مراحل تكوين الرأي العام 

من الواضح أن الرأي العام يمر بمراحل مختلفة قد لا توصف بأنها تراكمية دائما، ولكن في الغالب تبدأ بأفراد معدودين ثم يتبناه آخرون وآخرون إلى أن يصبح رأيا يمكن اعتبار ، رأيا عاما. وقد ينشأ الرأي من بدايته رأي عاما لأنه يعكس اتجاهات أو معتقدات مشتركة بين كل أو معظم الجمهور العام الذي تعنيه القضية. مثال ذلك إعلان إسرائيل جعل القدس عاصمة لها قضية تهم جميع المسلمين وكثيرا من المسيحيين العرب. ولما كانت أغلبية الأفراد في العالم الإسلامي والعربي يشتركون معا في الديانة أو في القومية العربية أو الاثنتين معا، فإنه من المتوقع أن يكون موقف الرأي العام هو الرفض للقرار الإسرائيلي بمجرد انتشار  خبر هذا الإعلان.

ويفيد "كنق" بأن الرأي العام يمر بمراحل تبدأ باستياء بعض الأفراد في المستوى الشعبي، ثم يعم هذا الاستياء وينتثر، ثم تتبلور القضية بالمناقشة التي ربما تؤدي إلى مرحلة اتخاذ قرار فيه. أما " دافيسون "  فيوافق " كنق" على أن العملية تبدأ بأفراد كرأي من الآراء، دون تحديد بأنه استياء، ثم تتبنى جماعة أولية هذا الرأي ، ثم تظهر لها قيادات متفرقة، يتم الاتصال بينها لتناقش القضية ووجهات النظر المتعددة، ثم تظهر صياغات جديدة وقادة جدد، وتعقد المقارنات بين الآراء المتعددة، ثم إذا انتهت القضية المحددة ينتهي الرأي العام بالنسبة لها. وتظهر قضية جديدة ويظهر رأي عام آخر ... وهو رأي لا يختلف كثيرا عن رأي عدد من الباحثين. ولعل أفضل تصوير للمراحل التي تمر بها القضية المحددة ما أورده برايس في تشخيصه لطبيعة الرأي العام في بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية. ففي تشخيصه هذا يقسم نشأة القضية المحددة والمناقشات أو المحاورات  التي تمر بها، بالنسبة للفرد، إلى عدد من المراحل من خلال المثال الذي يضربه لأحد رجال الأعمال.