الجزء الثالث 

التحليل الفني

ازداد الاهتمام بالتحليل الفني كثيراً في الآونة الأخيرة، وأصبح الكثير من الأفراد يلجئون إليه كبداية الطريق إلى عالم البورصة، وبالرغم من وجود دراسات عديدة ونظريات وقواعد عامة له يمكن تطبيقها، إلا أن هناك جدلاً في أسواق الأوراق المالية حول ما إذا كان هذا النوع من التحليل يُصنف كعلم أم لا، فالعديد من الأبحاث والدراسات اعتبرته فناً أكثر من كونه علماً. وسوف نرى بدراستنا للتحليل الفني في هذا الجزء أنه يعتمد على دراسة وتحليل سيكولوجية البشر وتصرفاتهم داخل الأسواق المالية وقراراتهم بالبيع أو بالشراء وكل ما فعلوه في الماضي، للاستفادة من هذه الدراسة في التنبؤ بما سيكون عليه الوضع في المستقبل، وهذا الأساس من الصعب الاعتماد عليه كعلم من العلوم الدقيقة، وإنما يتم اعتباره فناً ومهارة. إلا أنه ورغم وجود هذا الجدال الدائر حوله، فقد أصبح واقعاً ملموساً لا يمكن تجاهله، وله وجود وأهمية قصوى جعلته لا يمكن الاستغناء عنه لكل من يستثمر أمواله في البورصة، أو لمن يريد أن يدخل عالم البورصة. وإذا كنا في الجزء السابق قد تعرفنا على أبجديات التحليل الأساسي، وعرفنا منه كيف نختار السهم وتقيمه مالياً قبل قرار الاستثمار في شركة ما، ونصنع قائمة لأنفسنا بها عدد من الشركات المرشحة للاستثمار فيها ونختار أفضلها، ونحدد القيمة الحقيقية للسهم التي نشتري ، عندها، فإن التحليل الفني هنا هو الذي سيقودنا إلى اختيار التوقيت المناسب للدخول في هذا السهم، وما هو سعر الشراء المناسب لما سيكون عليه وضع السهم، وما هو سعر البيع المناسب وفقاً لمؤشرات ونماذج فنية تم الاتفاق عليها في عالم البورصة، فهو يساعدنا في اتخاذ قرار أقرب ما يكون إلى الصواب، وسيكون هو البوابة الحقيقية للدخول الآمن إلى عالم البورصة وكما يقال دائماً أنه "من الخطأ السباحة عكس التيار"، فالتحليل الفني هو الذي يوجه المضارب والمستثمر إلى كيفية السباحة مع التيار، ويعلمه أنه يجب أن يتحرك قبل الناس سواء عند الشراء أو البيع، ويعلمه اختيار التوقيت الصحيح للدخول والخروج من السوق باحترافية كبيرة. وتحضرني هنا جملة جميلة قرأتها للعالم "إسحاق نيوتن (1642- 1727م)، وهو رياضي وفيزيائي إنجليزي، ويعتبر أحد عباقرة العلماء في تاريخ البشرية، حيث أسس علم "الديناميك" ووضع قوانينه، وتوصل إلى قانون الجاذبية الأرضية، في عام 1720م خسر هذا العالم ألف جنيه إسترليني (و هو مبلغ ضخم في ذلك الوقت) بعد انهيار أسهم شركة "ساوث سيتي" في البورصة، فقال جملته المشهورة وهو في قمة الحسرة: (إنني قادر على حساب حركة الأجرام السماوية، ولكنني عاجز عن حساب جنون الناس.

ولذا فإن حساب هذا الجنون الذي أدى إلى خسارة العالم الكبير "نيوتن" يعتبر ذو أهمية كبيرة في سوق الأوراق المالية، فهو الدراسة التي يقوم عليها التحليل الفني، فمشاعر الخوف والطمع التي تسيطر على سلوك الأفراد، واختلاف ردود أفعالهم التي تنعكس على سلوكهم في السوق، وتحرك السهم صعوداً وهبوطاً، هي من العوامل التي يجب التركيز عليها للتنبؤ بما سيحدث في السوق، حيث تختلف ردود أفعال المتداولين في سوق الأسهم على حسب مواقعهم داخل أو خارج هذه السوق، فوجودهم داخل السوق قد يثير لديهم الكثير من الخوف، هل تهبط بهم السوق هل يبيعون هل يخرجون؟، وبقائهم خارج السوق يجعل الطمع يتملكهم مع تزايد الأمل بنزول السوق حتى يتمكنوا من الشراء مجدداً.

وقد نجد هناك بعضاً ممن تملكتهم السوق وتملكتهم أسهمهم يحبون السهم، وتسيطر عليهم مشاعر الحب وعدم التنازل عنه مهما حدث له من هبوط، فتؤثر العاطفة على العقل، وهناك من يندمجون مع باقي الأفراد المتعاملين معهم في السوق ويفقدون جزءً كبيراً من عقلانيتهم، ويسيطر عليهم سلوك الجماعة، فيزداد التأثير العاطفي لردود الأفعال لتصبح جماعية، فيتحرك الجميع على شكل قطيع، ولهذا كان اهتمام التحليل الفني بدراسة سيكولوجية هؤلاء الأفراد ليحدد لنا ما هو سلوك القطيع الذي يجعلنا نسير دون عقلانية، وكيف نتصرف مع هذا التيار الجارف، وكيف يمكن الاستفادة من هذه الظاهرة، ويهمني هنا أن أقول أنه لا يوجد من يستطيع دائماً وطوال الوقت "الشراء بأقل سعر والبيع بأعلى سعر"، ولكن كل ما هو مطلوب من التحليل الفني أن يساعدنا في الشراء بأفضل سعر ممكن، والبيع أيضاً بسعر جيد يتناسب مع المخاطرة المحسوبة المقرونة بالقراءة الصحيحة لشارت السهم.

هذا الجزء هدفه الأساسي "ليس أن تكون محللاً فنياً"، ولكن الهدف منه هو أن أقدم لك بعض "أساسيات التحليل الفني" والأدوات التي يمكنك استخدامها لتكون رؤيتك التحليلية الخاصة بالسوق، والتي بناءً عليها يمكنك أن تأخذ قرارك بنفسك دون الاعتماد على الآخرين، وتُحسن من أدائك في السوق إذا كنت داخل عالم البورصة، وأقدم لك آليات جديدة تمكنك من انتهاز الفرص المتاحة بأسلوب احترافي متقدم، وسأعرض في هذا الباب تعريف التحليل الفني والفلسفة التي قام عليها، ومميزاته وعيوبه. وأنواع الشارتات المختلفة، والاتجاهات. الشموع اليابانية، وكيفية استخدامها. مستويات الدعم والمقاومة - المؤشرات الفنية المختلفة، والنماذج الفنية المختلفة، ونظريات التحليل الفني.

اخر الاخبار

اخبار العتبة العباسية المقدسة

قسم شؤون المعارف يطلق دورة (صفات الشيعة) لعدد من ملاكات العتبة العباسية المقدسة

الهيأة العليا لإحياء التراث تبحث تعزيز التعاون المشترك مع مركز الإمام الباقر (عليه السلام) في إيران

جامعة الكفيل تكرِّم طلبتها المتميزين من ذوي الاحتياجات الخاصة

فريق طبي في مستشفى الكفيل يجري عملية ناجحة لطفل يعاني من تشوّه ولاديّ بالنخاع الشوكي

المزيد

الآخبار الصحية

خصوصا مع تقدم السن.. 6 سلوكيات يومية قد تدمّر صحتك

فاكهة خضراء.. علاج طبيعي فعّال للإمساك واضطرابات الهضم

روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان

كنز غذائي على طبقك.. ماذا تفعل السبانخ بجسمك؟

المزيد

الآخبار التكنلوجية

رصد نوع نادر من القطط في تايلاند للمرة الأولى منذ عقود

روسيا تخطط لإقامة محطة نووية في القمر خلال العقد المقبل

كيف قاد إيلون ماسك حملة "غروك" لاختراق عرش الذكاء الاصطناعي

ألتمان: الذكاء الاصطناعي سيتجاوز البشر في 2026 !

المزيد

مواضيع ذات صلة

نـقاط الضعـف فـي التحليـل الفـنـي Weakness of Technical Analysis

نـقاط القـوة فـي التـحليـل الفـنـي Strengths of Technical Analysis

فـلسفـة التـحليـل الـفـنـي 2

فـلسفـة التـحليـل الـفـنـي 1

أسـاليـب التـحليـل الفـنـي وأهـدافــه

تـعريـف التحليـل الفـنـي ونـشأتــه

أثـر الأخبـار المـاليـة علـى السـهـم

كيفيـة أختيـار السهـم الرابـح ومعاييـرتحديـد السهـم الرابـح والنسب المعيارية لتقييم أداء السهم

تقييم سعر السهم ومؤشرات مضاعفاتـه في السوق وكيفية تقييم السهم

تطبيقات استخدام التحليل المالي للدخول الى السوق (معنى السعر العادل للسهم)

ربحية السهم Earning Per Share وطرق حسابه وريـع السهـم وطرق حسابـه

استخـدام مـضاعـف الربحيـة ومـلاحـظات ودلالات الـمؤشـر