حظيت زيارة أربعينية سيد الشهداء الإمام الحسين "عليه السلام" بالفضل والمقام الجليل فمن خلالها صدحت أصوات العشق والمودة والولاء، وأشتاقت المُقل لتنثر الدموع لعودة قافلة السبي الزينبي التي تعرّضت لعظيم المحن بعد فاجعة الطفّ الأليمة، فهي السرّ الذي يدفع بالنفوس على اختلاف أجناسها وتنوعها للتفاعل معها والمواظبة على إحيائها، وانطلاقاً من قول عقيلة الطالبيين زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليهما السلام" حديثها في مجلس يزيد، عندما قالت له: ( فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تُميت وحينا، ولا تدرك أمدنا )، شهدت رحاب الصحن الكاظمي الشريف مراسم الأربعين السنوية التي درجت على إقامتها الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة صباح يوم العشرين من شهر صفر المظفر من كلّ عام بمشاعر الإيمان وطقوس الحزن والولاء مع تحقيق التباعد الاجتماعي في هذا العام والالتزام بالتوصيات الصحية والوقائية التي دعت لها المرجعية الدينية العُليا في النجف الأشرف، وتعليمات اللجنة العُليا للصحة والسلامة الوطنية.
استهلت المراسم بتلاوة مباركة من الذكر الحكيم، بعدها استمعت الحشود المعزّية التي توافدت إلى الصحن الكاظمي الشريف إلى سماحة الدكتور السيد صفاء الفحام وقراءته للقصة الكاملة لمسيرة الركب الزينبي عند عودته إلى كربلاء المقدسة، وما جرى على السيدة الحوراء زينب وبقية حرم رسول الله "عليهم السلام" من أحداث مروعة وما ارتكبه بنو أمية بحقّ الرسالة وحَمَلتها في رحلة الشقاء والسَبي والضيم والمصائب العظيمة التي رافقها وصاحبها زين العابدين وسيد الساجدين الإمام علي بن الحسين السجاد "عليه السلام" متحملاً المسؤولية ذاتها لإعلاء كلمة الحقّ ونبذ الباطل بكلّ أشكاله وصوره على أيدي الظالمين الذين استباحوا حرمةّ البيت العلوي الطاهر.
واختتم المجلس بقراءة مجموعة من القصائد والمراثي بمشاركة خادم الإمامين الجوادين "عليهما السلام" الرادود صادق الأنصاري والتي استذكر خلالها نهضة سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين "عليه السلام" ومسيرة الأربعين، ذلك اليوم الذي اكتملت فيه مشاهد الجهاد الحسيني الأمر الذي أتاح للتاريخ أن يكتب مجدداً بأحرف من نور عن الدمع الثائر، والصرخة المدوية، ومواقف التحدي، والمواجهة في قصور الأدعياء، والصمود أمام العواصف الهوجاء، حيث ستبقى رحلة السبي جزءاً لا يتجزء وعنواناً متألقاً للنهضة الحسينية المباركة.