هل نحن أصحاب فكر.. هل فعلا نمتلك مشروع إعلامي عراقي أو منظومة إعلامية تستطيع ان تعزز الآصرة المجتمعيّة والوطنية بين افراد الشعب .. كم سيكلف ذلك مقابل ما ندفعه اليوم .. علامات استفهام واخرى تعجب تدور في رأسِك عن الطريقة التي يُدار بها الإعلام في العراق وأنت تُشاهِد الإعلام العربي وطريقة الجذِب والتسويق الخِطاب الاعلامي أصبح أكثر شموليّة وحداثويّة من الفترات الماضية اذ تُشاهد اليوم ان وسائل الإعلام المرئيّ الحديث تقوم بالاشتغال على طوال العام في تسويق مادة تتصدر من خلالها مواقع التواصل الاجتماعي وبخارطة مدروسة والغاية من ذلك هي ليست عمليات ترويجية لمواقع التواصل - كما يصنع المراهقين من الوصوليين و اللاهثين خلف الشهرة بل هناك فِكر وتخطيط مستمر من اجل حقِن المُجتَمع عاطفياً وزجّ عقوِلهم في الطُرق المؤدية للأفكار التي يسوقون اليها . لم يكُن ذلك كل شيء بل قاموا بعمل برامج خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي على شاشاتِهم.. إلا انها تتوقف في شهر رمضان الكريم. لانهم ببساطة بلغوك جادة البرامج وستذهب لتشاهد ما يعرِضوه في الشهر الفضيل ، وهذا ما سوف أُسميه المكياج الاعلامي الذي يلبِس الجلاد ثَوّب الضحيّة ، والنتيجة انت من نطق بما يُفكرِون به . ومن ثم يأتي الشهر الفضيل وتجلس أمام التلفاز منتظراً قولهم لك ( رمضان كريم ) ، ولأنك أصبحت تدمن افكارهم أو تدمن الطرق المؤدية لأفكارهم فسوف لن تكتفي بذلك بل ستذهب لمواقع التواصل الاجتماعي وتعيد ما شاهدته وبذلك يكونوا قد عززوا أفكارهم برأسك والتي سوف تظهر مع أول نقاش عفوي مع اصدقائك في المقهى او المدرسة ، ولا تستبعد قد يكون ذلك النقاش في بيتك أيضا ، سأُعزز ما كتبته بشاهد .
في حلقة واحدة من مسلسل (سيلفي) التي تعرض على احدى القنوات العربية المعروفة استطاعت بها الدراما ان تقلب الحقائق حين اظهرت الشعب اليمني الثائر بصورة ساذجة وأنهم مغرر بهم دون الاشارة لشيء . لم يكلفهم سوى ان يجعلوا الحلقة أكثر تشويقا بعد ان كانوا يحقنون المشاهد على مدار السنة بالإثارة والتشويق من خلال المسلسلات والبرامج الى ان رسخوا اسلوب الطرح مُستغلّين رسالة الفن التي تخاطب القلوب . قد تنشغل بالتشويق ولم تلاحظ تبادل الادوار - في حلقة اخرى - حين جاء الامر للجندي السعودي بالتوجه ( للجنوب . ) وذلك من اجل ( الدفاع .) بينما وضعوا المقاومة اليمنية في طور هجوم . ثم في حلقة سابقة اظهرت الثورة البحرينية مسيّرة بأجندة خارجية، وانهم خارجين عن الطريق والدين من خلال الشغف الموجود في الحلقة حين خطفك مشهد رجل الدين الشيعي الذي ظهر بدور مهيب ومتّزن .
مثال اخير تم عرض حلقة بذات المسلسل تنبذ الطائفية والعرقية وتُعزز من اللحُّمة العربية والدينية والمذهبيّة إلا انهم في مشهد اجتماعي يستهوي المشاهد العاطفي اذ يجمع حالة زواج شاب شيعي من فتاة سنية استطاعوا ان يضعوا لك المقاومة اللبنانية على لائِحة الإرهاب بجُملة واحدة .. ، كل ذلك في مسلسل واحد ، هل فكرت في ذلك الذي يقف على نفس المسافة بينك وبين الفكر السلفي المتطرف حين يشاهد ما انت تشاهده . ماذا عن الفن الهابط التي تقدمه فضائياتنا العراقية والبرامج الخادشة للحياء .. هل ستُشاهد الأرامل والثُكالى والأيتام ذات المسلسل الذي كنا نتحدث عنه .. كم سيُكلّف إنتاج مُسلسل أو برنامج واحد فقط مقابل الأكف التي أطبقت جفون السواتر وأبت أن تُطبق جفونها لنشاهد المسلسلات بين اهلنا وابنائنا في شهر رمضان الفضيل . هل قيل لهم رمضانكم كريم .. أتمنى ان اكون قد توهمت واستهدفت رسالة الفن بسذاجة وان العرب والمسلمين هم خير أُمة أخرِجت للناس .







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN