في آداب الوليمة والضيافة والضيف
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج1/ ص231-236
2025-05-18
506
يستحب الوليمة وإجابة الدعوة في العرس ، والعقيقة ، والختان ، والاياب من الحج أو الزيارة ، وشراء الدار ، والفراغ من البناء[1]. وقد ورد ان اطعام الطعام من الايمان[2] ، وانه محبوب للّه تعالى[3] ، وانه من المنجيات ، ومن أفضل الأعمال[4] ، وانه يوجب المغفرة من اللّه سبحانه وسرعة الرزق اليه[5]. وورد انّ من الحقوق الواجبة إجابة دعوة المسلم ولو على خمسة أميال ، دون الكافر والمنافق بل والفاسق فان اجابتهم منهي عنها[6]. ويكره إجابة الدعوة في خفض الجواري[7].
ويستحب إذا قدم المؤمن على أخيه عرض الطعام عليه ، فإن لم يأكل فالشراب ، فإن لم يشرب فالوضوء[8]. ويستحب اطعام المؤمن[9] ، ولا يجوز اطعام الكافر إذا أدى إلى اعانته على النصب ، أو إلى الموادّة معه ، وقد ورد ان من اشبع كافرا كان حقا على اللّه أن يملأ جوفه من الزقوم ، مؤمنا كان المشبع أو كافرا[10]، وان من أشبع عدوا لأهل البيت عليهم السّلام فقد قتل وليا لهم[11].
ويستحب ان لا يحتشم المؤمن من أخيه ، ولا يتكلف له ، وان يتحفه ، ويقبل تحفته[12].
ويستحب الضيافة ، حتى ورد ان من سمع صوت الضيف فسّره ذلك ، غفر له ذنوبه وان ملأت ما بين السماء والأرض[13] وانه لا تدخل الملائكة دارا لا يدخلها الضيف[14]. ويكره كراهة شديدة استقلال صاحب المنزل ما يقدمه إلى الضيف واحتقاره إيّاه[15] ، واستقلال الضيف له واحتقاره[16]. بل أفتى الشيخ الحر ( قدس سره ) بحرمته[17] وهو وجيه ان رجع الاحتقار إلى الاستخفاف بالنعمة ، ومن دعي إلى طعام له يجز له ان يستتبع ولده واتباعه إلا مع العلم بالرضا[18].
ويستحب لأهل البلد ضيافة من يرد عليهم من اخوانهم في الدين ، حتى يرحل عنهم[19].
ويستحب التلطّف به ليلتين فإذا كانت الليلة الثالثة فهو من أهل البيت يأكل ما وجد[20].
ويكره استخدام الضيف لأنه من الجفاء ، وكذا تمكينه من أن يخدم[21].
ويستحبّ إعانة الضيف على النزول واكرامه وتوقيره ، وترك اعانته على الارتحال ، واجادة زاده فإنه من السخاء[22].
ويستحب للضيف ان لا يكلف صاحب المنزل شيئا ليس فيه ، وان يمنعه من الاتيان بشيء من الخارج[23] ، وان لا ينزل عند من لا يتمكّن من شيء ينفقه عليه[24]. ويستحبّ لصاحب المنزل إذا دعا أخاه ان يتكلّف له ، وان لا يدخّر عنه شيئا ممّا في بيته من المأكولات[25].
ويستحب اقراء الضيف ، وهو حبّه والاحسان اليه ، وقد ورد انه لا يقري الضيف إلّا مؤمن تقيّ[26].
ويستحب للضيف اجادة الأكل في منزل المؤمن ، والانبساط فيه والاكثار منه ولو بعد الامتلاء ، ما لم يصل إلى حدّ الكراهة ، وان لا يقصّر ولا يحتشم[27].
وقد ورد انه : يعرف حبّ الرجل أخاه بكثرة الاكل عنده[28].
ويستحب تقدير الطعام بقدر سعة المال وقلّته ، واجادة الطعام واكثاره مع الامكان[29]. ويستحب اتخاذ الطعام ودعاء الناس اليه[30]. ويكره القصر على دعاء الأغنياء[31]. وقد ورد انّ اشباع مؤمن [ يعدل ] عتق نسمة[32] ، وانّ اشباع مؤمنين خير من عتق نسمة[33] ، وانّ اطعام ثلاثة نفر من المسلمين أحبّ من [ عتق ] سبع نسمات[34] ، وانّ من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه اللّه من ثلاث جنان في ملكوت السماوات : الفردوس ، وجنّة عدن ، وطوبى[35]. وانّ من أطعم مؤمنا جائعا أطعمه اللّه من ثمار الجنة ، ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه اللّه من الرحيق المختوم[36]. وان من أطعم مؤمنا موسرا كان له بعدل رقبة من ولد إسماعيل ينقذه من الذبح ، ومن أطعم مؤمنا محتاجا كان له بعدل مائة رقبة من ولد إسماعيل ينقذها من الذبح[37]. وعن مولانا الصادق عليه السّلام أنه قال : لان أطعم رجلا من المسلمين أحب اليّ من أن أطعم أفقا من الناس ، قيل له : وما الأفق ؟ فقال :
مائة الف أو يزيدون[38]. وورد ان الضيف إذا نزل جاء برزقه معه من السماء ، وإذا دخل دخل بمغفرة المضيف ومغفرة عياله ، وإذا خرج خرج بذنوبه وذنوب عياله[39].
ويستحب لصاحب الطعام الابتداء بالأكل والاشتغال به بعد الجميع - كما مرّ مع كيفيّة غسل اليد في المقام الأول - .
وليجتنب من الإطعام رياء وسمعة ، لما ورد من انّ من أطعم طعاما رياء وسمعة أطعمه اللّه مثله من صديد جهنم ، وجعل ذلك الطعام نارا في بطنه حتى يقضي بين الناس[40]. وورد ان من حق الضيف تهيئة الخلال له[41].
[1] الخصال : 1 / 313 حديث 92 وفيه : لا وليمة الّا في خمس ، بسنده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم انّه قال في وصيّته له : يا عليّ ! لا وليمة الّا في خمس : في عرس ، أو خرس ، أو عذار ، أو وكار ، أو ركاز . والعرس : التزويج ، والخرس : النفاس بالولد ، والعذار : الختان، والوكار : في شراء الدار ، والركاز : الذي يقدم من مكّة .
[2] الكافي : 4 / 50 باب فضل اطعام الطعام حديث 2 ، بسنده قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : من الايمان حسن الخلق ، واطعام الطعام .
[3] الكافي : 4 / 51 باب فضل اطعام الطعام حديث 6 .
[4] الكافي : 4 / 51 باب فضل الطعام حديث 50 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال المنجيات : اطعام الطعام ، وافشاء السّلام ، والصلاة بالليل والنّاس نيام . وانظر : المحاسن : 387 باب 1 الاطعام حديث 5 ، بسنده عن أبي المنكدر ، قال : اخذ رجل بلجام دابّة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال : يا رسول اللّه ! ايّ الاعمال أفضل ؟ فقال : اطعام الطعام ، واطياب الكلام . وانظر أحاديث الباب .
[5] المحاسن: 390 حديث 27 .
[6] المحاسن: 411 باب 17 إجابة الدعوة حديث 42 ، والكافي : 6 / 274 حديث 1.
[7] الكافي : 6 / 275 باب إجابة دعوة المسلم حديث 6 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : أجب في الوليمة والختان ولا تجب في خفض الجواري .
[8] الكافي : 6 / 275 باب العرض حديث 2 ، بسند رفعوه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : إذا دخل عليك أخوك فاعرض عليه الطعام ، فإن لم يأكل فاعرض عليه الماء ، فإن لم يشرب فاعرض عليه الوضوء .
[9] أصول الكافي : 2 / 201 باب اطعام المؤمن حديث 5 ، بسنده عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال : من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه اللّه من ثمار الجنّة ، ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه اللّه من الرحيق المختوم .
[10] أصول الكافي : 2 / 200 باب اطعام المؤمن حديث 1 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : من اشبع مؤمنا وجبت له الجنّة ، ومن اشبع كافرا كان حقّا على اللّه ان يملأ جوفه من الزقّوم ، مؤمنا كان أو كافرا .
[11] معاني الأخبار : 365 باب معنى الناصب حديث 1 ، بسنده عن المعلّى بن خنيس ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه يقول : ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ، لأنّك لا تجد أحدا يقول : انا أبغض محمدا وآل محمد ، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم انّكم تتولّونا ، أو تتبرّؤون من أعدائنا ، وقال : من اشبع عدوّا لنا فقد قتل وليّا لنا .
[12] الكافي : 6 / 275 باب انس الرجل في منزل أخيه حديث 1 .
[13] مستدرك وسائل الشيعة : 3 / 89 باب 33 حديث 4 .
[14] مستدرك وسائل الشيعة : 3 / 89 باب 33 حديث 7 .
[15] المحاسن : 414 باب 2 انس الرجل في منزل أخيه حديث 166 .
[16] المحاسن : 415 باب 2 انس الرجل في منزل أخيه حديث 167 .
[17] حيث عنون في الوسائل : 16 / 431 باب عدم جواز استقلال صاحب المنزل ما يقدّمه للضيف واحتقاره واستقلال الضيف له واحتقاره . وهذا العنوان ظاهره الحكم بالحرمة .
[18] المحاسن : 411 باب 17 إجابة الدعوة حديث 147 .
[19] الكافي : 6 / 282 باب ان الرجل إذا دخل بلدة فهو ضيف على من بها من اخوانه حديث 2 ، بسنده قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من أهل دينه حتى يرحل عنهم .
[20] الكافي : 6 / 283 باب ان الضيافة ثلاثة أيام حديث 1 ، بسنده قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : الضيف يلطف ليلتين ، فإذا كانت الثالثة فهو من أهل البيت يأكل ما أدرك .
[21] الكافي : 6 / 283 باب كراهيّة استخدام الضيف حديث 1 و 2 .
[22] الكافي : 6 / 284 باب كراهيّة استخدام الضيف حديث 3 .
[23] الكافي : 6 / 276 باب انس الرجل في منزل أخيه حديث 4 و 6 .
[24] الكافي : 6 / 283 باب ان الضيافة ثلاثة أيام حديث 2 .
[25] الكافي : 6 / 276 باب انس الرجل في منزل أخيه حديث 6 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : إذا اتاك أخوك فأته بما عندك ، وإذا دعوته فتكلّف له .
[26] قرب الإسناد : 36 وفيه : ثم قال [ اي جعفر بن محمد عليه السّلام ] : لقد كان يجب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم اقراء الضيف ، ولا يقري الضيف الّا مؤمن تقي .
[27] الكافي : 6 / 278 حديث 2 ، وفيه : عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : اكلنا مع أبي عبد اللّه عليه السّلام فأوتينا بقصعة من ارز فجعلنا نعذر ، فقال عليه السّلام : ما صنعتم شيئا انّ أشدكم حبّا لنا أحسنكم اكلا عندنا ، قال عبد الرحمن : فرفعت كسحة المائدة فأكلت ، فقال : نعم الان . وأنشأ يحدثنا ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أهدي اليه قصعة ارز من ناحية الأنصار ، فدعا سلمان وابا ذر رضي اللّه عنهم فجعلوا يأكلون اكلا جيّدا ، ثم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : رحمهم اللّه ورضى اللّه عنهم وصلى عليهم .
[28] المحاسن : 412 باب 19 جودة الاكل في منزل أخيك حديث 155 .
[29] الكافي : 6 / 279 باب اخر في التقدير وان الطعام لا حساب له حديث 1 ، بسنده : كان أبو عبد اللّه عليه السّلام ربّما أطعمنا الفراني والأخبصة ، ثم يطعم الخبز والزّيت ، فقيل له : لو دبّرت امرك حتى تعتدل ، فقال : انّما نتدبّر بأمر اللّه عزّ وجلّ فإذا وسّع علينا وسّعنا ، وإذا قتر قتّرنا . أقول : الفراني : هو اللبن مع السكر . والأخبصة : الحلوى .
[30] المحاسن : 410 باب 16 الاحتشاد حديث 137 ، بسنده عن شهاب بن عبد ربّه قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام : اعمل طعاما وتنوق فيه وادع عليه أصحابك. أقول : التنوق : الإجادة ، وتنوق في أموره اجادها .
[31] الكافي : 6 / 282 باب الولائم حديث 4 ، بسنده عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن طعام وليمة يخصّ بها الأغنياء ، ويترك الفقراء .
[32] المحاسن : 391 باب 1 الاطعام حديث 33 .
[33] أصول الكافي : 2 / 201 باب اطعام المؤمن حديث 4 ، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : ما من رجل يدخل بيته مؤمنين فيطعمهما شبعهما الّا كان أفضل من عتق نسمة .
[34] المحاسن : 395 باب 1 الاطعام حديث 57 .
[35] أصول الكافي : 2 / 200 باب اطعام المؤمن حديث 3 .
[36] أصول الكافي : 2 / 201 باب اطعام المؤمن حديث 5 .
[37] أصول الكافي : 2 / 203 باب اطعام المؤمن حديث 19 .
[38] أصول الكافي : 2 / 202 باب اطعام المؤمن حديث 10 .
[39] أصول الكافي : 2 / 201 باب اطعام المؤمن حديث 8 ، بسنده عن حسين بن نعيم الصحاف قال : قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : أتحبّ اخوانك يا حسين ؟ قلت : نعم ، قال : تنفع فقراءهم ؟ قلت : نعم ، قال : أمّا انّه يحق عليك ان تحبّ من يحب اللّه ، اما واللّه لا تنفع منهم أحدا حتى تحبّه ، أتدعوهم إلى منزلك ؟ قلت : نعم ، ما آكل الّا ومعي رجلان والثلاثة والأقل والأكثر ، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : أمّا ان فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم ، فقلت : جعلت فداك أطعمهم طعامي واوطئهم رحلي ويكون فضلهم عليّ أعظم ؟ ! قال : نعم ، انّهم إذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك ، وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك .
[40] عقاب الأعمال : 238 باب يجمع عقوبات الاعمال .
[41] المحاسن : 564 باب 124 الخلال حديث 964 ، بسنده قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم : انّ من حقّ الضيف ان يعدّ له الخلال .
الاكثر قراءة في آداب الطعام والشراب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة