بعد انتهاء مناقشة الاستجواب تأخذ طريقهـا إلـى اتجاهين، الاتجاه الأول اقتراح شكر وتأييد للحكومـة فـي مساندتها في مسارها، والاتجاه الثاني هو اقتراح سحب الثقـة مـن الحكومة واللجوء إلى التصويت على الاقتراح فإذا حاز الأغلبية المطلوبة فهذا يؤدي إلى إقالة الحكومة أو إقالة الوزير (1).

أي تثار المسؤولية السياسية للحكومة أو أحد الوزراء، إذ إنَّ سحب الثقـــة مــن خدمته رئيس مجلس الوزراء يؤدي إلى استقالة الوزارة كلها، وذلك لأنه المسؤول على تشكيل الحكومة وتحديد برامجها وتنفيذ سياستها، إذ يعتبر هذا الإجراء أخطر سلاح يمتلكه البرلمان في مواجهة الحكومة، فالراجح أنه في حال سحب الثقة من الوزير ، ن ، تنتهي بقوة القانون، وإذا صدر قرار بذلك فهو ليس سوى إجراء تنفيذي لقرار البرلمان بسحب الثقة (2)، إلا أن هذا لا يمنع بطبيعة الحال أن يقرر المجلس انتهاء مناقشة الاستجواب بطريقة أخرى، فقد يحوله المجلس إلى طلب رقابي آخر، إلا أن هذا التحويل يرد عليـه قيداً وهو عدم جواز تحويل الاستجواب إلى وسيلة رقابية أقل من الاستجواب، وإنما يمكن تحويله إلى لجنة تقصي الحقائق أو إلى أحد اللجان لفحصه وتقديم تقرير عنه (3).

وفي العراق، فقد بين النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي مصير الاستجواب في حالة عدم قناعة العضو مقدم الاستجواب وعلى أثر قرار صادر بالأغلبية المطلقة للأعضاء ويصدر قرار سحب الثقة بعد مرور سبعة أيام، أما إذا كان المستجوب رئيس مجلس الوزراء فيكون سحب الثقة بناءً على طلب من رئيس الجمهورية ويجوز سحب الثقة من الحكومة بإكملها ويصار إلى حكومة تصريف الأعمال إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ سحب  الثقة وفقاً لأحكام المادة (73) مـن الدستور  (4).

أمـا فـي لبنان فقـد نـص النظام الداخلي النيابي .... لكل نائـب أن يطلب طرح الثقة بشخص الوزير ...) (5) ، وأشارت اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري إلى أن الثقة يكون بناءً على الأغلبية المطلقة للأعضاء ، وكذلك الحال بالنسبة للنظام الداخلي الأردني ، ولابد من الإشارة هنا إلى الوقع العملي في لبنان، ففي معظم الأوقات تفترض الرقابة وجود معارضة فعلية قادرة على مساءلة الحكومة. وغالبا يناط بالمعارضة في البرلمانات موضوع مساءلة الحكومة، فوجود معارضة فعالة قادرة على القيام بواجباتها بالأخص الرقابة على أعمال الحكومة بات أمرا فائق الأهمية، إضافة إلى نظام المحاصصة السياسية التي يرتكز عليها النظام السياسي في لبنان أدى إلى إخفاقات ملحوظة في الرقابة على الأداء السياسي للمسؤولين فـــي السياسية والإدارة. وإخفاق الحكومة في تقديم مشروع موازنة للبرلمان وذلك لأكثر من 12 سنة، والاكتفاء بالصرف على قاعدة الصرف الاثني عشر ، هو أيضا ء سبب من الأسباب التي تعيق الرقابة المالية على الحكومة. أما في العراق فلم نلمس تطبيقاً ملحوظاً للرقابة البرلمانية وخاصة في الاستجواب، فالغرض من توجيهه من قبل البرلمـان هـو لمجـرد الابتزاز السياسي نتيجة الخلافات بين الأحزاب، كما لا يصار إلى سحب ثقة الوزير المستجوب وإن كان متهماً ومقصراً إذ شهدت أروقة البرلمان العراقي مطالبات باستجواب وزير المالية علي عبد الأمير علاوي على خلفية اجراءات قام بها أخيرا في موازنة السنة المالية 2021 لفرض استقطاعات على مرتبات الموظفين تحت مسمى "ضريبة الدخل." وأكد عضو البرلمان عباس ،صروط، أن تواقيع برلمانية جمعت أخيرا من أجل استجواب وزير المالية، مبينا أن ملفات عدة ستطرح خلال الاستجواب فـي حـال تــم، من بينها فرض ضرائب على مرتبات الموظفين، وتخفيض قيمة الدينار أمام الدولار من دون مقدمات مما أدى إلى تعرض الطبقة الفقيرة والمتوسطة للأذى، وهدر المال العام من خلال إرسال أكثر من اثنين ونصف ترليون دينار لحكومة أقليم كردستان خلافاً لقانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019، بالإضافة إلى إلحاق الأذى لشريحة واسعة من الشعب العراقي من خلال ملف الرواتب حيث يتم تـأخـيـر صــرفـها فـي شهر تشرين الأول من عام 2020 ولازال هذا الأمر مستمر وإطلاق تصريحات أدت إلــى حدوث قلق واضح للشعب بسبب تعرض قوت يومهم للخطر وهو نفس الموضوع الذي لحق بشريحة الفلاحين والذي سيؤدي إلى تعريض الأمن الغذائي للخطر حيث لم يتم الاهتمام بتسليم مستحقاتهم، وجاء في وثيقة موجهة من مجلـس النـواب إلـى مكتب وزيـر المالية، بتاريخ 28 كانون الأول لسنة 2021، أنه بناء على طلب الاستجواب المقدم من النائب يوسف الكلابي ولتوفر الشروط الدستورية والقانونية في الطلب، نحيل إليكم الأسئلة والوقائع والنقاط التي تناولها طلب استجواب وزير المالية. وبحسب الوثيقة فقد حدد مجلس النواب تاريخ الاستجواب بأنه سيكون في شهر كانون الثاني 2021. ولـم يـدرج في جدول الأعمال لحد الآن.

كذلك تم تحديد موعد استجواب لكل من رئيس هيئة الاعلام والاتصالات - ومحافظ البنك المركزي وأدرجت في جدول الأعمال إلا أن مجلس النواب فشل في إجـراء الاستجوابين. فلم يحضر رئيس هيئة الاعلام والاتصالات للجلسة لإصابته بفايروس كورونا المستجد وتم تأشيره غائباً وهذا مخالف للنظام الداخلي للمجلس، ثم قررت رئاسة المجلس مفاتحة وزارة الصحة للتأكد من حقيقة إصابته، ومن ثم تحديد موعد آخر لاستجوابه والذي لم يحدد لحد الآن، في حين فشل استجواب محافظ البنك المركزي بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للجلسة بالرغم من تأجيلها لثلاث ساعات حيث امتنعت العديد من الكتل السياسية من الحضور رغم تواجدهم في مقر المجلس، أيضاً تم توجيــه استجواب لوزيرة التجارة لكن لم يتم تحديد موعد لـه ولـم يتم إدراجه في جدول أعمال المجلس لحد الآن(6).

_________

1- ذبيح ميلود رقابة البرلمان على الحكومة بآلية الاستجواب مقاربة تحليلة مقارنة دراسات قانونية"، بحث منشور في مجلة جامعة الحاج خضر باتنة، العدد 14 الجزائر، 2008، ص89.

2- يحيى الجمل القانون الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985، ص287.

3- جابر جاد نصار، الاستجواب كوسيلة للرقابة البرلمانية على اعمال الحكومة في مصر

والكويت، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999 ، ص 109.

4- ينظر: المواد (63-64-65-66) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لسنة 2007.

5-  المادة (138) من النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني لعام 1994 وتعديلاته.

 6- الدائرة الإعلامية، موقع مجلس النواب العراقي