في الوقت الذي تجلت فيه اوروبا بثوب النهضة الحديثة، برزت ازمة دينية عنيفة لم تشهدها الكنيسة الكاثوليكية منذ قيامها هذه الازمة احدثت انقلاباً عظيما في التفكير الديني، وانقساماً خطيراً داخل الكنيسة نفسها التي طالما حرص المسيحيون الغربيون وعلى رأسهم البابوية بالتمسك بوحدتها وعظمتها طيلة العصور الوسطى لمواجهة الكنيسة الشرقية التي يساندها الامبراطور البيزنطي مدعي السيطرة على العالمين الزمني والروحي. لقد سارت الحركة الدينية التي عرفت فيما بعد، بالحركة البروتستانتية، جنباً إلى جنب مع تفكك الأطر الاجتماعية التي كانت سائدة في عصر الاقطاع. ومما ساعد على ذلك نمو البورجوازية التجارية والاتجاهات القومية للدول والامبراطوريات التي تشكلت حديثاً. فبينما كانت الروابط بين الكرسي البابوي والمقاطعات التابعة له في دول اوروبا تتفكك، اصبحت العلاقة بين الحكومات القائمة والبابوية تتحدد على ضوء مصالح الدول فقط.