المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الـجن والانس}
2024-05-27
بلعم بن باعوراء
2024-05-27
{واذ اخذ ربك من بني‏ آدم من ظهورهم ذريتهم}
2024-05-27
سبك نخت مدير بيت (آمون)
2024-05-27
نفر سخرو المشرف على خبز قاعة القربان.
2024-05-27
نخت الأمين على الأسلحة في السفينة الملكية (خع أم ماعت)
2024-05-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


التعريف بعدد من الكتب / العلل للفضل بن شاذان.  
  
963   02:16 صباحاً   التاريخ: 2023-05-18
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج2، ص 188 ـ 197.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / علم الرجال / مقالات متفرقة في علم الرجال /

العلل للفضل بن شاذان (1):

الفضل بن شاذان أحد أعاظم أصحابنا الفقهاء والمتكلّمين، وقد صنّف عشرات الكتب ومنها كتاب (العلل)، وقد أورده الشيخ الصدوق (قدس سره) ــ كلاً أو بعضاً مجتمعاً أو متفرّقاً ــ في عدد من كتبه، منها علل الشرائع وعيون أخبار الرضا (عليه السلام).

وقد ذكر في العلل بعد إيراده بتمامه (2): (حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيشابوري العطار قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري قال: قلت للفضل بن شاذان لما سمعت منه هذه العلل: أخبرني عن هذه العلل التي ذكرتها عن الاستنباط والاستخراج وهي من نتائج العقل، أو هي مما سمعته ورويته؟ فقال لي: ما كنت أعلم مراد الله بما فرض ولا مراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما شرّع وسنّ ولا أعلّل ذلك من ذات نفسي بل سمعنا من مولاي أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) مرة بعد مرة، والشيء بعد الشيء فجمعتها. فقلت: فأحدّث بها عنك عن الرضا (عليه السلام)؟ فقال: نعم).

وفي العيون (3) روى العلل بطريق آخر عن الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام)، قال: (حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان النيشابوري عن عمه أبي عبد الله محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان أنه قال: سمعت هذه العلل من مولاي أبي الحسن بن موسى الرضا (عليهما السلام) فجمعتها متفرقة وألفتها).

والبحث عن (علل ابن شاذان) طويل الذيل، وقد اختلفت أنظار الأعلام فيه: فبعضهم ــ كالسيد الحكيم (قدس سره) ــ يعتبره رواية تامة السند، فيعتمد على ما ورد فيه ويستدل به. وبعضهم ــ كالسيد الأستاذ (قدس سره) ــ يعتبره رواية ضعيفة السند فلا تصلح عنده إلاّ للتأييد.

وحيث إنّ هذا بحث سيّال يأتي في عشرات الموارد التي استدل فيها بمقاطع من رسالة (العلل) هذه، فلا بأس بالتعرّض له وتمحيص حال هذه الرسالة، واقتصر هنا على إيراد مختصر ما أفاده سيدي الأستاذ الوالد (دامت بركاته) في رسالة ألّفها بشأنها مع قليل من الإضافات فأقول:

قال (دامت بركاته): اختلفت الأنظار في هذه الرسالة فهناك ثلاثة اتجاهات:

أحدها: أنّ الرسالة هي تصنيف الفضل نفسه لا أنّه رواها عن الرضا (عليه السلام)، فهو قد صنّفها في فلسفة الأحكام ومعرفة عللها، وكان ذلك أمراً مهتماً به في تلك الأعصار، فكانوا يكثرون الخوض فيه، ويرجعون إلى الأئمة (عليهم السلام) للسؤال بشأنه.

وهذا الاتجاه هو ظاهر النجاشي حيث عَدّ رسالة العلل من تأليفات الفضل ولم يذكر أنّه رواها عن الرضا (عليه السلام)، مع إن من دأبهم التصريح بأن الكتاب مروي عن الإمام الفلاني إذا كان المؤلف يرويه بتمامه عن إمام واحد كما في ترجمة أحمد بن عامر بن سليمان أنّه قال (4): (حدثنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام)، والنسخة حسنة) وفي ترجمة عبد الله بن محمد التميمي (5) أنّه: (له نسخة عن الرضا (عليه السلام) ) وهكذا في موارد أخرى.

وبناءً على هذا الاتجاه تكون الرسالة ذات أهمية من جهتين:

الأولى: أنّ الرسالة تمثّل فتاوى الفضل بن شاذان، ولفتاوى القدماء سيما المعاصرين للأئمة (عليهم السلام) قيمة خاصة، ولها دور في تأييد بعض الروايات إلى درجة الاعتبار أحياناً.

الثانية: أنّ الرسالة بما أنّها صُنّفت من قبل عالم إماميّ، فإنّها تبرز رقيّ الفكر الشيعيّ في باب علل الأحكام في تلك الأعصار، ويُعلَم بها درجة التفاوت بينه وبين ما أبرزه علماء الجمهور في هذا المجال، فإنّا وإن لم نعثر على تصنيف لهم في باب فلسفة الأحكام إلا أنّ أصحاب الرأي والقياس منهم لم يكن لهم بدّ من أن يستنبطوا عللاً للأحكام لكي يتمكّنوا من القياس وإسراء الحكم إلى الموضوعات المشابهة، ولهذا وردوا هذا الباب.

ويظهر بالمقارنة بين ما ذكره الفضل وما ذكروه رقي الفكر الشيعي ورفعة مستواه.

ثانيها: أنّ الرسالة هي من مرويّات الفضل عن الرضا (عليه السلام)، وهي معتبرة إمّا من جهة تصحيح سندها بإثبات وثاقة رواة أحد السندين، وإمّا من باب حصول الوثوق بصدورها لإيراد الشيخ الصدوق (رضوان الله عليه) قطعاً منها في كتاب الفقيه الذي ذكر أنّه لا يورد فيه إلا ما هو حجة بينه وبين ربّه، فاعتماد الصدوق (رضوان الله عليه) عليها مع قرب عصره بالفضل يورث الوثوق بصدور الرسالة من الإمام (عليه السلام).

وهذا الاتجاه يظهر من السيد صاحب مفتاح الكرامة والشيخ الأعظم الأنصاري والمحدث البحراني والسيد الحكيم (قدّس الله أسرارهم) وآخرين.

ثالثها: أنّ الرسالة وإن كانت مروية عن الرضا (عليه السلام) ولكن لا اعتبار لها لعدم ثبوت وثاقة رواة أحد السندين وعدم حصول الوثوق بها، وهذا هو الذي يظهر من السيد البروجردي والسيد الأستاذ (قُدٍّس سرُّهما).

وينبغي البحث عن جهتين:

الجهة الأولى: هل هناك شواهد واضحة على عدم كون الرسالة مروية عن الإمام (عليه السلام)؟

الجهة الثانية: هل هناك ما يثبت وثاقة رواة أحد السندين؟

ومعلوم أنّه إذا أمكن التوصل في الجهة الأولى إلى شواهد كافية على عدم صحة انتساب الرسالة إلى الإمام (عليه السلام) لا يبقى محل للبحث عن الجهة الثانية، ولكنّا نبحث عنها على كل حال (6).

فنقول أمّا البحث من الجهة الأولى فيقع في موردين:

أولاً: هل أنّ في الرسالة نفسها ما يشهد لعدم صدورها عن الإمام (عليه السلام) أو لا؟

وثانياً: هل هناك شواهد خارجية على ذلك أو لا؟

أمّا في المورد الأول فيمكن أن يُقال: إنّ في الرسالة عبارات لا تناسب صدورها من الإمام (عليه السلام)، نذكر نماذج منها:

الانموذج الأول: قوله: (فإن قيل لم غيّرت صلاة الآيات عن أصل الصلاة التي افترضها الله عزّ وجل، قيل: لأنّها صلاة لعلة تغيّر أمر من الأمور وهو الكسوف، فلمّا تغيّرت العلة تغيّر المعلول) (7)، فيلاحظ أنّ هذا النحو من التعليل والتعبير المستخدم فيه ممّا لا يناسب الإمام (عليه السلام)، وإنّما ينسجم مع ما كان متداولاً عند المتكلّمين في ذلك العصر.

الانموذج الثاني: قوله: (فإن قيل فلِمَ لا يجب على من مسّ شيء من الأموات غير الإنسان كالطير والبهائم والسباع وغير ذلك؟ قيل لأّن هذه الأشياء كلّها ملبسة ريشاً وشعراً وصوفاً ووبراً وهذا كلّه ذكي لا يموت).

وهذا الكلام أيضاً ممّا لا يناسب الإمام (عليه السلام)، فإنّ مقتضاه أنّه لو مس الإنسان لحم الحيوان الميت لوجب عليه أن يغتسل!!

الانموذج الثالث: قوله: (وقد روي عن بعض الأئمة قال: ليس من ميت يموت إلا خرجت منه الجنابة فلذلك وجب الغسل) فإنّ التعبير بـ(قد روي عن بعض الأئمة) غير متعارف في كلامهم فالإمام (عليه السلام) إن روى شيئاً عن بعض أبائه ذكره بالاسم ولا يعبر عنه ببعض الأئمة، بل هذا تعبير الآخرين عنهم.

هذا مضافاً إلى غرابة المضمون، وذلك لأنّ غسل الميت يجب حتى بالنسبة إلى الطفل الصغير بل والسقط الذي بلغ أربعة أشهر!

الانموذج الرابع: قوله: (أخبرني لم كلّف الخلق؟ قيل: لعلل، فإنّ قال: فأخبرني عن تلك العلل معروفة موجودة أم هي غير معروفة ولا موجودة، قيل: بل هي معروفة موجودة عند أهلها، فإن قيل: أتعرفونها أنتم أم لا تعرفونها؟ قيل لهم: منها ما نعرفه ومنها ما لا نعرفه)، وهذا الكلام لا يحتمل صدوره من الإمام (عليه السلام) الذي هو من الراسخين في العلم، وإذا لم يكن هو من أهل المعرفة بتلك العلل فمن الذي يعرفها إذاً؟!

هذا والملاحظ أنّ الصدوق (قدس سره) قد غلّط الفضل في عدة مواضع، وعلَّق على ذلك العلامة المجلسي (رحمه الله) (8) بقوله: (يظهر منه ــ أي الصدوق ــ أنّه يعتقد أنّ بعض هذه العلل سماعي وبعضها استنباطيّ، ولذا تراه يقول في مواضع: وغلط الفضل في ذلك، وهذا ممّا يضعف الاحتجاج به).

ومن الموارد التي غلّط الفضل فيها: ما ذكره من أنّ الاستنجاء بالماء فريضة، فقال الصدوق (9): (غلط الفضل لأنّ الاستنجاء ليس بفرض وإنّما هو سنّة). وفي مورد آخر نقل عن الفضل أنّ تكبيرة الافتتاح فرض، ثم قال (10): (غلط الفضل إنّما هي سنة واجبة) فيظهر من هذا أنّ الصدوق لم يكن يعتقد أنّ ما ذكره الفضل قد رواه عن الإمام (عليه السلام) وإنّما هو من استنباطاته فلهذا كان يخطؤه.

هذا فيما يتعلق بالمورد الأول، أي ما يشهد من الرسالة نفسها على عدم صدورها من الإمام (عليه السلام).

وأمّا المورد الثاني ــ أي الشواهد الخارجية على ذلك ــ فأبرزها أنّ رواية الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا (عليه السلام) مباشرة ممّا يصعب التصديق بوقوعها، بل يمكن الاطمئنان بعدمها، وأنّه لم يدركه (عليه السلام) بالنحو المذكور من تلقّيه لمضامين ما ورد في العلل شيئاً فشيئاً ومرة بعد أخرى.

توضيح الحال: أنّ الشيخ الطوسي (قدّس سره) عدَّ ابن شاذان في أصحاب الإمام الهادي (11) والعسكري (12) (عليهما السلام)، فلم يذكره في أصحاب الإمام الجواد فضلاً عن الإمام الرضا (عليه السلام).

وقال النجاشي في ترجمته (13): (الفضل بن شاذان بن الخليل.. كان أبوه من أصحاب يونس، وروى عن أبي جعفر الثاني وقيل عن الرضا (عليهما السلام) أيضاً). وفي قوله: (وقيل عن الرضا (عليهما السلام) أيضاً) إشارة إلى الارتياب في صحة ما ذكره بعضهم من كون شاذان بن الخليل والد الفضل ممن روى عن الرضا (عليه السلام)، فإذا كان هذا حال الوالد فكيف بالفضل نفسه، هل يحتمل أنّه أدركه (عليه السلام) وروى عنه؟!

وقد اعترف بهذا السيد الأستاذ (قدس سره) (14) قائلاً: (ظاهر النجاشي حيث خص والد الفضل بروايته عن الجواد (عليه السلام) وعلى قول عن الرضا (عليه السلام) عدم رواية الفضل عن الرضا (عليه السلام)، وهو أيضاً ظاهر الشيخ حيث إنه لم يعد الفضل من أصحاب الرضا ولا من أصحاب الجواد (عليهما السلام) ).

ولكن مع ذلك استظهر (قدس سره) صحة ما ذكره الصدوق من رواية الفضل عن الرضا (عليه السلام)، وعلّل ذلك بأن الصدوق أقرب عهداً من الشيخ والنجاشي. وقال: (يؤكد ذلك أن والد الفضل روى عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) فلا بعد في رواية الفضل نفسه عن الرضا (عليه السلام) ).

وفيما أفاده تأمّل واضح، فإنّ قرب العهد من الراوي لا يعتبر من المرجّحات لتقديم قول بعض الرجاليّين على بعض، ولم يسبق منه (قدس سره) أن التزم بمثل ذلك في الموارد الأخرى. مضافاً إلى أنّ قرب العهد إن كان من المرجّحات فهو فيما إذا كان القرب بدرجة كبيرة، وليس هكذا الحال بالنسبة للصدوق.

وأمّا ما ذكره من أنّ الصدوق أثبت رواية الفضل عن الرضا (عليه السلام) فليس دقيقاً بل فيه مسامحة، فإنّه (رضوان الله عليه) لم يحكم بكون الفضل راوياً عن الرضا (عليه السلام) بل أورد حكاية القتيبيّ وغيره ذلك عن الفضل ولم يظهر منه تصديقه للحكاية. بل مرَّ بعض الشواهد على خلافه، والسيد الأستاذ (قدس سره) لا يرى وثاقة القتيبيّ وصاحبه فكيف أثبت المعنى المذكور؟! وأمّا رواية والد الفضل عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) فإنّه قد ورد في رواية ضعيفة السند (15)، فلا يمكن الاعتماد عليها في قبال ما جاء في كلامي الشيخ والنجاشي.

ويؤكد عدم إدراك الفضل للإمام الرضا (عليه السلام) أنّ الكشي (16) أورد رواية في ترجمة الحسن بن علي بن فضال يظهر منها أن الفضل كان في زمان الحسن بن علي بن فضال حدث السن، بينما كان الحسن شيخاً من أجلاء الأصحاب، علماً أنه قد توفي في سنة (221 هـ) أو (224 هـ)، وعُدّ من أصحاب الإمامين الكاظم والرضا (عليهما السلام) فمن البعيد جداً أنّ الفضل كان في عصر الإمام الرضا (عليه السلام) ــ أي قبل شهادته سنة (203 هـ) في أشهر الأقوال ــ رجلاً كبيراً له صحبة طويلة معه (عليه السلام) بحيث يتلقى العلم منه مرة بعد مرة وشيئاً بعد شيء.

ويلاحظ أيضاً: أنّه لا توجد للفضل رواية عن الإمام الرضا (عليه السلام) من غير طريق القتيبي وصاحبه وفي غير هذا المورد رغم كثرة روايته في جوامع الحديث كالكتب الأربعة وغيرها، فإذا كان الفضل ممن أدرك الرضا (عليه السلام) وتلقى العلم عنه تدريجاً فلماذا لا نجد له رواية عنه (عليه السلام) في غير المصدر المذكور؟!

ألا يوجب هذا استبعاد صحة تلك الحكاية؟!

إذاً هناك شواهد داخليّة وخارجيّة كافية لعدم صحة نسبة ما ورد في رسالة العلل إلى الإمام الرضا (عليه السلام). هذا فيما يتعلق بالبحث عن الجهة الأولى.

الجهة الثانية: في إثبات وثاقة رواة أحد السندين المذكورين لرسالة العلل.

والسند الذي نبحث عن وثاقة رواته هو السند الأول، أي رواية عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيشابوري العطار عن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري عن الفضل بن شاذان.

أمّا عبد الواحد فقد ذكرت عدة طرق لإثبات وثاقته، والذي أراه تاماً منها هو أن الصدوق (رضوان الله عليه) ترضّى عليه في بعض المواضع من كتبه (17)، واستعمال الترضي في كلمات السابقين كان مختصاً بحق العظماء والأجلاء، فإنّه وإن كان بحسب مدلوله اللغوي دعاءً، ولكنه تحول إلى لفظ تكريم وتعظيم على لسان المتشرعة، ونظير ذلك لفظة (عليه السلام) التي لا تطلق عند جمهور المسلمين إلا في حق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا تطلق عندنا إلا في حق الأئمة (عليهم السلام) ومن يدانيهم في الرتبة كالعباس (عليه السلام) وبعض الشهداء، وإن كانت بحسب المدلول اللغوي لا تحمل هذه الخصوصية.

وأمّا بالنسبة الى علي بن محمد بن قتيبة فهناك عدّة وجوه يمكن أن تذكر لحسنه أو وثاقته:

الأول: قول النجاشي (18): (عليه اعتمد أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال) وأجاب عنه السيد الأستاذ (قدس سره) بأنّ النجاشي بنفسه ذكر في حق الكشي أنه يروي عن الضعفاء كثيراً فأي قيمة لاعتماده على راوٍ.

ولكن ربّما يقال بالفرق بين رواية الكشي عن شخص واعتماده عليه، إذ الاعتماد يتوقف على الوثاقة، وإلاّ فكيف يعتمد على من ليس بثقة؟!

وهذا الكلام ليس بشيء، فقد ذكر بشأن غير واحد من الرجال أنه كان يعتمد المراسيل أو المجاهيل كأحمد بن محمد بن خالد وسهل بن زياد وبكر بن أحمد العصري وغيرهم، فكيف يستغرب اعتماد الكشي على غير الثقة فيما ذكره في كتابه الذي قال عنه النجاشي: إنّ فيه أغلاطاً كثيرة؟!

الثاني: أنّ النجاشي روى في ترجمة محمد بن عيسى العبيدي رواية عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل أنه كان يحب العبيدي ويمدحه ويثني عليه، وعقب النجاشي (19) عليها بقوله: (بحسبك هذا الثناء من الفضل (رحمه الله) ) وهو يدل على اعتماد النجاشي على نقل القتيبي مدح الفضل للعبيدي.

ويمكن أن يُجاب عن هذا: بأنّ اعتماده على هذا النقل لا يكفي دليلاً على وثاقة الرجل عنده، لأنه قد يكون اطمأن بصحة الرواية اعتماداً على بعض القرائن.

الثالث: قول الشيخ (20) في حقه: (فاضل) فيقال: إنّ هذا مدح له، فتُعدّ روايته من الحسان، فتكون معتمدة على ما هو الصحيح من اعتبار الحسنة كالصحيحة.

وأجاب عن هذا السيد الأستاذ (قدس سره): بأنّ (الفضل) لا يعد مدحاً في الراوي بما هو راوٍ، وإنما هو مدح للرجل في نفسه باعتبار اتصافه بالكمالات والعلوم.

ولكن قد يقال: بأنّ التنبيه على فضيلة الراوي من دون قدح فيه ظاهر في مدحه بما هو راوٍ بنحو يناسب الاعتماد عليه.

إلاّ أنّ هذا الكلام غير تام، فأنه لا ظهور للتوصيف بالفضل في ذلك. مضافاً إلى أن المراجع للكتب الرجالية يلاحظ أن التوصيف بـ(فاضل) يأتي في مقابل التوثيق وما بمعناه، ومن نماذج ذلك أنّ الشيخ (قدس سره) الذي وصف القتيبي في كتاب الرجال بأنه فاضل واقتصر على ذلك، ذكر بعد ترجمة واحدة علي بن محمد الخلقي قائلاً: (ثقة فاضل) وذكر بعد أربع تراجم علي بن إسماعيل الدهقان وقال: (زاهد خيّر فاضل).

وعلى ذلك فاستفادة اعتبار رواية الشخص من توصيفه بالفاضل في غير محلها.

الرابع: أنّ العلّامة وصاحب المدارك وأمثالهم حكموا بصحة روايات وقع القتيبي في أسانيدها.

والجواب عنه: أنّه حدس واجتهاد منهم، وليس معتمداً على توثيقات المتقدّمين. إذاً تبقى وثاقة القتيبيّ محل إشكال.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.  بحوث في شرح مناسك الحج ج:1 ص:124.
  2. علل الشرائع ج:1 ص:274ــ275.
  3.  عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج:1 ص:127ــ128.
  4.  رجال النجاشي ص:100.
  5. رجال النجاشي ص:228.
  6. وذلك لاحتمال عدم قناعة البعض بتلك الشواهد، فلا بد من البحث في الجهة الثانية إتماماً للفائدة.
  7.  يجدر الإشارة إلى أن صاحب الوسائل قد عمد إلى حذف لفظة (إن قيل.. قيل) و(ما العلة) ونحوه من التعابير التي لا تناسب كلام الإمام (عليه السلام) في موارد النقل عن رسالة العلل، ليصير في صورة سائر الروايات.
  8. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ج:86 ص:206.
  9.  علل الشرائع ج:1 ص:258.
  10. علل الشرائع ج:1 ص:262.
  11. رجال الطوسي ص:390.
  12. رجال الطوسي ص:395.
  13. رجال النجاشي ص:307.
  14. معجم رجال الحديث ج:13 ص:323.
  15. الكافي ج:8 ص:152.
  16. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:801.
  17. من لا يحضره الفقيه ج:3 ص:238. التوحيد ص:242. الخصال ص:58. علل الشرائع ج:1 ص:59. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج:1 ص:83. كمال الدين وتمام النعمة ص:240.
  18. رجال النجاشي ص:259.
  19. رجال النجاشي ص:334.
  20. رجال الطوسي ص:429.



علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)