في المآكل المتفرقة
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج1/ ص225-230
2025-05-18
441
يستحب أكل البيض وحده[1] ومع اللحم[2] ، ومع البصل[3]. والاكثار منه فإنه يكثر النسل[4]. وورد ان صفاره خفيف ، وبياضه ثقيل[5].
واكل الخل وحده ، فانّه يكسر المرة ، ويطفئ الصفراء ، ويحيي القلب وينيره[6]. ومع الزيت فإنه طعام الأنبياء[7]. ولا يفتقر أهل بيت عندهم الخل[8].
وخل الخمر يشد اللّثة والفم ، ويقتل دود البطن ، ويشدّ العقل[9].
ويستحب أكل العسل ، فإنه يزيد في الحفظ ، ويذهب بالبلغم ، وانه شفاء كل داء[10].
ويستحب اكل السكّر والتداوي به[11] ، واكله عند النوم[12] ، واختيار السليماني منه ، والطبرزد والأبيض للاكل والتداوي به[13]. وقد ورد ان الطبرزد يأكل البلغم اكلا[14] ، وان من ملك ألف درهم ولم يملك غيرها ، وصرف جميعها في شراء السكّر لم يكن مسرفا[15].
ويكره اكل الجوز في شدة الحرّ ، فإنه يهيج الحرّ في الجوف ، ويهيج القروح على الجسد ، واكله في الشتاء مستحب ، لأنه يسخّن الكليتين ، ويدفع البرد[16]. وورد انه يورث الهزل في البدن[17] ، وحمله على ما إذا أكل في الحر لا داعي له .
ويستحب أكل التلبينية ، فقد ورد انه لو اغنى شيء من الموت لأغنت التلبينية[18] ، وهو الحسو باللبن ، فالحسو طبيخ يتخذ من دقيق وماء ودهن وقد يضاف اليه الحلو [ ى ] ، والحسو باللبن ان يجعل بدل الماء اللبن فهو التلبينية .
ويستحب اكل المثلثة ، وهي ان يؤخذ من كل من الأرز والحمص والباقلاء أو غيره من الحبوب ثلث ، ثم يرض الجميع ويطبخ[19].
ومن جملة ما يؤتدم به المربّى ، وهو ان يجعل الخبز اليابس في الخابية ، ويصب عليه الماء والملح ويترك حتى يصير مربى ، وقد شكى يوسف عليه السّلام في السجن من اكل الخبز وحده ، فأمر بتهيئة ذلك[20].
ويستحب اكل هريسة الجاورس ، وهو قسم صغير من الدخن ، فإنه طعام ليس فيه ثقل ولا غائلة ، وهو باللبن أنفع والين في المعدة[21] ، وسويق الجاورس بماء الكمون يمسك المعدة[22].
ويجوز جعل المسك والعنبر ونحوهما من الطيب في الطعام[23].
ويستحب اكل الحلواء[24] والفالوذج[25] وكذا الثريد ، فان فيه بركة ، وقد استباركه النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لامّته[26].
ولا بأس بأكل السكباج ، وهو طعام يصنع من خل وزعفران ولحم[27] .
ويستحب اكل الحبة السوداء ، فإنها شفاء من كل داء إلّا السام[28].
وكان الصادق عليه السّلام يحب النار باج وهو مرق الرمان ، معرب[29].
ولا بأس بتهيئة الأطعمة الجيدة واكلها واطعامها ، بل لا يبعد استحبابها ، لصدور ذلك من أهل البيت عليهم السّلام مرارا عديدة[30] ، وقول بعض من حضر في نفسه : لتسألن عن هذا النعيم ، وقولهم عليهم السّلام - جوابا عمّا في ضمير البعض - : ان اللّه أكرم وأجلّ من أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه ، وان المراد في الآية بالنعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة ، ما أنعم اللّه به على العباد من ولاية آل محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم[31].
نعم يأتي هنا ما مرّ في فصل اللباس من أن المستفاد من مجموع الاخبار ان من كان مرجعا للعباد ، ومحطّ نظر الفقراء من رؤساء الدين ، تكليفه الزهد حتى يتسلّى به الفقراء[32]. نعم ورد استحباب التواضع للّه تعالى بترك اكل الطيّبات حتى ترك نخل الطحين[33]: بل يكره الافراط في التنعم والمواظبة على أكل الطيبات حتى تصير عادة[34] ، كما لا يبعد كراهة المواظبة الدائمة على ترك أكل الطيب تزهدا ، سيما إذا أدى إلى الاشتهار بذلك ، لما ورد من انّ الشهرة خيرها وشرّها في النّار[35].
[1] الكافي : 6 / 324 باب بيض الدجاج حديث 1 .
[2] الكافي : 6 / 324 باب بيض الدجاج حديث 3 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : شكى نبيّ من الأنبياء عليهم السّلام إلى اللّه عزّ وجلّ قلّة النسل فقال : كل اللحم بالبيض .
[3] الكافي : 6 / 324 باب بيض الدجاج حديث 2 ، بسنده عن عمر بن أبي حسنة الجمال قال : شكوت إلى أبي الحسن عليه السلام قلة الولد ، فقال لي : استغفر اللّه ، وكل البيض بالبصل .
[4] الكافي : 6 / 325 باب بيض الدجاج حديث 4 .
[5] الكافي : 6 / 325 باب بيض الدجاج حديث 5 .
[6] الكافي : 6 / 329 باب الخل حديث 7 ، بسنده قال أمير المؤمنين عليه السّلام : نعم الادام الخلّ ، يكسر المرّة ، ويطفئ الصفراء ، ويحيى القلب .
[7] المحاسن : 483 باب 96 الخل والزيت حديث 520 .
[8] الكافي : 6 / 329 باب الخلّ حديث 1 و 3 ، وفيهما : ما افتقر بيت فيه خلّ . اي لم يخل من الادام .
[9] الكافي : 6 / 330 باب الخل حديث 8 و 9 .
[10] مستدرك وسائل الشيعة : 3 / 109 باب 37 حديث 4 ، فقه الرضا عليه السّلام : قال العالم عليه السّلام : في العسل شفاء من كل داء ، ومن لعق لعقة عسل على الريق يقطع البلغم ، ويكسر الصفراء ، ويقطع المرّة السوداء ، ويصفوا الذهن ، ويجوّد الحفظ .
[11] الكافي : 6 / 334 باب السكر حديث 9 ، بسنده قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لأبي : يا بشير ! بايّ شيء تداوون مرضاكم ؟ فقال : بهذه الأدوية المرار ، فقال له : لا ، إذا مرض أحدكم فخذ السكّر الأبيض فدقّة وصبّ عليه الماء البارد ، واسقه ايّاه فان الذي جعل الشفاء في المرارة قادر ان يجعله في الحلاوة .
[12] الكافي : 6 / 332 باب السكّر حديث 1 ، بسنده عن موسى بن بكر قال : كان أبو الحسن الأول عليه السّلام كثيرا ما يأكل السكر عند النوم .
[13] أقول : السكر السليماني ما يقال له في زماننا : نبات ، والسكر الطبرزرد : اصفى من الأبيض ، والأبيض هو النبات الذي بولغ في تصفيته ، بان طبخ جيّدا ببياض البيض ، واخذ زبده ودرده ، وصبّ مصفّاه في قالب مخروطي ، وخرج من رأس القالب ما لم ينعقد منه ، فما بقي منه يسمى السكر الأبيض ، وان طبخ ثانيا وصفّى قيل له الطبرزرد ، ونوع منه يقال له : شكر بنير . ويحتمل ان يكون المراد بالسكر الأبيض في الرواية ما يقابل السكّر الأحمر ، وهو ما يعصر من نوع من قصب السكر ، وعصارته حمراء أو صفراء .
[14] الكافي : 6 / 333 باب السكر حديث 4 .
[15] الكافي : 6 / 334 باب السكر حديث 8 .
[16] الكافي : 6 / 340 باب الجبن والجوز حديث 1 .
[17] المحاسن : 450 باب 48 نوادر في الطعام 63 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : ثلاث لا يؤكلن ويسمّن ، وثلاث يؤكل ويهزلن : فأمّا اللّواتي يؤكلن ويهزلن فالطّلع والكسب والجوز . . الحديث .
[18] المحاسن : 405 باب 10 المثلثة والأحساء حديث 109 .
[19] المحاسن : 404 باب 10 المثلثة والأحساء حديث 107 .
[20] الكافي : 6 / 330 باب المري حديث 1 .
[21] الكافي : 6 / 344 باب الجاورس حديث 1 .
[22] الكافي : 6 / 345 باب الجاورس حديث 2 .
[23] البحار : 10 / 280 طبع الآخوندي عن كتاب علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال : سألته عن المسك والعنبر وغيره من الطيب يجعل في الطعام ؟ قال : لا بأس .
[24] الكافي : 6 / 321 باب الحلوا حديث 1 .
[25] الكافي : 6 / 321 باب الحلوا حديث 4 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : كنّا بالمدينة فأرسل الينا اصنعوا لنا فالوذج واقلّوا ، فأرسلنا اليه في قصعة صغيرة .
[26] الكافي : 6 / 317 باب الثريد حديث 3 ، بسنده عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : اللهم بارك لامّتي في الثرد والثريد . قال جعفر : الثرد ما صغر ، والثريد ما كبر .
[27] وسائل الشيعة : 17 / 47 باب 29 أحاديث الباب .
[28] الخصال : 2 / 637 حديث الأربعمائة ، آخر الحديث .
[29] المحاسن : 401 باب 7 الألوان حديث 91 .
[30] المحاسن : 400 باب 6 لا سرف في الطعام حديث 83 ، بسنده عن أبي حمزة قال : كنّا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا حتى تملينا واتينا بتمر ينظر فيه إلى وجوهنا من صفائه وحسنه ، فقال رجل : لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ عن النعيم الذي نعمتم عند ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : اللّه أكرم واجلّ من أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه ، ثم يسألكم عنه ، ولكنّه أنعم عليكم بمحمد وآل محمد صلّى اللّه عليه وعليهم أجمعين .
[31] عيون أخبار الرضا عليه السّلام : 170 ، بسنده عن إبراهيم بن العباس الصولي ، عن الرضا عليه السّلام انّه قال : ليس في الدّنيا نعيم حقيقي ، فقيل له : فقول اللّه تعالى لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ما هذا النعيم في الدنيا ؟ هو الماء البارد ؟ فقال الرضا عليه السّلام - وعلا صوته - : وكذا فسّرتموه أنتم ، وجعلتموه على ضروب : فقالت طائفة هو الماء البارد ، وقال غيرهم : هو الطعام الطيّب ، وقال آخرون : هو النوم الطيّب ، ولقد حدثني أبي ، عن أبيه الصادق عليه السّلام لما ذكرت أقوالكم [ خ . ل : ان أقوالكم ذكرت ] عنده في قول اللّه عزّ وجلّ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فغضب ، وقال : انّ اللّه لا يسأل عباده عمّا تفضّل به عليهم ولا يمنّ بذلك عليهم ، والامتنان بالانعام مستقبح من المخلوقين [ خ . ل : عن المخلوقين ] فكيف يضاف إلى الخالق ما لا يرضى به المخلوق [ خ . ل : المخلوقون به ] ؟ ! ، ولكن النعيم حبّنا أهل البيت وموالاتنا لينال اللّه عباده بعد التوحيد والنبوّة ، ولان العبد إذا وفا [ خ . ل : وافاه ] بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول .
[32] أقول : ممّا لا يخفى على المتضلّع في التشريعات الاسلاميّة ان لمن يتسنم دست الخلافة وزعامة المسلمين وظائف خاصّة حين تسنّمه الحكم ، ومنها ان يطبق الزعيم حياته المعيشيّة بحياة أضعف المسلمين ويواسيهم في جشوبة العيش ومشاكل الحياة ، كما يتضح ذلك من كلمات أمير المؤمنين عليه صلوات اللّه وسلامه وسيرته الشريفة في أيام تصدّيه للخلافة وقبلها ، وهذه المواساة مختصة بمن يتسنم دست الخلافة ، أمّا من زويت عنه فليس له ذلك ، كما يكشف عنه سيرة أئمة الهدى المعصومين عليهم صلوات اللّه وسلامه ، فتفطّن
[33] المحاسن : 410 باب 15 حديث 136 ، وصفحه 409 باب 15 حديث 133 .
[34] المحاسن : 409 باب 15 حديث 134 .
[35] الكافي : 6 / 445 حديث 3 .
الاكثر قراءة في آداب الطعام والشراب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة