المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
لا عبادة كل تفكر
2024-04-27
معنى التدليس
2024-04-27
معنى زحزحه
2024-04-27
شر البخل
2024-04-27
الاختيار الإلهي في اقتران فاطمة بعلي (عليهما السلام)
2024-04-27
دروس من مدير ناجح
2024-04-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


ثلاث قصائد لابن زمرك  
  
465   01:20 صباحاً   التاريخ: 2024-01-07
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة : مج5، ص:169-180
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /

ثلاث قصائد لابن زمرك

رجع إلى أخبار لسان الدين ابن الخطيب - رحمه الله تعالى - وقد عرض عدوه الرئيس ابن زمرك في بعض قصائده التي مدح بها سلطانه الغني بالله أبا عبد الله بن نصر بما تسنى له من الظفر لابن الخطيب، ومن حماه منه، وهو الوزير بن الكاس، على يد من عينه لملك المغرب، وأعانه بجنده وعضده - كما تقدم - وهو السلطان أحمد المريني، فقال من قصيدة عيدية:

يهني زمانك أعياد مجددة ... من الفتوح من الأيام تغشاه

غضبت للدين والدنيا بحقهما ... يا حبذا غضب في الله أرضاه

فوقت للغرب سهماً راشه قدر ... وسدد الله للأعداء مرماه

 

169

" سهم أصاب وراميه بذي سلم " ... لقد رمى الغرب الأقصى فأصماه (1)

من كان بندك يا مولاي يقدمه ... فليس يخلفه فتح ترجاه

من كان جندك جند الله ينصره ... أناله الله ما يرجو وسناه

ملكته غربه خلدت من ملك ... للغرب والشرق منه ما تمناه

وسام أعدائك الأشقين ما كسبوا ... ومن تردى رداء الغدر أرداه

قل للذي رمدت جهلاً بصيرته ... فلم تر الشمس، شمس الهدي، عيناه

غطى الهوى عقله حتى إذا ظهرت ... له المراشد أعشاه وأعماه

هل عنده وذنوب الغدر توبقه ... أن الذي قد كساه العز أعراه

لو كان يشكر ما أوليت من نعم ... ما زلت ملجأه الأحمى ومنجاه

سل السعود وخل البيض مغمدة ... فالسيف مهما مضى فالسعد أقصاه

وأشرع من البرق نصلاً راع مصلته ... وارفع من الصبح بنداً راق مجلاه

فالعدوتان وما قد ضم ملكهما ... أنصار ملكك، صان الله علياه

لا أوحش الله قطراُ أنت مالكه ... وآنس الله بالألطاف مغناه

لا أظلم الله أفقاً أنت نيره ... لا أهمل الله سرحاُ أنت ترعاه

وأهنأ بشهر صيام جاء زائره ... مستنزل من إله العرش رحماه

أهل بالسعد فانهلت به منن ... وأوسع الصنع إجمالأ ووفاه

أما ترى بركات الأرض شاملة ... وأنعم الله قد عمت براياه

وعادك العيد تستحلى موارده ... ويزجل الأجر والرحمى مصلاه

جهزت جيش دعاء فيه ترفعه ... لذي المعارج والإخلاص رقاه

أفضت فيه من النعماء أجزلها ... وأشرف البر بالإحسان زكاه

واليت للخلق ما أوليت من نعم ... والى لك الله ما أولى ووالاه

 

170

وأول هذه القصيدة:

هذي العوالم لفظ أنت معناه ... كل يقول إذا استنطقه الله

بحر الوجود وفلك الكون جارية ... وباسمك الله مجراه ومرساه

من نور وجهك ضاء الكون أجمعه ... حتى تشيد بالأفلاك مبناه

عرش وفرش وأملاك مسخرة ... وكلها ساجد لله مولاه

سبحان من أوجد الأشياء من عدم ... وأوسع الكون قبل الكون نعماه

من ينسب النور للأفلاك قلت له: ... من أين أطلعت الأنوار لولاه

مولاي مولاي بحر الجود أغرقني ... والخلق أجمع في ذا البحر قد تاهوا

فالفلك تجري كما الأفلاك جارية ... بحر السماء وبحر الأرض أشباه

وكلهم نعم للخلق شاملة ... تبارك الله لا تحصى عطاياه

يا فاتق الرتق من هذا الوجود كما ... في سابق العلم قد خطت قضاياه

كن لي كما كنت لي إذ كنت لا عمل ... أرجو، ولا ذنب قد أذنبت أخشاه

وأنت في حضرات القدس تنقلني ... حتى استقر بهذا الكون مثواه

ما أقبح العبد أن ينسى وتذكره ... وأنت باللطف والإحسان ترعاه

غفرانك الله من جهل بليت به ... فمن أفاد وجودي كيف أنساه

مني علي حجاب لست أرفعه ... إلا بتوفيق هدي منك ترضاه

فعد علي بما عودت من كرم ... فأنت أكرم من أملت رحماه

ثم الصلاة صلاة الله دائمة ... على الذي باسمه في الذكر سماه

المجتبى وزناد النور ما قدحت ... ولا ذكا من نسيم الروض مسراه

والمصطفى وكمام الكون ما فتقت ... عن زهر زهر يروق العين مرآه

ولا تفجر نهر للنهار على ... در الدراري فغطاه وأخفاه

يا فاتح الرسل أو يا ختمها شرفاً ... والله قدس في الحالين معناه

 

171

لم أدخر غير حب فيك ارفعه ... وسيلة لكريم يوم ألقاه

صلى عليك إله أنت صفوته ... ما طيبت بلذيذ الذكر أفواه

وعم بالروح والريحان صحبته ... وجادهم من نمير العفو أصفاه

وخص أنصاره الأعلين صفوته ... وأسكنوا من جوار الله أعلاه

أنصار ملته أعلام بيعته ... مناقب شرفت أنثى بها الله

وأيد الله من أحيا جهادهم ... وواصل الفخر أخراه بأولاه

المنتقى من صميم الفخر جوهره ... ما بين نصر وأنصار تهاداه

العلم والحلم والإفضال شيمته ... والبأس والجود بعض من سجاياه

وهي طويلة، ولنقتصر منها على ما ذكر.

وقد صرح ابن زمرك المذكور في قصيدة أخرى مدح بها سلطانه الغني بالله، وهنأه بفتح المغرب على يد السلطان أحمد، وذكر فيها ظفره بالوزير ابن الكاس، وهو - أعني ابن الكاس - كان القائم بنصرة لسان الدين، والمانع له، والمجير له منهم حين طلبوه منه، فلما لم يخفر ذمته تمكنت - كما سبق - أسباب العداوة، وجر ذلك أن أغرى السلطان أحمد على تملك فاس، واشترطوا عليه كما مر القبض على لسان الدين وإرساله إليهم، وقد نقلت أنا هذه القصيدة من تأليف لحفيد السلطان الغني بالله ونص محل الحاجة منه: ومن ذلك أيضاً قوله - يعني ابن زمرك - هناء لمولانا الجد رحمه الله تعالى بالفتح المغربي للسلطان أبي العباس ابن السلطان أبي سالم المريني(2):

هي نفحة هبت من الأنصار ... أهدتك فتح ممالك الأمصار

في بشرها وبشارة الدنيا بها ... مستمتع الأسماع والأبصار

هبت على قطر الجهاد فروضت ... أرجاءه بالنفحة المطار

172

وسرت وأمر الله طي برودها ... يهدي البرية صنع لطف الباري

مرت بأدواح المنابر فانبرت ... خطباؤها مفتنة الأطيار

حنت معارجها إلى أعشارها ... لما سمن بها حنين عشار

لو أنصفتك لكللت أدواحها ... تلك البشائر يانع الأزهار

فتح الفتوح أتاك من حلل الرضى ... بعجائب الأزمان والأعصار

فتح الفتوح جنيت من أفنانه ... ما شئت من نصر ومن أنصار

كم آية لك في السعود جلية ... خلدت منها عبرة استبصار

كم حكمة لك في النفوس خفية ... خفيت مداركها عن الأفكار

كم من أمير أم بابك فانثنى ... يدعى الخليفة دعوة الإكبار

أعطيت أحمد راية منصورة ... بركاتها تسري من الأمصار

أركبته في المنشآت كأنما ... جهزته في وجهة لمزار

من كل خافقة الشراع مصفق ... منها الجناح تطير كل مطار

ألقت بأيدي الريح فضل عنانها ... فتكاد تصدق لمحة الأبصار

مثل الجياد تدافعت وتسابقت ... من طافح الأمواج في مضمار

لله منها في المجاز سوابح ... وقفت عليك الفخر وهي جواري

لما قصدت بها مراسي سبتة ... عطفت على الأسوار عطف سوار

لما رأت من صبح عزمك غرة ... محفوفة بأشعة الأنوار

ورأت جبيناً دونه شمس الضحى ... لبتك بالإجلال والإكبار

فأفضت بها من نداك مواهباً ... حسنت مواقعها على التكرار

وأريت أهل الغرب عزم مغرب ... قد ساعدته غرائب الأقدار

وخطبت من فاس الجديد عقيلة ... لبتك طوع تسرع وبدار

ما صدقوا متن الحديث بفتحها ... حتى رأوه في متون شفار

وتسمعوا الأخبار باستفتاحها ... والخبر قد أغنى عن الأخبار

قولوا لقرد في الوزارة غره ... حلم مننت به على مقدار

 

173

أسكنته من فاس جنة ملكها ... متنعماً منها بدار قرار

حتى إذا كفر الصنيعة وازدرا ... بحقوقها ألحقته بالنار

جرعت نجل الكاس كأساً مرة ... دست إليه الحتف في الإسكار

كفر الذي أوليته من نعمة ... لا تأنس النعماء بالكفار

فطرحته طرح النواة فلم يفز ... من عز مغربه بغير فرار

لم يتفق لخليفة مثل الذي ... أعطى الإله خليفة الأنصار

لم أدر والأيام ذات عجائب ... تردادها يحلو على التذكار

ألواء صبح في فنية مشرق ... أم راية في جحفل جرار

وشهاب أفق أم سنان لامع ... ينقض نجماً في سماء غبار

ومناقب المولى الإمام محمد ... قد أشرقت أم هن زهر دراري

فاق الملوك بهمة علوية ... من دونها نجم السماء الساري

لو صافح الكف الخصيب بكفه ... فخرت بنهر للمجرة جاري

والشهب تطمع في مطالع أفقها ... لو أحرزت منه منيع جوار

سل بالمشارق صبحها عن وجهه ... يفتر منه عن جبين نهار

سل بالغمائم صوبها عن كفه ... تنبيك عن بحر بها زخار

سل بالبروق صفاحها عن عزمه ... تخبرك عن أمضى شباً وغرار

قد أحرز الشيم الخطيرة عندما ... أمطى العزائم صهوة الأخطار

إن يلق ذو الإجرام صفحة صفحه ... فسح القبول له خطا الأعمال

يا من إذا هبت نواسم حمده ... أزرت بعرف الروضة المعطار

يا من إذا افترت مباسم بشره ... وهب النفوس وعاف في الإقتار

يا من إذا طلعت شموس سعوده ... تعشي أشعتها قوى الأبصار

قسماً بوجهك في الضياء وإنه ... شمس تمد الشمس بالأنوار

قسماً بعزمك في المضاء فإنه ... سيف تجرده يد الأقدار

174

لسماح كفك كلما استوهبته ... يزري بغيمة الديمة المدرار

لله حضرتك العلية لم تزل ... يلقي الغريب بها عصا التسيار

كم من طريد نازح قذفت به ... أيدي النوى في القفر رهن سفار

بلغته ما شاء من آماله ... فسلا عن الأوطان بالأوطار

صيرت بالإحسان دارك داره ... متعت بالحسنى وعقبى الدار

والخلق تعلم أنك الغوث الذي ... يضفي عليها وافي الأستار

كم دعوة لك في المحول مجابة ... أغرت جفون المزن باستعبار

جادت مجاري الدمع من قطر الندى ... فرعى الربيع لها حقوق الجار

فأعاد وجه الأرض طلقاً مشرقاً ... متضاحكاً بمباسم النوار

يا من مآثره وفضل جهاده ... تحدى القطار بها إلى الأقطار

حطت البلاد ومن حوت ثغورها ... وكفى لسعدك حامياً لذمار

فلرب بكر للفتوح خطبتها ... بالمشرفية والقنا الخطار

وعقيلة للكفر لما رعتها ... أخرست من ناقوسها المهذار

أذهبت من صفح الوجود كيانها ... ومحوتها إلا من التذكار

عمروا بها جنات عدن زخرفت ... ثم انثنوا عنها ديار بوار

صبحت منها روضة مطلولة ... فأعدتها للحين موقد نار

واسود وجه الكفر من خزي متى ... ما احمر وجه الأبيض البتار

ولرب روض للقنا متأود ... ناب الصهيل به عن الأطيار

مهما حكت زهر الأسنة زهره ... حكت السيوف معاطف الأنهار

متوقد لهب الحديد بجوه ... تصلى به الأعداء لفح أوار

فبكل ملتفت صقال مشهر ... قداح زند للحفيظة واري

في كف أروع فوق نهد سابح ... متموج الأعطاف في الإحضار

من كل منخفر بلمحة بارق ... حمل السلاح به على طيار

من أشهب كالصبح يطلع غرة ... في مستهل العسكر الجرار

 

175

أو أدهم كالليل إلا أنه ... لم يرض بالجوزاء حلي عذار

أو أحمر كالجمر يذكي شعلة ... وقد ارتمى من بأسه بشرار

أو أشقر حلى الجمال أديمه ... وكساه من زهو جلال نضار

أو أشعل راق العيون كأنه ... غلس يخالط سدفة بنهار

شهب وشقر في الطراد كأنها ... روض تفتح عن شقيق بهار

عودتها أن ليس تقرب منهلاً ... حتى يخالط بالدم الموار

يا أيها الملك الذي أيامه ... غرر تلوح بأوجه الأعصار

يهني لواءك أن جدك زاحف ... بلواء خير الخلق للكفار

لا غرو أن فقت الملوك سيادة ... إذ كان جدك سيد الأنصار

السابقون الأولون إلى الهدى ... والمصطفون لخدمة المختار

متهللون إذا النزيل عراهم ... سفروا له عن أوجه الأقمار

من كل وضاح الجبين إذا احتبى ... تلقاه معصوباً بتاج فخار

قد لاث صبحاً فوق بدر بعدما ... لبس المكارم وارتدى بوقار

فاسأل ببدر عن مواقف بأسهم ... فهم تلافوا أمره ببدار

لهم العوالي عن معالي فخرها ... نقل الرواة عوالي الأخبار

وإذا كتاب الله يتلو حمدهم ... أودى القصور بمنة الأشعار

يا ابن الذين إذا تذوكر فخرهم ... فخروا بطيب أرومة ونجار

حقاً لقد أوضحت من آثارهم ... لما أخذت لدينهم بالثار

أصبحت وارث مجدهم وفخارهم ... ومشرف الأعصار والأمصار

يا صادراً في الفتح عن ورد المنى ... رد ناجح الإيراد والأصدار

واهنأ بفتح جاء يشتمل الرضى ... جذلان يرفل في حل استبشار

وإليكها ملء العيون وسامة ... حيتك بالأبكار من أفكاري

تجري حداة العيس طيب حديثها ... يتعللون به على الأكوار

إن مسهم لفح الهجير أبلهم ... منه نسيم ثنائك المعطار

 

176

وتميل من أصغى لها فكأنني ... عاطيته منها كؤوس عقار

قذفت بحور الفكر منها جوهراً ... لما وصفت أنامل ببحار

لا زلت للإسلام ستراً كلما ... أم الحجيج البيت ذا الأستار

وبقيت يا بدر الهدى تجري بما ... شاءت علاك سوابق الأقدار

انتهت.

ولابن زمرك السابق قصيدة أخرى قالها بعد موت لسان الدين ابن الخطيب وخلع السلطان أبي العباس أحمد ابن أبي سالم الذي قتل ابن الخطيب في دولته، وكان سلطان الأندلس موئلاً للسلطان أحمد المذكور، ولذلك امتعض لرده لملكه، فقال ابن زمرك وزير صاحب الأندلس بعد ابن الخطيب هذه القصيدة يمدح بها سلطانه أثناء وجهته لتجديد الدولة الأحمدية المذكورة صدر عام تسعة وثمانين وسبعمائة (3) :

هب النسيم على الرياض مع السحر ... فاستيقظت في الدوح أجفان الزهر

ورمى القضيب دراهماً من نوره ... فاعتاض من طل الغمام بها درر

نثر الأزاهر بعدما نظم الندى ... يا حسن ما نظم النسيم وما نثر

قم هاتها والجو أزهر باسم ... شمساً تحل من الزجاجة في قمر

إن شجها بالماء كف مديرها ... ترميه من شهب الحباب بها شرر

نارية نورية من ضوئها ... يقد (4) السراج لنا إذا الليل اعتكر

لم يبق منها الدهر إلا صبغة ... قد أرعشت في الكأس من ضعف الكبر

من عهد كسرى لم يفض ختامها ... إذ كان يدخر كنزها فيما دخر

كانت مذاب التبر فيما قد مضى ... فأحالها ذوب اللجين لمن نظر

جدد بها عرس الصبوح فإنها ... بكر تحييها الكرام مع البكر

177

وابلل بها رمق الأصيل عشية ... والشمس من وعد الغروب على خطر

محمرة مصفرة قد أظهرت ... خجل المريب يشوبه وجل الحذر

من كف شفاف تجسد نوره ... من جوهر لألاه بهجته بهر

تهوى البدور كماله وتود أن ... لو أوتيت منه المحاسن والغرر

قد خط نون عذاره في خده ... قلمان من آس هناك ومن شعر

والى عليك بها الكؤوس، وربما ... يسقيك من كأس الفتور إذا فتر

سكر الندامى من يديه ولحظه ... متعاقب مها سقى وإذا نظر

حيث الهدير مع الهديل تناغيا ... فالطير تنشد (5) في الغصون بلا وتر

والقضب مالت للعناق كأنها ... وفد الأحبة قادمين من السفر

متلاعبات في الحلي ينوب في ... وجناتهن حسناً عن خفر

والنرجس المطلول يرنو نحوها ... بلواحظ دمع الندى منها انهمر

والنهر مصقول الحسام متى يرد ... درع الغدير مصفقاً فيه صدر

يجري على الحصباء وهي جواهر ... متكسراً من فوقها مهما عثر

هل هذه أم روضة البشرى التي ... فيها لأرباب البصائر معتبر

لم أدر من شغف بها وبهذه ... من منهما فتن القلوب ومن سحر

جاءت بها الأجفان ملء ضلوعها ... ملء الخواطر والمسامع والبصر

ومسافر في البحر ملء عنانه ... وافى مع الفتح المبين على قدر

قادته نحوك بالخطام كأنه ... جمل يساق إلى القياد وقد نفر

وأراه دين الله عزة أهله ... بك يا أعف القادرين إذا قدر

يا فخر أندلس وعصمة أهلها ... للناس سر في اختصاصك قد ظهر

كم معضل من دائها عالجته ... فشفيت منه البدار والبدر

ماذا عسى يصف البليغ خليفة ... والله ما أيامه إلا غرر

178

ورثت هذا الفخر يا ملك الهدى ... من كل من آوى النبي ومن نصر

من شاء يعرف فخرهم وكمالهم ... فليتل وحي الله فيهم والسير

أبناؤهم أبناء نصر بعدهم ... بسيوفهم دين الإله قد انتصر

مولاي سعدك والصباح تشابها ... وكلاهما في الخافقين قد اشتهر

هذا وزير الغرب عبد آبق ... لم يلف غيرك في الشدائد من وزر

كفر الذي أوليته من نعمة ... والله قد حتم العذاب لمن كفر

إن لم يتم بالسيف مات بغيظه ... وصلي سعيراً للتأسف والفكر

ركب الفرار مطية ينجو بها ... فجرت به حتى استقر على سقر

وكذا أبوه وكان منه حمامه ... قد حم وهو من الحياة على غرر

بلغته والله أكبر شاهد ... ما شاء من وطن يعز ومن وطر

حتى إذا جحد الذي أوليته ... لم تبق منه الحادثات ولم تذر

في حاله والله أعظم عبرة ... لله عبد في القضاء قد اعتبر

فاصبر تنل أمثالها في مثله ... إن العواقب في الأمور لمن صبر

رد حيث شئت مسوغاً ورد المنى ... فلله حسبك في الورود وفي الصدر

لا زلت محروساً بعين كلاءة ... ما دام عين الشمس تعشي من نظر

ومنها وقد أضاف إليه من التغزل طوع بداره، وحجة اقتداره، فقال:

والعود في كف نديم بسر ما ... تلقي لنا الأنامل منه قد جهر

غنى عليه الطير وهو بدوحه ... والآن غنى فوقه ظبي أغر

عود ثوى حجر القضيب، رعى له ... أيام كانا في الرياض مع الشجر

لا سيما لما رأى من ثغره ... زهراً، وأين الزهر من تلك الدرر

ويظن أن عذاره من آسه ... ويظن تفاح الخدود من الثمر

يسبي القلوب بلفظه وبلحظه ... وافتنتي بين التكلم والنظر

قد قيدته لأنسنا أوتاره ... كالظبي قيد في الكناس إذا نفر

 

179

لم يبل قلبي قبل سماع غنائه ... بمعذر سلب العقول وما اعتذر

جس القلوب بجسه أوتاره ... حتى كأن قلوبنا بين الوتر

نمت لنا ألحانه بجميع ما ... قد أودعت فيه القلوب من الفكر

يا صامتاً والعود تحت بنانه ... يغنيك نطق الخبر فيه عن الخبر

أغنى غناؤك من مدامك، يا ترى ... هل من لحاظك أم بنانك ذا السكر

باحت أناملك اللدان بكل ما ... كان المتيم في هواه قد ستر

ومقاتل ما سل غير لحاظه ... والرمح هز من القوام إذا خطر

دانت له منا القلوب بطاعة ... والسيف يملك ربه مهما قهر

وسنلم إن شاء الله تعالى بترجمة ابن زمرك هذا في باب التلامذة، ونشير هناك إلى كثير من أحواله، وكيفية قتله مع أولاده وخدمه بمرأى ومسمع من أهله، فكان الجزاء من جنس العمل، وخاب منه الأمل، إذ لسان الدين قتل غيلة بليل غاسق، على يد مختلس في السجن فاسق، وأما ابن زمرك فقتل بالسيف جهاراً، وتناوشته سيوف مخدومه بين بناته إبداء للتشفي وإظهاراً، وقتل معه من وجد من خدمه وأبناه، وأبعده الدهر وطالما أدناه. وهكذا الحال في خدام الدول وذوي الملك، أنهم أقرب شيء من الهلك، ويرحم الله من قال: إياك وخدمة الملوك فإنهم يستقلون في العقاب ضرب الرقاب، ويستكثرون في الثواب رد الجواب؛ انتهى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ضمنه من قول الشريف الرضي:

سهم أصاب وراميه بذي سلم ... من بالعراق لقد أبعدت مرماك

(2) القصيدة في أزهار الرياض 2: 28 - 34.

(3) انظر أزهار الرياض 2: 35 - 38.

(4) ق ص: يقدح، واقرأ: قدح.

(5) الأزهار: تشدو.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.


قسم الشؤون الفكرية يقيم برنامج (صنّاع المحتوى الهادف) لوفدٍ من محافظة ذي قار
الهيأة العليا لإحياء التراث تنظّم ورشة عن تحقيق المخطوطات الناقصة
قسم شؤون المعارف يقيم ندوة علمية حول دور الجنوب في حركة الجهاد ضد الإنكليز
وفد جامعة الكفيل يزور دار المسنين في النجف الأشرف