أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-19
315
التاريخ: 11-1-2017
2289
التاريخ: 2024-09-08
218
التاريخ: 3-10-2016
2091
|
منذ وفاة إخناتون بدأت تلوح في سماء مصر ملامح ثورة جديدة ، لكنها ليست من نمط الثورات التي تهدف للمجيء بأفكار ومفاهيم مستحدثة لم تعهدها البلاد من قبل ، كما يحدث في معظم الثورات عادة ، وأنما ثورة من طراز آخر ، غايتها الرجوع إلى القديم يوم كانت رايات أمون ترفرف من الشلال الرابع جنوبا إلى الفرات شمالا ، علما بأن ملامحها بدأت بالظهور حتى قبل وفاة إخناتون ، الذي تعرض جراء ذلك لعدة محاولات لاغتياله كادت إحداها أن تصيب هدفها لولا يقظة حراسه واستعدادهم الدائم لحماية ملكهم(1).
ومن الطبيعي أن يتصدر الدعوة لها وحمل لواءها حزب كهنة أمون الذين فقدوا كل ما لهم من امتياز أو نفوذ إبان عهد أخناتون ،يساندهم في ذلك دعاة مجد مصر التليد، أو ما يعرف بـ (الحزب الحربي الإمبراطوري) من كبار قادة الجيش وعامة الجند ،والذين ضرهم قصور أخناتون عن النهوض بواجباته إزاء ضياع المستعمرات المصرية في بلاد الشام ، وقد وجد هذان الحزبان في تذمر الأهالي مما لحق عاداتهم وعقائدهم الدينية القديمة من إهانة في عهد هذا الملك ، فرصة طيبة لجذبهم للعمل سوية في التصدي له والدعوة لتغييره(2) .
وهكذا كان طبيعياً أن يبدأ الأنقلاب على عبادة أتون ومردوداتها السلبية والعودة إلى عبادة أمون ومردوداتها الإيجابية حال وفاة مبتدع الأتونية مباشرة ،ومما ساعد على هذا أن أخناتون لم يرزق بولد ، فتولى العرش خلفا له (سمنخ – كارع) زوج ابنته الكبرى (مريت أتون) الذي لم يكن كفوءاً لأدارة شؤون الدولة ،فحكم مدة يسيرة ( 1351- 1349 ق.م ) اكتنفها الغموض ، ثم تبعه في الحكم توت – عنخ أمون ( 1349-1340 ق.م) وهو صهر آخر لأخناتون(3)، وكـان لحظة توليه العرش صبيا صغيرا لا يتجاوز عمره تسـع سنوات ، فقوي نفوذ كهنة أمون على حسابه ، مما اضطره لمسايرتهم والشروع بتنفيذ المراحل الأولـى لعملية الأنقلاب الكبير هذا(4)
وتبدو بوادر التغيير هذه هدأت نسبيا من روع المجتمع المصري وعززت ثقته بنفسه وبمعتقده، كما إنها أسهمت إلى حد ما في وحدة طبقاته وتماسكها إزاء الأمور الملحة والضرورية التي تواجه البلاد ،وهذا ما انعكس بدوره إيجابيا على توجهات مصر الخارجية في عهد هذا الفرعون ، ولا سيما إزاء بلاد الشام التي شهدت آنذاك بعض المتغيرات والتطورات السياسية ، التي خدمت المصريين وضاعفت من فرص نجاحهم فيه.
فمن بقايا نصوص مقبرة (حورمحب) في منف يظهر أن وفداً يمثل سكان بلاد الشام (الأسيويين) حضر إلى مصر ليشرح الأوضاع المأساوية التي كانت تعيشها بلادهم طالباً التدخل لمساعدتهم(5)، كما واجه الحيثيون آنذاك ثورات عدة في أنحاء متفرقة من بلاد الشام(6)، فلم يتوانَ الفرعون (توت عنخ أمون) في توظيف هذه الأحداث لصالحه ، حيث أنه حضر بنفسه شخصياً برفقة قائده (حورمحب) على رأس الجيش لغزو بلاد الشام ،استناداً إلى لقب (حورمحب) الفخري الذي خلعه على نفسه ((أنه مصاحب سيده في ذلك اليوم الذي انتصر فيه على الأسيويين))(7) وأرسلت قوة مصرية لاستعادة قادش(8). غير أن ذلك كان نصراً مؤقتاً بالغ المصريون في تصوير حجمه كثيراً ، فعلى الرغم من مما وجد على مقابر الخاصة في مصر من نقوش ورسوم تبين نجاح الحملة المذكورة (9)، فإن واقع الحال يشير إلى أن جيوش الفرعون لم تنجح إلا في إخضاع بعض فلسطين ، أو إنها على الأرجح غنمت بعض الغنائم منها(10) .
وباستثناء ذلك فإن الجيوش المصرية لم تواجه في هذه الحملة إلا ضروب الفشل باعتراف (حورمحب) نفسه، فهو يقول في أحد النصوص المنقوشة على (نصب ترميم المعابد) المقام بأسم توت عنخ أمون ما نصه (( إذا كان (جيش) قد أرسل إلى جاهي (سوريه) من أجل توسيع الحدود المصرية ، فإنه لم يفز بأي نجاح )) (11).
كما ان أحد النصوص الحيثية يتحدث عن نجاح شوبيلوليوما في القضاء على الثورة في قادش وطرد المصريين منها ، وعن توغل قواته ثانية بإقليم العمق التابع للمصريين ، رداً على تدخلهم في قادش(12).
تلا ذلك مباشرة وفاة الفرعون ( توت عنخ أمون ) ، فاضطربت أحوال بلاد النيل لعدم وجود وريث شرعي يخلفه على العرش، فاضطرت أرملته (عنخس أن أمون) لأن تكتب للملك الحيثي ( شوبيلوليوما) ، ما نصه (( مات زوجي وليس لي ولد. ويقول الناس ان عندك أولاداً كثيرين . فأذا أرسلت ألي أحد أولادك ، فأنه سوف يغدو زوجاً لي ، لأني أكره أن أختار واحداً من خدمي (رعاياي) فأجعله زوجي )) ، غير أن شوبيلوليوما خشي أن يكون في الأمر خدعة ، فبعث إلى مصر من يستجلي حقيقة الموقف ، فغضبت الأميرة المصرية من تصرفه هذا ، فأرسلت له ثانية تقول:(( لماذا تقول: أنهم يحاولون خداعي ؟ لوكان عندي ولد، هل كنت أكتب الى بلد أجنبي بأسلوب فيه مذله لشخصي وبلدي ؟ أنت لا تصدقني . بل تقول لي مثل هذا الكلام … أعطني أحد أولادك فيصبح زوجي وملكاً على بلاد مصر)) ، فسر شوبيلوليوما لعرضها وقرر أرسال أحد أولاده المسمى (زنازنرا)(13) .
ولاريب أن الأميره المصريه ـ عندما أرادت الأقتران بالعائلة الحيثية المالكه ـ كانت على دراية تامه بقانون وراثة العرش المصري الذي يبيح لمن يتزوج ابنة الملك ان يرقى الى العرش حتى وان كان لا يمت بصلة الـى البيت المالك(14)، ولعلها أرادت من وراء ذلك التخلص من الأقتران بالكاهن العجوز (أي) الذي كان مرشحاً قوياً للزواج منها وتولي العرش المصري(15)، أو أنها رمت إلى الأحتفاظ بالعرش المصري ، فلا يخرج من عائلتها .
ولكن طموحاتها هذه سرعان ما تلاشت ، حيث أثار اتصالها بالملك الحيثي موجة من السخط والمعارضة لدى الأوساط المصرية المتنفذة ، ولاسيما عند الكهنة الذين عدوا ذلك أمراً لا يمكن التساهل معه تحت أي ظرف كان، فدبر الكاهن (أي) عملية اغتيال الأمير الحيثي وحرسه الخاص قبيل وصولهم إلى مصر، ثم استولى على السلطة في بلاده وعزز مشروعيته فيها بالزواج من أرملة سلفه(16)، ولحد الآن لا يعرف الكثير عن حكم هذا الملك سوى أنه شيد بعض المباني واستمر حاكما مدة ثلاث سنوات فقط (1440-1337 ق.م ) توفي بعدها(17) .
فاستشاط شوبيلوليوما غضباً لمقتل ولده وقرر الثأر له من المصريين ، حيث يذكر احد النصوص الحيثية بان شوبيلوليوما ((توجه إلى بلاد مصر وقضى عليها بعد أن شتت قواتها وحطم عربات مقاتليها)) (18).
ويجدر بنا أن نفهم من لفظة (بلاد مصر) في هذا الصدد، إحدى المناطق الشامية التي لازالت خاضعة للفرعون آنذاك(19)، ولعلها جنوب فلسطين المحاذية لحدود مصر الشمالية الشرقية ، التي لم تنقلب على المصريين حتى في عهد أخناتون(20) فمن الثابت أن الحيثيين حاصروا فلسطين وقبضوا على القتلة وأعدموهم(21).
وبعد هذه الحملة مباشرة ، فكر شوبيلوليوما بإعادة ماتيوازا إلى عرشه وكان قد قضى عشر سنوات لاجئاً عنده، وذلك للاطمئنان على استقرار سلطته في بلاد الشام ، ولمواجهة المملكة الآشورية التي أخذت تنمو سريعاً بعد تحررها من ربقة الاحتلال الميتاني(22)، ولـذا فقد نقض معاهدته السابقة مع (أرتاتاما الثاني) وأرسل ابنه (بياسليس) على رأس قوة كبيرة عبرت الفرات ودخلت إلى العاصمة الميتانية (واشوكاني) لتعيد (ماتيوازا) إلى عرشه وسط هتافات الجماهير(23)، فوجد الأخير نفسه مضطرا لتوقيع معاهدة مع شوبيلوليوما تنازل بموجبها عن جميع الأراضي التابعة لمملكته في بلاد الشام ، والتي حدها الفرات من الشرق ولبنان في الجنوب(24)، كما نصت هذه المعاهدة على استيلاء ملك كركميش الحيثي (بياسيل) على جميع الأراضي الواقعة على الضفة اليمنى للفرات حتى جنوب مصب نهر الخابور إلى ما وراء مدينة تيرقا (تل العشارة حالياً)(25)، وعقدت حالة من الصداقة والتحالف الدائم بين البلدين ، أصبحت بموجبها المملكة الميتانية موالية للأباطرة الحيثيين(26).
وبهذا العمل الجريء يكون شوبيلوليوما قد مهد الطريق لتحثيث شمال بلاد الشام ، استعداداً للمعركة الفاصلة ضد تغلغل النفوذ المصري في الشرق الأدنى القديم(27) وبالوقت ذاته خلق دولة حاجزه بينه وبين أشور الناهضة(28) .
وهكذا فإن شوبيلوليوما حقق ما لم يحققه أي ملك حيثي آخر لا قبله ولا بعده وثبت نفوذ دولته في الجزء الشمالي من بلاد الشام بحيث لم يتزعزع بعد ذلك على الإطلاق بصورة جادة(29) بالرغم من تهديدات المصريين في الجنوب والآشوريين على طول نهر الفرات(30).
وعندما توفي متأثرا بوباء الطاعون الذي أصاب بلاده في أواخر سني حكمه الطويل ، تولى العرش من بعده ابنه الأكبر (ارنوونداش) الذي قضى في الوباء ذاته بعد سنة واحدة فقط أمضاها في الحكم ، فانتقل العرش إلى أخيه مرسيليس الثاني (1339-1306 ق.م) الـذي يعد بحق من أعاظم الأباطرة الحيثيين(31)، وكان معاصرا للفرعون المصري حورمحب (1338-1304ق.م) ذلك الرجل الذي حاز من الوظائف والألقاب إبان عهد الفرعون (توت عنخ أمون) ما جعله انذاك المتصرف الأول بأمور الدولة كافة (32) .
ولم تحدث على الأرجح أية حروب بين هذين الملكين (مرسيليس الثاني وحورمحب) لانشغال كل منهما بمشاكله الداخلية بالدرجة الأساس ، فمرسيليس الثاني قضى معظم سني حكمه في قمع الثورات التي قامت ضده في شتى أرجاء الإمبراطورية الحيثية المترامية الأطراف ، بما فيها الأجزاء الشمالية من بلاد الشام ، التي أعلنت الثورة ما لا يقل عن ثلاثة من ممالكها الرئيسية (كركميش ، قادش ، نوخاشي) وفقا لسجلات بوغازكوي(33)، ناهيك عن الطاعون الذي فتك بالبلاد الحيثية وأستمر عشرون عاماً متوالية(34) .
ولا يبدو الملك الحيثي هذا راغباً في التوسع على حساب مصر ، وهو الذي أستنكر في إحدى حولياته على والده غزو أقليم العمق التابع للمصريين(35) .
أما حورمحب فقد ورث تركة من المشاكل الداخلية والمتمثلة بالفساد الذي استشرى في كافة مفاصل الدولة المصرية وعم المجتمع المصري بأسره ، وهو من مخلفات العهد السابق (عهد العمارنه)(36)، وهذا ما دفعه للانصراف كلية للإصلاحات الداخلية التي اشتهر بها وإصداره قانونه الذائع الصيت(37)، لينأى بنفسه جانباً عن الشؤون الخارجية التي لم يعرها اهتمامه الكافي، اللهم إلا في قيادته لحملة واحدة لإخماد الثورة التي شبت ضده في بلاد النوبة، وتفاخر بسحقها بوقت قصير(38)، ولعله أدرك أيضا قوة المملكة الحيثية وثبات نفوذها في بلاد الشام ، فلم يشأ التورط معها بأية مغامرة حربية ، وأوضاع بلاده الداخلية على مـا هـي عليه مـن التدهور والانحلال(39).
وإزاء ذلك فإن قائمة البلاد المغلوبة التي دونها (حورمحب) على الجانب الشمالي من بوابة معبد الكرنك الحادية عشرة ، وورد ضمنها أسم بلاد الحيثيين، لا تعدو أن تكون أكثر من تقليد من التقاليد التاريخية التي انتهجها ملوك مصر للتباهي والتفاخر من قبله ومن بعده، وربما تشير إلى الحروب التي شنها هذا الفرعون أثناء عهد (توت عنخ أمون) أي قبل توليته الحكم(40) .
وأسهمت اعمال مرسيليس الثاني واصلاحات حورمحب في اعادة الاستقرار الداخلـــي لبلديهما وتوطيد أركانه ، فالملك الحيثي عندما توفي ترك لأبنه وخليفته على العرش موواتاليش(1306-1282ق.م) إمبراطورية ثابتة الأركان محاطة بالعديد من الممالك التابعة(41)، تمتد شرقا إلى بلاد أشور و جنوبا إلى جبال الكرمل والجليل(42)، في حين إن إصلاحات حورمحب كانت ناجحة إلى الحد الذي سمح للملوك من بعده باستئناف نشاطهم الخارجي وتحقيق انتصارات باهرة(43) .
ولذلك فإن تجدد الحرب المصرية ـ الحيثية ، كانت أمراً متوقعاً بعد هذه المستجدات ولا سيما في ظل الرغبة الجامحة لملوك الأسرة التاسعة عشرة المصرية (1306-1200 ق.م) لاسترجاع سلطانهم الضائع في بلاد الشام ، يقابلها إصرار الحيثيين بالاحتفاظ بالمناطق التي أخضعوها .
بدأت ملامح الحرب تظهر للعيان منذ أن اعتلى رعمسيس الأول(44) عرش مصر ، بالرغم من أنه ارتقى العرش مسناً ولم يدم حكمه سوى عامين (1306-1304 ق.م) ، حيث أن هذا الفرعون أشرك في السنة الثانية من حكمه ابنه ( سيتي الأول ) ،الذي قام بإصلاح الطريق الممتد من حصن ثارو على حدود مصر إلى غزة، ورمم القلاع المشيدة لحراسة صهاريج المياه على ذلك الطريق، تمهيدا لاستئناف الحملات على بلاد الشام(45)، ولكن وفاة الفرعون المفاجئة حالت دون المباشرة بتنفيذ هذا المشروع .
ولما تولى (سيتي الأول) الحكم بعده (1304-1290 ق.م) انتفض البدو في صحراء مصر الشرقية واستولوا على ثلاثة وعشرين حصناً على طول الطريق الممتد ما بين القنطرة وغزه(46)، الذي يعد ممراً رئيسياً لقوافل التجارة بين مصر وبلاد الشام(47)، وفي الوقت ذاته ازداد الوضع في فلسطين إحراجاً وتعقيداً ، إذ أن البدو المحيطين بها أخذوا بالاستيلاء تدريجياً على كافة أرجائها ، وبتصعيد أعمالهم العدائية ضد سكانها ، فوصلت أحد التقارير إلى الفرعون يشكو له الحال بالقول (( لقد اتحد رؤساء البدو معا وأخذوا يضعون أيديهم على فلسطين ، وهم الآن يفتكون بالناس غير مكترثين لقوانين القصر الملكي))(48) .
غير أن ذلك كله لم يثن الفرعون عن عزمه عن إتمام مهمة والده في بلاد الشام، فمنذ السنة الأولى لحكمه شهر سيفه عالياً وبدأ بالقضاء على تمرد البدو في الصحراء الشرقية وأستعاد جميع الحصون التي أخذوها(49)، ثم خرج غازياً لفلسطين فشتت جموع البدو الذين حاولوا إعاقة تقدمه وفرض سيطرته المطلقة على الأجزاء الجنوبية منها ، فيما يرجح أنه أخضع معظم أجزائها الشمالية أيضاً كما أدت حملته هذه لتأمين ساحل فلسطين بحيث أصبح جاهزاً لرسو السفن المصرية الحربية القادمة من السواحل المصرية للقيام بحملات حربية في المستقبل(50).
لقد شكلت انتصارات المصريين الأخيرة هـذه خطراً ينذر باقتراب مواجهتهم المقبلة مـع الحيثيين وتابعيهم في بلاد الشام ، ولا سيما مع المملكة الأمورية التي أسسها (عبد عشرتا وابنه عزيرو) في أعالي نهر الأورنت ، والتي كانت (( بمثابة حد فاصل منيع بين شمالي فلسطين جنوبا ووادي نهر الأورونط المكون لحدود مملكة الحيثيين الجنوبية شمالاً )) ،لذا فإذا ما أريد الاصطدام بالحيثيين بغية إخضاعهم فلابد أولاً من إخضاع هذه المملكة ، وكان في نية الفرعون أن ينجز هذه المهمة في السنة الثانية من حكمه ، ولكنه اضطر آنذاك للتوجه إلى حدود بلاده الغربية لمواجهة أقوام من الهندواوربيين نزلوا في وقت سابق على الشواطئ الليبيه وأخذوا بالتسرب إلى الدلتا الغربية وأثارة الاضطرابات فيها ، وقد تمكن الفرعون من إيقاع الهزيمة بهذه القبائل وطردها من بلاده شر طردةٍ(51)، ثم توجه مباشرة إلى بلاد الشام فاجبر المملكة الامورية على الخضوع له بالرغم من الدعم والمساندة التي كانت تتلقاها الاخيرة من حلفائها الحيثيين ، ولعله في هذه الحملة استولى على مدينة قادش كما يتضح من الرسوم المصرية المنقوشة على جدران معبد الكرنك واللوحة المكتشفة في قادش التي يظهر فيها الفرعون منتصرا(52)، ثم زحف بجيوشه مباشرة إلى الشمال، فاصطدم بالجيش الحيثي شمال قادش على نهر الأورنت ودارت معركة كبيرة بين الطرفين ، تباينت الآراء بشأن نتائجها، ففي حين ذهبت الرواية المصرية تأكيد عودة سيتي الأول من المعركة منتصراً ومعه الأسرى والغنائم ، نجد أن الرواية الحيثية تذكر عكس ذلك تماماً، مبينةً بأن الملك الحيثي (موواتاليش) كان يريد أن يتفادى الحرب مع مصر لأنه يمقت الحروب(53) .
والرأي الراجح أن تلك المعركة لم تسفر عن نتيجة حاسمة وأن أدت إلى توقف الزحف الحيثي نحو فلسطين وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وإرجاع الحيثيين قليلاً إلى الشمال(54) .
على اية حال شرع سيتي الاول بعد انتهاء المعركة بتنظيم شؤون المناطق المفتوحة ، فأرسل العمال المصريين إليها ووضع الحاميات العسكرية في معاقلها الرئيسية ، كغزة وعسقلان ومجدو وغيرها(55)، وبذلك يكون (سيتي الأول) أول ملك مصري يضطلع بالدور الأهم لاستعادة الهيمنة المصرية على بلاد الشام ، ومع إنه لم يسترجع سوى ثلث ممتلكات بلاده هناك التي جلها قريبة من الحدود المصرية(56)، فإن من الواضح أن فتوحاته افهمت الحيثين ان مصر لم تعد كما كانت عليه ايام اخناتون(57)، غير أن الأمر اللافت للانتباه ، أن سيتي الأول لم يواصل فتوحاته في بلاد الشام ، بل اكتفى بما أحرزه من نتائج في حملتيه المذكورتين ومن ثم عاد إلى بلاده ، فاستقبله الناس بالفرحة(58).
ولعل التفسير المقبول لهذا أن الفرعون أدرك قوة الحيثيين ومدى ثبات ورسوخ جذورهم في بلاد الشام لاسيما أن الاحتلال الحيثي للأجزاء الشمالية منه رافقه حركة استيطان حيثية واسعة في مدنها الرئيسية مثل كركميش وحلب ، مما يجعل استعادة المصريين لهذه الأجزاء أمراً عسيراً(59)، لذا فأنه اقتنع على ما يبدو بصعوبة الحصول عل مكاسب إضافية في تلك البلاد، فلجأ إلى إبرام معاهدة ودية مع الملك الحيثي (موواتاليش) أقرت حالة السلام بينهما طوال الحقبة المتبقية من حكمه(60)، وعاد بعدها إلى وطنه وجعل همه توطيد السلام في البلاد وتشييد المعابد(61) .
أما الحيثيون فالظاهر أنهم تنبهوا للخطر المصري ، فسعوا بعد المعاهدة إلى بسط نفوذهم على مستعمراتهم فـي بـلاد الشـام وتحصينها تحصيناً جيداً ، وأغار (موواتاليش) على وادي الأورنت ، فاستعاد السيطرة على مدينة قادش(62) .
ولما اعتلى رعمسيس الثاني عرش مصر (1390-1236 ق.م) ارسل له موواتاليش الرسالة الرسمية المألوفة في مثل هذه المناسبات ، التي اعتبرتها الوثائق المصرية دليل على تبعيته للفرعون(63)، الذي بدأ عازماً منذ البداية لاستئناف الحملات المصرية على بلاد الشام ، حيث اختـار لنفسه عاصمة جديدة فـي شـرق الدلتا (بررعمسيس) لتكون علـى مقربة مـن مجريات الأحداث في بلاد الشام ، نظرا لبعد العاصمة القديمة (طيبة) عما يجري هناك(64)، وأخذ يحشد أبناء مصر للمقاتلة ويستنهضهم ، وضم إليهم أعداداً كبيرة من المرتزقة ، فكون منهم جيشاً عظيماً ،قاده في السنة الثانية من حكمه إلى الساحل الفينيقي وجعل منه قاعدة أمينة لعملياته الحربية في المستقبل جرياً على خطة جده (تحتمس الثالث)(65)، وليستطيع منها التقدم ضد جناح مسيرة الحيثيين جنوباً(66)، وقد وصل الفرعون في تلك الحملة إلى نهر الكلب قرب بيروت حيث أقام هناك نصبا يمثل لوحا من الحجر الرملي(67) .
لقد كانت التحركات المصرية كافية لإنذار الملك الحيثي لما يمكن أن يتوقعه من خطر على نفوذهِ في بلاد الشام ، فبدا يتخذ التدابير اللازمة للمواجهة المرتقبة مع المصريين حيث ضم إليه الكثير من أمراء وملوك الشام المتحالفين معه مثل زعماء (أرواد وكركميش وقادش وكود وكنعان وأغاريت وحلب)(68)، بالإضافة إلى الكثير من أتباعه وحلفائه من الممالك الواقعة في وسط وغربي الاناضول ، الذين جلبهم بالتهديد والرشوة ،كأرزوا وكزواتنا ودردني ومنس وبدس وارون وقرقس ولك وغيرها (69)، حتى بلغ عدد رجاله ما يقارب من عشرين ألف مقاتل(70).
وعلم رعمسيس الثاني بذلك ، فسارع الى جمع جيش كبير ضم إليه أعداداً كبيرة مـن المرتزقة من مقاتلي النوبة الأشداء والشردانيين(71)الذين شكلوا الكتيبة الخاصة لحراسة الفرعون، ناهيك عن أعداد أخرى من مرتزقة بحر أيجة ولوبيا وفينيقيا(72)، وقد بلغ تعداد الجيش المصري زهاء ثمانية عشر ألف مقاتل ، جرى توزيعهم إلى أربع فرق ، أطلق على كل واحدة منها اسم أحد آلهة مصر الكبرى ، ففرقة أمون من طيبة وفرقة بتاح من منف ومصر الوسطى وفرقة رع من هليويوليس والدلتا وفرقة ستخ من تانيس والحلفاء الشرقيين، ومن ثم تحرك الفرعون بجيشه هذا ليقطع المسافة من حدود مصر إلى مدينة قادش – حيث دارت المعركة الكبرى مع الحيثيين على أسوارها – بزهاء شهر تقريباً ، أي أن معدل سير الجيش المصري كان خمسة عشر ميلاً يومياً ،وهذه المسافة كانت تعد طويلة بالقياس لإمكانيات ذلك العصر المتواضعة، ويظهر أن رعمسيس الثاني اعتمد إلى هذه السرعة حتى يوجه ضربة خاطفة وسريعة للحلف الذي أخذ الحيثيون بتشكيله قبل أن ينجحوا في تقويته وشد أواصره(73).
وبالمقابل فإن الحيثيين كانوا على ما يبدو يراقبون عن كثب تحركات القطعات المصرية ومسار تقدمها ، فلما وصلت إلى مسافة غير بعيده عن قادش أرسلوا اثنين من جواسيسهم ليقبض عليهما المصريين وليؤكدا أن القوات الحيثية لازالت بعيدة كثيراً عن قادش ، وأنها تتجمع بالقرب من حلب ، ولأن طلائع الكشافة المصرية لم تعثر على أي أثر للقوات الحيثية على مقربة من قادش ،فقد اقتنع رعمسيس الثاني بما أورده هذان الجاسوسان من معلومات، فعبر على الفور مصحوبا بفيلق أمون نهر الأورنت، ثم أتجه شمالاً تتبعه بقية فيالقه على مسافات متفاوتة منه ، ولشدة تحمس الفرعون لفتح المدينة تقدم نحوها بصحبة حرسه الخاص فقط تاركاً خلفه فيلق أمون يتبعه ، فأدرك الملك الحيثي (موواتاليش) عندئذ بأن خصمه الفرعون قد وقع بالفخ ، فأسرعت قواته بالتمركز شرقي قادش جاعلة منها حدا فاصلا بينها وبين طلائع المصريين التي يقودها رعمسيس الثاني، ثم قـام الحيثيون بحركة التفاف بارعة حول قطعات الجيـش المصري المتقدمة بعبورهم لنهر الأورنت جنوبي قادش ، مما أدى إلى شطرها إلى قسمين حيث حوصرت فرقة رع وأبيد معظمها، كما حوصرت فرقة أمون التي يقودها الفرعون شخصيا ، وكاد الأخير يقع فـي الأسر لولا شجاعته التي مكنته مـن قيادة حرسه الخاص لفتح ثغرة في الطوق المفروض عليه من جهة الشرق ، ولولا انشغال الحيثيين بنهب المعسكر المصري وعدم ملاحقة فلوله المنهزمة ،مما أفسح المجال للقوات المصرية لأن تلتقط أنفاسها قليلاً وتبدأ بالبحث عن السبل الكفيلة للخروج من هذه الورطة التي وضعهم فيها قادتهم الذين لم يحسنوا مراقبة تحركات الحيثيين والمناطق التي احتشدوا فيها ولحسن حظ المصريين وصلت في ذلك الوقت الحرج تعزيزات إضافية لقواتهم المحاصرة ، مصدرها الساحل الفينيقي فانقضت على ثلة من الجنود الحيثيين التي كانت منهمكة بأعمال السلب والنهب وأبادتهم عن أخرهم ، مما أسهم في إفساد النصر الذي أنجزه الجيش الحيثي في أول المعركة ، فأنعكس ذلك انعكاسا سلبياً على معنوياته ، وفي الوقت ذاته أدى هذا التطور إلى تقوية عزائم المصريين وأعطى الفرصة الكافية لرمسيس الثاني لأن يعيد استجماع قواته المتفرقة حوله مما دعم من مركزه الحربي في انتظار وصول فيلق بتاح ، ولم يطل انتظار رعمسيس كثيرا فمع غروب شمس ذلك اليوم العصيب التحقت فرقة بتاح للمعركة(74) .
ويبدو أن الحيثيين بعد أن رموا كل نبالهم انسحبوا الى ما وراء نهر الأورنت، وفي صباح اليوم التالي للمعركة أرسل موواتاليش بخطاباً إلى رعمسيس الثاني ليحدد له فيه يوم القتال، ولا يحتوي عرضاً للصلح كما يذكر رعمسيس الثاني ، غير أن الأخير وجد من الأفضل تجنب قتال الحيثيين والأنسحاب نحو الجنوب(75) .
وبهذا يكون رعمسيس الثاني قد تخلص من ورطة حقيقية وضع نفسه وجيشه بها ، وإذا كان هنالك من نصر يفتخر بإحرازه على الحيثيين ، فإن النجاة من هذه الورطة أكبر نصر تحقق(76)، ومع هذا فقد أدعى رعمسيس الثاني أنه أحرز النصر في المعركة وطرح اعداءه في مياه نهر الاورنت (( كالتماسيح ، وقد سقطوا على وجوههم الواحد فوق الاخر وتمكن من قتل من شاء قتله )) (77)، وهذا ما يناقض الرواية الحيثية عـن المعركة التي تؤكد انتصار الحيثيين فيها وملاحقتهم لفلول الجيش المصري المنهزمة حتى مدينة دمشق(78) .
ويبدو أن الرواية الحيثية هي أقرب للصحة ، فقبل وقوع المعركة كان رعمسيس الثاني يخطط لاستعادة إمبراطورية جده الأكبر (تحتمس الثالث) في بلاد الشام ، وطرد الحيثيين منها(79)، وهذا لم يتحقق إطلاقا في تلك المعركة ، بل إن مدينة قادش التي كانت تعد المركز الأمامي للنفوذ المصري في بلاد الشام في أوائل عهد أمنحوتب الثالث ، ودارت المعركة الكبرى على أبوابها لم يتسنَ للمصريين استعادتها(80).
وليس ذلك فحسب ، بل كانت هذه المعركة وبالا حقيقيا على مصر ومركزها السياسي في بلاد الشام ، فمن جهة نجح الحيثيون في إخضاع عدد من الممالك الشامية التي كانت تدين للفرعون بالولاء قبيل بدء المعركة كمملكة أبينا(81) ومملكة أمورو(82).
ومن جهة أخرى فإن آثار هذه المعركة سرعان ما امتدت إلى فلسطين إذ تشجع سكانها بتحريض ودعم من الحيثيين ، فأعلنوا الثورة على المصريين ثم آثارها امتدت بالتدريج لتبلغ ((الشمال الشرقي للدلتا واضطر رعمسيس أن يبني لإمبراطوريته من جديد وأن يسترجع ما فتح والده))(83)، وذلك في حملته الثالثة على بلاد الشام ، التي وقعت في السنة الثامنة من حكمه واستمرت ثلاث سنوات متوالية(84)، وأدعى فيها الفرعون أيضا -ليغطي على هزيمته في قادش– أنه حارب الحيثيين مرة أخرى ، وقوض مملكتهم في بلاد الشام ، واستولى على بلاد ميتاني وأخضع سكان كريت(85).
وهذا ما لم تشر إليه غير الرواية المصرية التي اتضح للباحث أنها تتصف غالبا بالمبالغة والبعد عن الواقع ، ولا يستبعد أن كتاب السير الكلاسيكية القديمة قد أسندوا إلى رعمسيس الثاني وحده كل هذه الوقائع الحربية التي أنجزها تحتمس الثالث وسيتي الأول ورعمسيس الثالث(86)، كما أن شواهد الأحداث التالية لا تؤيد هذا بتاتاً ، إذ لـم تمضِ إلا بضع سنين عـلى هذا حتى أنتهى التنافس بتقسيم بلاد الشام الى منطقتي نفوذ ، أحداها مصرية والأخرى حيثية(87).
وعلى أية حال ، فبعد الحملة المصرية الأخيرة على بلاد الشام توفي ( موواتاليش )العدو اللدود لرعمسيس الثاني ، فخلفه ابنه في الحكم أورخي – تيشوب(88) (1282–1275 ق.م) ، ويبدو أن هذا الحدث أسهم في تخفيف حدة التوتر والعداء بين مصر والدولة الحيثية ، حيث لم يتحرج الملك الحيثي الجديد في الطلب من الفرعون المصري التدخل لصالحه في صراعه مع عمه (خاتوشيليش الثالث)(89)، ولعله حصل على وعد منه بذلك(90) .
وعندما انتصر خاتوشيليش الثالث على ابن أخيه الملك ، واعتلى العرش الحيثي بدلا عنه (1274-1250 ق.م) فأنه كتب برسالة الى رعمسيس الثاني ، يقول (( تسلمت السلطة ، فما ارسلت الي سفيراً ، ومع ان العرف والعادات بين الملوك قد جرت على ان يرسلوا عند تولي السلطة هدايا نفيسة، وثياباً ملكية وزيوتاً معطرة، فانك، انت، في هذا اليوم لم تفعل ذلك))(91)، فرد رعمسيس الثاني على الملك الحيثي برسالة امتازت عباراتها بالبرود والسطحية(92).
واستمرت المناوشات المتقطعة بين الجانبين في بلاد الشام حتى السنة الحادية والعشرين من حكم رعمسيس الثاني، ومن ثم بدءا مفاوضات جادة ،ادعى كل طرف ان الطرف الاخر كان المبادر بها ، وتوجت بإبرامهما لمعاهدة قادش للصلح سنة (1269ق.م)(93)، وهي المعاهدة التي ما من شك أن عوامل عدة كانت وراءها ، لعل من أهمها إدراك كلا الطرفين المتنافسين قوة الطرف الآخر وإصراره على التمسك بنفوذه في بلاد الشام ، وخاصة الطرف المصري الذي أدرك على ما يظهر صعوبة بسط سلطانه علـى كامل التراب الشامي(94) في ظل القوة الهائلة للدولة الحيثية واستيطان أعداد كبيرة من سكانها في الأجزاء الشمالية من البلاد وبناءهم لعلاقات حلف وحسن جوار مع السكان الآخرين هناك كما ذكرنا قبل قليل ، ثم أن كلتا الدولتين المتباريتين واجهت آنذاك ضغوطا خارجية ومشاكل داخلية جمة دعتهما إلى البحث عن حل سريع للصراع بينهما ، للتفرغ لمواجهة هذه المخاطر والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها .
وبالنسبة للمملكة الحيثية ،فـأن نجاح الملك الآشوري أدد – نيراري الأول (1307-1275 ق.م) فـي إخضاع المملكة الميتانية ، أثار مخاوفها كثيراً لأن الأخيرة كانت بمثابة الحاجز بين الدولة الحيثية من جهة والدولة الآشورية من جهة أخرى ، وإن زوالها يعني أن الحدود بينهما أصبحت متلاصقة لا يفصلهما سوى نهر الفرات(95)، حيث بات الآشوريون يهددون الحدود الشرقية للمملكة الحيثية(96)، من جانب ، والمناطق التابعة لها في بلاد الشام من جانب آخر(97)، ومما عزز من المخاوف الحيثية، الرسالة التي بعث بها الملك الآشوري (أددنيراري الأول) إلى نظيره الحيثي (خاتوشيليش الثالث) ودعاه فيها لزيارة جبال الأمانوس(98)، وهي الرسالة التي أثارت امتعاض الملك الحيثي وعدها بمثابة تهديد مبطن من قبل الآشوريين لغزو هذه المنطقة الخاضعة للسيطرة الحيثية(99)، ثم أن فشل محاولة الملك الميتاني (وسشتا) للتخلص من الحكم الآشوري بإعلانه الثورة على الملك الآشوري شلمانصر الأول (1274-1250 ق.م) ، أدى للقضـاء التـام علـى المملكة الميتانية ، حيث ألحقت أراضيها بالـدولة الآشورية(100)، وهذا زاد من المخاوف الحيثية ، ولاسيما أن الحيثيين أصبحوا فـي حالة عـداء علني للآشوريين نتيجة للدعـم الـذي قدموه الـى المـلك الميتاني أثنـاء محاولته التصـدي للآشوريين(101) .
كما واجه الحيثيون عدة مشاكل في الداخل ، تمثل جزءاً منها بالحرب الأهلية التي حدثت بين الملك الحيثي (أورخي – تيشوب) وعمه (خاتوشيليش الثالث) ومع أن الأخير انتصر في الحرب واعتلى العرش الحيثي كما أسلفنا فإن ذلك لم يكن ليمنع مخاوفه من أن تصبح مصر ملجأ لخصومه السياسيين(102) ناهيك عن المشاكل التي كانت تثيرها بين الحين والحين بعض القبائل المتمردة في بلاد الأناضول ، وخاصة قبائل الكاسكا القاطنة في شمال البلاد(103).
أما مصر فكانت تنظر بعين الريبة والشك على ما يبدو أيضا نحو الآشوريين ويساورها القلق نفسه الذي كان يساور نظيرتها الدولة الحيثية إزاء الأطماع الآشورية في بلاد الشام(104)، فيما كان لقبائل الليبو الرعوية تأثير كبير في إقلاق حدود مصر الغربية(105).
وهكذا فإن هذه الأمور مجتمعة قادت كلا الدولتين إلـى نبذ سياسة العنف والقوة والاحتكام لمنطق العقل والحوار في حل المشاكل العالقة بينهما ، مما أدى في نهاية المطاف للتوصل لعقد معاهدة قادش الشهيرة ، تلك المعاهدة التي وضعت حداً نهائياً للصراع والتنافس بينهما والذي استمر مدة قرنين من الزمن تقريباً ، وقد كتبت بنصين ، أحدهما النص الحيثي المدون بالخط المسماري والآخر النص المصري المدون بالخط الهيروغليفي المصري(106) .
ومجمل ما ورد بالمعاهدة في كلا النصين متطابقاً تقريباً ، عدا بعض الاختلافات الشكلية وبدت معظم بنودها تجسيدا حيا وواقعيا للمشاكل التي كانت تعانيها الدولتان المتعاقدتان ، وقادتهما للتوقيع عليها ، فقد نصت المعاهدة علـى إشاعة أجواء الطمأنينة والسلام بينهما محل أجواء الحروب والمنازعات ، وشددت على أن يلتزم كل من الطرفين بعدم الاعتداء على الطرف الآخر في المستقبل ، وأن يكونا يدا واحدة ضد أي خطر خارجي يتهددهما – في إشارة ضمنية على ما يبدو للخطر الآشوري الماثل للعيان – وأن يتحدا أيضا لقمع الثورات التي قـد تواجههما في أي جزء من مملكتيهما ، مما يؤكد الرغبة الصادقة لكلا الطرفين بالحفاظ على العلاقات الودية بينهما ليس في تجنب دعم أي طرف منهما للثورات ضد الطرف الآخر فحسب، بل وفي وقوفهما سوية لقمع هذه الثورات ، كما تبدو في الاتفاقية روح تميل لتلافي كل ما يمكن أن يكدر صفو العلاقات المستقبلية بينهما ، إذ نص أحد بنودها على تعهد كل من الطرفين بإعادة الهاربين واللاجئين السياسيين الذين يفدون إليه من الطرف الآخر إلى بلادهم ، شريطة أن يحافظ كلاهما على أمن وسلامة هؤلاء الوافدين بعد عودتهم إليه ، وشدد بند أخر في هذا الخصوص على ضرورة الاعتراف المتبادل بارتقاء الملك الجديد إلى العرش بعد موت الملك السابق وزاد النص الحيثي بندا يلزم الفرعون بضرورة أن يقدم الدعم والمساعدة لوريث العرش الحيثي مستقبلاً ، إذا ما تعرض الأخير لتحد لسلطاته على بلاده ، ولضمان التقيد ببنود هذه الاتفاقية في نظر المتعاقدين، فقد اشهدوا ألف معبود ومعبودة حيثية وعدد مماثل من المعبودات المصرية ، مؤكدين أنها تنزل الخراب والدمار بالطرف الذي لا يحترم الاتفاقية ولا يطبق نصوصها ، في حين أنها ستبارك وتمد بالعمر والرفاهية للطرف الذي يتعامل بإيجابية مع بنودها(107).
والحقيقة أن المصريين والحيثيين تقيدوا ببنود هذه المعاهدة واحترموها ، إذ لا يوجد ما يشير لاحقا لتدهور العلاقات فيما بينهما ، أو تجدد تنافسهما على بلاد الشام ، أو على أي مكان آخر، لا بل أن العلاقات بينهما أصبحت على ما يرام بعد توقيع المعاهدة ،فقد تبادل الفرعون رعمسيس الثاني وزوجته (نفرتاوي) الرسائل الودية مع الملك الحيثي خاتوشيليش الثالث وزوجته (بودوخيبا)(108)، وتزوج الفرعون من اثنتين من بنات الملك الحيثي هذا ، وذلك بخطوةً يبدو أن الدافع الرئيسي ورائها تثبيت بنود المعاهدة المذكورة(109)، مما أسهم في تطور العلاقات المصرية – الحيثية واضطراد نموها وتقدمها ، إلى حد أنها لم تتأثر لاحقا طوال المدة المتبقية من عمر الدولة الحيثية ، حتى أن (رعمسيس الثاني) كان يبادر إلى نفي أية إشاعة تثار حول طبيعة العلاقـة الودية التـي تربطه بالحيثيين ،إذ رفض ادعاءات حاكم ميرا(110) المشككة بهذه العلاقة ، وكتب له يقول (( أن العلاقة الجيدة التي أقامها الملك العظيم ملك مصر مع ملك خاتي أخي بأخوة وسلام ))(111)، وقد دلل حجم النشاط التجاري المتبادل بين البلدين في عهد رعمسيس الثاني على قوة هذه العلاقات ومسار تقدمها، حيث اشار احد النصوص لاستيراد المصريين الاسلحة والخمور والفاكهة من بلاد الحيثيين ، فضلاً عــن الاغنام(112) .
وتمسك الفرعون المصري (مرنيتاح) بالتزامات بلاده إزاء الحيثيين ، فعندما شكى له الملك الحيثي تودهيلياس الرابع (1250-1225 ق.م) المجاعة التي ألمت ببلاد الحيثيين نتيجة لانقطاع الأمطار ، سـارع الفرعون لإسعافه بكميات كبيرة من الحنطة للمساعدة في مواجهة خطر المجاعة تلك(113) .
وفضلاً عن ذلك ، فقد أدى أبرام معاهده قادش إلى عودة الهدوء والاستقرار الى منطقة الشرق الادنى القديم ،فنشطت حركة التجارة وازدهرت المدن الفينيقية(114)، كما عاد الدفيء الى العلاقات المصرية الشامية ، فلم يخرج رعمسيس الثاني بعد المعاهدة في اية حملة الى بلاد الشام ، مع أنه أمضى حينها في الحكم سته وثلاثون عاماً(115) .
هذا واستمر الوضع على هذا المنوال حتى لاحت في الأفق بوادر تغيير جديدة في موازين القوى في منطقة الشرق الأدنى القديم ، بقدوم موجات جديدة من موجات المهاجرين إليها في أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، والمتمثلة هذه المرة بموجة مهاجري شعوب البحر التي نجحت أحدى قبائلها (الفريجيون) في أسقاط الدولة الحيثية حوالي سنة (1200 ق.م)(116)، فيما أندفع قسم من أولئك المهاجرين إلى حدود مصر الشرقية ، فتصدى لهم المصريون بقيادة الفرعون مرنبتاح (1236-1223 ق.م) وردوهم على أعقابهم ،غيـر أن الغزاة سرعان مـا أعادوا الكرة مرة أخرى وأخذوا ينافسون مصر على بلاد الشام ويحاولون غزو الدلتا واحتلالها، وفي تلك الأثناء حاولت موجة أخرى من موجاتهم اجتياح مصر من جهة الغرب ، فلم يتسنَ لهم تحقيق ذلك وضلت مصر محافظة على حدودها ونفوذها السياسي في بلاد الشام طوال عهد مرتبتاح حتى أواخر حكم رعمسيس الثالث (1192-1160 ق.م)(117).
إلا أن وفاة رعمسيس الثالث ومجيء فراعنة غير أكفاء واستمرار تدفق شعوب البحر على بلاد الشام، أضاع نفوذهم السياسي في تلك البلاد تماما، إلى درجة ان حاكم جبيل اعتقل رسلاً مصريين مدة سبعة عشر عاماً من دون أن يسمح لهم بالرجوع إلى بلادهم ، ورفض الاعتراف بسلطان مصر على بلاده، كما لم يزود مبعوث الفرعون رعمسيس التاسع (1142-1123 ق.م) بأخشاب الأرز التي طلبها لبناء معبد لأمون(118).
من الطبيعي أن يكون لممالك منطقة الشرق الأدنى القديم موقف ما إزاء التنافس ، ولا سيما أن أحداثه وقعت في بقعة تعد حلقة وصل رئيسية تربط هذه الممالك بعضها بالبعض الآخر وبين المملكتين الأبرز قوة في تلك المنطقة آنذاك .
ولا بد أن كلاً منهما حددت موقفها من التنافس، على أساس ظروفها ومصلحتها ومدى تأثرها وتأثيرها به، ناهيك عن نوع علاقتها بهذا الطرف أو ذاك من الأطراف المعنية بالموضوع، ومن هنا جاءت ردود أفعالها ومواقفها.
__________
(1) فخري، أحمد، مصر، ص306.
(2) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، صص259-260 .
(3) حيث كان زوج ابنته الثالثة (عنخس ـ ان ـ امون ) ، وقد اعتقد بعض الباحثين انه ابن ، او أخ لأخناتون نظراً للشبه الكبير بينهما ، ينظر :- جاردنر ، الن ، المصدر السابق ، ص262 .
(4) تمثلت بأرجاعه العاصمة إلى مدينة طيبة مرة أخرى ومن ثم السماح بأعادة عبادة أمون وأفتتاحه بنفسه أكبر أعياد أمون المعروف بعيد ( أويت ) ، تلا ذلك أصلاحه لما أتلفه صهره (أخناتون ) من أسم أمون من الأثار على طول البلاد ، ولعله أضطر لاحقاً إلى تغيير أسمه من (توت ـ عنخ ـ أتون) إلى (توت ـ عنخ ـ أمون) تحت تأثير كهنة أمون طبعاً ، ينظر:- برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، صص261-262 .
(5) إبراهيم ، نجيب ميخائيل ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص205 .
(6) فقد ثار سكان كركميش من الميتانيين واستولوا على المدينة ، مستغلين فرصة غياب حاكمها الحيثي ( تيليبينوس ) في مدينة كومماني المقدسة لحضور المراسيم الدينية ، كما أعلنت مدينتا قادش ونوخاشي مدن ثائره ، ينظر :- الأحمد ، سامي سعيد، الهاشمي ، رضا جواد ، المصدر السابق ، ص257 .
(7) Baikie , J. , OP. Cit, P.307.
(8) Smith , S., OP.Cit, P.258
(9) حول هذه النقوش ، يراجع :- إبراهيم ، نجيب ميخائيل ،المصدر السابق ، جـ1، ص205 .
(10) برستد ، جيمس هنري ، تأريخ مصر ، ص262 .
(11) نوبلكور ، كريستيان ديروش ، توت عنخ أمون ( حياة فرعون ومماته ) ترجمة أحمد رضا ، وأخرون ، القاهرة ، 1974، ص211 .
(12) Schulman , A.R., “Diplomatic Marriage in the Egyptian New kingdom”, JNES, Vol.38, 1979, P.177.
(13) نوبلكور ، كريستيان ديروش ، المصدر السابق ، ص304 ؛ جاردنر ، ألن ، المصدر السابق ، ص267 .
(14) صابر، محمد، مصر تحت ظلال الفراعنة، القاهرة، 1937، ص209.
(15) حيث كان الفرعون (أي) يشغل مكانة مرموقة في ولاية اخناتون ، فهو الاب الالهي وقائد جميع فرسان الملك وقائد المركبات الحربية وكاتب الملك الخاص ، ينظر :- جاردنر ، ألن ، المصدر السابق ، ص325 .
(16) يويوت ، جان ، المصدر السابق ، ص132 .
(17) عصفور، محمد أبو المحاسن، موجز تاريخ الشرق، ص134.
(18) روست ، أليانا جاكوب ، المصدر السابق ، ص78 .
(19) نوبلكور ، كريستيان ديروش ، المصدر السابق ، ص305 .
(20) أليزابث ، رايفشتال ، طبية في عهد أمنحوتب الثالث ، ترجمة إبراهيم رزق ، بيروت ، 1967 ، ص305 .
(21) نوبلكور ، كريستيان ديروش ،المصدر السابق ، ص305 .
(22) ساكز ، هاري ، عظمة بابل ، صص95 –96 ؛Smith ,S., OP.Cit, P.253
(23) هامرتن ، جون ، المصدر السابق ، مج2، ص26 .
(24) Gelb , J.I, OP.Cit, P.80
(25) حسن، سليم، مصر، جـ5، ص385.
(26) جرني، المصدر السابق، ص52.
(27) مورتكات ، أنطوان ، المصدر السابق ، ص183 .
(28) الأحمد ، سامي سعيد ، الهاشمي ، رضا جواد ، المصدر السابق ، ص52 .
(29) جرني، المصدر السابق، ص53.
(30) Laistner , M.L.W, OP. Cit, P.60.
(31) Lehmann , J. , OP.Cit.P. 228; Ceram, C.W., OP.Cit, P.228.
(32) حسن، سليم، مصر، جـ5، ص436.
(33) عن نشاطات (مرسيليس الثاني) الخارجية ، ينظر :- جرني ، المصدر السابق ، ص54 .
(34) Smith , S., OP.Cit, P.259.
(35) روست ، أليانا جاكوب ، حكايات وأساطير ، ص79 .
(36) يويوت ، جان ، المصدر السابق ، ص133 .
(37) حول أصلاحات الفرعون (حورمحب ) الداخلية ، ينظر :- حسن ، سليم ، مصر ، جـ5 ، ص588-592 .
(38) إبراهيم ، نجيب ميخائيل ، المصدر السابق ، جـ1، ص206
(39) بدوي، أحمد، المصدر السابق، جـ2، ص686.
(40) حسن، سليم، مصر، جـ6، ص32.
(41) جرني، المصدر السابق، ص54.
(42) دولابورت ، بلاد ما بين النهرين ، حضارة بابل وأشور ، ترجمة مارون الخوري ، بيروت ، 1971 ، ص262 .
(43) عصفور ، محمد أبوالمحاسن ، موجز تاريخ الشرق ، ص135 .
(44) وهو مؤسس الأسرة المصرية التاسعة عشرة وفق ارجح الاراء ، وكان قائداً عسكرياً قبل توليه العرش وينتسب إلى عائلة فقيرة تقطن مدينة أفاريس ، ينظر :-
Hallo, W.W., and Simpson, W. K., OP.Cit. P. 178.
(45) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، ص273 .
(46) إبراهيم ، نجيب ميخائيل ، المصدر السابق ، جـ1، ص211 .
(47) White , J.E. M., Ancient Egypt its culture and History, London, 1970, P. 176.
(48) Baikie , J. , OP.Cit, P. 310
(49) إبراهيم ، نجيب ميخائيل ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص212 .
(50) برستد ، جميس هنري ، تاريخ مصر، ص275 .
(51) عبدالعزيز ، صالح ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص229 .
(52) جاردنر ، الن ، المصدر السابق ، ص282 .
(53) فخري، أحمد، مصر، ص342.
(54) Baikie , J. , OP.Cit, P. 313.
(55) شقير ، نعوم ، المصدر السابق ، ص690 .
(56) ميدروكوفت ، أنيدلامونت ، المصدر السابق ، ص177 .
(57) فخري، أحمد، مصر، ص342.
(58) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، ص276 .
(59) المصدر نفسه، ص276.
(60) عصفور، محمد أبو المحاسن، علاقات مصر، ص95؛ Baikie, J., OP.Cit, P. 313.
(61) حول إنجازات الفرعون (سيتي الأول) في الداخل ، ينظر:- برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، صص276-283 .
(62) المصدر نفسه ، ص283 ، ميدروكوفت ،أنيدلامونت ، المصدر السابق ، ص180 .
(63) زايد، عبد الحميد، الشرق الخالد، ص501.
(64) عصفور، محمد أبو المحاسن، موجز تاريخ الشرق، ص142.
(65) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، ص283 .
(66) Baikie , J. , OP.Cit, P.314
(67) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، ص283 .
(68) المصدر نفسه، ص283؛ Smith, S., OP.Cit, P. 274
(69) زايد، عبد الحميد، الشرق الخالد، ص501.
(70) ابراهيم ، نجيب ميخائيل ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص219.
(71) الشردانيين :- من اقوام البحر المتوسط ، ويحتمل ان اسم جزيرة سردينا مشتق من اسمهم ، وقد ظهرت لفظة شردانا لأول مرة في خطابات العمارنة ، حيث نجدهم كانوا يخدمون في الحامية المصرية في بيبلوس ، مما يوحي بقيام حرب مع اقوام البحر المتوسط في عهد امنحوتب الثالث ، او قبله بقليل عندما اخذ بعض هؤلاء كأسرى واشركوا في الجيش المصري ، ينظر:- سليم ، حسن ، مصر ، جـ6 ، ص237 .
(72) Baike , J. , OP.Cit. P. 314.
(73) إبراهيم ، نجيب ميخائيل ، المصدر السابق ، جـ1 ، صص219-220 .
(74) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، صص286-289 .
(75) ماير ، والتر ، "معركه بين المصريين والحيثيين عند مدينة قادش السوريه في عام 1285 ق.م " ، الأثار السوريه ، سوريه ملتقى الشعوب والحضارات ، ترجمة نايف بللوز ، النمسا ، 1985 ، ص360 .
(76) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، ص289 .
(77) Steindorff, G., and Seele, K., OP.Cit, P.251; Breasted, J.H., OP.Cit Vol.111, P. 339.
(78) Steindorff ,G., and Seele, K., OP.Cit, P251. Goetze, A., OP. Cit, P.319
(79) سفدج ، أ .ج ، الإسكندري ، عمر ، المصدر السابق ، ص51 .
(80) Baike , J , OP.Cit. P. 320.
(81) جرني، المصدر السابق، ص56.
(82) Laistner , M.L.W., OP.Cit, P. 63.
(83) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، ص291 .
(84) للمزيد من التفاصيل عن هذه الحملة ونتائجها ، ينظر :- الأحمد ، سامي سعيد ، الرعامسة ، صص49-51 .
(85) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، ص292 .
(86) Marite , A , out Lines of Ancient Egyptian History , New York , 1892 , P.49.
(87) الأحمد ، سامي سعيد ، الرعامسة الثلاث الأوائل ، بغداد ، 1988 ، ص63 .
(88) وهو اول مالك حيثي يحمل لقباً حورياً ، ينظر :- مورتكات ، انطوان ، المصدر السابق ، ص232 .
(89) وهو الصراع الذي تفجر عند قيام الملك الحيثي (أورخي-تيشوب) بأقالة عمه عن حكم جميع المدن التي كان يتولاها في الأجزاء الغربية من الإمبراطورية الحيثية لخشيته من ازدياد نفوذه فيها واحتمال انفصالها عنه وهذا ما دفع (خاتوثيليش الثالث) لأعلان الثورة على أبن أخيه الملك والإطاحة به ، للمزيد من التفاصيل عن هذا الصراع ، ينظر:-
Mcneill, W .H, and Sidlar, J. W., The Ancient Near East, New York, London, 1968, PP.38-40.
(90) صالح ، عبدالعزيز ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص233 .
(91) الاشقر ، أسد ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص179 .
(92) زايد، عبد الحميد، الشرق الخالد، ص508.
(93) Garstang, J., Op. Cit, P 377.
(94) حسن، سليم، مصر، جـ6، ص284.
(95) دريوتون ،اتيين ، فانديبه ،جاك ، المصدر السابق ، ص475 ؛سوسه ، أحمد ، المصدر السابق ، ص217 .
(96) Robinson , C.A., OP.Cit, P.84; White, J.E.M., OP. Cit, P.178.
(97) Smith , S , OP. Cit, p250.
(98) حول نص الرسالة، ينظر:-
Muun-Rankin, J.M., Assyrian Military Power 1300-1200 B.C.,”CAH, Vol.11”, 1974, P.70.
(99) Rowlon, W., The Boundary Treaty between Ramses II, and Hattushilish III, J.C.S., Vol.XIII, 1958, P.10, N. 46.
(100) طه ، منير يوسف ، المصدر السابق ، موسوعة الموصل الحضارية ، 113 ؛
Luckenbill, D.D., Records Ancient, Vol.1, P.39 F, No.116.
(101) Smith , S. , Op. Cit, P.279.
(102) صالح ، عبدالعزيز ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص233 .
(103) الأحمد ، سامي سعيد ، الهاشمي ، رضا جواد ، المصدر السابق ، ص263 ؛ زايد ، عبد الحميد ، الشرق الخالد،ص507.
(104) رو ، جورج المصدر السابق ، ص352 ؛ صالح ، عبدالعزيز ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص233 .
(105) يويوت ، جان ، المصدر السابق ، ص139 .
(106) Sayce , A.H., The Hittites the story of a forgotten Empire, London, 1954. , P. 216. ; Mcneil, W., and Seedlar, J., OP.Cit, P. 43.
(107) للمزيد من التفاصيل عن بنود معاهدة قادش بنصيها المصري والحيثي، ينظر:- Goetze , S., OP.Cit, PP. 201 – 209; Wilson, J.H., OP.Cit, PP.199-200; Breasted, J. H., OP.Cit, Vol. 111, PP.367 – 397.
حسن ، سليم ، مصر ، جـ6 ، صص287 ـ 297 .
(108) جاردنر ، ألن ، المصدر السابق ، ص293 .
(109) Schulman , A.R., OP.Cit, P. 193.
(110) تقع مملكة ميرا في موقع قريب من الساحل الجنوبي للأناضول ، وغرب كيلكيا ، ينظر:-
Smith, S., OP.Cit, P.276.
(111) White , M.J.E., OP.Cit, P.179.
(112) حسن، سليم، مصر، جـ6، ص597.
(113) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، صص313 – 314 .
(114) باقر ، طه ، " علاقات العراق القديم وبلدان الشرق الادنى القديم " ، مجلة سومر ، م4 ، بغداد ، 1948 ، ص94 .
(115) أبراهيم ، نجيب ميخائيل ، المصدر السابق ، ج1 ، ص230 .
(116) مورتكات ، أنطوان ، المصدر السابق ، ص237 .
(117) برستد ، جيمس هنري ، تاريخ مصر ، صص314-316 .
(118) إبراهيم ، نجيب ميخائيل ، المصدر السابق ، جـ1 ، ص253 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|