تعد قضية اللاجئين الفلسطينيين من ابشع قضايا التهجير في العالم كونها استمرت فترة طولية واتخذت اشكال عديدة ، ذلك ان مسألة تهجير الاشخاص ولجوئهم قد يكون لسبب الاضطهاد العرقي او السياسي او الديني او البيئي او بسبب المجاعة او الجفاف ، اما سبب هجرة اللاجئين الفلسطينيين فتختلف في اسبابها كونها تمت نتيجة لا حداث ارتكبت بصورة مخالفة لمبادئ الامم المتحدة نتيجة للقرار رقم ( 181 ) الذي اتخذته الامم المتحدة القاضي بتقسيم فلسطين في عام 1948م لذا فان الامم المتحدة تعد السبب الاساسي في هجرة الفلسطينيين والتزامها في احتضانهم وحمايتهم هو التزام اخلاقي ، اذ ان اقلية اجنبية متمثلة باليهود الصهاينة جاءت الى ارض فلسطين وانشأت جيشا لطرد الاغلبية الوطنية من بلادها ونتج عن ذلك ان اصبح 70% من الفلسطينيين لاجئين (1) ، وقام الصهاينة بالتمييز العنصري والقمعي والدموي ضد الشعب الفلسطيني مما حملهم الى الهروب واللجوء الى دول اخرى بحثاً عن الامان ، لذا عملت الامم المتحدة على انشاء وكالة لغوث اللاجئين الفلسطينيين عام 1948م  والتي سميت بوكالة ( الاونرا ) والتي تعتبر من المؤسسات الخدمية والخيرية التي لا تسعى لتحقيق الربح(2).

حدد تكليف وكالة الاونورا لدعم اللاجئين الفلسطينيين الذين يقعون تحت الانتداب البريطاني في فلسطين وتطور هذا التكليف نظرا لتطور الاحداث حتى شكلت اعمال الاغاثة الانسانية وخدمات التنمية البشرية ، التي تعمل على حماية اللاجئين ومساعدتهم لإيجاد حلول دائمة لهم  (3) ، ويتمثل هدف الوكالة الاساسي في تقديم الاغاثة الانسانية الى اكثر من ( 700 ) الف من اللاجئين والمشردين الفلسطينيين ، وتتلقى المساعدة من الدول المانحة على شكل مساعدات نقدية او عينية كتقديم المواد الغذائية والصحية ، واكثر الدول المانحة لها هي الولايات المتحدة الامريكية والمملكة الاوربية والسويد ودول الخليج العربي والدول الاسكندنافية واليابان وكندا (4) ، ويتم تجديد ولايتها كل ثلاث سنوات كونها ذات طبيعة مؤقتة وتعمل بناءا على تفويض مؤقت مدد عدة مرات ، ويترأسها مفوض عام يتوجب عليه ان يقدم تقارير الى الامين العام (5).

ويعكس عمل الاونروا عن التزام دولي اتجاه اللاجئين الفلسطينيين ومساعدتهم فيما يأتي :

1.التمتع بحقوق وحريات الانسان .

2.عيش حياة طولية وصحية .

3. تحقيق مستويات معيشة لائقة .

4. اكتساب المعرفة والمهارات .

ويعرف اللاجئ الفلسطيني بحسب ما ورد في وكالة الاونروا على انه اي شخص كان محل اقامته الطبيعي يقع ضمن نطاق الانتداب على فلسطين خلال الفترة ما بين 1/ حزيران 1946م و 15 / ايار 1948م والذي فقد منزله وسبل عيشه على حد السواء نتيجة الحرب التي قامت في عام 1948م بين العرب واسرائيل ويكون مؤهلاً لحمل اللقب والتسجيل لدى وكالة الاونروا ، وهذا التعريف يعكس لنا محدودية المساعدة التي توفرها هذه الوكالة للاجئين الفلسطينيين .

وقامت الوكالة بإسباغ حمايتها لقرابة اربعة اجيال من اللاجئين الفلسطينيين على الرغم من نشأتها الاساسية كمنظمة مؤقتة (6) ، وتقوم بتوفير خدماتها بصورة مباشرة للاجئين الفلسطينيين وبسبب تشعب الخدمات التي توفرها كالصحة والتعليم والرعاية فأنها تقوم بالتعاون مع السلطات الحكومية في مناطق عملياتها  ، ويمتد نطاق عملها الى اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والاردن والضفة الغربية وقطاع غزة ، حيث يعيش ثلث اللاجئين الفلسطينيين المسجلون لدى الأونروا أو ما يزيد عن (1,4) مليون لاجئ، في ( 58 ) مخيم معترف به للاجئين في كل من سوريا ولبنان والاردن والضفة الغربية وقطاع غزة . وتعرف الاونروا المخيم على انه  قطعة من الأرض تم وضعها تحت تصرف الوكالة من قبل الحكومة المضيفة بهدف إسكان اللاجئين الفلسطينيين وبناء المنشآت للاعتناء بحاجاتهم. أما المناطق التي لم يتم تخصيصها لتلك الغاية فلا تعتبر مخيمات بالإضافة الى ان للأونروا مدارس وعيادات صحية ومراكز توزيع خارج المخيمات حيث يوجد تواجد كبير للاجئين الفلسطينيين ، كمنطقة اليرموك بالقرب من دمشق في سوريا ، كما إن قطع الأراضي التي أنشأت المخيمات فوقها هي أراض حكومية أو أنها ، في معظم الحالات، أراض استأجرتها الحكومة المضيفة من أصحابها الأصليين. وهذا يعني أن اللاجئين في المخيمات لا يملكون الأرض التي بني عليها مسكنهم ، إلا أن لديهم حق الانتفاع بالأرض للغايات السكنية . وتمتاز الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية في المخيمات  بالفقر وبالكثافة السكانية وبظروف الحياة المكبلة وبنية تحتية غير ملائمة كالشوارع والصرف الصحي ، وتقتصر مسؤولية الأونروا في المخيمات على توفير الخدمات وعلى إدارة منشآتها  فلا تمتلك أو تدير أو تعمل على حفظ الأمن في المخيمات حيث أن هذه الأمور تقع على عاتق السلطات المضيفة.

وقد سبقت هذه الوكالة نشوء المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والتابعة للأمم المتحدة ايضاً ، ويتمتع بالحماية بموجب هذه الوكالة اللاجئون الفلسطينيون كونهم غير مشمولين في حماية المفوضية السامية وكذلك اتفاقية 1951م ولا يشمل عمل الوكالة كافة اللاجئين وانما اقتصر على اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في المناطق التي شملتها حرب 1984م وشملتها مخططات الانتداب البريطاني ، والمساعدة التي تقدم لهذه الفئة من اللاجئين الفلسطينيين من قبل الوكالة محدودة فلا يتمتعون بنظام حماية شامل كما يتمتع باقي اللاجئين بموجب اتفاقية 1951م بواسطة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة ايضا للأمم المتحدة.

وفيما بعد عزز عمل الوكالة بموجب برامج عديدة ففي جانب التعليم تقوم بإدارة اكبر نظام مدرسي في الشرق الاوسط بوجود ( 703 ) مدرسة (7) وتطوير قدرات المعلمين وتطوير المناهج وتعزيز التعليم الجامع ومناهج حقوق الانسان والابتعاد عن العنف وتطوير المهارات التكنلوجية (8) ويتم تدريس اللاجئين بموجب مناهج التعليم في الدول المستقبلة لهم ، وحظت الاونروا بالمشاركة في الحدث الرفيع المستوى الذي عقد في باريس بثــناء على اعمالها فيما يخص برامج التعليم (9) ، وفي مجال الصحة تقدم الأونروا تشكيلة من خدمات الصحة الأولية، وهي مسؤولة عن توفير بيئة معيشة صحية للاجئين ، وتقوم شبكة مرافق الرعاية الصحية الأولية والعيادات المتنقلة للوكالة بتوفير الأساس لخدمات الوكالة الصحية، وهي تعمل على تقديم الرعاية الوقائية والطبية العامة والرعاية المتخصصة لكل مرحلة من مراحل الحياة.

وتعمل الاونروا على تقديم خدمات في الاغاثة حيث عمل برنامج الاغاثة والخدمات الاجتماعية على التركيز على ثلاث اهداف تتمثل في :

1. تزويد اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون من الفقر بمساعدة شبكة الأمان الاجتماعي على أساس دوري.

2. تعزيز التنمية والاعتماد على الذات للأفراد الأقل حظا في مجتمع اللاجئين، وخصوصا المرأة والأطفال والشباب والأشخاص الذين يعانون من إعاقات وكبار السن.

3. تحديث وصيانة سجلات ووثائق اللاجئين الفلسطينيين المسجلين وذلك من أجل تقرير أهليتهم لتلقي خدمات الأونروا .

وعملت الوكالة على تقليص نسبة الفقر ما بين عائلات اللاجئين الفلسطينيين عن طريق الدعم الغذائي والمعونات النقدية ودخل للأسرة تكميلي بالإضافة الى المساعدات التي تقدم في حالات الطوارئ ، وتمويل بعض المشاريع الخاصة للأفراد عن طريق تقديم مبالغ قروض وخدمات مالية تكميلية لأصحاب الأعمال الصغيرة وصغار رجال الأعمال والبيوت المعيشية بغية رفع مستوى المعيشة وتقليص الفقر وخاصة للمرأة .

ومحاولة تطوير البنية التحتية عن طريق إطلاق برنامج جديد في عام 2006م يركز على تحسين البيئة المادية والاجتماعية للمخيمات من خلال نهج تخطيطي تشاركي مجتمعي بدلا من أن يقوم بالتركيز على عمليات الإغاثة ، وتعمل الوكالة على تحسين الاستدامة البيئية والاجتماعية للأحياء. وهي تطور خططا شاملة لتحسين المخيمات التابعة لها في الاردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة ، وادرجت الوكالة في خططها الخاصة بالطوارئ خطة تنفيذية فيما يخص الازمة السورية بغية احتضان اللاجئين الفلسطينيين الذين يقطنون هناك والبالغ عددهم حوالي ( 525 ) الف لاجئ فلسطيني وتقديم المساعدات النقدية والغذائية والصحية والاجتماعية والنفسية والتعليمية (10) .

___________

1- سلمان ابو ستة ، حق العودة مقدس وقانوني وممكن ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت ، 2001م ، ص 200 .

2-  عطا محمد العمري ، مدى فاعلية الموازنة كأداة تخطيط ورقابة في وكالة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية التجارة / الجامعة الاسلامية ، 2005م ، ص58 .

3- وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، الامم المتحدة واللاجئين الفلسطينيين ، ص 5 ، بحث منشور على الموقع الالكتروني  : http://www.unrwa.org/atemplate.php?id=1135.

4- عطا محمد العمري ، مصدر سابق ، ص 58 .

5- تم تعيين السيد فيليبو جراندي مفوضا عاما لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بتاريخ 20 كانون الثاني 2010م .

6- موقع وكالة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الادنى ، التعليم  ، ص5 ، بحث منشور على الموقع الالكتروني :

 http://www.unrwa.org/atemplate.php?id=54..

7- وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، الامم المتحدة واللاجئين الفلسطينيين ، ص 5 ، بحث منشور على الموقع الالكتروني : http://www.unrwa.org/atemplate.php?id=1135 .

8- وكالة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الادنى ، التعليم  ، ص5 ، بحث منشور على الموقع الالكتروني لمنظمة الاونروا ، مصدر سابق .

9- نشرة دائرة التعليم الاخبارية ، وكالة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، 2011م ، ص3 ، بحث منشور على الموقع الالكتروني لمنظمة الاونورا .

10-   وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، استجابة الاونروا للازمة السورية ، 2013م ، ص 3 ، بحث منشور على موقع الاونورا الالكتروني .