هذه الظاهرة هم الحائكون وانشغل الفيلسوف طاليس بدراستها، وقد اكتشف فيما بعد أن مثل هذه الظاهرة لا تختص بالكهرمان فحسب بل توجد في الزجاج وغيرها من المواد المدلوكة بالصوف. ولهذا السبب أصبحت الأجسام التي تكتسب هذه الصفة تسمى  بالأجسام المكهربة. هذه الخاصية للكهرمان ، وغيره من المواد كانت غريبة ومدهشة، وأعطى بعض الفلاسفة للكهرمان روحاً؛ محاولة منهم لتفسير هذه الخاصية، اذ لا يوجد آنذاك أي آلية لدراسة هذه الظاهرة عمليا.
إن كلمة (Electron ) هي كلمة اغريقية لكلمة ( Amber) ، واشتقت كلمة Electricity التي (تعني الكهربائية ) منها فسر كولوم استحالة فصل القطب الشمالي للمغناطيس عن الجنوبي، أو بالعكس بعدم قابلية الشحنات المغناطيسية المختلفة في النوع داخل الجزيئات المادية على الانتقال بحرية من جزء إلى اخر.
قام طاليس بدراسة الظاهرة نفسها على الحجر المغناطيسي، وسمي هذا الحجر بالمغناطيسي لأنه وجد في مدينة تدعى مغنيسيا ( Magnesia ) في بلاد الاغريق كما ذكرنا ومن هنا بدأت دراسة الكهربائية والمغناطيسية اللتين نشأتا معاً واصبحتا تشكلان فرعاً مهماً جداً في الفيزياء وصارتا أيضا تدرسان معاً؛ نظرا للترابط العميق بينهما. اقتصر هذا السلوك المدهش للـ (Amber ) على هذه الخاصية فقط ولم تحصل تطورات في هذا الجانب إلا بعد الفين عام على الرغم من انه تم استخدام المغناطيس لصناعة البوصلات في القرن الثالث العشر الميلادي. استطاع بيترس بريكر (Petrus Peregr) اكتشاف القطب الشمالي، والقطب الجنوبي للمغناطيس، واكتشف ان الاقطاب المتشابهة تتنافر ، والمختلفة تتجاذب . قام الطبيب وليم جلبرت ( William Gilbert ) ( 1544- 1603م ) بدراسة الكهربائية الساكنة ، ووجد انه عند ذلك الزجاج ، وبعض الاحجار الكريمة بالحرير ؛ فإنها سوف تجذب بعض المواد. يعتبر جلبرت اول من اكتشف المغناطيسية الارضية، وقد فسّر جلبرت ان الكرة الأرضية ماهي إلا مغناطيس هائل الحجم؛ وهذا هو السبب الذي يجعل الإبرة المغناطيسية تأخذ اتجاها ثابتا محددا وقد استطاع جلبرت ان يؤكد صحة حدسه بالتجربة حيث قام بمغنطة كرة كبيرة مصنوعة من الحديد وراقب تأثيرها في الإبرة وقام بتعيين موقع المغناطيسات الصغيرة لتلك الكرة الحديدية وان الابرة المغناطيسية تحاول بكل عناد الاتجاه نحو الشمال مهما ادار البوصلة محاولا ان يجعلها تضل اتجاهها. ثم جاء جارلس دو فاي (Charles Dy Fay) (1698 - 1739م)، واكتشف ان المواد المشحونة بواسطة الدلك تتجاذب وتتنافر بنفس طريقة تجاذب الاقطاب المغناطيسية وتنافرها.
في عام 1747م أطلق رجل الدولة والفيلسوف الأمريكي بنجامين فرانكلن Benjamin Franklin) (1706 - 1790م) على هذين النوعين من الكهربة التجاذب والتنافر) مصطلحي الموجب والسالب، وبقيت هذه التسمية تستخدم الى اليوم. لقد أخطأ فرانکلن عندما فسر ان سبب الشحنات الموجبة والسالبة ناتج عن زيادة، أو نقصان بالكهربائية. في ذلك الوقت كان العلماء يعتقدون بأن سبب الكهربة يعود الى وجود مائع مكهرب في المادة، واعتماداً على هذا الاعتقاد الخاطئ؛ استنتج فرانكلن انه عندما يدلك قضيب من الزجاج فإن بعضا من هذا المائع ينتقل من المادة الى القضيب الزجاجي من طريق الدلك (مثل الحرير والصوف)؛ ولذلك اصبح القضيب الزجاجي يمتلك كهربائية زائدة - على حد تعبيره، ومن ثم يكون موجب الشحنة ، والمادة الدالكة التي فقدت جزءاً من كهربائيتها ( مائعها ) ستكون ذات كهربائية ناقصة، ومن ثم تكون سالبة الشحنة . اخترع فرانكلين مانعة الصواعق وهي قضيب حاد الطرف يسمى قضيب التفريغ الكهربائي، يوضع فوق المباني ، ليحفظها من التعرض لخطر الصواعق ، ودخل قضيب التفريغ هذا في موضة الازياء آنذاك ، فقامت النساء بوضعه على قبعاتهن ؛كوسيلة للزينة ولكل زمان موضته كما لكل زمان خرافاته.
في عام 1784م قام جارلس كولوم ( Charles Coulomb ) ( 1763- 1806م ) بأجراء اول قياسات كمية على القوة بين جسمين مشحونين ، و استطاع قياس القوة المتولدة بين الاقطاب المغناطيسية ، واثبت ان كلتا القوتين يتبعان قانون التربيع العكسي نفسه. وهذا النوع من الكهربائية يعرف بالكهربائية الساكنة ( Electrostatic ) وسميت وحدة الشحنة الكهربائية بـ ( كولوم )؛ تخليداً له.
والكهربائية الساكنة ليست بالتيار الكهربائي الذي يعتمد على سريان الشحنات بل هي تجمع للشحنات الكهربائية ويستطيع الإنسان أن يشعر بها في بعض الملابس حينما يلمسها ويسمع لها طرقعات خفيفة كان الانسان قديماً يعللها على ان أرواح شريرة ارتدتها سابقا وما زال البعض اليوم يفسرها على نمط ما فسره اسلافه القدماء.
أما الشحنات الكهربائية المتحركة فقد عرفت في عام 1800 كخلايا فولتية، او خلايا كلفانية وسميت بهذا الاسم ؛ تخليداً لمكتشفيها، وهما عالم الفيزياء الايطالي الساندرو فولتا ( Alessandro Volta ) ( 1827 - 1745م ) ، وطبيب التشريح الايطالي لوكي كالفانيك ( Luigi Galvanic ) ( 1798-1737م) اللذان اكتشفا هذا النوع من الكهربائية باختراع البطارية . وهذه البطاريات لها القدرة على حفظ انسياب الكهربائية في سلك معدني، و تطور اكثر في بداية القرن التاسع عشر، عندما اكتشف أول مصباح كهربائي. هذا النوع من الكهربائية المتحركة عرف بالكهربائية الداينميكية، ويعرف جريان الشحنات الكهربائية في سلك بالتيار الكهربائي. وبينت الدراسات الاخيرة ان الكهربائية الساكنة  والكهربائية المتحركة (الداينميكية ( متشابهة في الطبيعة ان هذه البطاريات هي عبارة عن مجموعة من الأقراص النحاسية الزنكية تتخللها قطع معدنية منقوعة بالماء المالح، وقد ساعدت بطارية فولتا في الحصول على تيار مستمر، أي كانت لها قابلية على تمرير الشحنات الكهربائية داخل الموصل. ولم يظهر تفسير لذلك الا بعد مدة زمنية طويلة والعالم فولتا نفسه وحتى العلماء المعاصرين له لم تكن لديهم فكرة عن كيفية عمل البطارية.
يتم تحديد اتجاه انسياب التيار الكهربائي في الدائرة الكهربائية اعتماداً على مفهوم فرانكلن للكهربائية الساكنة ) الذي اعتبرها موجبة وهذا خطأ اخر لفرانكلن ) الذي ينص على انه اذا تماس جسمان احدهما مشحون بشحنة موجبة ، والاخر بشحنة سالبة فإن الكهربائية تنتقل من الجسم المشحون بشحنة موجبة الى الجسم المشحون بشحنة سالبة واعتماداً على هذا الاساس يكون انسياب التيار الكهربائي في البطارية من الجانب الموجب الى الجانب السالب لكن بعد اكتشاف الالكترون اثبت ان هذا الاساس لاتجاه التيار الكهربائي خاطئ ؛ حيث تبين ان الكهربائية سالبة وتنساب باتجاه معاكس .
في 1820م وجد عالم الفيزياء الدنماركي هانس اورستد ( Hans Oersted ) ( 1777- 1851 ) ان التيار الكهربائي يولد مجالاً مغناطيسياً عندما لاحظ انحراف ابرة مغناطيسية كانت بجوار سلك يحمل تيارًا كهربائيًا ، وهذه في الحقيقة اول ظاهرة مشتركة وجدت تربط الظاهرة الكهربائية والظاهرة المغناطيسية ، وسميت بالظاهرة الكهرومغناطيسية.
تنبأ اورستد بأن التيار الكهربائي المنساب في سلك موصل يولد مغناطيسية كما يولد ضوء وحرارة، وبنى هذا التنبؤ بناءً فلسفيا اعتقاداً منه ان كل القوى في الطبيعة متبادلة.
ان هذا الاكتشاف للكهرومغناطيسية تطور مباشرة بواسطة عالم الفيزياء، والكيمياء البريطاني ميشيل فراداي(Michael Faraday ) ( 1867- 1791م ) ؛حيث اثبت ان خطوط المجال المغناطيسي المتولد من سريان شحنة كهربائية في سلك هي خطوط دائرية حول السلك ، وفسر اتجاه دوران بوصلة أورستد هذا المفهوم قاد الى اكتشاف مبدأ المحرك الكهربائي في عام 1821م ، وفي عام 1831م اكتشف كل من فراداي، وعالم الفيزياء الامريكي جوزيف هنري  ( Joseph Henry ) ( 1797- 1878م ) ظاهرة الحث الكهرومغناطيسية ، وهي ظاهرة تولد تيارا كهربائيا عند حصول تغير بالمجال المغناطيسي ).
علماً ان كلا منها كان يعمل مستقلاً عن الآخر وتخليداً لهنري سميت وحدة الحث بهنري في عام 1893م وبهذا الاكتشاف اكتملت الحلقة التي بداها أورستد وتكاملت العلاقة بين الكهربائية والمغناطيسية .
منذ ذلك الحين تطورت الهندسة الكهربائية وبدأ العلماء يصممون الدوائر الكهربائية. لاحظ فراداي مرور تيار خطي في سلك موصل موضوع بجوار دائرة كهربائية في أثناء فتحها وغلقها ، وكذلك وجد ان القضيب المغناطيسي عندما يتحرك بجوار سلك موصل ينشأ عنه تيار لحظي. ان ظهور تيار كهربائي يدل على نشوء قوة دافعة كهربائية تنتج بالحث. في عام 1827م اكتشف الفيلسوف عالم الفيزياء والكيمياء والرياضيات آندر امبير ( Andre Ampere ) ( 1775 - 1836م ) قوانين تربط القوة المغناطيسية بالتيار الكهربائي، وبين الفرق بين التيار الكهربائي ، و شدة القوة الدافعة الكهربائية ، أدرك أمبير أن دراسة الفعل المتبادل المغناطيسي يجب أن يسبقه دراسة الفعل المتبادل بين التيارات الكهربائية ، وقد قام بالبحث التجريبي لهذا الفعل المتبادل ، واستنتج أن التيارات ذات الاتجاه الواحد تتجاذب مع بعضهما ، والتيارات المتعاكسة في الاتجاه تتنافر واكتشف قانون الفعل الميكانيكي المتبادل بين التيارات الكهربائية ؛ وبذلك حل معضلة الفعل المتبادل في السنة نفسها نشر عالم الفيزياء الالماني جورج سيمون أوم ( Georg Simon Ohm ) ( 1789 - 1854م ) قانونه الشهير الذي يربط بين التيار المنساب في موصل بفرق الجهد والمقاومة على طرفيه سمي بقانون أوم توقع اوم خطأ ان كمية القوة الكهرومغناطيسية المتولدة في سلك يحمل تيارا تقل مع زيادة طول السلك. بعد ذلك استطاع عالم الفيزياء الألماني ومكتشف علم الأطياف كوستاف روبرت كيرشوف ( Gustav Robert Kirchhoff ) ( 1789- 1854 ) ان يوسع قـانـون أوم ليشمل شبكات الموصلات وصاغ قوانين تعرف الآن بقوانين كيرشوف التي تحدد قيمة التيار
والجهد في أي نقط من شبكة الدائرة الكهربائية ، و تمكن أيضا من توحيد الكهربائية الساكنة ، والكهربائية المستمرة بإثبات ان جهد الكهربائية الساكنة هو نفسه للقوة الدافعة.
وضع كيرشوف قاعدتين معروفتين باسمه لحل الدوائر الكهربائية المعقدة ( Network ) ، و تنص القاعدة الأولى على ان المجموع الجبري للتيارات الداخلة والخارجة عند نقط تشعب في دائرة كهربائية يساوي صفراً ، وهذا يعني ان الشحنات لا تتراكم او تتسرب عند نقط في الشبكة ، و انها تخضع لقانون حفظ الشحنة .
وتنص القاعدة الثانية: على ان المجموع الجبري الحاصل ضرب المقاومة والتيار لأي دائرة كهربائية مغلقة في الشبكة يساوي المجموع الجبري للقوى الدافعة الكهربائية في هذه الدائرة الكهربائية المغلقة ، وهذه القاعدة مبنية على قانون حفظ الطاقة.
في عام 1857م حصل تطور اخر مهم في الكهربائية عندما اثبت كيرشوف نظرياً ان التيار الذي ينساب في موصل مقاومته صفر تكون سرعته مساوية لسرعة الضوء ، وهذا الاكتشاف ساهم مساهمة كبيرة في تطور النظرية الكهرومغناطيسية للضوء التي صاغاها عالم الفيزياء البريطاني جيمس كلارك ماكسويل (James Clerk Mamwell) ( 1831- 1879م ) ، وعالم الفيزياء والرياضيات الدنماركي لا دويك فالنتن لورنز ( Ludwig Valentin Lorenz ) ( 1891-1829) في الستينيات من القرن السابع عشر.
في الثلاثينيات من القرن السابع عشر وضع كل من عالم الفيزياء والرياضيات الالماني كارل فريدج كاوس ( Carl Friedrich Gauss ) ( 1777- 1855م ) ، وعالم الفيزياء الاماني ويلهيم ادوارد ويبر Wilhelm eduard Weber ) ( 1804- 1891م ) نظاماً خاصاً لوحدات المغناطيسية ، وفيما بعد وضعوا نظاماً خاصاً لوحدات الكهربائية ، وكانت تلك الخطوة مهمة في تطور نظام الوحدات.
اثبت غاوس في عام 1833م ان كل الوحدات يجب ان تتفرع من الوحدات الاساسية خاصة الطول، والكتلة، والزمن وسميت وحدة كثافة الفيض المغناطيسي بـ(غاوس) في نظام وحدات (سم / غم / ثا)، ثم تم استبداله بتسلا في نظام SI. (وهو النظام الدولي للوحدات System International Units). قام ويبر بتصميم وسائل قياس ساهمت في تطور مهم في قياس الكهربائية، والمغناطيسية، وسميت وحدات الفيض المغناطيسي في نظام SI بـ ( ويبر )، تخليداً لويبر ، ويعد ويبر أول من استنتج ان الكهربائية هي جسيمات مشحونة.
في عام 1845م وجد فراداي ان جميع المواد تمتلك خاصية التمغنط ، ولكن بدرجة قليلة مقارنة بالمواد المغناطيسية التي كانت معروفة آنذاك ، وهي الحديد والنيكل والكوبلت وصنفت المواد الى بارامغناطيسية، ودايا مغناطيسية، فقد لاحظ فراداي أن قسما من المواد اذا علقت من مركز ثقلها في مجال مغناطيسي كبير غير منتظم تأخذ وضع الاستقرار في الموقع الذي يكون فيه المجال المغناطيسي منتظما كما ان محورها الاكبر يكون موازيا لاتجاه المجال بهذه الخاصية تشبه الحديد لكن بدرجة اقل ، واطلق على هذه المواد اسم المغناطيسي وهي. البارامغناطيسية، وان القسم الآخر من المواد تستقر في وضع عندما يكون محورها الاكبر عموديا على اتجاه المجال المغناطيسي، وأطلق على هذا الصنف من المواد مصطلح الدايا مغناطيسية (Diamgneyic). اكتشف فارداي في عام 1831 ظاهرة الحث الكهرومغناطيسي ولم يتمكن من إعطاء تفسير علمي لهذه الظاهرة آنذاك لكن هذا الاكتشاف دفع تطور علم الكهرومغاطيسية دفعة كبيرة إلى الأمام.
كان فارداي واثقا في وحدة الظواهر الكهربائية، والمغناطيسية ، ومن اكتشافه لظاهرة الحث الكهرومغناطيسي كان يفكر في هذه الظاهرة دون انقطاع ، ويقال انه كان يحمل في جيب قميصه قطعة مغناطيس طوال الوقت لكي تذكره دائما في دراسة هذه الظاهرة وبعد عشر سنوات من العمل تم حل هذه المسألة ، وقد توصل إلى اكتشاف يعتبر اساس عمل كافة المحولات الكهربائية في العالم ، وهي المولدات التي تحول الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كهربائية ، واكتشف فارداي ان التيار الكهربائي يستطيع مغنطة قطعة من الحديد. وظاهرة الحث الكهرومغناطيسي هي نشوء تيار كهربائي في ملف نحاسي ؛اذا وضع بجانب الملف نحاس آخر في الطول نفسه اذا تم تحريك الملفين بالنسبة لبعضهما وسمي . هذا التيار التيار الحثي فأدرك فارداي من هذه الظاهرة أن التيار الكهربائي هو عبارة عن مغناطيس أيضاً ، والمغناطيس عبارة عن مجموعة من التيارات الكهربائية.
حاول العلماء بعد ذلك إعطاء قانون الحث الكهرومغناطيسي صيغة كمية دقيقة وتمكن العالمان ثيمان ، وفيبير من إعطائه صيفًا معقدة من حيث المحتوى الفيزيائي ، لكنها ساعدت إلى حد ما على الوصف الكمي له استطاع العالم ماكسويل ان يضع لقانون الحث الكهرومغناطيسي صيغة رياضية بسيطة ، وواضحة. في 1905م قام عالم الفيزياء الرياضية الفرنسي باول لانجفين ( Paul langevin)(1946-1872م) بتفسير الظواهر البارامغناطيسية والدايو مغناطيسية مستخدما نظرية الاحصاء الحركي، وقام عالم الفيزياء البريطاني لورد كلفن( Lord Kelvin)(1907-1824) بتوسيع عمل فراداي الى نظرية شاملة للمغناطيسية عندما افترض ان الخواص المغناطيسية للمادة تحددها الكترونات التكافؤ ، واعتمد هذا التفسير عالم الفيزياء الدنماركي نيلز بور( Bohr Neil's ) ( 1885 - 1962م ) في وضع نموذج لتفسير الذرة رأى ماكسويل ان المجال المغناطيسي يولد مجالا كهربائيا في ظاهرة الحث الكهرومغناطيسي ، ودرس الخواص الأساسية للمجال الكهربائي والمجال المغناطيسي، وصاغ القانون الكمي الذي يحدد قيمة المجال المغناطيسي استنادا إلى سرعة تغير المجال الكهربائي وتكون لديه صورة متكاملة عن العمليات المغناطيسية، والكهربائية، وأثبت ان المجالين الكهربائي والمغناطيسي ليسا شيئين منفردين مستقلين عن بعضهما ، بل هما مظهر واحد متكامل ، وأطلق عليه اسم المجال الكهرومغناطيسي.
دمجت مؤخرا الكهربائية والمغناطيسية معاً بصيغة رياضية صاغها ماكسويل فقد طور ما بين عام 1855م ، وعام 1873م نظرية الكهرومغناطيسية، ولخص جميع قوانين الكهرومغناطيسية الكلاسيكية في اربع معادلات رياضية وهذه المعادلات الرياضية التي تصف العلاقة بين المجالين الكهربائي ، والمغناطيسي سميت معادلات ماكسويل واثبت ان موجات الضوء تنتشر في الوسط المادي، والفراغ على شكل موجات كهرومغناطيسية ، واثبت ان الضوء هو اشعاع كهرومغناطيسي؛ واعتماداً على ذلك استطاع عالم الفيزياء الالماني هينريج رودولف هرتز (Heinrich Rudolf Hertz ) ( 1857- 1894م ) توليد امواج كهرومغناطيسية في المختبر سميت الموجات الراديوية في عام 1888م ؛ وتخليداً له استخدم اسمه وحدة للتردد؛ بعد ذلك مباشرة اكتشف نوعان من ال ن الأشعة الكهرومغناطيسية هما: الأشعة السينية واشعة غاما عن طريق الصدفة. استطاع هيرتز ان يبرهن نظرية ماكسويل عملياً ، واثبت ان الموجات الراديوية تنتقل بسرعة الضوء. ويعد هرتز اول من اكتشف الظاهرة الكهروضوئية، لكنه لم يستطع ان يعطي تفسيراً لها.
لم تفسر معادلات ماكسويل بعض الظواهر مثل الاشعة السينية، والظاهرة الكهروضوئية، والضوء المنبعث من الاجسام الصلبة وأصبح من المستحيل ان يكون هنالك تمييز واضح بين الموجات والجسيمات وبذلك دخلت الفيزياء عالم جديد فسر كل هذه الظواهر أصبح يعرف بعالم الفيزياء الكمية.
تمكننا معادلات ماكسويل من تتبع تاريخ المجال، كما تمكننا قوانين نيوتن من تتبع تاريخ الجسيمات المادية. فاذا علمنا المجال عند لحظة واحدة فقط ، فإننا نستطيع باستخدام معادلات ماكسويل في النظرية الكهرومغناطيسية ان نستنتج الكيفية التي يتغير بها المجال عند أي لحظة ، وعند أي نقطة اضافة الى ذلك تمكننا معادلات ماكسويل على التنبوء بما يحدث للمجال المجاور، فاذا علمنا ما يحدث عند نقطة معينة نستطيع ان نعرف ما سيحدث للمجال المجاور وبإمكان قوانين نيوتن أن تتنبأ بالقوة المؤثرة بين الشمس والكواكب او الأرض ، والقمر حيث ان هذه القوانين تستطيع ان تستنتج التأثير البعيد المدى اما معادلات ماكسويل فهي على خلاف مع قوانين نيوتن في هذه الحالة، فهي لا تتنبأ بالتأثير الذي يحدث الا اذا كانت المسافة صغيرة جدا.
في عام 1868م نشر ماكسويل كتابه وكان يقول فيه (( تتولد قوة على موصل يسري خلاله تيار كهربائي عند تسليط مجال مغناطيسي عليه الا انه لا تتولد قوة على الشحنات المتحركة خلال الموصل ، والمكونة للتيار )).
ان الجزء الثاني من هذه العبارة لم يرق لعالم الفيزياء ادوين هربرت هول ( Edwin Herbert Hall ولم يؤمن بصحته على الرغم من مكانة ماكسويل العلمية، اذ كان ولا يزال يعتبر من اعظم الفيزيائيين الذين عرفهم التاريخ) ، فـ ( هول ) يرى ان القوة على الموصل ما هي الا نتيجة للقوة المؤثرة في الشحنات المتحركة داخله المكونة للتيار الكهربائي ، وفي عام 1879م أجرى تجربة عرفت بتأثير هول ( Hall Effect ) ، وكان في الرابعة والعشرين من عمره واثبت في تلك التجربة ان الشحنات المتحركة داخل موصل، والمكونة للتيار الكهربائي تتولد عليها قوة من قبل المجال المغناطيسي المسلط على الموصل، وهذه النتيجة لاتتفق مع ما ورد في عبارة ماكسويل واصبح من الممكن معرفة اشارات الشحنات المكونة للتيار الكهربائي من هذه التجربة، وفيما بعد استخدمت نتيجة هذه التجربة لقياس سرعة الانجراف للالكترونات.
				
				
					
					 الاكثر قراءة في  تاريخ الفيزياء
					 الاكثر قراءة في  تاريخ الفيزياء					
					
				 
				
				
					
					 اخر الاخبار
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة