المبيدات الحشرية غير العضوية

Inorganic Insecticides

تمتاز المبيدات التابعة لهذه المجموعة بأنها تستخدم بنجاح لمكافحة الحشرات القارضة، ولعل من أهم المركبات المستخدمة في هذا المجال مركبات الزرنيخ والفلور ومركبات الفسفور غير العضوية والتي تستخدم كسموم معدية لضمان فاعليتها، وذلك برشها لتغطية النموات الخضرية للنبات أو عن طريق خلطها بمواد جاذبة للحشرات أو نثرها في اماكن مرور الحشرات حيث يصل المبيد الى فم الحشرة عند قيامها بتنظيف أو لعق أجزاء جسمها. وفي الوقت الحاضر يكاد يقتصر استخدام هذه المركبات في مجالات معينة وعند الضرورة وذلك نتيجة للأضرار التي تحدثها هذه المركبات للإنسان والحيوان والنبات لشدة سميتها علاوة على عدم تحللها وبقاؤها لفترة طويلة في البيئة، ومن أهم المركبات التابعة لهذه المجموعة ما يأتي: -

مركبات الزرنيخ Arsenical Compounds

تشكل مركبات الزرنيخ مجموعة كبيرة من المواد السامة ذات التأثير المعدي، ومن الدور المهم الذي لعبته هذه المجموعة في مكافحة الآفات الحشرية فقد أصبح مجال استخدامها اليوم مقتصراً على حالات معينة وذلك لشدة سميتها على الأنسان والحيوان والنبات، ولكي يحدث عنصر الزرنيخ تأثيره السام فأنه لابد أن يكون في صورة مركبات لذلك فأن هذا العنصر يتوفر عادة بشكل أكاسيد أحدها يطلق عليه الزرنيخ الأبيض أو حامض الزرنيخور 2H3Aso₃ والثاني حامض الزرنيخيك  2H3AsO4 وتستخدم هذه الاحماض بشكل أملاح وتدعى الأولى بمركبات الزرنيخيت Arsenite والثانية بمركبات الزرنيخات Arsenate. وبصورة عامة فأن أملاح الزرنيخيت أكثر سمية للحيوان والنبات من املاح الزرنيخات والتي تستخدم رشاً على النبات لقلة ذوبانها بالماء بينما يقتصر استخدام أملاح الزرنيخيت في عمل الطعوم السامة لأنها شديدة الذوبان بالماء محررة حامض الزرنيخوز الذي يعمل على حرق النباتات المعاملة. وبشكل عام فأن كفاءة مركبات الزرنيخ في مكافحة الآفات الحشرية تعتمد بالدرجة الأساس على النسبة المئوية لعنصر الزرنيخ في المركب المستخدم في عملية المكافحة. ومن أهم مركبات الزرنيخ ما يأتي: -

أخضر باريس Paris Green

يعد هذا المركب من أقدم المواد السامة حيث استخدم لأول مرة عام 1867 لمكافحة خنفساء كولوراد والتي كانت تفتك في حقول البطاطا. يوجد هذا المركب بشكل مسحوق بلوري أخضر وهو عبارة عن خليط من خلات النحاس وميتازرنيخيت النحاس وبنسبة 3:1.

                      Cu2 (CH3CO2)2 (AsO)2

ويمكن استخدامه لمكافحة الحشرات القارضة وذلك أما برشه على الأجزاء الخضرية للنبات أو بشكل مسحوق تعفير أو قد يستخدم في تجهيز الطعوم السامة وهو الاستخدام المفضل له في الوقت الحاضر وذلك لسهولة ذوبانه في الماء وضعف التصاقه بالنبات مما يؤدي الى حدوث حروق في النموات الخضرية للنبات.

زرنيخات الرصاص Lead Arsenate

استخدمت عام ۱۸٩٢ كمبيد حشري لمكافحة الفراشة الغجرية Gypsy moth في الولايات المتحدة الأمريكية. ولهذا المستحضر تأثير قليل على النبات ويمكن استخدامه رشاً بعد تخفيفه بالماء أو تعفيراً بعد تخفيفه بمسحوق الكبريت وذلك لمكافحة حشرات التربة وتتوفر زرنيخات الرصاص بصورتين الصورة الحامضية (PbHASo) والصورة القاعدية [3 ,Pb, NaoH) (PbO] وقد أظهرت الدراسات أن التربة تحتفظ بكميات لا بأس بها من هذه المادة ولفترة طويلة حيث تؤثر خلالها على خصوبة التربة نتيجة تأثيرها على الاحياء المجهرية للتربة.

زرنيخات الكالسيوم Calicum Arsenate

استخدمت هذه المادة في مكافحة حشرات البطاطا والطماطة والقطن والمركب التجاري لزرنيخات الكالسيوم عبارة عن خليط من ثالث زرنيخات الكالسيوم Cay 2 (AsO) وزرنيخات الكالسيوم الحامضية ،CaHASo . وهي أكثر أماناً من زرنيخات الرصاص وذلك لقلة ذوبانها في الماء مما يجعل تأثيرها بسيطاً على النموات الخضرية الا أنها تمتاز بسميتها الشديدة على الأنسان والحيوان . ومن مركبات الزرنيخ الأخرى ثالث أوكسيد الزرنيخ وأوكسيد الزرنيخوز وزرنيخيت الصوديوم وزرنيخات النحاس. وبشكل عام فأن استخدام مستحضرات الزرنيخ قد حدد وبشكل كبير وذلك لما تسببه من آثار ضارة على عناصر البيئة المختلفة فضلاً عن ظهور مبيدات جيدة أكثر أماناً وذات كفاءة أعلى في مكافحة الحشرات.

مركبات الزرنيخ والنبات

يحدث في كثير من الأحيان عند استخدام مركبات الزرنيخ رشاً على النبات أن يدخل الزرنيخ الذائب عن طريق بشرة الأوراق او الجذور ويؤثر على بروتوبلازم الخلايا مما يؤدي الى ظهور أعراض اصفرار وحروق على الأوراق مما يؤدي الى جفافها وسقوطها وموت النبات أحياناً، ويعتمد ذلك على درجة حساسية النباتات للمركبات الزرنيخية حيث نجد مثلاً أن نباتات الخيار والباقلاء والخس حساسة جداً في حين تعد اشجار الخوخ والتفاح والكمثري أقل حساسية من الأولى فيما يعتبر الثيل مقاوماً لفعل المركبات الزرنيخية.

ميكانيكية التأثير السام لمركبات الزرنيخ

هناك أكثر من طريقة يمكن استخدامها لتفسير ميكانيكية التأثير السام لمركبات الزرنيخ في الكائنات الحية وهي: -

۱) تعمل مركبات الزرنيخ على منع حدوث عملية فسفرة مادة ال Adenosine) diphosphate) ADP في عملية الفسفرة التأكسدية وبالتالي منع تكوين الـ Adenosine Triphosphate) ATP) المهمة في تخزين الطاقة اللازمة للكائن الحي. وقد وجد أن مركبات الزرنيخيت تمنع حدوث عملية الفسفرة بنسبة 95% في حين تعمل مركبات الزرنيخات على منعها بنسبة 50%.

۲) ترتبط مركبات الزرنيخ بالأنزيمات الحاوية على مجموعة SH وتثبط عملها ومن هذه الأنزيمات Dehydrogenase, Cytochrome oxidase, Phosphatase .

حيث تؤدي عملية التثبيط الى حدوث خلل في العمليات الكيمياوية الحيوية يؤدي بالنهاية الى موت الكائن الحي ومما يؤكد هذا التأثير هو أمكانية خفض سمية مركبات الزرنيخ عن طريق اعطاء الشخص المتعرض لها مادة British Anti) Lewisite) BAL والتي تحتوي على مجموعتين من الـ (SH) وتستخدم هذه المادة في الوقت الحاضر كمادة دوائية وتعطي للمتسممين بمركبات الزرنيخ.

۳) تؤدي الجرعات العالية من مركبات الزرنيخ الى حدوث ترسيب كلي للبروتين في الخلية الحية وذلك لمهاجمتها الأواصر الكبريتية التي تلعب دوراً مهماً في حفظ الشكل المميز للبروتين، وقد لوحظ بأن تأثير هذه المركبات يتركز في النسيج الطلائي الموجود في القناة الهضمية الوسطى للحشرات.

مركبات الفلور

استخدمت مركبات الفلور كبديل لمركبات الزرنيخ وذلك لما تسببه الأخيرة من مخاطر على الحيوان والنبات وقد وجد من خلال الاستعمال أن لمركبات الفلور تأثيراً أكبر على الحشرات من مركبات الزرنيخ فضلاً عن انخفاض تأثيرها على الحيوان والنبات . ويمكن لهذه المركبات أن تستخدم بشكل طعوم سامة علاوة على تأثيرها الطارد لبعض أنواع الحشرات وتعد هذه المجموعة من المبيدات السامة غير المتخصصة والتي قد تؤثر على صور الحياة المختلفة ، كما قد يؤدي استخدامها الى تلوث البيئة وذلك ببطء تحللها في البيئة ومن مركبات الفلور المستخدمة في مجال مكافحة الآفات الحشرية:-

فلوريد الصوديوم ( Sodium Fluride ( NaF

استخدمت هذه المادة في عام ١٨٤٢ كطعوم سامة لمكافحة الحشرات المنزلية كالنمل والديدان القارضة. ولا بنصح باستخدامها رشاً على النبات وذلك لذوبانها العالي في الماء حيث تؤدي الى حدوث حروق للنباتات المعاملة بها، ويمكن استخدامها بشكل مساحيق تعفير لمكافحة الطفيليات الخارجية على حيوانات المزرعة، وتحدث هذه المادة تأثيرها السام في الحشرات عن طريق المعدة والملامسة.

فلوسيليكات الصوديوم Sodium Fliosilicate

استخدمت هذه المادة وعلى نطاق واسع في تجهيز الطعوم السامة لمكافحة الحشرات الزاحفة والديدان القارضة علاوة على استخدامها كمواد طاردة لبعض انواع الحشرات وبالرغم من أن سمية هذه المادة أقل من فلوريد الصوديوم فأن لها تأثيراً ضاراً على النبات خاصة النباتات التي تفرز مواد قلوية حيث تتفاعل معها ويتحرر عنها فلوريد الصوديوم الضار بالنبات.

فلوسيليكات الباريوم Barium Fluosilicate

استخدمت عام 1946 لمكافحة الكاروب والخنافس البرغوثية حيث يمكن أن تستخدم كمسحوق تعفير بعد تخفيفها بالتلك أو الكبريت أو رشاً بإذابتها بالماء شرط أضافة بعض المواد اللاصقة لكونها لا تلتصق بالنبات.

فلوألومينات الصوديوم ( الكريوليت ) Cryolite

ويتم تحضير هذا المركب بتفاعل فلوريد الأمونيوم وفلوريد الألمنيوم مع كلوريد الصوديوم

3NH4F + ALF3 + 3NaCl → Na3ALF6 + 3NH4CL

 أن 90 – 98% من ناتج التفاعل هو عبارة عن فلوالومينات الصوديوم (Na3ALF6) وقد بدأ استخدام هذه المادة كمبيد حشري منذ عام ١٩٢٩ أما بشكل محاليل رش أو بشكل مساحيق تعفير بعد خلطها ببعض المواد المخففة كالتلك والطين، ولا يفضل خلطها بمواد قاعدية كالجير أو مزيج بوردو أو الكبريت لأن ذلك يؤدي الى تحرر مادة فلوريد الصوديوم أو كلوريد الكالسيوم اللتين تذوبان بالماء وتؤثران على النباتات المعاملة.

ميكانيكية التأثير السام لمركبات الفلور

بالرغم من عدم وضوح ميكانيكية التأثير السام لمركبات الفلور لحد الآن الا ان هناك بعض التفسيرات التي قد توضح هذه الميكانيكية منها: -

أن لعنصر الفلور دوراً كبيراً في تثبيط أنزيم الفوسفاتيز مما يؤدي الى أعاقة مركب الـ ATP من أخذ الكمية الكافية من الكالسيوم مما يؤثر في عمله كمادة خازنة للطاقة اللازمة للفعاليات الحيوية.

2) أن مركبات الفلور تكون معقدات مع بعض الأنزيمات الحاوية على معادن في تركيبها كالحديد والكالسيوم والمغنيسيوم وتثبيط عملها مثل أنزيمات

Cytochrome, oxidase, Catalase, Enolase, ATPase

3) أن الجرعات العالية مركبات الفلور تؤدي الى قتل بروتوبلازم الخلية الحيوانية والنباتية كما ترسب جذر الخلية من الكالسيوم.