القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
إثبات النسب بفحص فصائل الدم
المؤلف:
أحلام جبار محسن
المصدر:
الاثار القانونية لأثبات النسب
الجزء والصفحة:
ص 45-49
2025-06-04
206
ومثلما يثبت النسب بالبصمة الوراثية فأنه يثبت ايضاً بفصائل الدم (1). وكان له دور هام في المساعدة على الكشف عن التقارب الاسري الا ان رغم اهمية هذه الوسيلة العلمية وأثرها في إثبات او نفي النسب، الا ان دلائل فحص الدم اقتصرت على نفي العلاقة البيولوجية بين الأباء والأبناء، دون القدرة على إثباتها، ويعود السبب في ذلك الى التوافق الكبير بين البشر بفصائل الدم وفئاته المختلفة، والتي يمكن توزيعها على البشر وبحسب تقدير العلم وفقا للنسب التالية: تشكل فئة او فصيلة الدم (O) نسبة (45%) من دم البشر، ويشترك (42%) من البشر بفصيلة الدم (A)، ونسبة (10%) من فصيلة الدم ،(B) ، وبينما لا تشكل فئة او فصيلة الدم (AB) اكثر من (3%) من دم البشر، ولذلك يمكن ادراك ان اتفاق الفصيلة لا يجزم بأن هذه العينة من الدم تخص انسانا بذاته، بينما في حالة اختلاف الفصيلة فأنه يمكن الجزم بأن هذه العينة من الدم ليست خاصة بشخص معين. لذلك فقد اشار قانون مندل للوراثة (2) على ان رجلا بذاته لا يعني بالضرورة ان يكون والدا للطفل ذاته، كما لا يمكن إثبات أن هذا الرجل هو والد ذاك الطفل، ومعنى هذا ان اختلاف فصائل الدم او عدم اختلافها يترك أثرا من الناحية السلبية لا من الناحية الايجابية، إذ يمكن الاعتماد عليه في نفي النسب لا في إثباته، لأنه من الجائز أن الأم حملت به من شخص آخر تتفق فصيلة دمه مع فصيلة دم الزوج صدفة (3). وعلى اساس هذا فأن المجموعة الدموية لكل شخص تبقى ثابتة مدى حياته، وتنتقل من الوالدين الى الأبناء، ومن خلال فحص فصيلة دم الزوجة والزوج والولد امكن التوصل الى احد الفرضين
الفرض الاول ظهور فصيلة دم الولد مخالفة لمقتضيات تناسل فصيلتي دم الزوجين، وهذا يعني ان الزوج ليس هو الأب الحقيقي للولد على وجه التأكيد.
الفرض الثاني: تظهر فيه فصيلة دم الولد متوافقة مع مقتضيات تناسل فصيلتي دم الزوجين، وهذا معناه ان الزوج قد يكون الأب الحقيقي للولد وقد لا يكون، ذلك ان الفصيلة الواحدة قد يشترك فيها اناس كثيرون (4).
ومما تجدر الاشارة اليه ان القضاء الغربي قد استند الى اعتماد فحص الدم وسيلة علمية حديثة في إثبات ونفي النسب او البنوة (5). و موقف الشريعة الاسلامية في اعتبار فحص الدم وسيلة حديثة من وسائل الإثبات في النسب، فقد اثبت العلم بصفة قاطعة ان فصيلة دم الأبن تتأثر بنوع دم ابيه وامه، سواء كان دم الأبوين من فصيلة واحدة ام مختلفة، فكل انسان يرث صفاته من ابيه وامه مناصفة، واعتمادا على هذه القاعدة الوراثية الثابتة، فلا يرث الأبناء غير فصيلة الأبوين، لذلك فأن الشريعة الاسلامية لا ترفض امراً بني على اساس علمي صحيح، وفحص الدم يعد من بين هذه الأمور ، وهذا ما جعل الأطباء المسلمون يتبنون النتائج التي توصلت اليها تحاليل تحديد فصائل الدم ، وبهذا يمكن القول ان العمل بالوسائل العلمية الحديثة امرا تقبله الشريعة الاسلامية على اختلاف مذاهبها (6).
اما موقف المشرع العراقي من فحص الدم، فأنه لم ينص صراحة على فحص الدم بوصفه وسيلة لإثبات النسب في قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959، وإنما جاء بنص عام في قانون الإثبات، وهو نص المادة (104) الذي نص على أن للقاضي أن يستفيد من وسائل التقدم العلمي في استنباط القرائن القضائية، ونجد أن هذا النص هو نص عام وضع ليستوعب كل حالات التقدم العلمي والتي يمكن استخدامها في الإثبات ولا بد لنا أن نبين ان قانون الطبابة العدلية قد اشار صراحة الى فحص الدم وبيان فصائله وذلك استناداً لنص المادة (5/ج) والمادة (5/ك) وكذلك فحص العينات النسيجية للتثبت من عائديتها وطبيعتها، فعلى الرغم من ان النص لم يشر صراحة الى إثبات النسب الا انه يفهم ضمناً من النصوص القانونية بامكانية اللجوء الى هذه الوسيلة لإثبات النسب.
ولا بد لنا ان نشير الى موقف المشرع العراقي في قانون الجنسية من وسائل إثبات النسب حيث ان المشرع لم يشر الى هذه الوسائل كونها مسألة تخص الاحوال الشخصية وانما اشار الى ان من يثبت نسبه لاب عراقي او لام عراقية فأنه يستحق الجنسية العراقية الاصلية بموجب حق الدم بمعنى انه خلص الى النتيجة النهائية للشخص المثبوت نسبه فجعل حصوله على الجنسية أثر من آثار إثبات النسب بموجب المادة (1/3) من قانون الجنسية العراقي رقم (26) لسنة 2006 دون الخوض بتلك الوسائل تاركاً ذلك الى احكام قانون الاحوال الشخصية وقانون الإثبات.
وفي هذا الصدد قضت محكمة التميز في إحدى قراراتها على إثبات النسب عن طريق فحص الدم، إذ جاء في قرار لها على أنه (إذا كان الثابت من الشكوى الجزائية والتحقيقات القضائية التي أجرتها محكمة الموضوع ومن تقرير مستشفى الكرامة التعليمي الخاص بنتيجة فحص الدم تطابق الأنسجة الأطراف الدعوى، الذي يثبت أن الطفل موضوع النزاع هو ابن المدعية وقضت المحكمة الموضوع بتسليمه لها فيكون هذا الحكم متفق مع أحكام الشرع والقانون)(7)، كما ان حالات إثبات البنوة قد لاتكون قاطعة اما حالات نفي البنوة فتكون قاطعة عند استخدام هذه الوسيلة (8).
يتضح من القرار القضائي اعلاه بأن محكمة التمييز تستند في قرارها على التحقيقات القضائية بما فيه فحص الدم لإثبات النسب، ولكي يكون إثبات نسب الولد موافقا للشرع والقانون، فإنه من الضروري أن يوجد نص قانوني في قانون الأحوال الشخصية العراقي، يقرر فيه فحص الدم بوصفه أحد الوسائل المتخذة لإثبات النسب، وعدم الاكتفاء بالطرق التقليدية التي نظمها هذا القانون، لما له من أهمية كبيرة بوصفه دليلاً من أدلة إثبات نسب الولد لوالده.
اما موقف القانون الفرنسي من إثبات النسب عن طريق فحص الدم فقد تطورت التشريعات في الحجية القانونية لفحص الدم في الإثبات ومدى سلطة القاضي في قبول طلب الفحص او عدمه فقد اعتبر فحص الدم في بداية الأمر قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس وللقاضي سلطة تقديرية في الاخذ بها من عدمه ومن ثم اصبح اجراء فحص الدم امراً ملزماً للقاضي، وقد اتجه القضاء الفرنسي بالرجوع الى التقنيات الحديثة التي اسهمت في تحقيق نتائج دقيقة لاتقبل الشك في إثبات النسب عن طريق فحص فصائل الدم معززاً اتجاهه بالتعديلات التي اقرها المشرع على القوانين الصحية والقانون المدني ومنها التعديل الصادر بتاريخ 1955/7/15 والذي يعد فيه فحص الدم سبباً رئيسياً من أسباب الدفاع التي اجازها القانون للاب (المدعى عليه) بالدفاع عن نفسه لدرء الشبهة عنه لمنع قبول إقراره بالبنوة.
وفي عام 1970 اصبح فحص فصائل الدم امراً ملزماً طبقاً للمادة الأولى من قانون 1970/7/9 وللمحكمة السلطة التقديرية بأجرائه في القضايا المتعلقة بإثبات البنوة، وللمدعى عليه بنسب الولد اليه رفض هذا الاجراء، وفي حال رفضه تعده المحكمة قرينة ضده. ومن خلال ما تقدم يتبين لنا ان المشرع الفرنسي قد عد فحص الدم وسيلة لنفي النسب ثم عدل هذا القرار بتعديل عام 1970 والذي اصبح وسيلة ملزمة لثبوت النسب وان للاب المزعوم اجراء الفحوصات لثبات نسب الولد اليه او نفيه(9).
وللتأكيد على الزام القضاء بالأخذ بإجراء فحص الدم نجد الحكم الصادر من المحكمة الجزائية الفرنسية في عام 1983 في دعوى إنكار البنوة الشرعية فقد استجابت المحكمة فيه لطلب المدعي بإجراء فحص الدم في قضية تتلخص وقائعها (في طلب الزوج لإجراء فحص مجاميع الدم من أجل التحقق من ادعائه بأنه ليس اب الطفل الذي ولدته زوجته بعد أكثر من 300 يوم من تاريخ عدم امكان المصالحة بينهما وقرار المحكمة بانفصالهما، وقد استجابت المحكمة لهذا الطلب رغم أنه قد ثبت لديها من وقائع النزاع أن الزوج كان على تواصل دائم مع زوجته، وهكذا يبقى واضحا إنه رغم قيام الدليل الظاهري على أن الزوج هو الأب الحقيقي، إلا أن المحكمة استجابت لطلب إجراء فحص الدم لتقديم الدليل على أنه لا يمكن أن يكون الأب الحقيقي للولد المزعوم إنه منه) (10)، وهذا يؤكد ان المشرع الفرنسي قد اخذ بفحص الدم في اقامة الدليل على نفي النسب دون الإثبات، كون النتائج المتحصلة في امكانية إثبات النسب قابلة لإثبات العكس، ولكنها في نفي النسب تكون نتائجه قاطعة.
ويمكننا ان نخلص مما تقدم بأن وسيلة الإثبات بالبصمة الوراثية هي ادق وافضل من وسيلة الإثبات بفصائل الدم التي قد تخطأ وقد تصيب، لذا فان الفحص الحديث اتجه . اعتماد صوب البصمة الوراثية وسيلة فاعلة لتحديد النسب بشكل أساسي ورئيسي.
____________
1- ويعرف الدم بأنه مجموعة من الانسجة السائلة الموجودة داخل القلب والاوعية الدموية والتي تختلف عن باقي خلايا الجسم، إذ تكون خلايا الدم دائمة الحركة داخل الجسم، وهي تقسم الى قسمين القسم الأول وتسمى البلازما وتكون سائلة أما القسم الثاني الصلب فيسمى خلايا الدم او كريات الدم الحمر للتفصيل اكثر ينظر عبد الرزاق مجبل عبد الرزاق الجبوري عواد حسين ياسين العبيدي، إثبات النسب اونفيه بالوسائل التقليدية والعلمية الحديثة في الشريعة الاسلامية والقانون العراقي، دارسة مقارنة ، مكتبة القانون والقضاء، بغداد، 2017، ص 44.
2- يسمى قانون مندل الاول بقانون انعزال الصفات والذي يعرف على انه ( قانون ينص على أن كل فرد يحمل زوجا من الألائل ( أشكال مختلفة من الجينات) لكل سمة وكل من الأبوين يورث عشوائيا أحد الأليلين لنسله، فيحصل النسل على زوج خاص من الألائل( أليل من كل من الأبوين )، الأليل السائد من بين الأليلين هو الذي يحدد كيفية ظهور السمة في النسل مثل لون النبتة لون فراء الحيوان لون عيني الشخص). ويسمى قانون مندل الثاني بقانون التوزيع الحر والذي يعرف على انه ينص على أن الجينات المنفصلة للسمات المنفصلة تورث من الوالدين إلى النسل بشكل مستقل عن بعضها البعض، أي أن اختيار أليل معين من بين الأليلين ليتم توريثه لسمة معينة لا يؤثر على اختيار أي أليل آخر لأي سمة أخرى ليتم توريثه، أي أنه على سبيل المثال لا تمت علاقة بين لون القط وطول ذيله، وفي الحقيقة هذا القانون ينطبق فقط على الجينات غير المرتبطة ببعضها البعض. ينظر في ذلك: د. عباس حسين مغير الربيعي مدخل الى علم الوراثة الدار المنهجية للنشر والتوزيع، عمان، 2016، ص19
3- محمد علي الهادي، النسب والحقوق المتعلقة عليه وتطبيقاته المعاصرة اطروحة دكتوراه، جامعة القاهرة، مصر، 2004، ص 95
4- عائشة سلطان ابراهيم المرزوقي، إثبات النسب في ضوء المعطيات العلمية المعاصرة، اطروحة دكتوراه، كلية دار العلوم جامعة القاهرة، 2000، ص 279
5- فقد برأت محكمة القضايا الخاصة الأمريكية دبلوماسياً غربياً في قضية وقعت احداثها عام 1948 عندما ادعت ارملة من نيويورك ان احد رجال السلك الدبلوماسي هو والد ابنها الذي يبلغ من العمر 6 أشهر، وعندما عرضت الدعوى على المحكمة (وهي احدى الهيئات القضائية التي تعتد بنتيجة فحص الدم في دعاوى إثبات النسب (البنوة) وبعد فحص عينات الدم للارملة والشخص المزعوم وتحليلها في مختبر الدم توصل الطب الشرعي الى عدم مطابقة دم الطفل مع دم المدعى عليه ولا يمكن ان يكون والداً للطفل، لذلك قررت المحكمة تبرأته للتفصيل اكثر ينظر: د. علي هاشم ،يوسفات اثر تحاليل الدم في ضبط النسب، مجلة دفاتر السياسة والقانون، الجزائر، العدد 6، 2012، ص 281
6- امال علاق برزوق، احكام النسب بين القانون الجزائري والقانون الفرنسي: دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، قسم القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة ابو بكر بلقايد - تلمسان، الجزائر، 2015، ص 309
7- قرار محكمة تمييز العراق رقم (284/التمييزية / 1987)، الصادر في (1987/3/31، منشور لدى: د. إبراهيم المشاهدي، المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز قسم الأحوال الشخصية، بغداد، 1989، ص 260.
8- د. أوان عبد الله الفيضي، الاحكام الشرعية والقانونية للبصمة الوراثية DNA في الإثبات القضائي، دراسة مقارنة، دار الكتب القانونية، مصر، 2017 ، ص 13.
9- د. علي هاشم ،يوسفات اثر تحاليل الدم في ضبط النسب، مجلة دفاتر السياسة والقانون، الجزائر، العدد 6، 2012، ص 282.
10- عائشة سلطان ابراهيم المرزوقي، إثبات النسب في ضوء المعطيات العلمية المعاصرة، اطروحة دكتوراه، كلية دار العلوم جامعة القاهرة، 2000، ص 287. وكذلك ينظر : د. اوان عبدالله الفيضي، حجية البصمة الوراثية في الإثبات المدني، مجلة جامعة تكريت للحقوق، العدد 2، المجلد ، العراق، 2019، ص 107.