الشاي، هذا المشروب الذي يتسم بنكهاته المتعددة وفوائده الصحية، يعكس في كيميائيته أسراراً وعجائب تلك العلوم التي تفسر كل شيء من حولنا. يعتبر الشاي، سواء الأخضر أو الأسود أو الأبيض، من المشروبات التي تحمل مكونات متعددة تتفاعل وتتلاقى على مستوى الكيمياء لتمنحنا لحظات من الاسترخاء والتمتع بنكهته الفريدة.
يعد الشاي من أشهر وأقدم المشروبات في العالم قبل خمسة آلاف سنة استعمل الصينيون نبتة الشاي التي تسمى علميا: الكاميليا الصينية (Camellia sinensis) ومع اكتشاف مذاقها وفوائدها الصحية بادروا إلى الاهتمام بزراعتها وتسويقها وتبعتهم البلدان المجاورة في شرق وجنوب آسيا، إلى أن أصبح الشاي يزرع حاليا في أكثر من 50 بلدا حول العالم ويستهلك في جميع أنحاء المعمورة. ومن هذه النبتة الخضراء شبه الاستوائية يتم إنتاج أنواع مختلفة من الشاي ومنها: الأخضر، الأسود والأبيض.. وهذا الاختلاف يعود بالأساس إلى طريقة معالجة أوراق النبتة بعد قطفها.
تاريخ الشاي :
ذكرت الموسوعة العربية العالمية أنّ الشاي لم يُعرف عند العرب في عصر الجاهلية ولا في صدر الإسلام ولا في العصر الأموي ولا العباسي. ولم ينتشر ويصبح معروفاً في العالم إلا في القرن السابع عشر وما بعده .
في القرن العاشر ورد ذكر الشاي لدى الجغرافي الأُزبكي الخوارزمي “البيروني” بالفارسيّة، “بأنّ الصينيّين كانوا يشربون شراباً ذهبيّاً يسمّى شراب التشاي (چاي)”.
أمّا العرب فقد عرفوا شُرب الشاي فعليّاً منذ القرن 19، وهي نفس فترة انتشاره في سوريا والأناضول وتركيا من بعد ترخيص استيراده من قبل الحكومة العثمانيّة، وقد دخل العثمانية أوّلاً من العراق عن طريق الشركات الإنگليزية العاملة في إيران، إذ كان الشاي قد انتشر في إيران قبل دخول العثمانية، ما نشر التسمية الفارسية للمشروب في اللّغة العربية، چاي.
في العراق حيث دخل الشاي مع الشركات البريطانية من البصرة، اختُلقت تسمية “استِكان”، اشتقاقاً عن العبارة الإنگليزية (إيست تي كان) East Tea Can، ومعناها علبة شاي شرقي، وهكذا يُطلق العراقيون اليوم تسميّة “إستِكان چاي” على فنجان الشاي.
وفي مصر، دخل الشاي مع الضباط البريطان عام 1882، ولكنّه استمرّ بدايةً مشروباً نخبويّاً مقصوراً على العائلات الأرستقراطية والملكيّة، وكانوا يسمّونه وقتها “الخرّوب”، ثمّ عمّ شرب الشاي بمساعٍ من حملات التسويق الإنگليزية.
خلال القرن ١٨ بدأت الشركات الروسيّة بتصدير الشاي الفرغاني من وسط آسيا نحو أوربا، ولفترة طويلة من الزمن، فاشتهر آنذاك الشاي الأسود باسم “الشاي الروسي”، إذ كانت القوافل الروسية تنقله من تركستان إلى أورپا الشرقية.
فوائد الشاي:
بالنسبة لفوائد الشاي فقد أثبتت الدراسات أن منافعه غذائية وصحية ومن بعض الفوائد :
(1) يساعد على تقوية مناعة الجسم.
(2) يبطئ الشاي الأسود والأخضر من نشاط أنزيمات مسببة لمرض الزهايمر. ينشط الشاي الذاكرة.
(3) تقليل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية حيث تعد السكتة الدماغية ثاني سبب للوفاة على مستوى العالم، ولقد اتضح أن شرب الشاي يقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 21%.
(4) يزيد اليقظة و يُساعد الشاي على تخفيف التوتر والقلق.
(5) الشاي الأخضر، وهو إكسير الجمال الطبيعي، من منافعه الجميلة أنه يحارب الشيخوخة، يساعد على الحفاظ على بشرة شابة إذا شرب مرة كل يوم.
(6) تُساعد مضادات الأكسدة الموجودة في الشاي على حماية البشرة من الشيخوخة والتجاعيد.
اضرار الشاي :
على الرغم من شعبيته الواسعة حول العالم وفوائده الصحية المتعددة، قد يؤدي الإفراط في تناول الشاي إلى ظهور بعض الأضرار الصحية التي يجب الانتباه إليها. ومع ذلك، يمكن أن يكون للإفراط في تناوله تأثيرات سلبية منها :
1. اضطراب النوم.
2. خفقان القلب.
3. تأثيرات على امتصاص الحديد.
4. صداع من الكافيين.
5. اختلال في ضغط الدم.
6. التأثير على العظام.
7. يزيد من احتمال حدوث إجهاض أثناء الحمل بسبب الكافيين.
التركيب الكيميائي للشاي :
الشاي هو مشروب يتكون أساساً من أوراق نبات الشاي (الشاي الأخضر، الأسود، أو الأبيض)، والتي تحتوي على مجموعة متنوعة من المركبات الكيميائية التي تساهم في نكهته وفوائده الصحية. إليك التركيب الكيميائي الأساسي للشاي:
1. الكافيين: يعتبر الكافيين مركباً رئيسياً في الشاي، ويعتبر من القلويات. يساهم الكافيين في تحفيز الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى زيادة اليقظة وتحسين التركيز.
2. البوليفينولات: تشمل البوليفينولات مجموعة واسعة من المركبات النباتية التي تتضمن الفلافونويدات والكاتيكينات. هذه المركبات لها خصائص مضادة للأكسدة تساعد في حماية الخلايا من الضرر الناتج عن التأكسد.
3. الفلافونويدات: تعتبر جزءاً من البوليفينولات، وتشمل مجموعة واسعة من المركبات مثل الكويرسيتين والميرسيتين والريكاناتين.
4. الكاتيكينات: تعتبر فئة من الفلافونويدات، وهي مضادة للأكسدة قوية تعزز الصحة العامة.
5. اللافونويدات: مركبات أخرى مهمة موجودة في الشاي تسهم في الصحة العامة وتحسين الوظائف الجسدية.
6. الأحماض الأمينية: تشمل أحماض الأمينية مثل اللايسين والثيانينين، التي تساهم في النكهة وتؤثر على تأثير الشاي على الجسم.
7. الفيتامينات والمعادن: يحتوي الشاي على بعض الفيتامينات مثل فيتامين C، وكذلك المعادن مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم.
تتفاعل هذه المركبات الكيميائية مع بعضها البعض ومع الماء الساخن أثناء عملية تحضير الشاي، مما يؤدي إلى تشكيل النكهة والعطر الفريد لكل نوع من أنواع الشاي.
وفي الختام، تذكر عزيزي القارئ أن الشاي من المشروبات الرائعة التي يمكنك الاستمتاع بمذاقها وفوائدها أيضاً في آن واحد؛ إذ يتميز بكونه مشروباً منخفض السعرات الحرارية، ويحتوي على نسبة قليلة من الكافيين مقارنة بالقهوة، كما أنه يحتوي على العديد من مضادات الأكسدة التي تفيد صحتك بشكل عام.







د.فاضل حسن شريف
منذ 9 ساعات
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN