الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
البيئة
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص597ــ605
2025-10-12
49
يشمل مصطلح البيئة المحيط الذي يعيش فيه الإنسان وكل مخلوق حي بدءاً من فضاء البيت ومروراً بالأزقة والشوارع والحدائق والمساحات الخضراء والمحطات والغابات وضفاف الأنهار والمراكز التعليمية والبحثية والثقافية والخدمية والإدارية والعبادية... إلخ. وعليه، فإنّ سلامة البيئة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحياة السليمة للمجتمع. فكما أن اعتبارات النظافة والوقاية بالنسبة للجسم تتقدّم على العلاج، فإنّ توفير الأجواء السليمة والبيئة المناسبة تتقدم أيضاً على إصلاح الأضرار الناجمة عن تدمير البيئة، وهي مهمة الجميع في أن يحافظوا على البيئة نظيفة خالية من التلوّث. المحافظة على البيئة تعني مراعاة حق الأرض والهواء والماء والتراب والبحر والصحراء والبراري والسهول والنباتات والحيوانات وسائر المخلوقات ومجالات البيئة التي ترتبط بحياة الفرد والمجتمع(1). وقد ورد في تعاليمنا الدينية نهيٌ عن تلويث البيئة وحضٌّ وأمرٌ على تنظيفها من كل تلوّث إن حدث؛ كما جاء في حديث النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والإمـام جعفر الصادق (سلام الله عليه): اكْنُسُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُود(2).
ملاحظة: يوصي الحديث الشريف بنظافة البيئة، وأن لا نتشبه باليهود، وذكر اليهود للمثال لأنهم في ذلك الزمان لم يكونوا يراعون نظافة البيئة، وفي الحقيقة، إن مقصود الحديث عدم التشبه بأي جماعة لا تحافظ على نظافة البيئة.
المحافظة على البيئة ونظافتها
قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نظيف يُحِبُّ النَّظَافَةَ... فَنَظَفُوا أَفْنِيَتَكُم(3). نستخرج من هذا الحديث الشريف عدة نقاط هي:
1. إن مبادئ البيئة ذات صبغة ملكوتية من منظار الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ومراعاة شروط الطهارة والنظافة للجسم والمنزل ومواقع البيئات العلمية والمراكز الثقافية والعبادية... وغيرها هي لأنّ الإنسان خليفة الله تعالى، ومن يتبوأ هذه المكانة عليه أن يتشبّه بسنّته وسيرته، وأن يهتم بالنظافة لأنها موضع اهتمام الله تعالى.
2. إن الرائحة الزكية والنظافة تضفي رقة وجمالاً على الروح؛ فروح الإنسان تجاور بدنه، وتبادل التأثير بينهما أمر مفهوم عند الحكيم، ومقبول من الطبيب، ففي غمرة الرائحة الزكية ونظافة البدن وطهارته تقوى الروح وتكتسب القدرة على التحليق.
3. الأمر المذكور هو من منظار علم الحديث عام ودائم وشامل وواسع؛ بحيث يجب على جميع البشر، أعمّ من النساء والرجال، والأقوياء والضعفاء، في جميع مراحل حياتهم ومن كل ناحية وصوب، يجب عليهم الإبقاء على أجسامهم ومنازلهم وأماكن عملهم نظيفة والمحافظة عليها من كل تلوّث، والمبادرة إلى تنظيفها إن تلوّثت. هذه مبادئ وحقوق وواجبات متبادلة بين جميع المواطنين تجاه بعضهم البعض، وكذلك الدولة والأمة أحدهما إزاء الآخر.
4. إن النسمات التي تهب من الجبال والأحياء النظيفة المعطرة، لا تنعش أنفاس المواطنين بالروائح الزكية فحسب؛ بل تمثل مرسال المحبة والصفاء والوفاء؛ لأنّ مثل هذه الأجواء النظيفة والعطرة محبوبة الله الجميل الذي يحب الجمال والعطر(4).
قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) عن جبل أحد: هَذَا أَحَدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ(5). وطبعاً هذا الحديث الشريف لا يختص بجبل أحد فقط، بل المقصود به أننا أحباب جميع الجبال والجبال أحبابنا، وإنّما ضرب مثلاً بأحد. وفي ظل هذه المعرفة تكتسب المحافظة على البيئة معناها، وهكذا إنسان لن يلوّث بحراً ولن يدمر صحراء ولا جبلا. وحديث النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يعني أن علينا أن نستغل المعادن والمناجم والجبال التي أنعم الله تعالى بها علينا الاستغلال الأمثل والصحيح. وكذلك الأمر بالنسبة للأشجار التي تحمل ورقـاً وثمراً للإنسان والطيور والدواب، ونفس الشيء بالنسبة للبحار والصحاري.
لو حصل هذا التناغم والانسجام، فلن تتلوّث البحار والصحاري، ومن يعتبر نفسه ((خليفة الله)) سوف يعتبر الجبل أحد أصدقائه، ولن يلوّث البيئة أبداً، لكيلا يكون تجسيداً للآية الكريمة {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} [النمل: 34] ولن يتصرف بهذا الشكل(6).
حري بالمسلمين أن ينظروا إلى البيئة كأمانة إلهية، ويهتموا بالمحافظة عليهـا ويحرصوا على عدم تلويثها، ويجعلوا ذلك فرضاً عليهم، لا يتخلون عن أدائه حتى في أوضاع الحرب. وروي عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): كَانَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةٌ بَعَثَ بِأَمِيرِهَا، فَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَأَجْلَسَ أَصْحَابَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: سِيرُوا بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله)... وَلا تَقْطَعُوا شَجَرَةً إِلَّا أَنْ تُضْطَرُّوا إِلَيْهَا(7). ونهي النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) عن قطـع الأشجار ربما لجهة تأثير ذلك على سلامة البيئة؛ ويعضد هذا الرأي قول الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): لا تَطِيبُ السُّكْنَى إِلَّا بِثَلَاثٍ: الْهْوَاءِ الطَّيِّبِ وَالْمَاءِ الْغَزِيرِ الْعَذْبِ وَالأَرْضِ الخَوَّارَة(8). الحديث عن طيب السكنى ولـيـس البقــاء عــلى قـيـد الحياة فقط، فالمبتلون بالقحط في البلدان الفقيرة أيضاً على قيد الحياة ولكن بالفقر والمرض، ولا يتمتعون بالحياة الهانئة، فهم في وضع ((لا يموت فيها ولا يحيى))(9)، فلا هم ميتون ولا هم يتمتعون بهذه الحياة؛ بينما في المجتمع الذي يعيش أفراده وضعاً بيئياً وصحياً جيداً، ويتمتعون بظروف اقتصاية ممتازة، هم وحدهم الذين ينعمون بحياة هانئة واكتفاء ذاتي(10).
آثار نظافة البيئة
نظافة فناء الإنسان لها تأثير على نظافة جسم الإنسان وسلامة روحه، بالإضافة إلى تأثيرها على زيادة رزق الإنسان؛ قال الإمام الحسن المجتبى (سلام الله عليه): تَرْكُ الزِّنَا وَكَنْسُ الْفِنَاءِ وَغَسْلُ الإِنَاءِ مَجْلَبَةٌ لِلْغَنَاءِ...(11). وروي عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) قوله: غَسْلُ الإِنَاءِ وَكَسْحُ الْفِنَاءِ مَجْلَبَةٌ لِلرِّزْق(12). وكذلك طبقاً لحديث الإمام الرضا (سلام الله عليه) في أنّ: كَنْسُ الْفِنَاءِ يَجَلِبُ الرِزْقَ(13). وفي رواية الإمام المجتبى (سلام الله عليه) يشير فيها إلى الأثر الدنيوي لنوعين من النظافة، نظافة اللباس ونظافة البيئة، وهما يتطلبان العناية والاهتمام.
الأضرار الناجمة عن تلوث البيئة
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أَنه نَهَى أَنْ يَبُولَ أَحَدٌ تَحْت شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ أَوْ عَلَى قَارِعَةِ الطريق(14)؛ لذا لا يليق بالمسلم بعد الاستفادة من الأماكن العامة، مثل الطرق والمحطات والحدائق والمساحات الخضراء، ولا سيّما في يوم الطبيعة (الذي يصادف الثاني من إبريل / نيسان أن يخلّف أكوام النفايات في تلك الأماكن، ويلوث البيئة.
إذا لم تهتم الدولة أو الشعب عن قصد بتوسيع المساحات الخضراء السليمة والترفيهية، ولم تتورع عن تلويثها وعملت على تدمير نعم الطبيعة الإلهية، أو وقفت موقف المتفرج من تلويثها، فإنّها ستبوء بغضب الله وسخطه، كما جاء في حديث النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): ثَلاثٌ مَلْعُونٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ: المُتَغَوِّطُ فِي ظِلِّ النُّزَّالِ [كالشوارع والأزقة والظلال والحدائق ومحطات استراحة المسافرين] وَالمَانِعُ الماءَ المنتابَ [أي لا يراعي نوبة الآخرين] وَالسَّادُّ الطَّرِيقَ المُسْلُوك(15).
وعن أمير المؤمنين (سلام الله عليه) أيضاً أنه قال: لا يَبْلُ عَلَى سَطْحِ فِي الْهَوَاءِ وَلَا فِي مَاءٍ جَارٍ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ(16).
تأثير المعصية على تدمير البيئة
وقائع العالم هي إلى حد ما، نتيجة أفعال البشر؛ بمعنى، لـو أطاع الإنسان ربه، وسلك طريق عبوديته، فسيفتح الله عليه أبواب الرحمة والبركة الإلهية، أما إذا حاد عن طريق العبودية، وسلك وادي الانحراف والضلال، وتلوّث بالفكر الباطل والأهداف الفاسدة، فسيظهر الفساد في المجتمع ليشمل البر والبحر، ويسوق الأمم نحو الهلاك بسبب الظلم والحروب وانعدام الأمن والشرور الأخرى؛ فكل مصيبة تصيب الإنسان هي نتيجة طبيعية لأفعاله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]. فالمصائب والكوارث المدمرة كالسيول والزلازل والصواعق هي نتائج أفعال الإنسان، كما ورد في القرآن الكريم من أن السيل العَرِم (الأعاصير الشديدة)(17)، وطوفان نوح(18)، وصاعقة ثمود(19) وصرصرِ عاد(20) من هذا القبيل من الكوارث(21).
إن تأثير الأعمال الشريرة في التسبب بالكوارث والحوادث المدمرة وخاصة في الطبيعة، هو ما ورد ذكره في آيات القرآن الكريم وروايات المعصومين (سلام الله عليه) كذلك. يقول الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه): أَمَا إِنَّهُ لَيْسَتْ سَنَةٌ أَمْطَرَ مِنْ سَنَةٍ وَلَكِنْ يَصِفُهُ [يَضَعُهُ] حَيْثُ يَشَاءُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا عَمِلَ قَوْمٌ بِالمُعَاصِي صَرَفَ عَنْهُمْ مَا كَانَ قَدَّرَ لهُمْ مِنَ المُطَرِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الْفَيَافِي وَالْبِحَارِ وَالْجِبَالِ، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُعَذِّبُ الْجُعَلَ فِي جُحْرِهَا يَحْبِسُ المَطَرَ عَنِ الْأَرْضِ لخَطَا بِحَضْرَتِهَا وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُ السَّبِيلَ وَالْمُسْلَكَ إِلَى مَحَلَّ أَهْلِ الطَّاعَةِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (سلام الله عليه): {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2] وَالْأَلْبَابِ. ثُمَّ قَالَ: وَجَدْنَا فِي كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (سلام الله عليه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله): إِذَا ظَهَرَ الزِّنَاءُ كَثُرَ مَوْتُ الْفَجْأَةِ وَإِذَا طُفِّفَ الْمِكْيَالُ أَخَذَهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ وَالنَّقْصِ وَإِذَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ مَنَعَتِ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا مِنَ الزَّرْعِ وَالثَّمَارِ وَالْمَعَادِنِ وَإِذَا جَارُوا فِي الْأَحْكَامِ تَعَاوَنُوا عَلَى الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِذَا نَقَضُوا الْعُهُودَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَإِذَا قَطَّعُوا الأَرْحَامَ جُعِلَتِ الْأَمْوَالُ فِي أَيْدِي أَشْرَارِهِمْ وَإِذَا لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْرُوفٍ وَلَمْ يَنْهَوْا عَنْ مُنْكَرٍ وَلَمْ يَتَّبِعُوا الأَخْيَارَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَشْرَارَهُمْ فَيَدْعُو أَخْيَارُهُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ هُم(22).
بالإضافة إلى تأثير الأعمال الشريرة والمعاصي في استجلاب الكوارث والحوادث، فإنّ نية المعصية أيضاً ذات تأثير سيء، فقد روي عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) قوله: إِنَّ المُؤْمِنَ لَيَنْوِي الذَّنْبَ فَيُحْرَمُ رِزْقَهُ(23).
إطفاء الحرائق
إن منع إشعال الحرائق وإطفاء النيران في الأبنية والغابات والمزارع ووسائط النقل... وغيرها، بالإضافة إلى كونها تصب في صالح أصحابها، فهي من أسباب المحافظة على البيئة ونظافتها، وقد حظيت بثواب إلهي كما تذكر الروايات الخاصة بالمحافظة على البيئة. فعلاوة على الطرق المعروفة في إطفاء الحرائق، فقد حثت الروايات على الاستعانة بالطرق الروحية والمعنوية أيضاً.
روى الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) عن أجداده العظام (سلام الله عليه) نقلا عن جده النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قوله: إِذَا رَأَيْتُمُ الحَرِيقَ فَكَبِّرُوا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُطْفِتُه(24). وفقاً لهذا الحديث الشريف، فكما أنّ دعاء المضطر مستجاب، فإنّ دعــاء الموحد وصرخته أيضاً لها تأثير؛ كما حدث للنبي إبراهيم (سلام الله عليه)؛ وعندما احترقت دار الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) بأمر من المنصور الدوانيقي، خرج (سلام الله عليه) من بين ألسنة اللهب مردّداً: أَنَا ابْنُ أَعرَاقِ الثَّرَى، أَنَا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللهِ(25) فلــم تـؤثر النار فيه.
إن مقولة الرسول الأعظم الله (صلى الله عليه وآله) (إِذَا رَأَيْتُمُ الْحَرِيقَ فَكَبِّرُوا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُطْفِئُه) لا تقتصر على النار المادية الظاهرية فحسب، وإنما تصدق على الحرب المشتعلة في أعماق الإنسان أيضاً، فعندما يدرك الإنسان في أعماق نفسه كبرياء الحق تعالى ويعترف بذلته فإنّه بذلك يطفئ نار الشهوة والشيطنة؛ إذن فنداء «الله أكبر» الذي ينطق به الموحد الكامل، ويخرج من فم طاهر لم يدنسه الشرك يطفئ النار، سواء كانت نيران الظاهر أو الباطن. والفم المدنّس بالشرك لا يكبر؛ بينما يتحوّل تكبير الموحدين إلى مجلى الفعل الإلهي {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} [المائدة: 64] وهذا هو سر الانتصار الذي يتحقق بفعل تكبير المجاهدين المسلمين في ميادين الجهاد.
إذن، فالمراد من حديث النبي الأكرم (سلام الله عليه): إِذَا رَأَيْتُمُ الْحَرِيقَ فَكَبِّرُوا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُطْفِئُه ليس مجرد النطق، بل أن تنطق شفتاك بتكبير الحق، ويتجلى في قلبك كبرياء الحق فيفيض به ويمتلئ وجودك بعظمة الله تعالى؛ حينئذ أطلق التكبير من أعماق روحك لتطفئ بهذه الصرخة نيران الباطن، أعني الشهوة والغضب، ونيران العدو الظاهري، وهذا نهج علّمنا إياه أسوة التوحيد الحبيب المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)(26).
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: مَنْ رَدَّ عَنْ قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَادِيَةَ... نَارٍ وَجَبَتْ لَهُ الجنة(27).
____________________________
(1) اسلام ومحیط زیست، ص38.
(2) الكافي، ج 6، ص 531.
(3) الجامع الصغير، ج 1، ص 267.
(4) سروش هدایت، ج 1، ص 35 - 38.
(5) إعلام الورى بأعلام الهدى، ج 1، ص 247؛ بحار الأنوار، ج 21، ص248.
(6) انظر: اسلام ومحیط زیست، ص 73 - 75.
(7) المحاسن، ص 355؛ انظر: الكافي، ج 5، ص 30.
(8) تحف العقول، ص 320.
(9) نقلاً عن الآية 74 من سورة طه والآية 13 من سورة الأعلى.
(10) اسلام ومحیط زیست، ص 87.
(11) بحار الأنوار، ج 73، ص318.
(12) كتاب الخصال، ص 54.
(13) المحاسن، ص 624.
(14) الفقيه، ج 4، ص 4.
(15) الكافي، ج 2، ص 292.
(16) تحف العقول، ص 102.
(17) {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سبأ: 16].
(18) {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: 14].
(19) {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [فصلت: 17].
(20) {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} [الحاقة: 6]. صَرصَر، هي الريح الشديدة العاتية المصحوبة بالبرد القارص والحرارة اللاهبة، التي لا تأتي على شيء إلا ودمرته (تسنيم، ج 15، ص 417).
(21) اسلام ومحیط زیست، ص 204.
(22) ثواب الأعمال، ص 252؛ انظر: الكافي، ج 2، ص 374. جملة «وَإِذَا جَارُوا فِي الْأَحْكَـامِ تَعَاوَنُوا عَلَى الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ» نقلا عن نسخة الكافي.
(23) ثواب الأعمال، ص 241.
(24) كشف الغمة، ج 2، ص 164؛ بحار الأنوار، ج92، ص139.
(25) الكافي، ج 1، ص 473.
(26) التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، ج 9 ((سيره الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في القرآن))، ص 359 - 360.
(27) الكافي، ج 5، ص 55.
الاكثر قراءة في البيئة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
