المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 5733 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
شعر لابي القاسم السميسر
2024-05-06
شعر لأبي الوليد ابن زيدون
2024-05-06
شعر لأبي الوليد الوقشي
2024-05-06
شعر لأبي بكر ابن حبيش
2024-05-06
شعر لأبي بكر ابن يوسف اللخمي
2024-05-06
شعر لأبي وهب الأندلسي
2024-05-06

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


شرح (وَنَفْسِي بِخِيَانَتِهَا وَمِطالِي).  
  
771   07:40 صباحاً   التاريخ: 2023-07-29
المؤلف : السيّد عبد الأعلى السبزواري.
الكتاب أو المصدر : شرح دعاء كميل.
الجزء والصفحة : ص 112 ـ 122.
القسم : الاخلاق و الادعية / أدعية وأذكار /

تعريف النفس وبيان مراتبها الخمسة:

اعلم أنّ النفس كما عرّفها الحكماء (1): جوهر مجرّد في ذاتها لا في فعلها، وأقوى دليل على تجرّدها تجرّد عارضها، كما قالوا: النفس مجرّدة لتجرّد عوارضها، وهي جسمانية الحدوث وروحانية البقاء؛ إذ البدن وآلاته وقواه الماديّة الحالّة فيه مرتبة من مراتب النفس، وهو جسم وجسماني.

وأقصى مراتب النفس التي بها كينونتها السابقة وباطن ذاتها هو العقل الفعّال، ثمَّ لها باعتبار صفاتها وشؤونها خمس مراتب، كما أخبر عنها القرآن الكريم:

النفس الأمّارة

الاُولى: الأمّارة، وهي التي تمشي علىٰ وجهها تابعة لهواها، كما قال الله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي}.

النفس اللّوامة

الثانية: اللّوامة، وهي شأنها تلويم نفسها إن اجتهدت في الإحسان، أو قصرت عنه واجتهدت في الإساءة، وقد أخبر عنها القرآن بقوله تعالى: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}.

النفس المسوّلة

الثالثة: المسوّلة، وهي لا تزال تزيّن الأشياء من الأسباب الدنيوية، من الدراهم والدنانير والضياع والعقار والنساء والبنات والبنين وغيرها عند نفسها، أو تزيّن الأسباب الأُخروية من القصور والحور والجنّات والأنهار الأربعة وغيرها، ثم يجتهد في تحصيلها من أيّ طريق اتّفق وعلى أيّ وجه وقع، كما قال الله تعالى: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ}.

النفس الملهمة

الرابعة: الملهمة، وهي التي لا تزال مُلهمة بإلهام الله تعالى أو الملك في مهمّاتها وطاعاتها ونسكها، وفي الاطلاع علىٰ المغيبات، أو في فجورها وغرورها، كقوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} ولكن إلهام الفجور والمعصية خذلان وخسران لها، وإلهام الطاعات والعبادات توفيق وإحسان لها من الله تعالى.

النفس المطمئنّة

الخامسة: المطمئنة، وهي التي اطمأنّت بذكر الله، وتوكّلت عليه في جميع الاُمور والأحوال، وبردت ببرد اليقين، ووقفت عن الكدّ والسعي في اُمور الدنيا، وهي مقامها أعلى وأشمخ من جميع مراتبها الاُخر، وهي المخاطب بقوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}.

فالنفس ذات عرض عريض، وهي آية الله الكبرى، من عرفها فقد عرف الله، ومن لم يعرفها فلم يعرف الله تعالى، وآية التوحيد؛ إذ هي بوحدتها كلّ الشؤون والصفات والمراتب، كما أنه تعالى بوحدته جميع الصفات الجمالية والجلالية واللطفية والقهرية، وجهه تعالى بوحدته كلّ الأفعال والآثار والوجودات والشؤون.

فجعل تعالى في خلقة الإنسان ووجوده شيئاً من العناصر، وشيئاً من الأفلاك والأملاك، وشيئاً من العقول، ونفخ فيه شيئاً من روحه، وأودع فيها شؤوناً من شؤوناته؛ لأنّه كما أنّ وجهه تعالى في مقام طبع، وفي مقام جسم، وفي مقام نفس، وفي مقام عقل أو في مقام ناسوت، وفي مقام ملكوت، وفي مقام جبروت، وفي مقام لاهوت، وبذاته لا شيء منها. كذلك النفس في مقام جسم، وفي مقام طبع، وفي مقام نفس مدبّرة، وفي مقام عقل، وفي مقام ليست بهذه كلّها، بل فانية عن جميع هذه، وباقية ببقاء الله.

فإن قلت: إنّها حادثة ذاتاً في مقام الطبع، صدقت.

وإن قلت: إنّها حادثة تعلّقاً، وأردت بالتعلّق وجودها الطبيعي الذاتي لا الإضافة المعقوليّة، صدقت.

وإن قلت: إنّها قديمة ذاتاً لا تعلّقاً، باعتبار كينونتها العقلاني التي هي تمامية النفس وصورتها النوعية المفارقة كما مرّ أن شيئية الشيء بصورته وتمامه، صدقت.

وإن قلت: إنّها غير باقية، بل زائلة سيّالة باعتبار حركتها الجوهرية ووجودها الزماني، صدقت.

وإن قلت: إنّها جسم، صدقت.

وإن قلت: إنّها روح صدقت.

بيان أقسام أربعة للنّفس:

اعلم أنَّ للنفس أربعة أقسام: نامية نباتية، وحسّية حيوانية، وناطقة قدسية، وكلّية إلهية.

روي: أنّه سأل صاحب هذا الدعاء ـ أعني كميل بن زياد (2) ـ معلّمَه ومعلّمَ الأولين والآخرين أمير المؤمنين عليه ‌السلام، قال: يا مولاي اُريد أن تعّرفني نفسي، قال عليه‌السلام: (أيُّ الأنفس تريد أن اُعرّفك؟) قال: هل هي إلّا نفس واحدة؟ قال عليه ‌السلام: (إنّما النفس أربعة: النامية النباتيّة، والحسّية الحيوانية، والناطقة القدسية، والكلّية الإلهية ولكلّ واحدة من هذه خمس قو وخاصّيتان:

فالنامية النباتية لها خمس قوى: ماسكة، وجاذبة، وهاضمة، ودافعة، ومربّية. وخاصيتها الزيادة والنقصان، وانبعاثها من الكبد، وهي أشبه الأشياء بنفس الحيوان.

والحسيّة الحيوانية لها خمس قوًى: سمع، وبصر، وذوق، وشمّ، ولمس. ولها خاصّيتان: الشهوة والغضب، وانبعاثها من القلب، وهي أشبه الأشياء بنفس السباع.

والناطقة القدسيّة لها خمس قوى: فكر، وذكر، وعلم، وحلم، ونباهة. وليس لها انبعاث، وهي أشبه الأشياء بنفس الملائكة، ولها خاصيتان: النّزاهة والحكمة.

والكلّية الإلهية لها خمس قوى: بقاء في فناء، ونعيم في شقاء، وعزّ في ذلّ، وصبر في بلاء. ولها خاصيتان: الرضا والتسليم، وهذه هي التي مبدؤها من الله وإليه تعود، لقوله تعالى: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا} وأمّا عَودها فلقوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً} والعقل وسط الكلّ، لكيلا يقول أحدكم شيئاً إلّا لقياس معقول) (3).

أقول: تحقيق معنى قوله عليه ‌السلام في النفس النباتية: (انبعاثها من الكبد)، وفي الحسّية الحيوانية: (انبعاثها من القلب)، يبتني علىٰ طول كلام في حركات النطفة، واستكمالاتها في الرحم إذا وقعت فيها.

بيان حركات النطفة في الرحم ودورانها:

اعلم أنّ النطفة ـ كما نقل عن أبقراط، إذا صبّت في الرحم تصير كروية؛ لأنّها ماء، والماء شكله الطبيعي كروي، إذ كلّ بسيط ـ سواء كان فلكياً أو عنصرياً ـ شكله الطبيعي هو الكروي.

ثمّ تنضج بالتدريج، حتى تطفو أجزاؤها اللطيفة من مركزها إلىٰ محيطها، فتنقسم إلى طبقات أربع بعدد العناصر، فالذي هو غليظ في الغاية يبقى في المركز، وما هو لطيف في الغاية يطفو ويصير طبقة محيطة، وما غلظته غالبة تقرب إلىٰ المركز، وما لطافته غالبة تقرب من المحيط، فما في المركز سوداء، وما في المحيط صفراء، وما يلي الصفراء دم، وما يلي السوداء بلغم.

فهذه وإن كانت طبائعها مختلفة، ولكن باعتبار كونها في حشو الرحم ودم الطمث تحمر بالتدريج، فتصير علقة حمراء في أربعين يوماً.

وفي القدسي: (خمّرت طينة آدم بيدي أربعين صباحاً) (4).

وممّا يناسب هذا المقام: أنّ الله تعالى أخذ في تخمير طينة آدم عشر قبضات، قبضة واحدة من العناصر، وتسع قبضات من الأفلاك التسعة: [مثلاً] (5) قبضة الفردانية والجاه أخذها من فلك الشمس، وقبضة المتباغضة والعداوة أخذها من فلك المريخ، وقبضة المحبّة من فلك الزهرة، وقبضة السعادة من فلك المشتري، وقبضة النحوسة من فلك زحل. وقِسْ عليه.

ودوّرها أربع دورات: دورة جمادية، ودورة نباتية، ودورة حيوانية، ودورة إنسانية، والكلّ أربعون.

ثمّ جعل العناية الإلهية هذه الأخلاط الأربعة ـ التي هي كالعناصر ـ مادّة لخلق الأعضاء السبعة الظاهرة من الرأس والظهر والبطن واليدين والرجلين، والسبعة الباطنة من الدماغ والقلب والرئة والمرارة والطحال وأعضاء التناسل، فأخذ من الأخلاط لخلق كلٍّ بحسبه وقدره علىٰ ما اقتضته الحكمة. وهذا هو الدور المعدني.

ثمّ خلق الله تعالى في هذه الأعضاء الظاهرة والباطنة قوى نباتية، من رؤساء أربع ـ أعني الغاذية، والمنتمية، والمولّدة، والمغيّرة ـ وجعل لكلّ منها خوادم، من الجاذبة، والماسكة، والهاضمة، والدافعة، والمربية. فجذبت الجاذبة دم الرحم من السرّة إلىٰ معدة الجنين، ثم جذبت جاذبة الكبد الكيلو من طريق المساريقي، فهضمته هاضمة الكبد حتىٰ صار يموسا نضيجاً، فخلق من زبدته وصفوته الروح النباتي، فانبعاثه من الكبد كما قال عليه ‌السلام.

فالباقي من الأخلاط ما كان دماً دخل في الأوردة، ووصل نصيب كلّ عضو إليه، وما كان صفراء انجذب إلىٰ المرارة، وخاصّيته ـ كما قال الأطباء ـ: تنقية الدم؛ لأنّه بمنزلة النار، ملطّف ومخلخل للدم.

وما كان سوداء انجذب إلىٰ الطحال، وخاصيته تصيير الدم ذا متانة وقوام، وإدخاله في غذاء الطحال والعظام.

وما كان بلغماً فهو في جميع الأعضاء، وخاصيته ـ كما قالوا ـ: ترطيب المفاصل والأدوات الاُخر، وصيرورته دماً عند احتياج الغذاء، وهذا هو الدور النباتي.

ثمّ انجذب صفوة الدم وزبدة الروح النباتي إلىٰ القلب، فإذا نضجا وطبخا صار الروح النباتي روحاً حيوانياً، فانبعاثه من القلب كما قال عليه ‌السلام، وينبعث من طريق الشرايين إلىٰ جميع الأعضاء.

فالقلب منبع حياة جميع الأعضاء، وكما قال الحكماء: منزلته في الإنسان الصغير منزلة الشمس في الإنسان الكبير.

ثمّ يستقل منه قسط إلىٰ الكبد، ويصعد منه قسط صالح طريق بعض الشرايين إلىٰ الدماغ، ونضّج فيه مرة أخرى فاعتدل وصار روحاً نفسانية، محطّاً ومطية للقوى المدركة الظاهرة والباطنة، والقوى والمحرّكة. وهذا هو الدور الحيواني، وإلى هنا التصورات في الأرحام.

وإذا خرج المولود من بطن اُمّه إلىٰ رحم الأرض كان في الدرجة الحيوانية إلىٰ أوان البلوغ الصوري الظاهري، ثم يأخذ في الدورة الإنسانية مستعملاً للفكر والروية، فإما يسلك مسلك التوحيد، وإمّا يذهب مذاهب اُخر إلىٰ ما شاء الله.

فجميع هذه مراتب النفس الإنسانيّة، ولها درجات ومقامات اُخر من مراتب العقل بالقوّة، والعقل بالملكة، والعقل بالفعل، والعقل المستفاد، والفناء في العقل الفعّال الذي هو قدرة الله الملك المتعال

قال صدر المتألهين قدس سره، في شرح بعض هذه الكلمات: "قوله عليه ‌السلام ـ في النفس الحيوانية ـ: (وانبعاثها من القلب) أي أوّلاً وبالذات".

قال: "وهذا لا يدفع قول الحكيم وتسميته إيّاها قوى دماغية: لأنّ الروح البخاري ينبعث من التجويف الأيسر من القلب أولاً، ثم يصعد في مسلك بعض الشرايين إلىٰ الدماغ، فيبرد بالتردّد في تجاويفه، فيعتدل ويصير مطايا القوىٰ الدماغية".

ثم قال: "ولعل ّالفكر والعلم متعلّقة بالعقل النظري المسمىٰ بالقوّة العلّامة للنّاطقة، فتكون إشارة إلىٰ العقل بالملكة والعقل بالفعل والعقل المستفاد. والحلم والنباهة متعلّقان بالعقل العملي المسمّىٰ بالقوّة العمّالة للناطقة، فتكون إحداهما الحال، والأخرى الملكة في العمل الصالح، ومناسبة الحلم إنّما هي مع الملكة باعتبار الثبات والاستقامة والطاقة للعامل. ويمكن أن تكون النباهة إشارة إلىٰ الحدس المغلوب للفكر في الثالثة، والنزاهة هي الحرية التي يقال في النفس الشريفة: هي التي فيها الحكمة والحرية".

ثم قال: "وقوله عليه ‌السلام في الكليّة الإلهيّة: (بقاء في فناء) ... إلىٰ آخره، يمكن أن يكون (في) للتعليل ـ ولا يخفى وجهه ـ وأن يكون للظرفية، من قبيل كون الباطن في الظاهر، والروح في الجسد. ومن أمثال العرفاء: إذا جاوز الشيء حدّه انعكس ضدّه".

وقال أيضاً: "وقوله عليه ‌السلام (والعقل وسط الكلّ) تمثيل لكون العقل مركزاً وهي دوائر. لكن اعلم أنّ الأمر في المركز والدائرة المعنويين في الإحاطة علىٰ عكس حال المركز والدائرة الحسّيين، فذلك العقل الكلّي ـ إن رزقك الله تعالى ـ هو الأصل المحفوظ لهذه" (6) انتهى كلامه الشريف.

معنى خيانة النفس:

إذا عرفت تعريف النفس ومراتبها وأقسامها وبعض أحكامها، فاعلم أنَّ خيانتها للعقل ـ في قول السائل ـ اتّباعها الشهوات العاجلة وهواجسها الدائرة الزائلة، وهلعها وولوعها فيها، وتركها نصيحة العقل في الاُمور الآجلة واللذات الباقية الدائمة، وتقويتها للوساوس الشيطانية التي مآلها النكال والعقاب، والمانعة عن لقاء الله، والحرمان من لقاء الجور، والخلود في جهنم، بئس المهاد والمآب.

وسبب اتباعها الشيطان وترك نصح العقل هو عدم معرفتها ذاتها وباطن ذاتها الذي هو العقل، وحجّة الله التي أرسلها من الباطن إلىٰ الخلق، وعدم طاقتها وتحمّلها مشاق التكاليف، وعدم بصيرتها في امتياز الحقّ من الباطل، والآجل من العاجل، كما في الحديث: (حُفّت الجنّة بالمكاره والنار بالشهوات) (7).

ولهذا، النفوس الضعيفة ـ في الأغلب ـ تركت اتّباع عيسى العقل، وركبت على حمير الأبدان، وجعلت جلّ مقاصدها تعميرها وتسمينها.

نقل كلام الغزالي:

قال صاحب «إحياء العلوم» في كيفيّة محاربة النفس مع الشيطان والطارد بين جنود العقل والجهل في معركة وجود الآدمي: «اعلم أنّ خاطر الهوى يبتدئ أولاً فيدعوه إلىٰ الشر، فيلحقه خاطر الإيمان فيدعوه إلىٰ الخير، فتنبعث النفس بشهوتها إلىٰ نصرة خاطر الشر، فتقوى الشهوة فتحسن التمتّع، فينبعث العقل إلىٰ خاطر الخير، ويدفع في وجه الشهوة ويقبح فعلها، وينسبها إلىٰ الجهل، ويشبّهها بالبهيمة والسبع في تهجّمها على الشر، وقلة اكتراثها بالعواقب.

وتميل النفس إلىٰ نصح العقل، فيحمل الشيطان حملة علىٰ العقل، ويقوى داعي الهوى، فيقول: ما هذا الزهد البارد؟ ولِمَ تمتنع عن هواك فتؤذي نفسك؟ وهل ترى أحداً من أهل عصرك يخالف هواه أو ترك عزيمته؟ أفتترك ملاذ الدنيا لهم يستمتعون منها وتحجر علىٰ نفسك حتىٰ تبقى محروماً مطعوناً يضحك عليك أهل الزمان، تريد أن تزيد منصبك علىٰ فلان بن فلان، وقد فعلوا مثل ما اشتهيت ولم يمنعوا، أما ترى العالم الفلاني ليس يحترز عن فعل ذلك، ولو كان شراً لامتنع عنه.

فتميل النفس إلىٰ الشيطان وتنقلب إليه، فيحمل الملك حملة علىٰ الشيطان، ويقول: هل لك إلّا من اتبع لذة الحال ونسي العاقبة، أفتقن بلذة يسيرة وتترك الجنة ونعيمها أبد الآباد؟ أو تستثقل ألم الصبر عن شهوة، ولا تستثقل ألم النار؟ أتغتر بغفلة الناس عن أنفسهم واتباعهم الهوى ومساعدتهم الشيطان، مع أنّ عذاب النار لا يخفّف بمعصية غيرك؟ فعند ذلك تميل النفس إلىٰ قول الملك، فلا يزال مردداً بين الجندين، متجاذباً إلىٰ الجانبين، إلىٰ أن يغلب علىٰ القلب من هو أولى به.

فإن غلب علىٰ القلب الصفات الشيطانيّة غلب الشيطان، وأجرى علىٰ جوارحه سوابق القدر ما هو سبب بُعده عن الله تعالى.

وإن غلب عليه الصفات الملكية لم يصغ القلب إلىٰ إغواء الشيطان، وظهرت الطاعة علىٰ جوارحه بموجب ما سبق من القضاء، و (قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن). وفي الحديث: (في القلب: لمّتان: لمّة من الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحقّ، ولمّة من العدوّ إيعاد بالشر وتكذيب بالحقّ)» (8) انتهى.

فظهر أنَّ الشيطان بوساوسه مُمدّ ومعين للهواجس النفسانيّة، والرحمن والملك بعناياته وإلهاماه ممدّ وناصر للنصائح العقلانية، والشخص الإنساني إن كان تخمير طينته من العليين يميل إلىٰ الحقّ بمعونة نصح العقل، وإن كان تخمير طينته من السجين يميل إلىٰ الباطل بمعونة الشيطان وهواجس النفس.

ثم «المطال» في قوله: (ومطالي) هو المصدر الثاني من المصادر الثلاث التي كانت لباب المفاعلة، والمعنى: مماطلتها إياي ومماطلتي إياها. والمماطلة: تأخير الحقّ عن ذي الحقّ، ومنه الحديث: (من مطل علىٰ ذي حق حقه فهو ملعون).

فيقول السائل: خدعتني الدنيا بغرورها، وخدعتني نفسي بخيانتها ومماطلتها إياي عن حقّي الذي هو ما يتقرّب به إلىٰ الله تعالى، من معرفته ومعرفة صفاته وأسمائه، والتخلّق بأخلاقه. وفي إتيانه بلفظ «المطال» دون «المطل» إشعار بأنّ المماطلة من الطرفين، يريد أنّه كما أنّ نفسي ماطلتني عن حقي، كذلك ماطلتها عن حقّها الذي هو سوق الشهوات ونيل الأماني والآمال.

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) «الإشارات والتنبيهات» ج 3، ص 263؛ «شرح المواقف» ج 7، ص 254.

(2) في المخطوط زيادة: «عن» بعد "زياد".

(3) «قرة العيون» للكاشاني، ص 363؛ «بحار الأنوار» ج 58، ص 85.

(4) «بحار الأنوار» ج 11، ص 121.

(5) في المخطوط: "مثل ان".

(6) «شرح دعاء الصباح» ص 94 ـ 95، باختلاف.

(7) «بحار الأنوار» ج 67، ص 78، ح 12.

(8) «إحياء علوم الدين» ج 3، ص 26 ـ 27.

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.






بوقت قياسي وبواقع عمل (24)ساعة يوميا.. مطبعة تابعة للعتبة الحسينية تسلّم وزارة التربية دفعة جديدة من المناهج الدراسية
يعد الاول من نوعه على مستوى الجامعات العراقية.. جامعة وارث الانبياء (ع) تطلق مشروع اعداد و اختيار سفراء الجامعة من الطلبة
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يعلن عن رفد مكتبة الإمام الحسين (ع) وفروعها باحدث الكتب والاصدارات الجديدة
بالفيديو: بمشاركة عدد من رؤساء الاقسام.. قسم تطوير الموارد البشرية في العتبة الحسينية يقيم ورشة عمل لمناقشة خطط (2024- 2025)