x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

نظم المؤسسات العقابية

المؤلف:  جمال ابراهيم الحيدري

المصدر:  علم العقاب الحديث

الجزء والصفحة:  ص45-58

29-7-2022

3783

أن نظام السجون وليد العصور الحديثه وان كانت نواته الأولى قد وجدت منذ القرن السادس عشر عندما انشئت دار الاصلاح لاول مره في (برايدويل) في انكلترا عام 1552 وكان يسيطر على هذا النوع من المؤسسات العقابية فكرة الزام المحكوم عليهم بالعمل واخضاعهم للنظام في الوقت ذاته. ولكن دور الإصلاح هذه لم تكن تستقبل غير المجرمين قليلي الخطوره. اذ لم يكن يتم فيها تنفيذ العقوبات القاسية. وكان من عوامل ضالة الدور الموكل إلى هذه الاصلاحيات أن كثيرا من المذنبين كان يحكم عليهم بعقوبة تجديف السفن القديمة في حين ان نعضهم كان يرسل الى المستعمرات. حتى أن هذه الوسيلة الاخيره قد اصبحت بالتدرج اكثر العقوبات شيوعا. ولكن مع ظهور مشكلات جديده تتعلق بامكانية استقبال المستعمرات لاعداد كبيره من المجرمين. بدأت تلوح في الأفق فكرة بناء اماكن لايداعهم بدلا من نفيهم ولا سيما في انكلترا وامريكا خلال القرن الثامن عشر. ورغم ذلك فكانت هذه الأماكن مخصصه للايداع فقط دون أي التزام بتقديم ضروريات الحياة إلى النزلاء وزاد من سوء الحال أن تلك الأماكن لم تكن تتبع الدوله. بل كان يديرها أفراد يميزون في المعاملة العقابية بين النزلاء بحسب المقدرة المالية لكل منهم. وقد كان لرجال الكنيسه فيما بعد دور مهم في اصلاح نظام السجون. وكان من نتيجة جهود رجال الدين في الاصلاح آن انشئت في روما عام 1803 دار للاصلاح خاصه بالمجرمين الأحداث. وسجن للنساء عام 1835 وعدد آخر من السجون. وكانت السمة المشتركه بين جميع هذه السجون هي الالزام بالعمل داخل السجن باعتبار أن ذلك من اهم سبل الاصلاح  والتقويم(1) ، ولا بد من التنويه الى ان المقصود بالنظام هو ما يسمح به من الاتصال بين نزلاء المؤسسة العقابية. وهناك اربعة انظمة كل نظام سمي تبعا للمدينه أو الدولة التي نشأ فيها (2).

المطلب الأول

 النظام الجمعي (3).

أن هذا النظام هو اقدم النظم من الناحية التاريخية، وجوهر هذا النظام هو الاختلاط بين النزلاء ليلا ونهارا، ويمكنهم تبادل الأحاديث في اي مكان داخل المؤسسه العقابية، أي في اماكن العمل والطعام والنوم والتهذيب علما ان طبيعة هذا النظام لايناقضه تقسيم المحكوم عليهم الى مجموعات أو الفصل بين طوائف منهم طالما أن الاختلاط جائز بین افراد كل طائفه على حده، فبصفه خاصه فأن هذا النظام قد روعي في تطبيقه الفصل بين الرجال والنساء، وبين البالغين و الأحداث، وبين المحكوم عليهم والمحبوسين احتياطيا(4)، وقد ساد هذا النظام حتى نهاية القرن الثامن عشر. المزايا: أن هذا النظام هو ابسط انظمة السجون، وقليل التكاليف سواء من ناحية انشائه أو ادارته، كما أنه أقل الانظمه اضرارا بالصحة البدنية والعقلية والنفسيه للنزيل، وفضلا عن ذلك أنه يكفل تنظيما جيدا للعمل العقابي ويهي السبيل للاستفاده من الأساليب الحديثه له، ويضمن بذلك أن يأتي بايراد وفير نتيجة لوفرة عدد العاملين وامكان تقسيمهم حسب متطلبات العمل (5). ، وانه يكفل تنظيم التهذيب والتعليم على نحو يتفق مع اصولهما المستقرة فيكون بذلك ادني الى أغراضهما. العيوب: ان اتاحة فرص الاختلاط قد يحول السجن الى مدرسة للجريمه بسبب اختلاط المجرم لاول مرة مع المجرمين العتاة من أرباب السوابق (6)، كما ان التعارف بین النزلاء قد يؤدي الى تكوين النواة لعصابات اجراميه بعد خروج المدان من المؤسسة العقابية. كما أن هناك صعوبة حفظ النظام داخل المؤسسة العقابية لان اختلاط النزلاء قد يساعد على تكوين رأي معاد للاداره العقابية بين النزلاء. واخيرا قد يسمح هذا النظام بتعاطي المخدرات وتفشي الشذوذ الجنسي بين النزلاء (7)، نضف إلى ذلك أن ما يعلمه البعض من اسرار البعض الاخر من النزلاء هو سلاح قد يستغل العرقلة التأهيل. ولكن هذه العيوب مبالغ فيها لأنه بالأمكان جمع النزلاء ذوي الصفات المتقاربه في قسم معين إذا أخذنا بنظر الاعتبار التصنيف العلمي بحيث يسهل على القائمين بأدارة المؤسسة العقابية ضبط النظام وتعليم النزلاء وتهذيبهم، وهو سائد في كافة السجون ويمثل طورة أو مرحلة من مراحل النظام التدرجي المنتشر في كافة أنحاء العالم في الوقت الحاضر.

المطلب الثاني النظام الانفرادي (البنسلفاني) (8).

أسسي السجن الذي يتبع هذا النظام لاول مرة في مدينة بنسلفانيا الأمريكيه. وجوهر هذا النظام هو العزل التام بين النزلاء بحيث لا يختلطون أو يتكلمون فيما بينهم، ويوضع كل منهم في زنزانه منفصله ويقضي فيها كل أوقاته، لهذا تكون كل زنزانه مجهزه تجهيزا كاملا بحيث تفي بكل حاجات النزيل من طعام و عمل ونوم(9)، ويسمح للنزيل بالمطالعة والخروج مرتين إسبوعية للرياضة، ولكن يمنع من التدخين ويجوز للمعلمين والاداريين فقط الاتصال به(10)، وقد أدخل على هذا النظام فيما بعد تعديل قضی بعمل المحكوم عليه داخل الزنزانه وبعيدا عن النزلاء الاخرين وذلك لما لوحظ من أضرار العزله الصارمه بدون عمل. ومن الجدير بالذكر أن الفلسفة العقابية لهذا النظام تستند الى فكرة أن تقويم المحكوم عليه لايمكن أن يحدث إلا عن طريق التكفير والتوبه، وهو مالا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق النظام الأنفرادي الصارم (11)، وقد ساد هذا النظام خلال القرن التاسع عشر کرد فعل لمساوى النظام الجمعي

المزايا: ينطوي هذا النظام على عدة مزايا يمكن إجمالها بما يأتي:  

1- أن هذا النظام يستبعد الأضرار الناجمة عن إختلاطالنزلاء وخاصة فيما يتعلق بتكوين العصابات الاجراميه مستقبلا، لأن المحكوم عليه لايتصل الآ بالمرشدين وبعض الموظفين الاداريين، وبعبارة أخرى أنه - بالنسبه لكل محكوم عليه- مجتمعا صالحا من الموظفين والمهذبين محل مجتمع فاسد من زملائه في السجن.

2- أنه يعطي فرصة للتأمل ومراجعة الذات والندم على الجريمه لان أساس فكرة هذا النوع من السجون هو التوبة التي دعت إليها الكنيسه .

3- أنه يساعد على التفريد العقابي بالنسبه لكل نزيل.

4- أن القسوة التي يعانيها النزيل بمقتضى هذا النظام قد تجدي نفعا مع عتاة المجرمين (12).

5- أن اللجوء الى هذا النظام ينطوي على أهمية في بعض الحالات، كأن

يكون العزل عقوبه تأديبيه أو تدبير ينزل بالسجين بسبب خطره على بقية النزلاء لسبب أو لأخر، وهو مفيد كذلك في حالات سلب الحريه لمدد قصيره، حيث يلزم عندئذ تجنيب النزيل لعتاة المجرمين في الوقت الذي تكفي فيه الفتره القصيره لأشعار المحكوم عليه برهبة العقوبه، كما يحسن اللجوء الى هذا النظام أيضا في حالات مراقبة سلوك المحكوم عليه نفسه

وبهذا يتضح أن النظام الأنفرادي ينظر إليه في علم العقاب الحديث باعتبار أنه مرحله في النظام التدريجي، أو صورة من صور العقوبة التأديبية، أو كمرحله تمهيديه للأساليب العلمية في المعاملة العقابية وخصوصا فيما يتعلق بتصنيف المجرمين.

العيوب: إن أهم الأنتقادات التي وجهت الى هذا النظام هي:

1- إن الحبس الانفرادي لمدة طويلة من الزمن قد يؤدي الى الجنون أو الإصابات ببعض الأمراض النفسية والعقلية الخطيره، لأن الطبيعه الأنسانيه تميل الى الأختلاط .

2. أن هذا النظام يتطلب تكاليف باهظه من المصاريف، سواء ما يخص بانشاء المؤسسة العقابية أو إدارتها مما يجعل هذا النظام شبه مستحيل من الناحيه الواقعيه(13).

3. ان هذا النظام لم يؤدي الى حل مشكلة تنفيذ العقوبات السالبة للحريه حلا مرضية، وذلك بسبب مساوی نظام العزله المطلقه وما تتركه من تأثير مدمر على التوازن النفسي والعصبي للنزيل.

4. أن نظام العزله قلما يساعد على إصلاح المحكوم عليه، وذلك لأن مثل هذا الأصلاح يتطلب وجود علاقات إجتماعية للنزيل تساعده على التكيف مع قرنائه في المستقبل، ومن ناحية أخرى فالعمل العقابي داخل السجن لكي يكون مقدمة للتاهيل يجب ألايتم في إنفراد وعزله عن بقية النزلاء هذاونظرأ للعيوب الكثيره التي ينطوي عليها هذا النظام فقد الغي في أمريكا عام (1913) (14)، كما لم يعد اله وجود ضمن الأنظمة المعروفه للسجون في الوقت الحاضر، لكن الذي بقي من هذا النظام هو وجود زنزانات مستقلة (غرف خاصة) لمعاقبة النزلاء في حالة مخالفتهم لقواعد الضبط وعدم تقيدهم بالأنظمة المرعيه داخل المؤسسة العقابية(15)، ومع ذلك فما زال لهذا النظام مجال تطبيق لايجوز إنكاره، حيث هناك حالات يكون تطبيق هذا النظام بخصوصها ضروريا، كأن يكون النزيل مصدر تهديد لزملائه أو لنظام السجن، أو يكون اختلاطه بهم غير مرغوب فيه لسبب ما، کالمصاب بمرض معد أو الشاذجنسية، أو المتعصب لفكرة أو عقيدة يريد فرضها على زملائه، ففي هذه الحالات تكون العزله بمثابة تدبير أمن داخلي أو عقوبة تأديبية. وفي حالات أخرى يكون هذا النظام ملائما، واهمها العقوبات ذات المده القصيرة، اذ الانفراد فيها متطلب لتجنب اختلاط ضار لايقابله برنامج تهذيبي ذو مدة معقوله، وهو ما لا تكفي المده القصيره وحدها لتحقيقه، ومن الحالات التي يكون فيها هذا النظام ملانما أيضا، حالة ملاحظة المحكوم عليه تمهيدا لتصنيفه، اذلا تقود الملاحظة الى نتائج دقيقه إلا إذا وجهت الى شخصية لاتعاني - بقدر الامكان - تأثيرا خارجية عليها. هذا ويتصور النظام الأنفرادي في الوقت الحاضر كاحدى مراحل النظام التدرجي(16)، وهو متصور كذلك إذا طلبه المحكوم عليه، ويحدث ذلك بالنسبه للمحكوم عليهم في جرائم الرأي، إذ قد يستشعر بعضهم المهانه من إختلاطه بالمجرمين العاديين.

 المطلب الثالث النظام المختلط (الأوبراني)

تمتد إصول هذا النظام الى السجون الهولندية التي أنشات منذ نهاية القرن السادس عشر وإحتذيت في بلاد اوربيه عديده، ولكن أصوله المباشره ترجع الى عام (1821) حين قرر المشرع في ولاية نيويورك تطبيق نظام تضيف جديد في سجن مدينه او برن(17)، ويقوم هذا النظام على أساس الجمع بين النزلاء مع الصمت، حيث يعزل النزلاء أثناء الليل ويختلطون في النهار، إذيقتضي ذلك إجتماع المحكوم عليهم عند إداء الفرائض الدينية و عند تناول الطعام أو إداء الأنشطة الأخرى المشتركه وقد القي هذا النظام رواجا وانتشارا في الولايات المتحدة الأمريكيه(18)، المزايا:

إن هذا النظام أقل تكاليفة من النظام الانفرادي، ويقي النزلاء من الأخطار والأضرار الناجمة عن العزلة التي تصيبهم في صحتهم وعقولهم ونفسياتهم، كما أنه يتجنب المساوئ الناجمة عن الاختلاط وذلك عن طريق الصمت، ويمتاز هذا النظام بكفالته تنظيم العمل وفق أساليبه الاليه الحديثه، وتنظيم التهذيب والتعليم على نحو أفضل مما يتحقق في النظام الانفرادي العيوب: أن فرض الصمت على النزلاء أثناء إجتماعهم يعد أمرا في غاية الصعوبه خاصة وان إدارة المؤسسات العقابية كانت تستعمل في بداية نشأة هذا النظام الضرب من أجل فرض الصمت، ولكنه عدل النظام أخيرا وسمح للنزلاء بالكلام تحت المراقبة وضمن حدود ضيقه (19)، ومن الانتقادات الموجهة لهذا النظام أيضا، أنه لم يضع نصب عينيه مقتضيات التأهيل، حيث كان عمل المحكوم عليهم يتم بهدف تحقيق الربح السريع دون مراعاة للظروف الشخصيه للمحكوم عليه، وبالأضافة الى ذلك فان نظم التصنيف لم تلق الأهتمام الواجب لدى أنصار هذا النظام، كما إن قاعدة الصمت قد أضعفت من أسهمها، ولكن هذه العيوب أخذت تزول تدريجيا عن النظام بحيث أصبح من أقرب النظم الحاليه الى تحقيق السياسة العقابية الصائبه.

المطلب الرابع

النظام التدرجي (الأيرلندي)  

ترجع النشأة الأولى لهذا النظام الى عام (1880)، حيث طبق بنجاح في إيرلندا ثم إنتقل ابتداءا من القرن التاسع عشر الى دول كثيره (20)»، إن الفكره الاساسيه في هذا النظام هي التدرج في المعامله العقابية، حيث يقوم على أساس تقسیم مدة العقوبة الى مراحل من حيث تنفيذها و تطبيق نظام خاص بكل مرحله وفق ترتيب معين، بحيث تتميز المرحله الاولى بنظام صارم ثم تخفف وطأته تدريجيا، لأن التهذيب وعودة المحكوم عليه الى الحياة الطبيعيه يفترض تدرجا في تنمية إمكانيات النزيل للانتقال من مرحله الى المرحله التاليه، ثم أن النظام يتضمن في ذاته تشجيعا للنزيل على حسن السلوك، لأن في ذلك وعدا له بالأنتقال إلى مرحلة اخرى أقل شدة من المراحل السابقه وتتمثل المراحل التي يمر بها المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحريه طويلة الأمد بما يأتي:

1. مرحله السجن الأنفرادي ليلا ونهارا

2- مرحله السجن المختلط التي يسود فيها العمل الجماعي

3. مرحله الأصلاح حيث يمنح النزيل قسطا من الحريه لغرس الثقة في نفسه.

4. مرحله يصبح فيها بامكان النزيل الخروج نهارا للعمل ويعود ليلا الى المؤسسه العقابية .

5- مرحلة الأفراج الشرطي.

هذا وينتقل النزيل من مرحله الى أخرى تبعا لتجاوبه وإستعداده للأصلاح وحصوله على العلامات التي تؤهله الأنتقال من مرحله الى أخرى، ويحقق هذا النظام مزايا عديده، فهو يجمع بين مزايا الأنظمة الأخرى ويحاول تفادي عيوبها، حيث ينطوي على قيم تهذيبيه ذاتيه تدفع المحكوم عليه الى حسن السير والسلوك أثناء التنفيذ العقابي، وبذلك يحقق تمهيدا لازما للتأهيل الأجتماعي بعد الإفراج، وبهذا فالتدرج يتفادى إنتقالا فجائية بين سلب الحرية والحرية الكاملة، وتتضح هذه الميزه حين تعتبر الأقامه في مؤسسه مفتوحه أو شبه الحرية والافراج الشرطي من بين مراحل التدرج (21)، وبسبب هذه المزايا فان هذا النظام هو الراجح لدى علماء العقاب وأخذت به العديد من قوانين دول العالم كفرنسا وإيطاليا وبلجيكا والنرويج وسويسرا وإنكلترا (22).

ولكن هذا النظام إنتقد، فوصف بالتناقض باعتبار أن المزايا التي تحققها إحدى مراحله قد يمحوها النظام المطبق في المرحلة اللاحقة عليها، فعلى سبيل المثال: إذا أريد بالعزله تفادي الأختلاط الضار ودفع المحكوم عليه إلى التأمل والندم، فان تطبيق نظام مختلط ثم جمعي بعد ذلك ينتج تلك الأضرار التي أريد تفاديها، وإنتقد من ناحية أخرى بأن عددا من المزايا التي لا تخول للمحكوم عليه الآ في مرحله متأخره (كالسماح له بالزيارات أو المراسلات) لها في ذاتها قيمه تهذيبيه، باعتبارها أسباب إستقرار نفسي يتيح له بذل مجهود إيجابي لتحسين سلوكه، وعلى هذا النحو كان ينبغي أن تمنح له منذ بداية عقوبته(23) ولكن هذان النقدان مبالغ فيهما، فالنقد الأول يدحضه أن نقل المحكوم عليه الى مرحلة أعلى لايكون الا بعد التيقن من صلاحيته النظامها. أما النقد الثاني فيمكن. دون صعوبه. تفاديه بمنح المحكوم عليه منذ البدايه جميع المزايا التي تنطوي على قيمه تهذيبيه، إذ لا مبرر لحرمانه منها، وهو ما يتجه الى تحقيقه النظام التدريجي في صورته الحديثه، الذي بمقتضاه يمنح المحكوم عليهم جميعا منذ البدايه كل المزايا المادية ذات القيمة التهذيبيه، ثم يقسمون الى مجموعات يكون التدرج في داخلها على أساس من الأنتقاء الشخصي المبني على ملاحظة التحسن الطارئ على سلوك المحكوم عليه، وثمرة التدرج ليست منح المحكوم عليه المزيد من المزايا المادية، بل إعطاؤه مزيدا من الثقة وتحميله ما يقابلها ويعبر عنها من مسؤوليات، وهذه الصوره الحديثه تغير من طبيعة التدرج، فتحوله من مادي الى معنوي وتغير من اسلوب تطبيقه فتحوله من تدرج، طبقي جماعي الى إنتقاء شخصي تقديري يعتمد على قواعد التفريد، ويفترض إستعمال سلطه تقديرية على أسس سليمة، وميزة الصوره الحديثه انها لا تحرم محكوما عليه من مزايا ماديه قد تكون لها أهمية في تأهليه، ثم هي تدربه على نظام الحياة السليم في المجتمع، باعتبار أن جوهر هذا النظام هو تحمل مسؤوليات وحيازة ثقه المجتمع (24).

والتطبيق العملي لهذه الصوره يعني أن ينتقي من كل مجموعه الأشخاص الجديرون بالثقه، فيعهد اليهم باعمال تنطوي عليها، ويمنحون مركزأ معنويا يعلون به على زملائهم، كان يعهد إليهم بالسهر على النظام أو رئاسة جمعيات النشاط الفني أو الرياضي(25). وتتصل الصوره الحديثه بفكرة (الاداره الذاتيه للسجون) أي قيام المسجونين أنفسهم ببعض الأعمال الأداريه في السجن، وتستند هذه الفكره الى ما يقتضيه التأهيل من تنمية إراده وشخصيه المحكوم عليه وتدريبه على القيام باعمال هي من قبيل ما سوف يعهد به اليه حينما يسترد مكانه في المجتمع(26). 

المطلب الخامس

نظام الاصلاحيات

ظهر في القرن التاسع عشر إتجاه قوي يهدف الى فصل الأحداث عن البالغين في مرحلة التنفيذ العقابي، وهكذا أنشئت في عام (1825) إصلاحه للأحداث في (نيويورك) وتبعتها أخرى في عام (1829) في (بوسطن)، ثم ثالثه في (فيلادلفيا) عام (1828) وقد بدأ نظامها يستقر وأخذت ملامحها في الوضوح منذ عام (1870) حيث ساد فيها نظام (أوبرن) الذي ركز على التدريب والتعليم، ثم النظام التدرجي الذي كان أساسها السلوك العام للنزيل ومدى إستجابته لبرنامج التهذيب المقرر، ولكن رغم ذلك يؤخذ على هذه الاصلاحات بأن طابعها الغالب يكمن في الردع والتأنيب، كما أن تفريد المعاملة العقابية وفقا لظروف كل حدث لم يلق العناية الواجبة (27).

ومن الملاحظ أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر أخذت الوسائل العقابية المعمول بها في مؤسسات الأحداث تنتشر ويذيع صيتها بعد أن ظهرت جدواها بالنسبه لمعاملة الأحداث، وإمتد نطاق تطبيقها كنتيجة لذلك الى المؤسسات العقابية الخاصة بالنزلاء البالغين، ويلاحظ من ناحية ثانية، أنه في الفترة مابين الأعوام (1904- 1935) إتخذ العمل الجماعي داخل المؤسسة العقابية سبيله الى التعميم، وأخذ في التنوع داخل السجن الواحد لكي يلائم طبيعة كل نزيل ويؤهله فيما بعد للعوده الى الحياة الكريمة، وخصوصا بعد. التقدم الهائل الذي أحرزته الصناعة والمهن المرتبطة بها. ومن ناحية ثالثه أخذ نظام العزله في السجن يختفي تدريجيا من أساليب المعامله العقابية، وأصبح المحكوم عليه يتمتع بالحق في الأتصال داخل السجن بزملائه من النزلاء وفي الخارج بأقاربه وذويه، وذلك على نحو يتسع أو يضيق وفقا لما تقضي به الانظمه الداخلية للمؤسسة العقابية، ومن ناحية رابعه يلاحظ أن المؤسسات العقابية وابتداء من عام (1930) أخذت تتبنى على نطاق واسع نظم تصنيف المحكوم عليهم الى فئات وفق معايير مشترکه بينهم وتوزيعهم على المؤسسات المناسبه لحالتهم، بل  أصبح التصنيف معمولا به داخل المؤسسة العقابية الواحدة، وزودت تلك المؤسسات باخصائيين وفنيين من مختلف التخصصات وتعددت أساليب العمل العقابي وشملت میادین جديده غير العمل الصناعي. وإهتمت المؤسسات العقابية بصفه عامه باضفاء طابع إنساني على إتصالات النزيل داخل السجن وخارجه

المطلب السادس

موقف القوانين العربيه

يمكن تأصيل موقف القوانين العربيه بصدد السجون الى ثلاثة إتجاهات وهي:

الأتجاه الأول: يتمثل في أن بعض القوانين نصت صراحة على تبني النظام التدرجي عند تنفيذ العقوبه. مثال ذلك قانون تنظيم السجون الجزائري م (33) منه، وقانون السجون الليبي م (8) منه .

الأتجاه الثاني: يتمثل في أن بعض القوانين لم تشر صراحة إلى الأخذ بالنظام التدرجي، ولكن النصوص الوارده فيها توحي بأنه النظام التدرجي الذي اعتمدته، ومن مظاهر إقرار المشرع للنظام المذكور النص على أنه (إذا زادت مدة بقاء المحكوم عليه في السجن كل اربع سنوات وجب قبل الإفراج عنه أن يمر بفترة إنتقاء على أن يراعي التدرج في تخفيف القيود أو منح المزايا) وتبني هذا النظام قانون السجون المصري م (18) منه، وقانون السجون الكويتي م (47) منه، ونظام السجن والتوقيف في المملكه العربيه السعوديه م (11) منه الاتجاه الثالث: يتمثل في بعض القوانين التي لم تشر الى أي نظام من أنظمة السجون،

قانون السجون الاردني والسوداني والاماراتي موقف القانون العراقي: يلاحظ أن المشرع العراقي لم يشر صراحة الى تبني النظام التدرجي، ولكن م (42) من قانون السجون تنص على أن اللجنة الفنية توصي بنقل  السجين من قسم الى أخر في السجن حسب مقتضيات حالته) و هذا النص يوحي بتبني النظام التدرجي من قبل المشرع العراقي، وذلك لأن من إختصاصات اللجنة الفنية تحديد نوع المعاملة العقابية م (39) من القانون المذكور، وكذلك الأشراف على تنفيذ برنامج معاملة كل سجين م (43) منه .

____________

1- د. علي عبد القادر القهوجي علم الإجرام والعقاب- الدار الجامعية للطباعة والنشر- بيروت۔  1984.   247.

2- أن القرن التاسع عشر قد شهد حركة اصلاح عقايي واسعة المدى تدعو الى التخفيف من قسوة العقوبات وتركيز العنايه على الشخص المحكوم عليه بقصد مساعدته على التغلب على الزلة التي وقع فيها وتقويمه وتهذيبه لكي يعود عضوا نافعا في المجتمع، وقد امتدت اثار تلك الحركه الى الأملاح العقابي للسجون بحيث تساهم في تحقيق الأغراض الجديده الموكله إلى العقوبه، وقد كان لتلك الأفكار الاصلاحيه صدی على نظم السجون متمثلا في الصوره الجديده له، حيث تغيرت النظره الى أهداف المؤسسات العقابية ونظم المعامله العقابية فيها .

3-2 كان هذا النظام هو السائد حتى نهاية القرن الثامن عشر، حيث كانت وظيفة السجن قد اقتصرت على مجرد إبعاد المحكوم عليهم عن المجتمع .

4- 3 د. محمود نجيب حسني- علم العقاب۔ دار النهضة العربية. القاهرة. 1967 ، ص 170 .

5-Delogu:opcit. p.83                                                                                         

6- Germain:Revuede science crim,1955.p.416-                                             

7-  د. محمد خلف مبادئ علم العقاب۔ ط2- مطابع دار الحقيقة بنغازي- 1977  - ص 145  .

 

8-- بدأت في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحده الامريكيه حركه إصلاح عقابيه مهمه تحت تاثير طائفه الكويكر الدينية، وقد بني هذا النظام على ضرورة تعليم المجرمين الأحداث وتهذيبهم وتحويل السجون الى اماكن للعزل والعمل، وهكذا إنشئ في (فيلادلفيا سجن يقوم على الفصل بين نوعين من المحكوم عليهم الأول: ويمثله مرتكبوا الجرائم الخطيره وكانوا يعزلون في أماكن خاصه ولا يخضعون للعمل فيها. والثاني: ويمثله مرتكبوا الجرائم البسيطة، وكانوا يلتزمون بالعمل بصوره جماعيه، وبعد ذلك إتجه هذا القرار الى تبني فكرة العزل التام بين المسجونيين بحيث تكون الزنزانة في العالم و الأفق الذي يتحرك فيه النزيل حتى نهاية عقوبته وهذا هو ما عرف فيما بعد بالنظام البنسلفاني ا ينظر: د علي عبد القادر القهوجي - مرجع سابق - ص 248

9-HARRY ELMER BARNES: The historical origin Of The Prison SyS Tems in-T AmeriCa-Joarnal Criminal law, CriminoloJy and Police Science - Vol.12- P.46

10- استاذنا المرحوم الجبار عريم. الطرق العلمية الحديثة في اصلاح وتأهيل المجرمين والجانحين مطبعة المعارف۔ بغداد. 1975 - ص 64

Germain: OPCit, P32/Delogu: PCit- P. 83                                              

11- د. علي عبد القادر القهوجي - مرجع سابق - ص 249

          

12- د. محمد خلف - مرجع سابق - ص 146

13-Delogue opcit- p.35                                                                                     

14- HARRY ELMER BARNES; opcit- p. 49-                                                        

15- ستاذنا المرحوم عبد الجبار عریم - مرجع سابق – ص63

16-Methodes modernes de traitement Penitentiaire- p. 107                       

17- أنشات في مدينه او برن مجموعة أخرى من السجون، روعي فيها إستبعاد مساوي النظام الانفرادی وكان نظام التصنيف يقوم على تقسيم المحكوم عليهم الى فنات ثلاث لكل منها نظام تتميز به، فاخطر المجرمين تفرض عليهم العزله في الليل والنهار، وأوسطهم خطرا تفرض عليهم العزله اساسأ ولكن يسمح لهم خلال أوقات قليله بالأجتماع، أما الفئة الثالثه فتفرض على أفرادها العزله في الليل دون النهار

18- د. علي عبدالقادر القهوجي - مرجع سابق، ص 250

19-WALTER C. RECKLES; Criminal behavior mc Graw Hill book Company -naw york1940- p. 333

20-طبق هذا النظام في سجن جزيرة نورفولك) بجوار إستراليا، وإنتقل بعدها إلى إنكلترا و عمل به بقانون صدر عام (1857) ثم الى إيرلندا، حيث نما وترعرع على أيدي العالم الأيرلندي (كروفتون)، ومن هنا جاءت تسميته بالنظام الأيرلندي ينظر: د. علي عبد القادر القهوجي - مرجع سابق - ص 251

Delogu. OPcit- P- 88                                                                

21- Delogu; opcit- p. 89-

22- د. علي عبد القادر القهوجي - مرجع سليق – ص 251 د. محمد خلف - مرجع سابق ص 150

The treatment of offenders in Britain, prepared by Reference Division, Central Office Of in formation in London, 1964,p. 20

 23-Methodes modernes; opcit- p. 108

24- في تفصيل الصوره الحديثه ينظر:108  .Methodes moderns ; opcit. p

25-  اقرت هذه الصوره: حلقة الدراسات العقابية التي عقدت في ستراسبورج عام 1961، فعرفت النظام التدرجي بأنه (نظام الأتساع التدرجي في الثقه المخوله للمحكوم عليهم في نطاق المجموعه العقابية يصحبه تعدیل مقابل في مقدار ما يحملون به من مسؤوليه)

26- د. محمود نجيب حسني- علم العقاب۔ دار النهضة العربية. القاهرة. 1967. ، ص 188 – 189

27-  د. علي عبد القادر القهوجي - مرجع سابق ص 252

 

 

 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+