المهددات الأمنية الداخلية:

إن التخطيط الإقليمي الجاد، والتنمية الاقتصادية والبشرية المتوازنة من أهم عوامل حماية البلاد من المهددات الأمنية الداخلية، حيث تعمل اجهزة التخطيط والمتابعة على حصر وجرد إمكانيات الدولية المتمثلة في الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة هادفة من ذلك تحقيق الاستخدام الأمثل لها وصولا إلى الاكتفاء الذاتي وإيجاد فائض يعمل على زيادة الإنتاج وصولا إلى مجتمع الرفاهية والعدل. الإخفاق في تلك المعطيات والقيم يعرض اقتصاد الدولة إلى الانهيار، ومن ثم يظهر العجز في ميزان مدفوعات الدولة والأفراد وبالتالي تتوالى وتتكاثر المشاكل الاقتصادية، بدءا من انخفاض دخول الأفراد وارتفاع اسعار السلع والخدمات والعملات الأجنبية، وبمرور الزمن تزداد الأسعار غلاء وتزداد الدخول تدنيا ويزداد الفقراء فقرا، ويزداد الأغنياء غنى. تلك الحالة الاقتصادية المتردية تعمل على انهيار قيم المجتمع وتضعف الوازع الديني والأخلاقي لدى أفراد الدولة حيث يصير الجوع والجهل والمرض والنزوح والتشرد والبطالة سمة من سمات المجتمع ومن هنا تظهر الجريمة والانحراف وتطل برأسها وتغرز أظافرها وانيابها وتقبض على المجتمع بكف من حديد.

في هذه الحالة تعجز كل وسائل مكافحة الجريمة البوليسية وتتطور وسائل الجريمة مع تطور اجهزة الأمن والمكافحة يسود المجتمع في هذه الحالة كل أنواع الجرائم والانحراف بدأ من الاعتداء على الأموال العامة والنهب والسرقة والقتل وانتشار الزنا وبيع الخمور والمخدرات ومرورا بالغش والاحتيال والكذب والخداع، وانتهاء بالحسد والحقد والكراهية وتغتت الأسر، وزوال ذات البين وايضا تعمل هذه العوامل على تفجير المتناقضات الاجتماعية الاقتصادية ونتنشأ الحروب القبلية والعرقية والدينية إضافة إلى الصراع بين الطبقات الفقيرة والغنية.

كل تلك العوامل والمهددات تعمل متضافرة مع المهددات الأمنية الخارجية، فتسقط الدولة وتنهار من الداخل، وتصبح لقمة صائغة للغزو الخارجي حيث تزول الدولة وتنتهي. تلك المهددات الأمنية الداخلية والخارجية تتطلب مجموعة من الدراسات الأكاديمية المختلفة الاجتماعية والإنسانية تكون دراستها في منظومة واحد أمرا ضروريا لكشف ابعاد المشكلة وإيجاد الحلول اللازمة لها.