القرآن الكريم كتاب هداية ورحمة، وهو جامعٌ بين الهداية الروحيّة والمعرفة العلميّة وقد أشار القرآن في العديد من آياته إلى مفاهيم علميّة دقيقة، منها ما يتعلّق بعلم الكيمياء الذي يُعنَى بدراسة المادة وتفاعلاتها.
هذه الإشارات العلميّة في القرآن الكريم تُظهِرُ توافقًا ملفتًا مع الاكتشافات العلمية الحديثة، ممّا يُعَدُّ دليلًا على إعجاز القرآن وصدقه ومن بين هذه الإشارات، نجد العديد من الآيات التي تتناول موضوعات كيميائية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. حيث تتسم العلاقة بين العلوم الطبيعية والنصوص الدينية بالعمق والتأثير، وتفتح آفاقًا واسعة للفهم عندما يتم استكشافها بتدبر وعمق.
هذا المقال يستعرض بعضًا من هذه الإشارات الكيميائية وكيفيّة توافقها مع العلم الحديث.
تحليل مفهوم "شذرات":
من الضروري أوّلاً تحليل كلمة "شذرات" في سياق المعرفة. تشير هذه الكلمة في اللغة العربية إلى أجزاء صغيرة أو قطع متفرّقة من شيء ما، وغالبًا ما تحمل معنى القيمة والندرة. عند استعراض السياقات المختلفة التي وردت فيها كلمة "شذرات" في المواد البحثيّة المتوفّرة، يمكن ملاحظة هذا المعنى المتكرّر. ففي أحد المصادر، ترتبط الشذرات بـ"بدائع العربيّة"، ممّا يوحي بأنّها تمثّل جوانب رائعة ومميّزة من اللغة. وفي سياق آخر، توصف بأنّها "نفيسة وفريدة" كـ"الذهب"، ممّا يعزّز فكرة القيمة والتميّز. حتّى في الاستعمال الحديث، كما في سياق "شذرات من المعرفة" لمطوّري البرمجيّات.
يتّضح من تحليل هذه السياقات أنّ كلمة "شذرات" تدلّ على أجزاء صغيرة ولكنّها ذات قيمة ومعنى عميق.
وبالتالي، فإنّ عناوين المقالات المشابهة يجب أن تعكس هذا المفهوم، حيث تقدّم للقارئ لمحات موجزة ولكنّها تحمل دلالات وأهميّة في الربط بين علم الكيمياء والقرآن الكريم.
استكشاف العناصر والمفاهيم الكيميائية في القرآن الكريم:
يحتوي القرآن الكريم على العديد من الإشارات المباشرة وغير المباشرة، إلى عناصر ومفاهيم يمكن ربطها بعلم الكيمياء الحديث.
وعند فحص المواد البحثيّة تبرز عدّة أمثلة لهذه الإشارات، منها:
1.الحديد: عنصر نزل من السماء، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25].
تشير الدراسات العلمية إلى أنّ الحديد الموجود على سطح الأرض قد أتى من الفضاء عبر النيازك، حيث يحتوي بعضها على نسبة عالية من الحديد تصل إلى 91.
وهذا يتوافق مع تعبير "أنزلنا الحديد" في الآية الكريمة.
2. الخلق من طين أصل كيميائي للإنسان
{خَلَقَ الإنسان مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرحمن : 14].
الطين غني بعناصر مثل الكربون، الهيدروجين، الأوكسجين، الكالسيوم، الحديد، البوتاسيوم، والصوديوم وهي نفس العناصر الأساسية في تكوين جسم الإنسان.
3. الماء: أساس الحياة.
قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30] الماء (H₂O) هو المذيب الأساسي في التفاعلات الحيوية داخل الكائنات الحية. فقد ورد ذكر الماء في سياق كونه أساس الحياة، وهو مفهوم جوهريّ في الكيمياء الحيوية. تشير الدراسات إلى أنّ جميع الكائنات الحية تعتمد على الماء في عملياتها البيولوجيّة.
4. النحاس (Cu): معدن ذو خصائص فريدة.
قال تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: 35].
يتميّز النحاس بقدرته على توصيل الحرارة والكهرباء. ويستعمل في صناعة الأسلاك الكهربائيّة والمعدّات الصناعيّة وغيرها.
5. الذهب (Au) والفضة (Ag):
قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ...} [آل عمران: 14].
الذهب والفضّة هما من المعادن النبيلة التي لا تتفاعل بسهولة مع العناصر الأخرى، ممّا يجعلهما مثاليّين لصناعة المجوهرات والعملات ولهما استعمالات في مجالات أخرى.
6. الذرّة: أصغر وحدة للمادة
قال تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61].
تشير هذه الآية إلى علم الذرّة، حيث تُعتبَر الذرّة أصغر وحدة للمادة. وقد أثبت العلم الحديث أنّ الذرة تتكوّن من نواة تحتوي على بروتونات ونيوترونات، وتدور حولها إلكترونات.
7. الميزان والتوازن الكيميائيّ:
قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7].
تشير هذه الآية إلى مفهوم الميزان، الذي يُعَدُّ أساسًا في التفاعلات الكيميائيّة، حيث يجب أن تكون المعادلات الكيميائيّة متوازنة من حيث عدد الذرّات والكتل. هذا التوازن ضروريّ لضمان صحّة التفاعلات الكيميائيّة ونتائجها.
8. الماء المالح والعذب: البرزخ الكيميائيّ
قال تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 19، 20].
تشير هذه الآية إلى ظاهرة البرزخ بين الماء المالح والعذب، حيث يلتقيان دون أن يختلطا بسهولة. وقد اكتشف العلماء أنّ هذا يعود إلى اختلاف الكثافة والملوحة ودرجة الحرارة بين الماءين، ممّا يمنع اختلاطهما السريع، وهو ما يُعرَف بالانتشار الغشائيّ أو الأسموزيّ.
9. الجبال كالأوتاد: استقرار الأرض
قال تعالى: {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} [النبأ: 7].
تشير هذه الآية إلى دور الجبال في تثبيت الأرض، حيث تعمل كأوتاد تُثبِّتُ القشرة الأرضّية وتمنعها من الاهتزاز. وقد أثبتت الدراسات الجيولوجيّة أنّ الجبال تمتد بجذورها عميقًا في باطن الأرض، ممّا يساعد على استقرارها.
10. تكوين السحب وهطول المطر
قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} [الروم: 48].
تشير هذه الآية إلى دور الرياح في تكوين السحب، حيث تحمل بخار الماء الذي يتكثّف ليشكّل السحب، ومن ثمّ يهطل المطر، وهذا يتوافق مع المفاهيم الحديثة في علم الأرصاد الجوية.
وفي الختام، يبقى القرآن الكريم مصدرًا لا ينضب للعلم والهداية، ومرجعًا ثابتًا لكلّ من يبحث عن الحقيقة والمعرفة. إنّه دعوة للإنسانيّة جمعاء للتأمّل والتفكّر في آيات الله الكونيّة، والاعتراف بعظمة الخالق وقدرته، والعمل على الاستفادة من هذه المعرفة في خدمة الإنسانيّة وتحقيق التقدّم والازدهار.







د.فاضل حسن شريف
منذ 9 ساعات
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN