الوظيفة الصناعية:

تعد الصناعة احد الركائز الاساسية الاقتصادي والرقي الحضاري للمدينة والاقليم معاً، لأنها تهيء متطلبات السكان من مختلف السلع والخدمات التي تسد احتياجاتهم الاستهلاكية والانتاجية, كما انها تساهم في خلق الوفورات الاقتصادية وتهيء فرص العمل لسكان المدينة واقليمها، لذا تُعد الصناعة الركيزة الاساسية للبنية الاقتصادية للإقليم. تحتل المناطق الصناعية نسبة تصل الى (10٪) من جملة استعمالات الارض في المدينة وهي نسبة صغيرة عندما تقارن بما تقدمه هذه الوظيفية من خدمة لسكان المدينة و الاقليم في ذات الوقت، كما انها تستوعب حوالي (33٪) من قوة العمل في المدينة.

ويرى بعض الباحثين ان الصناعة ساهمت في نشأة وتطور العديد من المدن، فهذه الوظيفة تمارس في المدن الامر الذي ادى الى زيادة عدد سكانها وتضخم حجمها. ثم ازداد على اثر ذلك سكان الحضر في الدول الصناعية وتفوقوا في نسبتهم على سكان الريف. وبما ادى الى نمو سكاني هائل في المدن الصناعية خاصة من خلال ارتفاع نسبة السكان الذين يقطنون في المراكز الحضرية وعليه يمكن القول ان زيادة عدد السكان قد ارتبط ارتباطاً مباشراً بقيام الصناعة وتطورها, كما ساهم التصنيع في زيادة وتوسع المدن من خلال تسريع النمو المساحي والعمراني ، وتم ذلك التوسع عن طريق المساحات التي خُصصت لها من الارض لإنشاء الدور السكنية والعمارات الخاصة بسكن العاملين، كما ادى التطور الصناعي الى ارتفاع المستوى المعاشي للأفراد مما انعكس على حاجة الفرد للسكن الجيد. ومن السمات الاخرى التي تتسم بها الوظيفة الصناعية انها لا تقتصر بخدماتها على سكان المدينة ، بل تمتد خدماتها الى سكان الاقليم المحيط بها وربما تمتد الى نطاق اوسع يرقى في بعض المدن الصناعية الكبرى الى نطاق عالمي.

وتعد الصناعة من الفعاليات الحضرية الاساسية التي تمثل احدى الركائز التي يقوم عليها بناء الاساس الاقتصادي، كما تؤثر في حركة السكان داخل الحيز الحضري والذي تؤدي المدينة فيه دوراً اقليمياً من خلال وظيفتها الصناعية والتي يمكن تحديد اقليمها عن طريق مديات رحلة العمل، ويعتمد قياس الرحلة فيها على مقياس المسافة المقطوعة وقياس الزمن المستغرق لتحديد اقصى مسافة يقطعها العاملون في المؤسسات الصناعية، ولم يعد لمعيار المسافة حالياً اهمية تذكر نتيجة لتقدم وتطور وسائل النقل المختلفة واصبح يعبر عن الرحلة في الوقت الحاضر بمعيار الزمن ومعيار سهولة الوصول (Accesibility)، وبطبيعة الحال فان ابعاد الرحلة تختلف باختلاف قوة جذب المدينة التي تعتمد على متغيرات كثيرة منها الانشطة الاقتصادية وحجم السكان ومستوى الخدمات في المدينة.