لقد كرم الله - سبحانه وتعالى- النحل في كتابه الكريم وبلغ هذ التكريم منتهاه حين خص الله سبحانه وتعالى - سورة في القرآن الكريم عرفت باسم" سورة النحل"،
وفي شأن العسل قال تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ {النحل:69 } .
من خلال تلك الآية وجميع الآيات القرآنية التي ذكره فيها العسل ، يعد كنموذج للتفكر في عظمة خلق الله ودقة نظامه. النحل الذي يعمل بتوجيه من الله ليجمع الرحيق وينتج العسل، يمثل مثلاً على الإبداع الإلهي في خلق الكائنات الصغيرة التي تؤدي وظائف حيوية عظيمة.
و العسل هو سائل لزج حلو المذاق استخدمه البشر منذ العصور القديمة؛ أي قبل عام تقريباً، ويتراوح لونه بين الأصفر إلى البني الغامق، ويُعد منتجاً طبيعياً يُصنع من خلال نحل العسل؛ الذي يدعى اسمه العلمي بـ A. mellifera، حيث أنه يستخلص من رحيق الأزهار، ويخلط مع انزيمات النحل لتكوين هذا المزيج قبل تخزينه في خلايا قرص العسل لإبقائه طازجاً، وللعسل حوال 320 نوعاً تختلف في لونها، ورائحتها، ونكهتها بناءً على أنواع الزهور التي يُستخلص منها الرحيق، وتجدر الإشارة إلى أن العسل الخام لا يتعرض للتسخين او المعالجة، وبالمقابل فإن العسل المبستر يُسخن لمنع حدوث تبلور ،له او اختمار الخميرة أثناء تخزينه .
التركيب الكيميائي للعسل:
• السكريات: تشكل السكريات الجزء الأكبر من تركيب العسل، وتتمثل بشكل رئيسي في الجلوكوز والفركتوز. هذه السكريات سريعة الامتصاص في الجسم، مما يجعلها مصدراً فورياً للطاقة.
• الماء: يحتوي العسل على نسبة معينة من الماء، والتي تختلف باختلاف نوع العسل وظروف الإنتاج. كلما قلت نسبة الماء، زادت مدة صلاحية العسل وقدرته على التبلور.
• الإنزيمات: تلعب الإنزيمات دورًا حاسمًا في تحويل الرحيق إلى عسل، وهي مسؤولة عن العديد من الخصائص الكيميائية والبيولوجية للعسل. من أهم هذه الإنزيمات إنزيم الانفيرتيز الذي يحول السكروز إلى جلوكوز وفركتوز.
• الأحماض: يحتوي العسل على أحماض عضوية، مثل حمض الجلوكونيك وحمض الفورميك، وهذه الأحماض تعطي العسل طعمه الحامض قليلاً وتساهم في خصائصه المضادة للميكروبات.
• المعادن والفيتامينات: على الرغم من أن كميات المعادن والفيتامينات في العسل قليلة، إلا أنها تلعب دورًا هامًا في قيمته الغذائية. من أهم هذه المعادن البوتاسيوم والكالسيوم والحديد، ومن الفيتامينات فيتامينات ب المركب.
• المركبات الفينولية: هذه المركبات هي عبارة عن مضادات أكسدة قوية تحمي الخلايا من التلف، وتساهم في خصائص العسل المضادة للالتهابات.
• البروتينات والأحماض الأمينية: يحتوي العسل على كميات صغيرة من البروتينات والأحماض الأمينية، والتي تساهم في قيمته الغذائية.
تحويل الرحيق الى عسل :
يعد الرحيق سائلاً حلواً سكرياً تصل نسبة الماء فيه إلى نحو 70%، بينما لا يتجاوز نسبة الماء في العسل 20% ويتخلص النحل من الماء الزائد الموجود في الرحيق عن طريق بلعه واجتراره عدة مرات، بالإضافة إلى تهوية الخلايا المليئة بالعسل في قرص العسل باستخدام الأجنحة في محاولة لتسريع عملية التبخر، وذلك للحصول على العسل بالكثافة المطلوبة، وعند تبخر معظم المياه من قرص العسل، فإن النحلة تغلق القرص عن طريق إفراز سائل من بطنها، والذي يتصلب في النهاية ليكون شمع العسل، وفي حال بقاء العسل على هذه الحال بعيداً عن الماء والهواء فإنه يمكن تخزينه إلى أجل غير مسمى مما يوفر مصدر غذاء مثالي للنحل في أشهر الشتاء الباردة، وتعتمد نكهة ولون العسل المنتج على الأزهار التي تجمع النحل الرحيق منها، فعلى سبيل المثال يمتلك العسل المستخرج من زهرة البرتقال رائحة ونكهة برتقال خفيفة .
كمية العسل المنتج من النحل:
تنتج النحلة العاملة الواحدة حوالي 12/1 ملعقة صغيرة من العسل فقط خلال فترة حياتها التي لا تتجاوز بضعة أسابيع، إلا أن آلاف النحل العامل في الخلية الواحدة يمكنه من خلال عمله التعاوني انتاج أكثر من 91 كغم تقريباً للملكة في العام الواحد، ويستطيع مربي النحل خلال هذه الفترة حصاد 14-27 كغم من العسل الإضافي دون التأثير على قدرة مملكة النحل على البقاء على قيد الحياة في فصل الشتاء، ويجدر بالذكر أن انتاج 450غم من العسل يحتاج عمل 300 نحلة عاملة لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً .
الفوائد الصحية للعسل :
• مضاد للبكتيريا والفطريات: يحتوي العسل على العديد من المركبات التي تقتل البكتيريا والفطريات، مما يجعله فعالاً في علاج الجروح والحروق والتهابات الحلق.
• مضاد للأكسدة: يعمل العسل كمضاد قوي للأكسدة، يحمي الخلايا من التلف الناتج عن الجذور الحرة، ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب.
• مضاد للالتهابات: يساعد العسل في تقليل الالتهابات في الجسم، مما يجعله مفيدًا لعلاج العديد من الأمراض المزمنة.
• مصدر للطاقة: يعتبر العسل مصدراً سريعاً للطاقة، مما يجعله مثاليًا للأشخاص الذين يمارسون الرياضة أو يحتاجون إلى طاقة فورية.
• مفيد لصحة الجهاز الهضمي: يساعد العسل في علاج مشاكل الجهاز الهضمي مثل الإمساك والتهابات المعدة.
• يساعد على النوم: يحتوي العسل على مادة الميلاتونين التي تساعد على تنظيم النوم.
• يعزز صحة البشرة: يستخدم العسل في العديد من منتجات العناية بالبشرة، وذلك لخصائصه المرطبة والمضادة للبكتيريا.
استخدامات العسل :
العسل له العديد من الاستخدامات التي تمتد عبر مجالات مختلفة ومن هذة الاستخدامات :
• العناية بالجروح: يسرع العسل عملية التئام الجروح والحروق، ويقلل من خطر العدوى.
• علاج السعال: يعتبر العسل من العلاجات الطبيعية الفعالة للسعال، خاصةً عند الأطفال.
• تخفيف آلام الحلق: يساعد العسل في تخفيف التهاب الحلق وتهدئة السعال.
• تحسين صحة الجهاز الهضمي: يساهم العسل في علاج مشاكل الجهاز الهضمي مثل الإمساك والتهابات المعدة.
• العناية بالبشرة والشعر: يدخل العسل في تركيب العديد من منتجات العناية بالبشرة والشعر، وذلك لخصائصه المرطبة والمغذية.
في الختام العسل ليس مجرد غذاء، بل هو آية من آيات الله، تتجلى فيها قدرة الله على خلق أشياء بسيطة ذات فوائد عظيمة. يذكر القرآن الكريم العسل ليُظهر للناس قيمة ما خلق الله وليدعوهم للتفكر في نعمه وفضله.







د.فاضل حسن شريف
منذ 9 ساعات
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN