1

بمختلف الألوان
حاول بنو أُميَّة (لعنهم الله) بكلِّ ما يملكون من تجبّر وطغيان إركاع الثورة الحسينية بإركاع رموزها، وما انفكوا يقرعون طبول الغدر والخيانة ليجتمع الناس حولهم بغية ردع الثورة وقهر الثوار، ولكنَّ مشيئة الله كانت هي الأقوى لإعلاء كلمة الحقِّ ونصرة الدين وفضح الباطل، ومن الرموز التي حاول الأُمويون قهرها... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات ثقافية
الغزو الفكري وطمس الهوية
عدد المقالات : 53
إن الفتنة في مفهومها الشرعي تعني كل امتحان وابتلاء يتعرض له المسلم، سواء كان من نفسه أو من الشيطان أو الناس، فإما أن ينجح فيه وينجو من الفتنة، أو يسقط فيها. أما المعنى الخاص للفتن فهو تلك الأحداث والأوضاع التي تؤدي إلى افتتان المسلمين عن دينهم، وهذا هو المعنى المقصود من الفتن التي حذّر منها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد حفظ لنا أهل البيت عليهم السلام والصحابة أحاديث عديدة حذّروا فيها من الفتن التي ستأتي من بعدهم، وكان الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه معروفاً بخبرته في أحاديث الفتن، حتى قال: "ما من صاحب فتنة يبلغون ثلاث مئة إنسان إلا لو شئت أن أسميه باسمه واسم أبيه ومسكنه إلى يوم القيامة، كل ذلك مما علمنيه رسول الله صلى الله عليه وآله".
تتميز الفتنة التي نعيشها اليوم بعدة خصائص وردت في الأحاديث الشريفة، ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله:" لتأتين على أمتي أربع فتن: الأولى تستحل فيها الدماء. والثانية تستحل فيها الدماء والأموال. والثالثة تستحل فيها الدماء والأموال والفروج. والرابعة صماء عمياء مطبقة، تمور مور السفينة في البحر، حتى لا يجد أحد من الناس ملجأ. تطير بالشام، وتغشى العراق، وتخبط الجزيرة بيدها ورجلها. يعرك الأنام فيها البلاء عرك الأديم، لا يستطيع أحد أن يقول فيها مه مه لا ترفعونها من ناحية إلا انفتقت من ناحية أخرى " 
هذه الفتنة شاملة وعامة تدخل كل بيت وتصك كل مسلم، فهي "صماء عمياء" لا تميز بين أحد وآخر، وتشمل كل أمور المسلمين الأمنية والثقافية والاقتصادية.
كما جاء في الحديث "تطير بالشام"، والواقع اليوم يشهد أن الشرق الأوسط وبلاد الشام هي مركز الصراع العالمي وزراعة الكيان الصهيوني.
لا ينفع معها الحلول المؤقتة، "كلما قيل انقطعت تمادت"، لأنها فتنة حضارية عميقة تتطلب حلاً جذرياً.
إن أخطر ما في هذه الفتنة هو الغزو الفكري والثقافي الذي يستهدف جوهر الأمة الإسلامية. فبعد أن تمكن الغربيون من الغزو العسكري والسياسي، انتقلوا إلى مرحلة أعمق وأخطر وهي غزو العقول والقلوب.
هذا الغزو يستهدف طمس الهوية الإسلامية من خلال نشر الثقافة الغربية وتقديمها كنموذج للحضارة والتقدم، مع تصوير الثقافة الإسلامية كثقافة متخلفة ورجعية.
مهاجمة العلماء والمعممين ونعتهم بالرجعية والتطرف، وتشويه صورة رجال الدين في المجتمع لفصل الأمة عن قيادتها الروحية.
هدم المؤسسات التربوية من خلال إضعاف دور المعلم والأب كمرجعية تربوية، ونقل مسؤولية التربية إلى وسائل الإعلام والمناهج المعادية للقيم الإسلامية.
انتشار التفاهة والرذيلة كما حذّر النبي صلى الله عليه وآله: "لا يزال بكم الامر حتى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف غيرها ...."، فنحن اليوم نشهد أجيالاً تنشأ في بيئة ثقافية ملوثة، حيث وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي تركز على الترفيه السطحي والإلهاء عن القضايا المهمة.
ترويج الرذيلة باسم الحرية الشخصية والتقدم، مع محاولة تطبيع السلوكيات المنحرفة في المجتمع.
خلط الأوراق بحيث يصبح الحق باطلاً والباطل حقاً، وتضيع المعايير الأخلاقية والدينية.
يعيش المجتمع العراقي حالة خاصة من هذه الفتنة، فهو يعاني من الاحتلال المباشر وغير المباشر
كما جاء في حديث النبيّ محمد صلى الله عليه واله وسلم : "والذي نفسي بيده ليلين أمتي قوم، إذا تكلموا قتلوهم، وإن سكتوا استباحوهم. ليستأثرن بفيئهم، وليطأن حرماتهم، وليسفكن دماءهم، وليملان قلوبهم دغلا ورعبا، فلا تراهم إلا وجلين خائفين مرعوبين . " ،
فالعراق عاش تحت الاحتلال المباشر ثم الهيمنة غير المباشرة، مما أدى إلى:
تدمير البنية التحتية للمجتمع وإضعاف المؤسسات التعليمية والثقافية ونشر الفوضى والفتنة الطائفية واستنزاف الثروات الوطنية .
يواجه المجتمع العراقي تحديات جمة في الحفاظ على هويته، منها : ضعف الدور التربوي ، تراجع دور الأسرة والمدرسة في تربية الأجيال على القيم الإسلامية الأصيلة.
انتشار الثقافات الدخيلة من خلال الفضائيات والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
تهميش العلماء ومحاولة إبعاد المرجعيات الدينية عن التأثير في المجتمع.
محاولة زرع الإحباط واليأس نتيجة الأوضاع السياسية المتردية.
ونستذكر قول النبي صلى الله عليه وآله: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم، تداعي الأكلة على قصعتها، وأنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل". وهذا ما نراه اليوم حيث تتداعى القوى العالمية على بلاد المسلمين لنهب ثرواتها والسيطرة على مقدراتها.
هذا التداعي لم يحدث إلا بسبب ضعف داخلي في الأمة، ومن أهم أسبابه:
الوهن "وليقذفن في قلوبكم الوهن، من حب الدنيا وكراهية الموت"، فقد ضعفت همة الأمة وأصبحت تخاف الموت وتتعلق بالدنيا أكثر من اللازم.
الفرقة والانقسام تمزق الأمة إلى دول وكيانات متنازعة، مما سهّل على الأعداء السيطرة عليها.
ترك الجهاد والتخلي عن مبدأ الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الأرض والعرض عند كثير من المسلمين.
الجهل بالدين ضعف التعليم الديني وانتشار الجهل بأحكام الإسلام ومقاصده.
رغم شدة هذه الفتنة وعمق بلائها، فإن الأحاديث الشريفة تبشر بالفرج القريب. يقول النبي صلى الله عليه وآله: "حتى يبعث الله عز وجل رجلاً مني ومن عترتي فيملأ الأرض عدلاً كما ملأها من كان قبله جوراً".
إن ظهور الإمام المهدي عليه السلام هو الحل النهائي لهذه الفتنة، وهو الذي سيقضي على الظلم والجور ويعيد للإسلام عزته وكرامته. وحتى ذلك الحين، علينا أن نصبر ونثبت ونقاوم كل أشكال الغزو الفكري والثقافي.
إن فتن آخر الزمان التي نعيشها اليوم هي امتحان عظيم للأمة الإسلامية، وخاصة للمجتمع العراقي الذي يقع في قلب هذه الأحداث. والغزو الفكري والثقافي أخطر من الغزو العسكري، لأنه يستهدف الروح والعقل والهوية.
لكن الله سبحانه وتعالى وعد بالنصر لمن صبر وثبت، وبشّر بظهور المنقذ الذي سيملأ الأرض عدلاً. وحتى ذلك الحين، يجب علينا أن نحافظ على ديننا وهويتنا، وأن نقاوم كل محاولات طمس معالم الإسلام في نفوسنا ومجتمعاتنا.
"وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (يوسف: 21)
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 يوم
2025/08/29م
ليس الثوب في حقيقته قماشاً يستر الجسد فحسب، بل هو رمزٌ لسترٍ أعمق، وكسوةٍ أبهى، كسوةٍ لا تنسجها أنوال الدنيا ولا تحيكها خيوط الحرير، بل تُحاك بخيوط الطهر وتُغزل من ألياف التقوى. وصدق الشاعر : إذا المرءُ لم يلبس ثياباً من التُّقَى تقلبَ عُرياناً ولو كان كاسياً إنّ العُري الذي يتحدث عنه ليس عُري... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 يوم
2025/08/29م
الظل قبل النور تأملات كونية بين العلم والحكمة القرآنية الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 28/8/2025 حين نتأمل الظل، قد يخيّل إلينا أنه مجرد أثر عابر لغياب الضوء، لكنه في الحقيقة يحمل سرًّا أعمق، تكشفه آيات القرآن الكريم: للظل أصالة في نظام الكون، والنور ليس إلا كاشفًا له، لا خالقًا لوجوده. يقول... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/08/27م
إن الفتنة في مفهومها الشرعي تعني كل امتحان وابتلاء يتعرض له المسلم، سواء كان من نفسه أو من الشيطان أو الناس، فإما أن ينجح فيه وينجو من الفتنة، أو يسقط فيها. أما المعنى الخاص للفتن فهو تلك الأحداث والأوضاع التي تؤدي إلى افتتان المسلمين عن دينهم، وهذا هو المعنى المقصود من الفتن التي حذّر منها النبي صلى... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/08/27م
حسن الهاشمي انطلاقا من آية النفر وحديث الثقلين وحديث اللوابس في النصوص الشرعية الآتية: قال تعالى: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) التوبة: 122. قال رسول الله (صلى الله... المزيد
عدد المقالات : 334
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/08/12م
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه "يعقوب"، رجل عُرف يومًا بحكمته الراجحة ولسانه البليغ، لكنه اليوم بات شبحًا لمن كان. نشب خلاف بين تاجرين، وارتفعت الأصوات، فتوجهت الأنظار إلى يعقوب، الذي كان الحَكم في مثل هذه النزاعات. قال أحدهم: "يا يعقوب، احكم... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
304 ملايين مهاجر يعيشون اليوم خارج أوطانهم، وهو رقم يعادل تقريبًا سكان اليابان وألمانيا وإيطاليا وكندا معًا. نحو 48 بالمئة منهم نساء، أي ما يقارب 146 مليون امرأة. هذه الأرقام تكشف أن حركة الهجرة لم تعد استثناءً، بل ظاهرة كبرى تعيد تشكيل سوق العمل... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء الرابع والأربعون: تجربة أينشتاين ومجموعته في اللف الكمومي وترابط الجسيمات البعيدة الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 29/8/2025 نشير في هذا الجزء إلى الفئة العامة من التجارب التي تحمل الخصائص الأساسية نفسها كتلك... المزيد
مقدمة: فجرٌ جديد أم غسق الإنسانية تقف الحضارة الإنسانية اليوم على عتبة تحول وجودي، حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مبتكرة، بل أصبح كيانًا معرفيًا يطرق أبواب قلاع التجربة البشرية: الصحة والحياة والموت. وفي هذا السياق، يبرز قطاع الرعاية... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/07/29
أصدر قسمُ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة دليلًا قصصياً بعنوان "المهمة وقصص أخرى". ويضمّ الكتاب الذي أشرف على...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي الهادي (عليه السلام)
2025/07/29
( خيرٌ من الخيرِ فاعله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com