مـدخـل النـظرة المستنـدة الـى المعـرفـة Knowledge Based View
المؤلف:
أ . د . علاء فرحان طالب م . م زينب مكي محمود البناء
المصدر:
استراتيجية المحيط الازرق والميزة التنافسية المستدامة
الجزء والصفحة:
ص201 - 205
2025-11-23
33
ثانياً: مدخل النظرة المستندة الى المعرفة Knowledge Based View
في عهد التقدم السريع الذي تميزه التطورات التقنية تنامى التنافس والطلب للحصول على المعرفة، وان المنظمات باتت تبحث بصورة مستمرة عن الطرائق المناسبة لتحقيق ميزة تنافسية مستدامة، وقد ظهرت إدارة المعرفة بوصفها الظاهرة الأحدث التي تتعهد بالتوجه نحو الميزة التنافسية المستدامة.
فضلاً عن إن هذا العهد قد جذب انتباه الأكاديميين و الممارسين بهذا الصدد مستخدمين مدخلين مختلفين، ولكنهما متصلين بإدارة المعرفة فالصنف الأكاديمي قام بتوجيه طاقاته مستخدماً المناقشة والتعريف والتصنيف فيما يتعلق بالمعرفة وإدارتها، أما الصنف الممارس فقد اهتم بتطبيق المعرفة التي يديرونها أو رفع مستوى المعرفة لتطوير المكانة التنافسية للأعمال، ولكي يحدث إدراك متزايد للاستثمار في إدارة المعرفة فعلى الأكاديميين والممارسين أن يتأكدوا من أن المعرفة تحقق الميزة التنافسية المستدامة.
إن إدارة المعرفة ترتبط بأبعاد ومجالات ورؤى مختلفة من بينها كثافة المعلومات، وثقافة المنظمة، والتنظيم الذي يعتمد عليها، وسرعة التغيير والتوجه المستمر نحو التشابك والتعاضد. هذه الأبعاد والأوجه والمجالات المتنوعة والمتعددة جعلت إدارة المعرفة ابعد ما تكون عن الارتباط بتقنية محددة أو نهج محدد مهما تعاظم دورها وتأثيرها في مجالات الأنشطة والأعمال التنظيمية والإنسانية على حدٍ سواء، الآن المعرفة تستند إلى المكون العضوي المستند إلى المعلومات المتراكمة والمتولدة، الأمر الذي قاد إلى التبلور الواضح لأهمية ودور الموارد البشرية التي تمتلك المعلومات في دعم وتفعيل أنشطة المنظمات وأصبحت إدارة المعرفة المحدد لأنشطة المنظمة وفي قدرتها على التعامل مع الموارد المادية والطبيعية الأخرى لها مما قاد إلى أن تكون العنصر الحاسم لاستمرار وجود منظمات الأعمال.
في حين يبين (2000,Newman) بان إدارة المعرفة تعني ابتكار الطرائق والأساليب لإنشاء وتكوين معرفة المنظمة وتحديدها واكتسابها وتوزيعها على الأفراد والباحثين عنها، ويشير إليها (2000,Rastoji) على إنها العملية النظامية الكاملة التي تعمل على تنسيق نشاطات المنظمة في ضوء اكتسابها للمعرفة وابتكارها وخزنها والمشاركة بها وتطويرها من قبل الأفراد والجماعات الراغبة في تحقيق الأهداف التنظيمية الأساسية، ويرى (2000 , Hay) إن عملية إدارة المعرفة أساساً تشتمل على توليد المعرفة واستحصالها ونشرها ويضيف قائلاً بان عمليات المعرفة تعمل على إسناد ودعم العمليات المنظمية الأخرى من خلال توفير المعرفة المطلوبة لاداء العمل. ويعرفها (2000,Montana) على إنها فرع من المعرفة يركز على الأساليب والطرائق الإبداعية النظامية والممارسات وأساليب إدارة وابتكار المعرفة واكتسابها وتبادلها وحمايتها وتوزيعها وبالتالي العمل على استخدام وتطبيق المعرفة وراس المال الفكري والموجودات غير الملموسة.
في حين يشير إليها (2001,Turban,etal) بأنها عملية تجميع وتوليد المعرفة بكفاءة والعمل على إدارة قاعدة المعرفة وتسهيل استخدامها والمشاركة فيها من اجل تطبيقها بفاعلية في المنظمة وعرفها (2002,Wiig) بإن إدارة المعرفة هي عملية ابتكار وبناء وتجميع وتنظيم وتحويل ونقل وتطبيق وحماية المعرفة والتي يجب أن تكون إدارة دقيقة وواضحة وعلى جميع المساحات والمناطق المؤثرة.
وعرفها (الكيالي، 2004) بأنها عملية إدارة الخبرات العلمية والمعلوماتية للمنظمة والحفاظ عليها والاستفادة منها في الحصول على مزايا تنافسية وتحقيق رضا الزبون من خلال رفع مستوى كفاءة الأداء وزيادة مستوى الابتكار والإبداع بالإضافة إلى رفع كفاءة عملية اتخاذ القرار، ويرى (الروسان، 2004) إن إدارة المعرفة عملية منظمة تضم مجموعة من الأدوات والأساليب وتمر بمراحل متعددة ومتسلسلة تبدأ بتحديد الحاجة إلى المعرفة وإيجاد المصادر المناسبة للحصول على المعلومات والمعرفة التي تخدم كافة النشاطات والعمليات التنظيمية المتعددة وتساعد في أداء المهام والأعمال التنظيمية لكافة الأفراد العاملين كل حسب وظيفته وتخصصه، وفي تعريف آخر لـ (الكيالي ، 2004) يرى بأنها العمليات التي تساعد المنظمات على توليد المعرفة واختيارها وتنظيمها واستخدامها ونشرها وأخيراً تحويل المعلومات الهامة والخبرات التي تمتلكها المنظمة التي تعتبر ضرورية إلى الأنشطة الإدارية المختلفة.
وتكون الميزة التنافسية المستندة للمعرفة عادة مستدامة لكونها قيمة ونادرة وغير قابلة للتقليد او المناقلة او الاحلال (2005,katsoulakos). وتعد هذه النظرة تحولاً استراتيجياً في مداخل تحليل الميزة التنافسية المستدامة، وهذا التحول المفاهيمي عكس تراجع الموارد والمقدرات الملموسة امام الموارد والقدرات غير الملموسة لكي تحقق منظمات الاعمال التنافسية والاستدامة يتوجب عليها رفع مقدراتها المعرفية ذات الصلة بخلق وتكوين المعرفة الاستراتيجية الجديدة التي تمكنها من التموضع الاستراتيجي.
فقد أشار( 2000 ,goal ) إلى إدارة المعرفة بوصفها عمليات الأعمال المدعومة بإستراتيجية المنظمة التنافسية، وان مخرجاتها هي الانسيابية المستمرة لعمليات الأعمال الجوهرية للمنظمة، وتوطيد وتعميق مقدراتها وقابلياتها الجوهرية غير القابلة للمحاكاة والتقليد، فضلاً عن تمكنها من تحقيق أداء متفوق وتوليد القيمة بطريقة مستمرة لزبائنها، هي التي تشكل أساس تنافسها الدائم عبر الزمن وتحت ظروف متغيرة.
أن إدارة المعرفة تساعد في تحقيق الميزة التنافسية المستدامة للمنظمات من خلال جمع الأفكار والحلول الجديدة، وإمكانية نقل هذه الأفكار إلى خدمات عاملة منتجة وحلول فعالة من تأكيد أن المعلومات موجودة ومشتركة بين جميع العاملين في المنظمة.
كما أن من العوامل التي قادت المنظمات إلى تبني استراتيجيات أعمال غير تقليدية قادرة على الاستجابة للاضطراب البيئي المستمر هو معلومات الأعمال، وان المنظمة تستطيع إتباع استراتيجيات متميزة لإضافة القيمة لأعمالها وتحقيق الميزة التنافسية المستدامة من خلال التركيز على عوامل منها التركيز على القيمة العالية للزبون، وتعظيم الربحية من خلال تقليل الكلف وتطوير المقدرات الجوهرية التي تمتلكها المنظمة، وزيادة حصتها السوقية.
فاغلب المنظمات الناجحة تؤكد أن أهم موجوداتها هم الأشخاص الذين يعملون فيها والمعلومات التي يمتلكونها، إذ ينبغي عليها أن تتعامل مع هذه الموجودات الحاسمة بطريقة تحسن استثمارها، وان إدارة هذه المعرفة مصممة لخلق بيئة تستطيع من خلالها المنظمات رفع كل موجوداتها المعرفية. وينبغي على تلك المنظمات أن تجيب عن تساؤلين مهمين يطرحان نفسيهما هنا الأول، ما هي موجوداتها المعرفية؟ والثاني، كيف تستطيع إدارة هذه الموجودات؟ ترى الدراسة انه لا توجد إجابة واحدة عن هذين السؤالين، لكون الحلول تعتمد على عدة عوامل مثل نوع المنظمة، ثقافتها، احتياجاتها وغيرها من العوامل، ومع ذلك فان الإدارة الفاعلة هي التي تركز على الحلول التي تحوي النظام الكلي مثل؛ المنظمة، الأشخاص ،أنظمة الاتصال ، والتقنيات الحديثة، بحيث تستعمل بشكل جيد لحيازة ونقل وتوزيع المعرفة المهيكلة بشكل عالٍ والقابلة للتغير بسرعة.
إن العامل الأساسي الذي يرتبط بتحقيق ميزة تنافسية مستدامة هو قابلية المنظمة على إدارة مجموعة القدرات والموارد لبناء ميزة تنافسية، مع استغلال القدرات الداخلية والخارجية المحددة بالمنظمة لمواجهة البيئات المتغيرة. أن نظام إدارة المعرفة مع موارد المنظمة الأخرى والمقدرات الجوهرية الأخرى عامل أساسي لتطوير وإدامة المزايا التنافسية، من خلال إبداع المنتج والعملية والخدمة. فنظم إدارة المعرفة في المنظمة تؤدي دوراً رئيساً في تحويل قابليات التعلم والمقدرات الجوهرية إلى مزايا تنافسية مستدامة من خلال تمكين وإحياء التعلم التنظيمي وعمليات تطوير الموارد.
فمن خلال نظام إدارة المعرفة يتم تطوير الميزة التنافسية المستدامة بالاعتماد على أنواع عديدة من الأنشطة التنظيمية والإبداعية المستندة إلى التعلم ومن هذه الأنشطة ( ( Lamont & Adam , 2003
1. القابلية الاستيعابية، أي قابلية المنظمة على إدراك قيمة المعلومات الخارجية الجديدة، واستيعاب وتطبيق المعلومات الداخلية الموجودة، وهذا النشاط مهم في إحياء الميزة التنافسية الموجودة وخلق مقدرات جوهرية جديدة ومزايا تنافسية جديدة في المستقبل.
2. القابلية التحويلية، وتشير إلى قابلية المنظمة على جمع واستيعاب وتركيب وإعادة نشر المعرفة والتقنية وهذه العملية داخلية تساعد في تمديد المزايا التنافسية الموجودة وخلق منتجات وخدمات وعمليات جديدة وأكثر كفاءة وفاعلية.
3. توفير وخزن ونشر المعلومات الداخلية للاستفادة من موارد المنظمة بصورة كفوءة وفاعلة.
4. خلق ومعالجة وتوزيع البيانات إلى معلومات ومعرفة لتقييمها من اجل اتخاذ القرار الستراتيجي.
5. فحص البيئة الخارجية للتعرف على نشاطات المنافسين وفرص التعلم الستراتيجية المحتملة.
الاكثر قراءة في تحليل البيئة و الرقابة و القياس
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة