المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حق الشعوب في مراجعة الدساتير وصورية اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي  
  
3269   11:54 صباحاً   التاريخ: 27-9-2018
المؤلف : نفيسة بختي
الكتاب أو المصدر : التعديل الدستوري في الدولة العربية بين العوائق والحلول
الجزء والصفحة : ص78-95
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

نعلم أن الدساتير القائمة لا تحكم مسار الأجيال القادمة، و عليه جاءت الأنظمة الدستورية تحمل في طياتها فكرة التعديل الدستوري في فترات زمنية متلاحقة، تحكمها إرادة الشعب أو الحاكم في التغيير كلما راوا ضرورة إلى ذلك. وفي هذا ما أوضحته المادة 28من إعلان الحقوق في الدستور الفرنسي لسنة 1793 تتضمن هذه الفكرة بالقول: "الشعب لديه الحق دائما في إعادة النظر وتعديل الدستور، إن أي جيل لا يستطيع أن يخضع أجيال المستقبل لقوانينه". هذه المسألة تترك الحق لهؤلاء الأفراد في وضع القاعدة الدستورية التي تحكمهم، والتي يختارها لتنظيم شؤونهم السياسية، ومثال ذلك فإن الثورة الفرنسية جاءت شعبية إلا أن "نابوليون" حول فرنسا إلى امبراطورية بدلا من أن تكون جمهورية (1) . وبالتالي فإن حق الشعب في مراجعة الدستور يدل على ديمقراطية التعديل الدستوري (2)لأن مسألة الوثيقة التأسيسية هي عبارة عن مجموعة من الأحكام والأعراف، والأنظمة السياسية المختارة لكيفية سير وتنظيم كيان سياسي معين حديث النشأة أو بصدد التكوين بعد ثورة شعبية أو انقلاب، أو أنه نتيجة توافق آراء بين أفراد المجتمع للنظام القائم (3) وبالتالي لا تستمر الوثيقة الدستورية إلى الأبد المستقبلي، دون أن تكون محل تحول أو تجديد في الاتجاه الذي تحدده إ رادة الشعوب. هذه الفكرة التي تخضع لها جميع الأنظمة السياسية، وجميع الوثائق الأساسية التي نشأت عنها مهما كانت نسبة شرعيتها التي هي مصدر قوتها ومعيار بقاءها محل التنفيذ، فالقواعد الدستورية هي ليست إلا انعكاس لواقع اقتصادي واجتماعي معين، كما أنها تعكس في نفس الوقت علاقات القوى داخل المجتمع. فالتوافق السياسي قبل .باستقلال المغرب وبقاء الملكية كنظام للحكم، والتوافق السياسي وعلاقة القوى داخل مصر بعد الثورة سنة 1952 ، رفض بقاء ملكية الملك فاروق (4) . هذا كله لا يلزم الأجيال المستقبلية في شيء، فهي وحدها من تقرر ومن حقها أن تحدد كيف تحكم نفسها بنفسها، والتطور وحده من يكفل بضرورة ذلك. ومن خلال تبرير مرجعية التعديل الدستوري، يتضح أن المؤسس الدستوري يجب أن يراعي التغيرات والتحولات التي تحدث في المجتمع، بفتح إمكانية إحداث تعديلات دستورية تتماشى مع تطلعات الشعب، ومنح هذا الأخير إمكانية اختيار القواعد التي تحكمه عن طريق استعمال آلية الاستفتاء الشعبي، كآلية ديمقراطية يمكن من خلالها اشتراك الإرادة الشعبية والإستجابة لها على أساس أن الشعب صاحب السيادة، يقرر من خلالها موافقته أو رفضه للأحكام الدستورية المقترحة للتعديل دون مناقشة أو تغيير. وتعتبر الإرادة الشعبية هي الحاكمة في كل الديمقراطيات الحديثة في العالم، حيث تنص دساتير الدول المختلفة على أن كلمة الشعب هي الأصل والمرجع الأساسي في جميع شؤون الحكم (5). فنجد الشعب في هذه الدول هو الذي يختار السلطات الحاكمة بدء من الهيئات المحلية وصولا إلى أعلى الهيئات، مرورا باختيار ممثليه داخل البرلمان الذين ينوبون عنه في تشريع القوانين وغيرها. إضافة إلى ذلك يشارك الشعب في كثير من الأحيان بطريقة مباشرة في سن الدستور و تعديله، كما أن الاستفتاء يعتبر وسيلة و مرحلة أساسية لتعديل الدستور . ، من خلال التعرض إلى إجراءات التعديل الدستوري، فقد عرجنا على مرحلة الاستفتاء الدستوري التي تعد أهم مرحلة، لكن ما يثير الإنتباه في هذه المرحلة الخطيرة والحساسة، هو أهمية اشتراك الشعب في هذه العملية أي التعديل الدستوري، ونحن بصدد تفصيل هذا الجزء من الدراسة، وتوضيح فكرة التعديل الدستوري وضعف الإرادة الشعبية، ارتأينا الوقوف عند هذه المرحلة بالذات، فهل فعلا تعرض التعديلات الدستورية على الاستفتاء الشعبي؟، إلى أي مدى يعتبر الاستفتاء الدستوري آلية لدمقرطة التعديل الدستوري؟، هل فعلا انه إجراء دستوري ملزم، أم إجراء صوري تتحكم فيه المؤسسة التنفيذية؟. لدراسة هذا الجانب من التساؤل، لا بد من التطرق إلى أنواع الاستفتاء الشعبي حتى نتحكم في معنى الاستفتاء الدستوري الخاص بتعديل الدستور فقط أولا ، ثم نحاول دراسة دور هذا الإجراء في عملية تعديل الدستور وتقريره في مختلف الدول ثانيا ، وقوفا عند التجربة الدستورية الجزائرية في هذا المجال ثالثا .

أولا: الاستفتاء الدستوري من أهم صور المشاركة الشعبية

تجعل النظم الديمقراطية من الناخبين أهم سلطة لا بد من الرجوع إليها لتباشر مظاهر سيادتها إلى نحو ايجابي، عن طريق الاستفتاء الدستوري، لأن هذا الأخير من أهم صور المشاركة الشعبية في تسيير شؤون البلاد، وأساس الحق في الاستفتاء الشعبي يعود إلى أنظمة الحكم التي

كانت تعتمد في السابق على الديمقراطية المباشرة، إلا أن التطور التاريخي الذي نتج عنه زيادة مساحة الدولة وكثافة السكان أظهر نوعا جديدا من الديمقراطية وهي الديمقراطية النيايبة، إلا أن بعض الدول خرجت من الديمقراطية النيابية نظرا للأزمات الاقتصادية والسياسية، واستفراد البرلمان بالقرارات العامة باعتباره نائبا عن الشعب، مما أدى إلى إقرار ما يعرف بالاستفتاء الشعبي، وذلك من خلال دساتيرها كدستور سويسرا(6) .

ويتم الاستفتاء الشعبي من حيث موضوع التصويت إلى ثلاثة أنواع: الاستفتاء الدستوري، الاستفتاء التشريعي، الاستفتاء السياسي. إلا أن دراستنا تقتصر حول الاستفتاء الدستوري، وهو بدوره ينقسم إلى الاستفتاء التأسيسي الذي يتعلق بوضع دستور جديد للدولة، والاستفتاء التعديلي  الذي يتعلق بتعديل الدستور، وهو ما يكون محل دراستنا في اطار الدراسة (7) . وبالتالي من أجل إضفاء صفة الشرعية والمصداقية على التعديل الدستوري، تلجأ السلطة صاحبة التعديل إلى الاستفتاء الدستوري. فهو تطبيق حقيقي للديمقراطية إذ يباشر الشعب بنفسه سلطاته دون مشاركة أحد لتوليه الموافقة أو عدم الموافقة على مشروع التعديل الدستوري، فإن وافق عليه يصبح نافذا ذو قوة قانونية بغض النظر عن الجهة التي قامت بصياغة مشروع التعديل (8) ويطلق عليه باللغة الفرنسية Referendum . غير أن كلمة استفتاء قد استخدمت في الدول العربية استخداما واسعا، جعلها تشمل أيضا عرض شخص واحد على الشعب للموافقة على تنصيبه أو بقائه رئيسا للدولة وهو ما يطلق عليه الاستفتاء السياسي Plebiscite(9)  . والاستفتاء بهذا المفهوم يتعدد في عدة صور، فإما أن يكون استفتاء دستوري هذا يكون إما تأسيسي يتعلق بوضع الدستور (10)، أو استفتاء دستوري يتعلق بتعديل الدستور(11)  ، هذا الأخير هو محل درستنا.

فقد تنص بعض الدساتير على ضرورة موافقة الشعب على تعديل الدستور، حيث يصبح نافذا ويتدخل المواطنون في موضوع الاستفتاء بطريقتين، إما بعد إعداد موضوع الاستفتاء بواسطة الحكومة أو البرلمان أو هيئة منتخبة خصيصا ليقولوا كلمتهم في موضوع الاستفتاء بالقبول أو الرفض، أو قد يتطلب من المواطنين في الاستفتاء الاختيار بين عدة بدائل ممكنة، لا مجرد الموافقة أو الرفض بالنسبة لأمر أو مسالة واحدة (11) . وعلى ضوء ما سبق، فإنه ما يثير الاهتمام وله علاقة بموضوع بحتنا، هو الاستفتاء التعديلي أي الاستفتاء الذي تنص بعض الدساتير على إجراءه لتعديل أحكامها سواء بصفة إجبارية (12)  أو اختيارية (13) وسواء كان صاحب الحق في اقتراح التعديل هو إحدى سلطات الدولة أم عدد من المواطنين، وسواء تم إعداد التعديل بواسطة البرلمان أو بواسطة الحكومة أو بواسطة المواطنين .

ثانيا: تقدير الاستفتاء التعديلي في الدول المختلفة

لا يزال موضوع الاستفتاء من أهم المواضيع إثارة للجدل على ضوء القانون الدستوري والأنظمة السياسية المقارنة، وما هو مستقر عليه اتساع تطبيق مثل هذا الإجراء الدستوري لأنه يسمح باحتفاظ الشعب بحق البت في القرارات الهامة، وبذلك لا يفقد سلطانه الأصلي في ممارسة شؤون الحكم حتى مع وجود ممثليه في البرلمان، وهكذا يتجاوز الشعب دور مجرد اختيار نوابه بحيث يظل على صلة مباشرة و مستمرة بشؤون الحكم (14)، وفي هذه الحالة لا يتم ترك الأمر للبرلمان الذي قد لا يعبر في بعض الأحيان عن راي أغلبية الشعب (15) . وتعتبر الرقابة الشعبية عن طريق الاستفتاء رقابة مباشرة ومستمرة، حيث تكون مواكبة لأعمال السلطات العامة في الدولة خاصة وأن الاستفتاء سهل وبسيط إجرائيا بالمقارنة مع الانتخاب، حيث يقتصر دور المواطن في قبول أو عدم قبول المسالة المعروضة عليه(16) . وسهولته تساهم في سرعة اللجوء إليه مما يضفي على الدولة نوعا من الاستقرار السياسي، وكذلك المساهمة في تنمية الوعي السياسي لدى المواطن بحيث يشعر هذا الأخير عندما يمارس إجراء الاستفتاء انه يشارك في عملية بناء الدولة ومؤسساتها الدستورية.

وبهذا يشكل الاستفتاء حقا أساسيا من الحقوق المحمية بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته21 (17) ، والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية م 25(18) وعليه فان أسلوب الاستفتاء يتلاءم تماما مع مبدأ سيادة الشعب، ومن ثمة لكل فرد الحق في التعبير عن اختياره والمساهمة في اتخاذ القرار دون وساطة (19)  . فإذا قارنا الاستفتاء مع الانتخاب، فإن هذا الأخير يعتبر أقل مصداقية، لأن الشعب أحيانا لا يختار فعلا ممثلي إرادته، لان تلك الإرادة لا تكون على أساس سليم لعوامل معروفة (20) ، وهذا ما يشكل خطرا على الحقوق والحريات الفردية والذي قد يؤدي إلى استبداد البرلمان، وهذا ما يدعو إلى ظاهرة الديمقراطية الاستبدادية، مما يدل على أن التعديل الدستوري لا بد أن يستشار فيه الشعب مباشرة عن طريق الاستفتاء استبعادا لأي استبداد أو عرقلة من جانب المؤسسة التنفيذية على الخصوص.

ثالثا: حق رئيس الجمهورية في اللجوء إلى الاستفتاء بين الوجوب والاستغناء على ضوء الدستور الجزائري

من خلال الجزء الخاص بإجراءات التعديل الدستوري في الجزائر، فقد اعتمد المؤسس الدستوري في أغلب الدساتير على أسلوب الاستفتاء التعديلي. لكن الإشكال هنا كيف يمكن تقدير الاستفتاء التعديلي في الجزائر فهل يشارك الشعب فعلا وبطريقة مباشرة في التعديل الدستوري؟، كيف نعالج مسالة تخيير رئيس الجمهورية الجزائري في اللجوء إلى الاستفتاء التعديلي من عدمه؟، وما هي الملاحظات التي يمكن إبداؤها حول عملية التعديل الدستوري في الجزائر وربطها بأسلوب الاستفتاء التعديلي؟ . بالرجوع إلى الواقع العملي الدستوري في الجزائر نجد أن الشعب في ظله بعيد عن المبادرة بالتعديل، ليس له إلا الموافقة أو الرفض على نصوص دستورية تم اقتراحها واقرارها من طرف سلطات أخرى، عن طريق الاستفتاء الشعبي الذي يمكن الاستغناء عنه واقرار التعديلات الدستورية، إذا حصلت على أغلبية موصوفة للبرلمان بغرفتيه معا ومن تم إقصاء الشعب تماما من عملية خطيرة تهم الكيان الوطني وهي التعديل الدستوري، والاقتصار فقط على ممثليه وهل ممثليه يعتبرون فعلا البديل عن الاتصال بالشعب عن طريق الاستفتاء؟.

ان إجراءات التعديل الدستوري الجزائري نجد أن المؤسس الدستوري الجزائري استحدث أمر جديد، ألا وهو تخيير رئيس الجمهورية في اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي أو تعويضه بإجراء آخر. فقد ورد في باب التعديل الدستوري لدستور سنة 1996 ثلاثة طرق يمكن من خلالها تعديل أحكام الدستور تختلف من حيث صاحب المبادرة، وكذا الإجراءات المتبعة للإقرار النهائي للنص المعتمد. فقد أقر الدستور من خلال نصوص المواد 174 إلى 176 حق رئيس الجمهورية في المبادرة بتعديل الدستور باعتباره ممثلا للسلطة التنفيذية، ولكن له في ذلك سبيلين أولهما يستوجب اللجوء إلى الاستفتاء وثانيهما يمكنه من الاستغناء عن هذا الإجراء. في الحالة الأولى (21) نجد أن المؤسس الدستوري الجزائري منح لرئيس الجمهورية الحق في المبادرة بالتعديل الدستوري، وضمانا للتوا زن المؤسساتي أشرك معه البرلمان باعتباره ممثل الشعب، ومكنه من المساهمة في عملية التعديل الدستوري من خلال المصادقة على المشروع بنفس الطريقة  المعمول بها للمصادقة على النصوص التشريعية العادية (22) ، والحكمة من ذلك ضمان مرور مبادرة الرئيس بسلام أمام برلمان تعددي تختلف فيه الاتجاهات السياسية والقناعات الحزبية. ولم يتوقف عند هذا الحد، بل منح الدستور عملية الإقرار النهائي إلى الشعب، وأوجب عرض مشروع التعديل على الاستفتاء الشعبي خلال 50 يوم من يوم إقراره، حتى يصدر رئيس الجمهورية نص التعديل الدستوري. ونظريا فإن هذا الأسلوب يوحي بتحقيق الديمقراطية، ولو أن صدور المبادرة من طرف رئيس الجمهورية أقوى مؤسسة دستورية في النظام السياسي الجزائري، لكن ربطه بالمصادقة من طرف البرلمان باعتباره ممثل الشعب، بل ربطه بضرورة اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي وأخد راي الشعب في نص التعديل الدستوري باعتباره صاحب السلطة التأسيسية الأصلية ، و إن إشراكه عن طريق الاستفتاء سيحقق أرقى صور الديمقراطية و يستجيب لحق الشعب في تدبير الشأن العام. وتتضح صورة الديمقراطية جليا بمواصلة قراءة المادة 175من دستور 1996"يصبح القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري لاغيا إذا رفضه الشعب، ولا يمكن عرضه من جديد على الشعب خلال نفس الفترة التشريعية". وبالتالي الواضح أن راي الشعب هو الإقرار النهائي لنص التعديل الدستوري، أي حتى لو أيده البرلمان لكن لابد من الرجوع إلى سلطة الشعب، لان موافقته هي الدليل القطعي على إصداره من طرف رئيس الجمهورية ودخوله حيز التنفيذ. وكذا رفض الشعب لهذا المشروع ينتج عدم جواز طرحه مرة أخرى على استفتاء الشعب خلال الفترة التشريعية نفسها، وهذا ما يحسم دور الشعب واللجوء إلى إرادته مباشرة، هذه الأخيرة أولى من إرادة ممثليه عن طريق البرلمان الذي يقتصر دوره على الموافقة على المبادرة بالتعديل الدستوري دون منحهم القرار النهائي. لكن الأمر المستحدث في هذا الدستور، هو إمكانية استغناء رئيس الجمهورية عن اجراءات الاستفتاء الشعبي، وهذا يمثل الحالة الثانية أو الخيار الثاني لرئيس الجمهورية، وهذا ما أشارت إليه المادة 176 من الدستور بقولها "إذا ارتأت المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، و لايمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وعلل رايه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على أصوات أعضاء غرفتي البرلمان". ¾ الاستفتاء الشعبي، متى أحرز على وبالتالي في هذه الحالة يترك الأمر لرئيس الجمهورية في الرجوع من عدمه إلى الإرادة الشعبية عن طريق الاستفتاء الشعبي، فبعد قيامه بإخطار المجلس الدستوري بمشروع التعديل الدستوري حتى يقوم المجلس بإصدار أ ريه معللا، على أنه لا يمس هذا المشروع المبادئ التي تحكم المجتمع الجزائري، التوازن المؤسساتي، وبعدها يقوم رئيس الجمهورية بعرض نص التعديل ¾ الدستوري على غرفتي البرلمان مجتمعين في هيئة مؤتمر، ومتى أحرز المشروع على نسبة أصوات غرفتي البرلمان، أمكن رئيس الجمهورية الاستغناء عن اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي واصدار مباشرة القانون الخاص بالتعديل الدستوري.

- لابد من إبداء بعض الملاحظات في هذا السياق: -

*يبدو أن لجوء رئيس الجمهورية إلى المجلس الدستوري، والأغلبية الموصوفة لأعضاء غرفتي البرلمان معا، يعبر عن البديل للاستفتاء الشعبي .

*يلجأ رئيس الجمهورية إلى هذا الأسلوب إذا تعلق مشروع تعديل الدستور بمسائل تخرج عن الموضوعات المحددة في المادة 176 من الدستور، وبالتالي اعتبار نص التعديل لا يمس بمقتضيات جوهرية بالدستور.

* لا يلجأ رئيس الجمهورية إلى هذا الأسلوب، إلا إذا كان متأكدا من حصوله على الأغلبية الموصوفة لعدد أصوات أعضاء غرفتي البرلمان معا، خاصة أمام برلمان تعددي تختلف فيه البرامج والاتجاهات السياسية .

*كما يلجأ إليه إذا كانت الأغلبية البرلمانية تتوافق مع الاتجاهات السياسية لرئيس الجمهورية، لأنها تجسد برنامجه، مش كلة تحالفا رئاسيا، وهذا ما يوحي باطمئنان رئيس الجمهورية، وبالتالي  يعدل الدستور بمبادرة منه، وبتزكية من المجلس الدستوري، خاصة إذا كان هذا الأخير وجهت إليه عدة انتقادات من حيث عنصر الكفاءة، والنظام الإجرائي له (23) . ففي ظل هذه الانتقادات كيف يساهم المجلس الدستوري في إبداء رايه حول موضوع حساس غاية في الأهمية، كذلك تزكية مطلقة للبرلمان بغرفتيه مجتمعين، بعيدا عن إرادة الشعب صاحب السلطة التأسيسية ومصدر كل السلطات. وهذا هو موضع الخلل، إذ كيف يكتفي رئيس الجمهورية بمصادقة أعضاء البرلمان و راي معلل من قبل المجلس الدستوري؟.

إن السؤال المطروح يتعلق بمصداقيتهم وتمثيلهم الفعلي لإرادة الشعب؟، وبصيغة أخرى هل أن الراي المعلل للمجلس الدستوري والحصول على أغلبية موصوفة من أصوات أعضاء البرلمان، يعد كافيا للاستغناء عن الاستفتاء الشعبي حول التعديل الدستوري؟، أم أن مصاريف وأعباء عملية القيام بالاستفتاء بكل مراحله ترهق كاهل الدولة؟.

هذا ما يشكك في مصداقية أسلوب الاستغناء عن الاستفتاء، ومدى إتاحة الفرصة للشعب للتعبير عن إرادته بكل حرية. وحتى إن حاولنا تخليص هذا الراي من سهام النقد وذلك باللجوء إلى  نص المادة 177 من الدستور التي تنص على أنه: " يمكن ¾ أعضاء غرفتي البرلمان مجتمعين معا أن يقدموا المبادرة باقتراح تعديل الدستور على رئيس الجمهورية التي يمكنه عرضه على الاستفتاء". 

وعلى غرار رئيس الجمهورية الذي له حق المبادرة بالتعديل الدستوري، هذه المادة  المستحدثة في دستور 1996 ، منحت أغلبية 3/4 أعضاء غرفتي البرلمان مجتمعين معا أن يقدموا المبادرة بتعديل الدستور واقتراحها على رئيس الجمهورية، مما يوحي بالتوازن المؤسساتي ومحاولة الاستفادة من التجارب الغربية في هذا المجال بإعطاء المؤِسسة التشريعية الحق في المبادرة مثل المؤسسة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية بالتعديل الدستوري، بمعنى تدعيم اشتراك ممثلي الشعب في حق المبادرة بالتعديل الدستوري وليس فقط التصويت عليه. لكن هل هذا كافي للقول بالوصول إلى دمقرطة التعديل الدستوري في الجزائر؟.

من خلال قراءة سريعة لنص المادة 177 من الدستور، والتي توحي بحق البرلمان ممثل الشعب في اقتراح تعديل الدستور، نجد أن المؤسس الدستوري قيد البرلمان بشروط نستشفها من خلال روح هذه المادة:

- اعتراف المؤسس الدستوري بآلية اقتراح مشروع التعديل من طرف البرلمان للحصول على مشروعية أكبر، على اعتبار أن الهيئة المكلفة هي منتخبة عن طريق الاقتراع المباشر، وهي أكثر الهيئات الديمقراطية تمثيلا، إلا أن تمرير هذا الاقتراح بطريقة مباشرة على استفتاء الشعب، هو أمر صعب، لأن هذه العملية مرتبطة برئيس الجمهورية، باعتباره صاحب الحق في اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي (24)  . هذا يعني أن مشروع الاقتراح يتوقف عند إرادة رئيس الجمهورية، بحيث يبقى مصيره مرهون بموافقته أو رفضه.

- هذا وان تحققت النسبة المطلوبة للاقتراح، والتي هي نسبة متشددة نوعا ما، قد لا تحقق أمام برلمان تعددي يشمل على فسيفساء حزبية متنوعة في الغرقة الأولى واتجاهات سياسية مختلفة، مع وجود  1/3  الرئاسي المعين في مجلس الأمة، مما يقلل من احتمال تحقق هذه الأغلبية البرلمانية، الأمر الذي يستبعد معارضة الرئيس والعمل على تجسيد برنامجه وتمرير أكثر لمشاريع حكومته (25) .

فالملاحظ من خلال هذا الأسلوب أن المؤسس الدستوري وان حاول إصلاح الوضع، فقد وقع في وضع أسوأ منه، فرغم صعوبة تحقيق الأغلبية المطلوبة لتقديم المبادرة البرلمانية بالتعديل الدستوري، فإن أعضاء البرلمان ومهما قيل عن مدى تمثيلهم، لا يمكن لهم تحقيق هذه المبادرة إلا بناء على رغبة رئيس الجمهورية. وعليه فإن هذا الأسلوب في التعديل الدستوري هو في حد ذاته مساس بإرادة الشعب، لأن المبادرة البرلمانية للتعديل الدستوري كما هي محددة في المادة  177من الدستور، غير كافية لإنتاج أثرها، بسبب تدخل رئيس الجمهورية.

فالدستور لم يتضمن إمكانية إصدار النص الذي وافق عليه ممثلي الشعب بعد مبادرة منهم، وقد يعود ذلك إلى التخوف من الحد من سلطات المؤسسة التنفيذية، وزيادة صلاحيات المؤسسة التشريعية، وبالتالي نجد أن رئيس الجمهورية يملك احتكار تام لعملية التعديل الدستوري، لا يمكن لأي مبادرة بالتعديل أن تحقق إلا من خلاله. وأمام وضع هذه العراقيل في عملية التعديل الدستوري، أي تقييد البرلمان في ممارسة حقه  في التعديل الدستوري، مما يعطي لرئيس الجمهورية سلطة تقديرية واسعة، وكذلك استبعاد الإرادة الشعبية عن أي مبادرة بالتعديل، لأنها ملزمة بالخضوع لأحكام الدستور، يبقى  الباب مفتوح أمام تفوق المؤسسة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية باحتكار التعديل الدستوري الذي يخدم المصالح الذاتية، وأمام هذا الوضع وصعوبة استحداث دستور يتماشى مع تطلعات الشعب، يبقى الطريق إلى تغيير الدستور بطريق آخر كالثورة، الانقلاب، وهي طبعا لا تخلو من العنف واستعمال القوة. وعليه يصبح حق المشاركة العامة في شؤون الحكم مفرغا من محتواه، إذ اقتصر فقط على أسلوب الاستفتاء الشعبي، والذي يكون بصفة عامة صوريا ومجازيا، وليس استفتاء شعبي دستوري بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

رابعا:الاستفتاء التعديلي وسيلة لدمقرطة التعديل الدستوري:

يبقى أسلوب الاستفتاء الأسلوب الحقيقي للممارسة الديمقراطية، من قبل الشعب وتقريره للمبادئ الرئيسية التي يريدها، مع تقييد هذه العملية بشروط. ففي ظل بيئة غير ملائمة يتحول الغرض منه إلا إضفاء الشرعية الشعبية على عملية التعديل الدستوري واكتسابها أكثر  مصداقية، "حتى تبرأ السلطة نفسها من أي استبداد في العملية، وتتجنب مواقع تفوق السلطة التنفيذية" (26)  . إن التعديل الدستوري ومحتواه يمثل مصير الأجيال، وبالتالي فإن وضع هذا المصير في أيدي غالبية لا تملك الوعي السياسي والإد ا رك اللازم لمثل هذه المهمة، والإحساس بأصول المواطنة، وابداء الراي بكل حرية، يدحض قيمة هذا الإجراء، لأن عدم الإحساس بالمسؤولية  وضرورة المشاركة في الاستفتاء، ينقص من القيمة القانونية لهذا الأخير، خاصة وأن القانون لا يفرض أدنى مشاركة للشعب، في مثل هذه الإجراءات المصيرية في البلاد. كما أنه غالبا ما تقوم لجنة حكومية فنية بإعداد مشروع التعديل، وتتظاهر باشتراك أطراف فاعلة لتوسيع دائرة الحوار، لكن ذلك يكون بصورة شكلية فقط، وبالتالي فإن وضع مشروع التعديل الدستوري يكون بعيدا عن رغبة الشعب ومطالبه. أضف إلى ذلك، الفترة بين المبادرة بالاقتراح واللجوء إلى الاستفتاء، تعد قصيرة نوعا ما لا تسمح بمناقشات مستفيضة، توضح للشعب باختلاف فئاته ومستوياته، أهم ما يتضمنه هذا المشروع من تعديل المبادئ وأحكام معينة في الدستور عن طريق وسائل الإعلام بكل أنواعها مثلا، حتى يقف المواطن على حقيقة الأحكام محل التعديل، مما يدفعه إلى تحريك روح المواطنة فيه وضرورة مشاركته السياسية. وهنا يأتي دور الأحزاب السياسية لما لها من أهمية في التجنيد السياسي ونشر التوعية عن طريق الحوا رات، الندوات، المناقشات، بغرض تنوير الراي العام، وخلق وعي صحيح بعيدا عن الدعايات المبالغ فيها. لذلك لا بد من توفير وتهيئة بيئة معينة لممارسة الاستفتاء، وذلك بتدعيمه بتقاليد سياسية تقوم على قيم الديمقراطية، ووعي و احترام اختيار إرادة الشعب، وهكذا بدل أن يصبح  الاستفتاء مجرد طريق مجازي أو شكلي تلجأ إليه المؤسسة التنفيذية لإبراز أفكارها ومواقفها الذاتية تحت غطاء الشرعية السياسية بسلكها طريق الاستفتاء، يصبح هذا الأخير وسيلة هامة لتحقيق ديمقراطية التعديل الدستوري (27)  . وعليه أمام نقص الضمانات الأساسية اللازمة لتحقيق استفتاء نزيه (28)  يمكن كذلك تقييد مساهمة الشعوب في تعديل دستورها في الدول ناقصة السيادة والدول المحتلة، ففي الأولى تحرم الشعوب من المساهمة في تعديل الدستور، وبالرغم من اختلاف فئات الدول ناقصة السيادة وما يترتب عنها من نتائج، فإنه  في النهاية يسلب منها حق وضع دستورها أو تعديله وفقا لتطلعات شعوبها يضمن لها وضع نظاما دستوريا يحمي حقوق وحريات الأفراد، ومع ذلك فإن هذا لا يعني أنه لا وجود لتلك الدول، بل يمكن القول بوجود الدستور فيها، إلا أنه لن تكون حرة في تعديله.

كذلك الحال في الدول المحتلة، ففي هذه الدول تكون سيطرة فعلية للدولة القائمة بالاحتلال، وهذا لا يعني نقل السلطة إلى الدولة المحتلة، وإنما يقتصر أثره على تعطيل سيادة الدولة أثناء فترة الاحتلال، وتتدخل الدولة المحتلة في وضع الدستور لكي يتماشى مع مصالحها، ولا تسمح بالتعديل الذي يكون متناقضا مع توجهات الدولة التي قامت بالاحتلال. وشفاف أمام ديكتاتورية مكسوة بغطاء الديمقراطية، وذلك بحجة أن الاستفتاء لا يعني في معناه العميق مجرد الإدلاء بالصوت نعم أو لا، لكنه يمثل جوهر المشاركة السياسية، حقا متكاملا يمكن المواطن من القدرة على التعبير عن وجهات نظره في المجتمع، فمن حقه الحصول على المعلومة، القدرة على النقاش الحر. ولهذا فإن وسائل الإعلام والاتصال لها دور هام في عملية التعديل الدستوري، من خلال تنوير الراي العام، خاصة أن مشروع التعديل الدستوري في الجزائر لا يصل صدى المناقشات الواسعة والكافية إلى المواطن حتى يقف على الأحكام محل التعديل (29)  .لأن الاستفتاء المجازي بهذا المعنى المطبق في النظام السياسي الجزائري لا يزيد إلا من تفوق المؤسسة التنفيذية ومركز رئيس الجمهورية، بتمريره مشاريع رغم معارضة البرلمان على إرادة الشعب، المعروف في الجزائر أنه شعب ناقص الوعي السياسي وغير مدرك للأمور السياسية، أضف إلى ذلك العزوف عن المشاركة في الاستفتاء، مما يؤدي إلى مرور مشروع التعديل بسلام مع أقل عدد للهيئة الناخبة، التي لا تصل إلى حد معقول لتمثيل الأمة. ما نلخص إليه في هذا الجزء من الدراسة، أن الدساتير حتى تكون فعالة يجب أن تساير التطور الحاصل في المجتمع وذلك بإتباع إجراءات معينة، وحسب راينا إذا كان مبدأ تضمين الدستور لنصوص تدل على مراجعته، مما يوحي بفعالية الدساتير ومواكبتها للتطور، وهذا ما يرمي إلى تحقيق مبادئ الديمقراطية، لكن كيف يمكن تحقيق هذه الديمقراطية المجسدة أساسا في فعالية الدستور، أمام وضع إجراءات لتعديل الدستور تتحكم فيها المؤسسة التنفيذية، من المبادرة بالاقتراح حتى آخر مرحلة التي تعرف بالاستفتاء الشعبي، كون أن رئيس الجمهورية يتحكم في عملية التعديل الدستوري، حتى لو عرض مشروع التعديل على الاستفتاء؟ (30) .

وعليه أمام ت ا زيد دور المؤسسة التنفيذية وتعاظمها في النظام السياسي الجزائري، وتفوق

رئيس الجمهورية في مسار التعديل الدستوري، كونه صاحب المبادرة الأصلية مع إمكانه الاستغناء

عن أ ري الشعب، وضعف فرص تقديم مبادرة برلمانية لتعديل الدستور، خاصة وأن سلطته التقديرية

لقبول هذه المبادرة وعرضها على الاستفتاء واسعة جدا، فكأننا أمام جسم كبير غير قادر على

الحركة، إذ أعطى المؤسس الدستوري الجزائري الحق للبرلمان بحق المبادرة بالتعديل الدستوري،

وك بله بقيود دستورية لا مفر منها. ومع استبعاد الشعب صاحب السيادة عن أي مبادرة أو اقتراح لتعديل الدستور تبقى للسلطة التنفيذية الريادة في هذا المجال، مسيطرة على كافة مراحل التعديل الدستوري، حتى وسائل الإعلام التي يمكن اعتبارها مخرجا يمكن اللجوء إليه للتخفيف من أعباء هذا التفوق، نجد أن السلطة تحتكر وسائل الإعلام. ومع هذا الوضع يصعب الحديث عن استفتاء شعبي يكرس إرادة الشعب ومشاركته في اتخاذ القرار بشأن قواعد حكمه، أو بالأحرى يصعب الحديث عن إجراءات التعديل الدستوري برمته في الجزائر، فما الفائدة من التنصيص على إجراءات خاصة بالتعديل الدستوري ضمن نصوص الدستور، وما جدوى التنويع في سلطة التعديل الدستوري، أمام تفوق المؤسسة التنفيذية وتحكمها في زمام مسألة التعديل الدستوري، وكبح إرادة الشعب في المشاركة في هذه المسألة المصيرية، خاصة باستغلال الوضع الجزائري الذي لا يتوفر على بيئة أو مناخ ملائم، يحمل نوع من الوعي السياسي وحس المواطنة وقدر معين من الثقافة السياسية. وتأكيدا على ذلك قد ذهب البعض إلى وصف المؤسس الدستوري الجزائري أنه يستعمل مصطلحات ميتافيزيقية لإبراز قدر أكبر من القداسة لرئيس الجمهورية مثل: " يجسد وحدة الأمة "، " يجسد وحدة الدولة في الداخل و الخارج "، " يخاطب الأمة مباشرة "(31). ، وقد ظهر سمو منصب رئيس الجمهورية كمؤسسة دستورية بشكل كبير في دستور 1976 بعد أن كانت مكانته تضاهي مكانة البرلمان في دستور 1963 ، لدى يمكن القول أن دستور 1963 ، كان أكثر توجها نحو الإرادة الشعبية عن باقي الدساتير لو كتب له البقاء. لذلك يبقى الاستفتاء الشعبي في ظل هذه المعطيات شكلي يوهم بالديمقراطية الجوفاء، والتي تتطلب إحداث تغييرات جوهرية للوصول إلى استفتاء شعبي حقيقي بعيد عن الضغوطات والشكليات، هذا ما يبرر سطحية التعديل الدستوري في الجزائر، بحيث يعود ذلك إلى عدم فتح نقاش حقيقي حول التعديل الدستوري، وهو عنصر مرتبط بالسيادة الشعبية، إذ لا تكف النصوص المتعلقة بالسيادة والسلطة التأسيسية لجعل الشعب صاحب الأمر في التعديل، في الجزائر المبادرة بالتعديل هي أساسا بيد رئيس الجمهورية، لكن المبادرة تسبقها بالضرورة عملية تحضير المشروع "مسودة التعديل الدستوري"، إذ أن مبادرة الرئيس بالتعديل الدستوري ما هي إلا حلقة من حلقات التعديل، تسبقها مشاورات واجتماعات من مختصين تحمل أفكار مقترحة من قبل بعض الأحزاب السياسية، تنتهي إما بالاستفتاء الشعبي أو الموافقة البرلمانية حسب الأحوال، مقارنة بفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، فإن الجزائر لم تعرف تاريخ طويل من الممارسات، حيث أن عراقة الممارسة السياسية في ظل الدول المتقدمة وعمرها الزمني، سمحت بتكوين فكرة مفادها "القانون تعبير عن الإرادة الشعبية" (32) . تطبيقا لذلك أصبح شائعا في فرنسا أن ترفق كل مبادرة لتعديل الدستور أو استفتاء أو سن قانون مهم، بفتح نقاش حقيقي مع المجتمع الفرنسي بكل أطيافه، بالإضافة إلى الاستماع إلى آراء كل المختصين في المسألة حتى يكون المشروع ثري، ويحظى  بقبول المجتمع (33) من الواضح أن المواطن الجزائري وبعد نكسة 1992 وانقلاب المشهد الديمقراطي، يبدو أنه قد اعتزل الشأن السياسي، وهجر كلمة ديمقراطية وكل مشتقاتها!، وعليه فلا فرق بين دستور 2008 والذي فتح الباب مشرعا أمام الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة" ليضيف إلى رصيده عهدتين إضافيتين 2009 ، و 2014 ، والدستور الحالي من قبل نفس صانعي دستور 2008أو دستور العهدة المفتوحة، لأنه قد حدد عدد العهد الرئاسية المتاحة في عهدتين لا ثالث لهما، لذا ففي الكثير من الأحيان قد نجد العذر المبرر لحالة العزوف الشعبي عن السياسة وعن الساسة أنفسهم الذين تجاوزتهم الأحداث منذ 1992 ، تدور في لعبة سياسية أضحت مع توالي العقود والسنوات بلا روح أو معنى.

__________________

1- عادل قرانة، النظم السياسية أشكال الحكومات الأنظمة السياسية المعاصرة_، دار العلوم للنشر والتوزيع، 2013 ص 87

2- يتدخل المواطنون في موضوع الاستفتاء بطريقتين: فإما أن يتدخل المواطنون بعد إعداد موضوع الاستفتاء بواسطة الحكومة أو هيئة منتخبة خصيصا أو عدد معين منهم، ليقولوا كلمتهم في هذا الموضوع بالرفض أو القبول. أو قد يطلب من المواطنين في الاستفتاء الاختيار بين عدة بدائل ممكنة لا مجرد الموافقة أو الرفض بالنسبة لأمر واحد، راجع، ماجد راغب الحلو، الاستفتاء الشعبي، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، الطبعة الثانية، 1982 ، ص 51

3-  رفعت محمد عبد الوهاب، القانون الدستوري والمبادئ الدستورية العامة، دراسة النظام الدستوري المصري، دار الجامعة - الجديدة ، الاسكندرية، 2000 ، ، ص 168

4- سعاد الشرقاوي، النظم السياسية في العالم المعاصر، مركز جامعة القاهرة، مصر، 2007 ص . 139

5- تنص المادة 6من دستور الجزائر لسنة 1996 " الشعب مصدر كل سلطة، السيادة الوطنية ملك للشعب وحده

6- ماجد راغب الحلو، الاستفتاء الشعبي بين الأنظمة الوضعية والشريعة الإسلامية، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت،. 1980 ص 9.

7-  يختلف الاستفتاء التأسيسي عن الاستفتاء التعديلي، في هذا الأخير يقتصر دور المواطن على إبداء رأيه بشأن تعديل بعض نصوص الدستور، دون المساس بالدستور في جملته كما هو الحال في المشاركة الاستفتائية التأسيسية.

8-Jacque ROBERT, Le référendum constitutionnel, E.J.C .L, Vol 11.3, December, 2007. https://www.ejcl.org. Consulté le : 13-03-2013.

9- Philippe ARDANT, Institutions politiques et droit constitutionnel, L.G.D.J ,12 ed, Paris, 2000, p.78.

10- كما أشرنا في المباحث السابقة، في الجزء الخاص بطرق وضع الدساتير، حيث اعتبر الاستفتاء التأسيسي - R constituant هو الصورة المثلى في وضع الدستور.

 11-  كذلك يوجد استفتاء تشريعي، إذ تعلق الأمر باستفتاء الشعب على قوانين عادية، أو استفتاء سياسي إذ كان الموضوع سياسي كإقرار خطة معينة أو اتباع سياسة جديدة أو تدعيم مركز رئيس الدولة، راجع في هذا الأمر، محمد نصر مهنا،  الدولة والنظم السياسية المقارنة، دار الوفاء للطباعة والنشر مصر، 2011 ، ص 100

12- خاموش عمر عبد الله، الإطار الدستوري لمساهمة الشعب في تعديل الدستور، منشورات الحلبي الحقوقية،  لبنان، 2013،ص 92

13- وهذا ما يطلق عليه الاستفتاء التعديلي الاجباري - R/adjudicateur ، مثلا كما طبق في الدستور السويسري لعام 1956(المادة 123)، الدستور المصري لعام 1956المادة 189 الدستور الياباني لعام 1963 المادة 96 راجع  أحمد العزي النقشبندي، تعديل الدستور دراسة مقارنة ، دار الوراق للنشر والتوزيع، الأردن، 2006 ، ص 87.

14-  قد يكون التعديل الدستوري اختياري - R /optatif بالنسبة للبرلمان مثل دستور النمسا لعام 1920المادة 44 أو لرئيس  الدولة مثل دستور فرنسا لعام 1958المادة 89 أو للمواطنين راجع، ماجد راغب الحلو، المرجع السابق، ص 126

15-  ماجد راغب الحلو، المرجع السابق، ص 192

16-  وهذا ما حدث في سويسرا منذ عام 1848 ، فقد رفض الشعب ما يعادل 63 من القوانين التي وافقت عليها الجمعيات  الاتحادية، عبد الغني بسيوني،المبادئ العامة للقانون الدستوري، الدار الجامعية، 1985 ، ، ص 132

17-  الإنتخاب صعب نوعا ما، إن دور الناخب لا يقتصر على اتخاذ قرار في مسالة بعينها و إنما يلزمه الأمر النظر في مسائل متعددة أكثر تعقيد، تقيم البرامج الانتخابية اختيار أحسن البرامج، تقييم المترشحين من حيث الكفاءة، الاختلاف وغيرها.

18- تنص هذه المادة على أنه، " لكل شخص حق المشاركة في إرادة الشؤون العامة لبلده، إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارهم بحرية ".

19- كذلك في الميثاق الإفريقي الخاص بحقوق الإنسان و الشعوب م 13 الميثاق العربي لحقوق الإنسان م 24 نعمان أحمد الخطيب، الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري، دار الثقافة، عمان، 2006، ص 690

20-  وفي هذا الإطار، مقارنة مع الاستفتاء الذي تنعدم فيه الوساطة، فإن الانتخاب وممارسة الشعب عن طريق ممثليه بطريق غير مباشر، تقل فيه المصداقية، فهل البرلمان يمثل حقا الشعب، خاصة أن البرلمان بأجمعه لا يمثل سوى أقلية من الناخبين، بغض النظر عن عدد الغائبين يوم الانتحاب وعدد الأصوات الفاشلة، أو الأصوات الملغاة ...إلخ.

21- مثلا النظام الحزبي وتسلطه على أفراد الشعب بأساليب الدعاية بغرض انجاح مرشحيه فضلا عن مسألة شفافية عملية  الانتخاب وامكانية التزوير فيها، راجع، مسراتي سليمة، مدى تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في النظام الدستوري  الجزائري، اطروحة لنيل شهادة دكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2009 ، ص 380

22- المادة 174 من دستور 1996

23- حيث يصادق على القانون بالأغلبية البسيطة لأعضاء المجلس الشعبي الوطني و 3/4  أصوات مجلس الأمة، راجع،

المواد 119-120-121 -122- 123 من الدستور 1996

24- نفيسة بختي، عوائق الرقابة على دستورية القوانين في الجزائر، مذكرة ماجستير، جامعة معسكر، 2007 ، ص 185 وبعدها

25- تنص المادة 77 /ف 8 من دستور 1996 على ما يلي: "لرئيس الجمهورية حق اللجوء إلى الاستفتاء ". أما المادة 7 فقرة 4 تنص على ما يلي: " لرئيس الجمهورية أن يلجأ إلى إرادة الشعب مباشرة".

26-  مولود ديدان، - مباحث في القانون الدستوري والنظم السياسية، دار النجاح للكتاب، الطبعة الأولى، 2005 ، ص 64.

27- مسراتي سليمة، مدى تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في النظام الدستوري  الجزائري، اطروحة لنيل شهادة دكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2009 ، ص 156.

28- يمكن كذلك تقييد مساهمة الشعوب في تعديل دستورها في الدول ناقصة السيادة والدول المحتلة، ففي الأولى تحرم الشعوب من المساهمة في تعديل الدستور، وبالرغم من اختلاف فئات الدول ناقصة السيادة وما يترتب عنها من نتائج، فإنه في النهاية يسلب منها حق وضع دستورها أو تعديله وفقا لتطلعات شعوبها يضمن لها وضع نظاما دستوريا يحمي حقوق وحريات الأفراد، ومع ذلك فإن هذا لا يعني أنه لا وجود لتلك الدول، بل يمكن القول بوجود الدستور فيها، إلا أنه لن تكون حرة في تعديله.

- كذلك الحال في الدول المحتلة، ففي هذه الدول تكون سيطرة فعلية للدولة القائمة بالاحتلال، وهذا لا يعني نقل السلطة إلى الدولة المحتلة، وإنما يقتصر أثره على تعطيل سيادة الدولة أثناء فترة الاحتلال، وتتدخل الدولة المحتلة في وضع الدستور لكي يتماشى مع مصالحها، ولا تسمح بالتعديل الذي يكون متناقضا مع توجهات الدولة التي قامت بالاحتلال

- للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، راجع، عبد الهادي عباس، السيادة، دار الحصاد للنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الاولى، 1994 ، ص 54 وما بعدها ؛ أحلام بيضون، اشكالية السيادة والدولة، مطابع يوسف بيضون، بيروت، الطبعة الأولى، 2008 ، ص 73 وما بعدها.

29-  عادل قرانة، النظم السياسية أشكال الحكومات الأنظمة السياسية المعاصرة_، دار العلوم للنشر والتوزيع، 2013، ص 145

30- وقد اعتبر البعض أن لجوء رئيس الجمهورية إلى الاستفتاء من دون جزاء في حالة إخفاقه عند استخدامه، يعني أن الدستورالجزائري لا يلزم الرئيس بالاستقالة إذا كانت نتائج الاستفتاء مخالفة لإرادته، لكن أمرا كهذا في حال وقوعه ستكون له آثار سيئة على نفوذ الرئيس وعلاقته بالشعب، فعدم التصويت الايحابي على المشروع الرئاسي المطروح للإستفتاء، معناه أن رئيس الجمهورية فقد الأغلبية، على الأقل بخصوص موضوع الاستفتاء، راجع، صالح بلحاج، المؤسسات السياسية والقانون الدستوري في الجزائر –  من الاستقلال إلى اليوم ، د.م.ج، الجزائر، 2010 ، ص 206

31- المواد 67 من دستور 1989 ، و 70 من دستور 1996 ، وحول فكرة القداسة، راجع:

-Mahiou (A), La constitution algérienne et le droit constitutionnel, R.G.D.I.P , n° 2, 1990, p 44 ; Bekhchi (MA), Remarques sur l’évolution du droit constitutionnel algérien de l’indépendance à la révision constitutionnelle de 1996, site www.cedroma.usj.edu. lb.

32- Cf , Carré DE MALBERG, La loi expression de la volonté générale, étude sur la constitution de 1875 , Librairie de recueil Sirey, Paris, Economica, 1984 ; Philippe BLACHERS, Contrôle de la constitutionnalité et volonté générale, P. U. F , Paris, 2001 ; Peter HABERLE, L’etat de droit, Economica, 2004 .

- من الواضح بأن المسألة الدستورية في عهد الرئيس "بوتفليقة" قد تم فصلها عن الاستفتاء العام. فمند التعديل الدستوري لسنة 2002 والدساتير الصادرة حسب الظرفية السياسية يتم الاكتفاء فيها بالتصويت عليها داخل أروقة البرلمان الجزائري غرفتيه المجلس الوطني الشعبي/ مجلس الأمة. في منأى تام عن رأي المواطن الجزائري.

33- فقد شهدت فرنسا تعديل دستوري تاريخي سنة 2008 ، سمي "قانون تحديث المؤسسات" - La loi sur la modernisation des institutions de la république ، فلا نجد ما يقارن بهذا في الجزائر التي لم تعش سنوات

طويلة في الشرعية صرح هذا التعديل بحق الفرد بتحريك الرقابة الدستورية البعدية عن طريق القضاء بموجب الإحالة، حيث أصبح المجلس الدستوري الفرنسي يراقب دستورية النصوص القانونية بموجب ما يسمى: Question prioritaire de constitutionnalité ، للتفصيل أكثر، أنظر:

-Lavade, La révision du 23-07-2008, temps et contretemps, R.F.D.C, N78,2-2009, PP228-316.

-Marthe FATIN-ROUGE, Le conseil constitutionnel dans la revision constitutionnel du 23-07-2008 sur la modernisation des institutions, R.F.D.C, N78, 2-2008, PP269-298 .

-www .france-politique.fr/referendum.2008.htm : consulté le :3-12-2014

-cf, Henry ROUSSILLON et Xavier BIOY, Les nouveaux objets du droit constitutionnel, Centre d’etudes et de recherches constitutionnelles et politiques,2006 .

كذلك بالنسبة للدستور الأمريكي، فقد مرت أكثر من 200 سنة علية لم يعدل إلا مرات قليلة، أنظر: -

-lttn://fr.wikisomce.org/wiki/amendement-de-la-constitution-des-etats-unis-d’amerique: consulté le :23-11-2014

كما أن الدستور البريطاني الذي يعد عرفي بالأساس، يعود إلى العهد الأعظم - MAGNACARTA ، رغم ذلك يعد أكثر

استقرارا.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






موكب أهالي كربلاء يستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
العتبة العباسية تستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) بإقامة مجلس عزاء
أهالي كربلاء يحيون ذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) في مدينة الكاظمية
شعبة مدارس الكفيل النسوية تعقد اجتماعًا تحضيريًّا لوضع الأسئلة الامتحانية