المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
الجهاز التناسلي الذكري في الدجاج الجهاز التنفسي للدجاج محاسبة المسؤولية في المصرف (الإدارة اللامركزية والعلاقات الإنسانية ـــ الإدارة اللامركزية في المصرف) أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون المدني أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون الإداري دور التشريعات والسلطات الرقابية في تسعير المنتجات والخدمات المصرفية موضوع الملاحظة في الاستنباط القضائي ملكة الاستنباط القضائي الجهاز الهضمي للدجاج إستراتيجيات تسعير المنتجات والخدمات المصرفية في الاطار الرقابي (انواع المنتجات والخدمات المصرفية) طـرق تـحديـد سعـر الفـائـدة علـى القـروض السـكـنـيـة (العـقاريـة) تـحليـل ربحيـة العميـل من القـروض الاستـهلاكيـة (الشخصيـة) المـقـسطـة الدجاج المحلي العراقي معجزة الدين الاسلامي موضوع الإعجاز


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تحديد مضمون النظام العام لتطبيق قانون القاضي  
  
985   10:52 صباحاً   التاريخ: 15/12/2022
المؤلف : محمد حسناوي شويع حسون
الكتاب أو المصدر : تفوق قانون القاضي على القانون الاجنبي
الجزء والصفحة : ص150-160
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

إن مضمون وجوهر فكرة النظام العام يتمثل بتوفير الحماية لأسس النظام الذي تقوم عليه دولة القاضـي على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي فضلاً عن التلازم الكبير بين هذا الجوهر وبين القواعد الأمرة.

وهذا يعني بأن الأسس المتقدمة تتضـمن مضمون النظام العام في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسـياسـية وحتى الجوانب الدينية ، وبما أن النظام العام على مستوى العلاقات بين المواطنين يحمل نفس جوانب المضمون المذكور فإنها بالضرورة تلقي بضلالها تأثيراً على النظام العام في نطاق العلاقات الدولية الخاصة مما دفع البعض إلى اعتبار النظام العام الداخلي هو الأصل في حين أن النظام العام الدولي (النظام العام في العلاقات الدولية الخاصة) فرع أو جزء منه. (1) وبناءاً على ذلك فإن تحديد مضمون فكرة النظام العام في نطاق العلاقات الدولية الخاصـة تتم بموجب تحديد مضمونها في العلاقات الوطنية وأن كان المضمون الاخير لها أكثر شدة واتساعا منه على مستوى العلاقات الدولية الخاصة ذلك مراعاة للأمان في العلاقات ذات الطابع الدولي التي تنشأ بين الأشخاص فضلاً عن تشجيع حركة الاعمال والتجارة. والخيار هو تصنيف النظام العام كفكرة بين النظم القانونية للدول وهي عصية على التحديد بشكل مقصود من قبل الدول نفسها وبين قيام هذه النظم بمحاولة استعراض وإجمال بعض المبادئ والحالات التي تدخل ضمن فكرة النظام العام .

فأما ما بقي من النظام العام كفكرة وهو مبدأ يحافظ عليه كل مشرع في كل دولة وهو خارج عن نطاق تحديد المضمون بشكل ذاتي ويبقى اطارة أو سلاحا يستعين به مشرعوا الدول لمنع تطبيق أي قانون أجنبي يشكل تهدي للأسس السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تقوم عليها أنظمة بلدانهم ، وهذا الهدف أو الغاية هي الدافع من عدم تحديد النظام العام وبقائه فكرة مرنة يمكن الاستعانة بأحد مضامينها لأجل الحفاظ على النظام في الدولة وتوفير الأمان ، أي أن فكرة النظام العام تمثل الظل الذي تتحرك من خلاله قواعد قانونية في دولة القاضي لا تسمح بتطبيق قوانين أجنبية تحكم علاقات دولية خاصة تشكل اعتداء على فكرة النظام العام في جوانبها المختلفة هذا وهي تلعب هذا الدور وبمستوى أكبر في العلاقات الوطنية الخالصة كما بنين.

ومن ثم لم يبق من تحديد لمضمون فكرة النظام العام إلا بما أوردته بعض من القوانين التي حددت بعض المفاهيم التي تضمنها فكرة النظام ولو على سبيل المثال لبيان مضمون هذه الفكرة ومنها القانون المدني العراقي الذي نص في المادة   2/130)  )من القانون المدني العراقي التي عرضت عدد من الأحوال تمثل مفهوم فكرة النظام العام على سبيل المثال لا الحصر ولم يرد هذا التمثيل في القانون المصري لأن القانون المصري اعتمد في تحديد ما يعتبر من النظام العام حسب موضوعات العلاقات الدولية الخاصة بكونها من مسائل الأحوال الشخصية فتكون لقواعد الشريعة الإسلامية دورة في تحديد النظام العام فيها وخاصة في القانون المدني المصري أما في موضوع الأحوال العينية والإجراءات فيرتبط دور النظام العام فيها بمبدأ سيادة الدولة على إقليمها وحمايتها نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي (2).

وبالعودة إلى الفقرة الثانية من المادة (130) من القانون المدني العراقي التي حددت بعض صور النظام العام يقولها (ويعتبر من النظام العام بوجه خاص الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية كالأهلية والميراث والأحكام المتعلقة بالانتقال والإجراءات اللازمة للتصرف في الوقف وفي العقار والتصرف في المال المحجور ومال الدولة وقوانين التسعير الجبري وسائر القوانين التي تصدر الحاجة المستهلكين في الظروف الاستثنائية) , يلاحظ على النص المتقدم أنه جمع بين طياته عددا من العناوين التي تنتمي لعدد من المواضيع دون وضع رابط بينهما.

ويلاحظ أيضا أن المادة نفسها حسمت خلاف فقهية وقانونية في مسألة عينية أو شخصية مسائل المواريث إذ أن هناك اختلاف في تحديد تلك الطبيعة فقد صنفها جانب من الفقه ض من مسائل الأحوال العينية وجانب أخر من الفقه صفها ضمن مسائل الأحوال الشخصية (3).

في حين كانت المادة المذكورة واضحة في إخضاع مسائل المواريث من الأحوال الشخصية والاخيرة تعد من النظام العام للدولة , والسؤال هنا يتعلق بالجانب الذي يستبد بحكمة النظام العام وتتعارض معه عند التطبيق أحكام القانون الأجنبي؟

إن من المعلوم أن أحوال المواريث تتضمن جانبا شخصيا وأخر عينية وترتب عليه اختلاف فقهي وتشريعي بشأن طبيعتها وما يخص الأحوال العينية أو الأموال في نطاق المواريث فإن موقف كل من القانون العراقي والمصري يعتمد على تطبيق قانون موقع الأموال الداخلة في التركة وخاصة طرق انتقال وتصفية هذه الأموال وحقوق الملكية وبقية الحقوق العينية الواردة عليها كحق المنفعة والارتفاق فضلا عن تطبيق قانون الموقع فيما يتعلق بالإجراءات والتصرفات الشكلية والتدابير الوقتية والمستعجلة (4).

في حين اعتمد القانون المدني الفرنسي أسلوب التفريق لتطبيق القانون المختص على أموال التركة وبحسب طبيعة هذه الأموال فيخضع التركة العقارية لقانون الموقع والتركة المنقولة القانون موطن المتوفي(5).

وبناء على ما تقدم أن حكم القانون واجب التطبيق في مسائل المواريث يرتبط أساسأ بضوابط إسناد قد تخرج به عن حكم قانون دولة القاضي إلى قانون موقع وجوده ومن ثم تخرج تلك المسائل عن نطاق النظام العام , وبعبارة أخرى أن قانون موقع العقار وقانون موطن المتوفي بالنسبة للمنقول في فرنسا أو قانون موقع المال عقار أو منقولا بالنسبة للعراق ومصر هو القانون الواجب التطبيق , أي أن حكم النظام العام فيها ومن ثم تطبيق قانون القاضي يقف ويصار إلى تطبيق قانون موقع وجود المال في كل من العراق ومصر أو تطبيق قانون موقع العقار وقانون موطن المتوفي في فرنسا .

أما ما يطبق على مسائل المواريث الأخرى باعتبارها من مسائل الأحوال الشخصية في كل من القانونين العراقي والمصري (6) , فإن عددا من هذه المسائل يخضع لقانون المتوفي إي أن القانون الشخصي للمتوفي الذي يتحدد بجنسيته هو القانون واجب التطبيق ويتم تطبيق قانون جنسية دولة المتوفي المذكور على جملة من المسائل منها ما يتعلق بشروط الاستحقاق بالنسبة للوارث والموروث ودرجات القرابة والمراتب بين الورثة والموانع من الميراث كقتل الوارث للمورث واختلاف الدين ويتضمن أيضأ مسألة تحديد نصيب كل وارث ويدخل فيه حتى كيفية توزيع الأموال بين الورثة بالقسمة الرضائية (7).

ومن خلال تطبيق القانون الشخصي وهو قانون دولة المتوفي على المسائل المتقدمة باعتبارها من مسائل الأحوال الشخصية يتبادر إلى الذهن السؤال عن مدى تفوق قانون القاضي بالتطبيق على هذه المسائل؟

إن التفوق المقصود لقانون القاضي في الحقيقية والواقع لا يتحقق ابتداءا في هذه المسائل إلا إذا كان قانون المتوفي الشخصي هو قانون القاضي ففي هذا الفرض يتفوق قانونه دون حاجة لاستخدام وسيلة الدفاع وهو النظام العام في دولة القاضي لأن قانون المتوفي يمثل جزءا من النظام العام لديه , لكن اختصاص قانون دولة المتوفي أي قانونه الشخصي قد يكون من الغير بالنسبة لقانون القاضي أو قانون الدولة المرفوع أمام محاكمها النزاع ونعلم أن القانون المذكور هو صاحب الاختصاص ويعتبر ملائمة لحل النزاع ويقدم حينها على قانون القاضي لكن لا يقف الموضوع عند هذا الاختصاص لأن هذا القانون المذكور من الممكن جدا أن يتعارض مع مبادئ النظام العام التي تشكل جزءا كبيرا من قوانين دولة القاضي وليكن مثلا قانون المتوفي يساوي بالنصيب الإرث بين الذكر والأنثى أو لا يعتمد صلة النسب كأساس في استحقاق الميراث أوانه يعتمد ما يعرف بالبنوة الطبيعية أو يحرم البعض من الميراث بسبب الجنس أو اللون أو لأسباب سياسة أو عراقية (8).

هذه الحالات المتقدمة وممكن غيرها بشكل تصادما واضحا مع أسس النظام العام لدولة القاضي مما يفرض عليه استبعاد تطبيق ذلك القانون كونه يخالف النظام العام لديه وتطبيق قانونه وتقديمه بدلا منه وهو الرأي الراجح لأكثرية الفقهاء بشأن الأثر الإيجابي للدفع بالنظام العام والذي سيتم تناوله لاحقا . وبناء على ذلك فأن مسائل الميراث الواردة في المادة (130) من قانوننا المدني يكون القانون واجب التطبيق عليها هو القانون الأجنبي بموجب قواعد الإسناد الوطنية ولكن اذا تعارض القانون المذكور أو تعارض بعض من أحكامه مع مبادئ النظام العام في دولة القاضي فلا يطبق الأخير القانون الأجنبي ويستبدله بقانونه ، يضاف لذلك تطبيق قانون القاضي نفسه في مسائل الأحوال العينية التي تشكل متعلقات الميراث حال وجودها في دولة القاضي فضلا عن تطبيق هذا القانون نفسه حال كونه قانون المتوفي الشخصي.

أما بالنسـبة للأهلية والتي تعرف إجمالاً بأنها قدرة الشخص على القيام بالتصرفات القانونية وترتيب الحقوق له وأداء الالتزامات للغير(9) فالسؤال الذي يطرح في المقام الماثل حولها يتمثل بالاستفسار عن القانون واجب التطبيق عليها ؟ أي هل تعتبر من ضمن مفردات الأحوال الشخصية التي استعرضتها المادة (130) من قانوننا المدني ومن ثم تخضع لقانون القاضي الوطني العراقي أم لا؟ إن تحديد القانون واجب التطبيق على الأهلية يقتضـي التمييز بين أهلية الوجوب وأهلية الأداء فالأولى تتداخل مع المواضيع التي تكون أهلية الوجوب محلاً لها ذلك لكونها ترتبط بموضوع الحقوق والالتزامات التي للشخص وعليه و من ثم فإن القانون الحاكم للحق أو للالتزام أو المركز القانوني عموماً هو الذي يكون واجب التطبيق بشأنها لأنه يضع الحدود أو المساحة اللازمة لممارسة الحقوق ولأداء الالتزامات, أما بشأن النوع الثاني للأهلية وهي أهلية الأداء التي تمكن صاحبها من التصرف والقيام بالأداءات اللازمة وفق القانون الذي يحكم حالة الشخص وليس القانون الذي يحكم موضوع الحق أو الالتزام كما لاحظنا في أهلية الوجوب.(10) وبما أن القانون الذي يحكم حالة الشخص ومميزاته هو قانونه الوطني فإن القانون الأخير تخضـع له وعلى الأغلب جميع التصرفات التي يجريها سواء ما يتعلق منها بالتصرفات التجارية أو الأحوال الشخصية وأهلية التصرف العقاري وغيرها من العقود الإرادية ، وهذا بخلاف القانون الذي يحكم أهلية الوجوب فهو يتعدد بحسب تعدد مضمون ومحل هذه الأهلية (11).

وقد أخضعت المادة (1/18) من قانوننا المدني أهلية الأشخاص لقانونهم الوطني نفسه المادة (1/11) من القانون المدني المصري, وعلى الرغم من اتفاق من القانونين المذكورين إلا أن الملاحظ أنهما اختلفا في الجوانب وبالاتجاه نص المادتين الفنية(12) إي أن الاتفاق كان على إخضاع تصرفات الشخص لقانون جنسيته فيما يبرمه ويجريه منها إلا أن سن الأهلية اللازم للإبرام أو للإجراء المذكور اختلاف بين القانونين , فالملاحظ أن القانون المدني العراقي نص في المادة (106) منه على أن (سن الرشد هي ثماني عشرة سنة كاملة) (13) في حين نص القانون المدني المصري في المادة 2/44)  )منه على (وسن الرشد هي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة).

وأمام هذا الاختلاف في العتبة اللازم تجاوزها من العمر لاكتمال أهلية التصرف أو الأداء عموما فإن ذلك سيلقي بالتأثير حتما على القانون واجب التطبيق وموقع قانون القاضي فإذا حدد في تصرف ما القانون العراقي باعتباره قانون جنسية أحد الأطراف كونه القانون واجب التطبيق وكان هذا الطرف يبلغ من العمر تسعة عشر عاما أي كونه بالغة وفق القانون العراقي إلا أنه ناقص للأهلية وفق القانون المصري فإن الأخير لا يطال التصرفات التي يجريها ابتداء أي أنه يعد كام للأهلية ويتحرر من حكم قانون القاضي المصري لأنه يخضع لحكم القانون الشخصي وهو (القانون العراقي) في حين لو فرضنا أن القانون المصري هو القانون واجب التطبيق لا صبح حكمه حكم ناقص الاهلية ومن ثم له إجراء التصرفات النافعة دون التصرفات الضارة أما التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فيتوقف إجراؤها ونفاذها على موافقة الولي أو الوصي وبحسب الأحوال (14)، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن أهلية الأجنبي في التصرفات المالية التي يعقدها في مصر وتترتب أثارها فيها وكان هذا الاجنبي ناقص الاهلية ونقص الاهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل على الطرف الاخر تبينه فتخضع للقانون المصري وليس الى قانونه الشخصي (15).

وفي هذه الحالة يتقدم حكم قانون القاضي على القانون الأجنبي واجب التطبيق لاختلاف مضمون حكم الأخير بشأن الأهلية بخصوص تصرفات مالية تمت في دولة القاضي ورتبت آثارها فيه فيتفوق قانون القاضي فيها بموجب قواعد وضعت في قانون دولة القاضي تهدف لحماية مصلحة الطرف الوطني وعلم علمه بحكم القانون الأجنبي المختلف. وقد أكدت محكمة التمييز الفرنسية ذلك في تطبيق قضائي شهير يتعلق بالمكسيكي ليزاردي البالغ من العمر (23) سنة في دولته وسن الرشد في دولته هو بلوغ ال(25) سنة في تصرف قام به في فرنسا حيث سن الرشد فيها ثمانية عشر سنة فقررت المحكمة بان (لا يمكن القول بأن على المواطن الفرنسي أن يكون عالما بجميع قوانين العالم وخاصة لجهة النصوص المتعلقة بفقدان الأهلية وسن الرشد ويكفي لصحة العقد أن يكون المواطن الفرنسي قد تعامل عند إجرائه بدون خفة وبغير رعونة وبحسن نية) (16).

وقد أختلف الفقه في أساس استبعاد حكم القانون الشخصي بالتصرف المالي المذكور بين مجموعة من المبررات منها كونه رعاية للمصلحة الوطنية أو كونه تطبيقا لقواعد المسؤولية التقصيرية المبنية على أن إخفاء المتصرف لنقص أهليته يمثل خطأ من جانبه أو أنها قائمة على أساس الإثراء دون سبب أو أن إرادة الدولة هي الأساس ولا ضرورة في تبرير توجهاتها في حين اعتمد قسم مبدأ الجهل المغتفر من جانب الوطني في التصرف المالي في دولة القاضي يرجح بها قانون الأخير  (17).

وفي الحقيقة أيا كان التوجه الفقهي من أساس اعتماد قانون القاضي بشأن أهلية الأجنبي في التصرف المالي فهو لا يعدو أن يكون بتأثير النظام العام في دولة القاضي كان قد عبر عنه بواسطة قواعد حالت تتقدم بها قواعد قانون القاضي ابتداء استنادا للفكرة الحديثة التي يجسدها النظام العام في صورة التوجيه والوقاية ولذلك لأن الأمر يتعلق بسلامة التصرفات المالية التي تعقد وترتب أثارها في دولة القاضي.

وقد أقتصر المشرع العراقي في المادة (130) من قانوننا المدني بذكر الاهلية والميراث من مسائل الأحوال الشخصية دون بقية المسائل الأخرى لأن المواد التي سبقت المادة اعلاه المواد من( 19 إلى المادة 24 ) قد حددت بوضوح عدد من مسائل الأحوال الشخصية والقانون واجب التطبيق بشأنها. وبالمقابل لا توجد مشكلة بشأن أن يكون قانون جنسية أحد الأطراف وهو القانون العراقي أو الفرنسي كونه واجب التطبيق ذلك لتماثل حكم كل من القانون العراقي والفرنسي بشأن سن الأهلية مؤخرة.

إن تأثير النظام العام على حكم القانون الأجنبي واجب التطبيق بشأن الأهلية هو استبعاد هذا القانون وتقديم حكم قانون القاضي بسبب كون حكم القانون المذكور بعدم أهلية أحد الأطراف أو نقصها مخالف للنظام العام في دولة القاضي(18) ويلاحظ أن الفقرة الخامسة من المادة (19) المتقدمة نصت على تطبيق وتقدم قانون القاضي العراقي في حال كون أحد الأطراف عراقية تأسيسا على فكرة النظام العام التوجيهي والتي رجحت كفة تطبيق قانون القاضي على القانون الأجنبي واجب التطبيق في إخضاع الشروط الموضوعية والشكلية لعقد الزواج وأثار عقد الزواج والبنوة والطلاق والتفريق وغيرها تخضع لحكم قانون القاضي العراقي ، وهو في الغالب يمثل قانون الزوج.(19) وقد نصت المادة ( 2/130) من قانوننا المدني على مسائل أخرى عدتها من النظام العام والتي تشكل مضمون فكرة النظام العام وهي الأحكام المتعلقة بالانتقال والإجراءات اللازمة للتصرف في الوقف والعقار، والوقف نظام لا تعرفه النظم الغربية لأنه نظام إسلامي وبما أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساس القوانين الدول العربية ومنها العراق فقد شاء المشرع العراقي التأكيد عليه باعتبار أن التصرف في الوقف والإجراءات المتعلقة به من النظام العام (20).

أما عن الإجراءات اللازمة للتصرف في العقار فقد اتضح أن العقار يخضع في التصرفات التي تجري بشأنه لحكم قانون الموقع وهي قاعدة قديمة حديثة استقرت عليه تشريعات الدول وأشار اليها المشرع العراقي في القانون المدني بالنص على سريان حكم قانون موقع العقار على التصرفات التي تجري بشأنه (21)

أما عن سبب إيراد العقار من ضمن مسائل النظام العام رغم وضوح النصوص فيه مقدماً على قصر الاختصاص فيه أصلاً على قانون الموقع ، فإن المسائل المتقدمة تخص التصرف في ذاته في حين أن الإشارة هنا تتعلق بإجراءات العلانية والتثبيت في السجلات وغيرها من إجراءات إعلام الغير بالتصـرف وحسـن التنفيذ وحجية النفاذ بحق الغير (22) ، وبنفس المعنى أشـارت المادة (9) من قانون تنظيم الشهر العقاري المصـري إلى عدم نفاذ أي تصـرف عقاري إلا بعد أن يتم شهرها بطريق التسجيل (23).

وعادت الفقرة الثانية من المادة (130) من قانوننا المدني لتذكر مســـــــائل من النظام العام تعد في حقيقتها وللوهلة الاولى جزء منها ذكر يابقاً وبالخصـوص التصـرف الوارد على مال الوقف والمحجور ومال الدولة ويمكننا أن نبرر ذلك باعتبار المسائل الاولى تتناول الإجراءات الخاصة بأموال الوقف في حين يراد بالثانية الأحكام المتعلقة بالتصرف ذاته الوارد على مال الوقف باعتباره من النظام العام ونفس الشيء بخصوص التصرف الوارد على أموال تعود للدولة والتي تتمثل بالمصلحة التي تهدف الدولة تحقيقها من التصرف بها ، ثم إضـافة المادة لمضمون فكرة النظام العام مهام الدولة التي تتصف بحماية الطرف الضعيف سواء أكان هذا الضعف ناجم عن صفة خاصة بهذا الطرف كان يكون سـفيها أو ذي غفلة أو معتوهاً أو مجنوناً أو مراعاة لمصلحة الغير كما هو الحال في المعاقب بعقوبة مقيدة للحرية ، أو أن هذا الطرف يستوجب من الدولة حمايته كونه قليل الخبرة في مقابل طرف آخر يكون على دراية ومعرفة في التصرفات التي يكون موضوعها أشياء وحاجات وخدمات يحتاجها الطرف الضعيف المتمثل بالمستهلك فضلاً لما يحتاجه هذا الطرف من رعاية في الظروف الاستثنائية التي تمر بها الدولة في حال الأزمات لغرض تقييد التصرفات والمعاملات بما يخدم المستهلك كونه يمثل الطرف الضعيف في العلاقة.

__________

1- د. أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008  ، ص852.

2- د. أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008 ، ص 594- 780؛ د. صلاح الدين, فكرة النظام العام في العلاقات الخاصة الدولية بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية، ص 54 وما بعدها؛ د. حسام الدين فتحي ناصف ، مركز قانون القاضي في حكم المنازعات الخاصة الدولية ، ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1994، ص 490 وما بعدها , ومن الاجتهادات القضائية المستقرة في فرنسا (إن أحكام القانون الأجنبي المختص طبيعية التي تكون مخالفة لمفهوم النظام العام الفرنسي لا يكون لها فعالية في فرنسا) نقلا عن القانون المدني الفرنسي باللغة العربية ، مصدر سابق ، ص 17 الفقرة (8) وللاستزادة ينظر القرارات القضائية على مستوى الاتحاد الأوربي المتاحة على الموقع الالكتروني وتمت زيارته بتاريخ 2017/3/5 الساعة العاشرة صباحا.

CURIA - Liste des résultats   

3- ينظر في ذلك د. أحمد عبد الكريم سلامة، الاصول ، مصدر سابق، ص 929 وما بعدها؛ د. سامي بديع منصور ود. عكاشة عبدالعال ، القانون الدولي الخاص ، الدر الجامعية ، بيروت ، لبنان  ، ص276 وما بعدها؛ د. وعبد الرسول عبد الرضا الاسدي ، القانون الدولي الخاص ، ط1 ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2013 ، ص276.

4- نص المادة (24) من قانوننا المدني ( المسائل الخاصة بالملكية والحيازة والحقوق العينية الأخرى .. يسري عليها قانون الموقع فيما يختص بالعقار ، ويسري بالنسبة للمنقول قانون الدولة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت وقوع الأمر الذي ترتب عليه كسب الحق أو فقده) ونص المادة (28) من نفس القانون ( قواعد الاختصاص وجميع الإجراءات يسري عليها قانون الدولة التي تقام فيها الدعوى أو تباشر فيها الإجراءات ) ، ونص المادة (18) من القانون المدني المصري ( يسري على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى ، قانون الموقع فيما يختص بالعقار ، ويسري بالنسبة إلى المنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها ) ونص  المادة (22) من نفس القانون ( يسري على قواعد الاختصاص وجميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات ).

5- نصت المادة (2/3) من القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 المعدل على أن (...تخضع العقارات حتى التي يملكها اجانب ، للقانون الفرنسي).

6- نصت المادة (22) من قانوننا المدني على أن ( قضايا الميراث يسري عليها قانون المورث وقت موته ..) ، ونصت المادة  1/17  من القانون المدني المصري على أن ( يسري على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت ، قانون المورث أو الموصي أو من صدر منه التصرف وقت موته  )،مع العرض أن المادة (3) من القانون المدني الفرنسي أشارت إلى مبدأ عام بنصها (.. يخضع الفرنسيون حتى المقيمون منهم في البلدان الأجنبية ، للقوانين التي ترعى أحوالهم الشخصية وأهليتهم ).

7- د. أحمد عبد الكريم سلامة، الاصول ، مصدر سابق، ص 936؛ د. صلاح الدين جمال الدين ، فكرة النظام العام في العلاقات الخاصة الدولية بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية ، دار الفكر الجامعي ، مطبعة شركة جلال للطباعة ، الإسكندرية، 2004  ، ص67؛ د. وعبد الرسول عبد الرضا الاسدي ، القانون الدولي الخاص ، ط1 ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2013 ، ص278.

8-  د. أحمد عبد الكريم سلامة، الاصول، مصدر سابق، ص 946-947؛ د. صلاح الدين جمال الدين ، فكرة النظام العام في العلاقات الخاصة الدولية بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية ، دار الفكر الجامعي ، مطبعة شركة جلال للطباعة ، الإسكندرية، 2004  ، ص 66.

9- وعبد الباقي البكري وزهير البشير ، المدخل لدراسة القانون ، شركة العاتك ، القاهرة  ، ص293 ود. سليمان الناصري ، المدخل لدراسة القانون , ط1 ، دار وائل للطباعة والنشر ، عمان ، 1999 ، ص143 ود. أسامة : بديع منصور؛ د. عكاشة عبد العال, القانون الدولي الخاص، مصدر سابق، ص 212؛ عبد الباقي البكري وزهير البشير, المدخل لدراسة القانون، مصدر سابق ، ص294.

10- د. أحمد عبد الكريم سلامة، الاصول ، مصدر سابق، ص 713-718؛ د. عبد الرسول عبد الرضا الاسدي, القانون الدولي الخاص، مصدر سابق، ص 265.

11- د. أحمد عبد الكريم سلامة، الاصول ، مصدر سابق، ص 717.

12-  تضمنت المادة (18) من القانون المدني العراقي فقرتين الأصل في الفقرة الأولى وهو خضوع الأهلية لقانون الجنسية والاستثناء بالفقرة الثانية الخاصة بأهلية إجراء التصرف المالي من قبل الأجنبي غير كامل الأهلية وفق قانونه في حين تُعد كاملة وفقاً للقانون العراقي، في حين كان نص المادة (1/11) من القانون المدني المصري منفرداً ومتضمناً كل من الأصل والاستثناء في فقرة واحدة.

13- ونفس الأمر في القانون المدني الفرنسي إذ نص بعد تعديل عام 1974 عدلت بالقانون رقم 297 2016 في 14/ 3/ 2016 بموجب المادة 43 على تحديد سن الرشد بثماني عشرة سنة بدلا من إحدى وعشرين سنة قبل التعديل.

14- تنص المادة (46) من القانون المدني المصري على أن كل من بلغ سن التمييز ولم يلغ سن الرشد، وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيها - أو ذا غفلة - يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون)، وتنص المادة 47 منه على (يخضع فاقدوا الأهلية وناقصوها - بحسب الأحوال – لأحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة بالشروط، وفقا للقواعد المقررة في القانون). وبأكثر صراحة نصت المادة 97 من قانون المدني بأنه, (يعتبر تصرف الصغير المميز إذا كان في حقه نافع محظة، وأن لم يأذن به الولي ولم يجزه ولا يعتبر تصرفه الذي هو في حقه ضرر محض، وأن أذن بذلك وليه أو أجازه. أما التصرفات الدائرة في ذاتها بين النفع والضرر فتنعقد موقوفة على إجازة الولي في الحدود التي يجوز فيها لهذا التصرف إبتداء).

15- المادة (11) من القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948 المعدل ويقابلها المادة (2/18) من قانوننا المدني .

16- نقلا عن د. فؤاد عبد المنعم رياض, د. سامية راشد ، تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي وآثار الأحكام الأجنبية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1994   ، ص 262ومابعدها.

17-  د. سامي بديع منصور ود. عكاشة عبدالعال ، القانون الدولي الخاص ، الدر الجامعية ، بيروت ، لبنان  ، ص218 وما بعدها.

18- د. أحمد عبد الكريم سلامة، الأصول مصدر سابق، ص 729 , د. سامي بديع منصور ود. عكاشة عيد العال, القانون الدولي الخاص، مصدر سابق، ص 216.

19- وتقابلها نص المادة (14) من القانون المدني المصري التي نصت على أن الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين مصرية وقت انعقاد الزواج، يسري القانون المصري وحده فيما عدا شرط الأهلية للزواج).

20- نصت المادة (2/ أولا) من دستور العراق لسنة 2005 النافذ على أن الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس التشريع).

21- المادة (508) من القانون المدني العراقي وكذلك نص المادة الثالثة من قانون التسجيل العقاري العراقي رقم 43 لعام 1971 المعدل.

22- نصت المادة الأولى من قانون التسجيل العقاري العراقي رقم 43 لعام 1971 المعدل على ( اختصاص دائرة التسجيل العقاري لموقع العقار في إجراء الإجراءات المتعلقة به وقيدها في سجلات نظامية. كما وعادت المادة الثالثة المذكورة منه – على عدم انعقاد التصرف الخاص به إلا بالتسجيل في دائرة التسجيل العقاري في كل ما يتعلق بإنشاء الحقوق ونقلها وتغييرها أو زوالها وأي من التصرفات التي تنشئ حقاً للغير.

24- قانون تنظيم الشهر العقاري المصري رقم 114 لسنة 1946 المعدل.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






العتبة العباسية تطلق مسابقة فن التصوير الفوتوغرافي الثانية للهواة ضمن فعاليات أسبوع الإمامة الدولي
لجنة البرامج المركزيّة تختتم فعاليّات الأسبوع الرابع من البرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسيّة
قسم المعارف: عمل مستمر في تحقيق مجموعة من المخطوطات ستسهم بإثراء المكتبة الدينية
متحف الكفيل يشارك في المؤتمر الدولي الثالث لكلية الآثار بجامعة الكوفة