x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

العمل داخل المؤسسات العقابية

المؤلف:  جمال ابراهيم الحيدري

المصدر:  علم الاجرام المعاصر

الجزء والصفحة:  ص166-192

10-8-2022

2203

أكد علماء العقاب أن البطالة داخل السجون كثيرا ما تؤدي إلى نتائج سيئة تحول دون تأهيل المحكوم عليه، فبقاء النزيل دون عمل يهيئه للتفكير في احداث الشغب والإخلال بالنظام، كما قد يسيطر عليه الشعور بالقلق والكآبة والملل الذي ينقلب أحيانا الى شعور بالعداوة ازاء المجتمع، كما أن الفراغ قد يعرض النزيل الاضطرابات مختلفة تنعكس أحيانا على حالته الصحية، وعلى هذا يعد العمل من أهم وسائل المعاملة العقابية داخل المؤسسات العقابية وقد عرف منذ وقت طويل، لكن اختلفت أهداف العمل في المؤسسات باختلاف الزمان، فقديما كان الغرض من العمل هو الايلام وأصبح في الوقت الحاضر يهدف الى التأهيل، كما كان ينظر الى العمل على أنه مجرد التزام يقع على عاتق النزيل الا انه أضحى حقا له في الوقت الحاضر، مع أن هناك اساليب متنوعة لتنظيم العمل كل له مزاياه وعيوبه .

اولا: اغراض العمل

 هناك عدة أهداف يسعى العمل في المؤسسات العقابية الى تحقيقها منها عقابية وتقويمية وانتاجية وتأهيلية، وهذه الأهداف المتنوعة كانت عرضة للتغيير تبعا لتقدم علم العقاب وتطوره وتتمثل بما يأتي:

1- الإيلام: في البداية كان الغرض من تكليف المحكوم عليه بالعمل هو الإيلام، فالعمل كان نوع من العقاب يقصد به الألم، فيجب أن يرهق النزيل عن طريق تكليفه بأعمال، وقد كانت القوانين في القرن السابع عشر تقضي بأن يكون العمل قاسيا ومهينا(1) ، ومن هنا ظهر نوع جديد من أنواع العقوبة هو عقوبة الأشغال الشاقة في المؤسسات العقابية، ومؤداها أن يكلف النزيل بنوع صعب وقاسي من الأعمال تختلف عن أعمال النزلاء الآخرين(2)، وأحيانا يعد العمل بديلا عن العقوبة كما في حالة الاكراه البدني (حبس المحكوم عليه بالغرامة اذا لم يكن له مال ظاهر يمكن التنفيذ عليه). فيكون العمل مقابل مدة الإكراه وبدون مقابل ويحدد عدد ساعات العمل ونوعه(3)، وفي بعض القوانين يعد العمل عقوبة قائمة بذاتها يفرض على المحكوم عليه دون أن يقترن ذلك بسلب الحرية(4)، وكان العمل يعد حقا للدولة لذلك كانت تنظم ظروف العمل على نحو تلتزم فيه بأقل انفاق وتحصل به على أكبر ايراد، ونتيجة لذلك لم تكن تحرص على كفالة الظروف الصحية لمباشرته، ولم تعترف للمحكوم عليه بحقوق تقابل التزاماتهم (5)، ولكن فيما بعد استقر في علم العقاب الرأي القائل باستبعاد الإيلام من بين أغراض العمل، وانكار أن يكون له دور في تحديد مقدار ايلام العقوبة، أو في التمييز بين الأنواع المختلفة من العقوبات السالبة للحرية، والحجة في هذا الرأي تطبيق المبدأ الذي يفيد باقتصار ايلام العقوبة على مجرد سلب الحرية، ويستخلص من ذلك أن المحكوم عليه لا يجوز أن يناله ايذاء يزيد على ما يحدده القانون أو تفرضه طبيعة الأشياء في صورة سلب الحرية(6)، ويضيف هذا الرأي الى ذلك أنه اذا نظم العمل تنظيما سليما تراعى فيه كفالة الحقوق الأساسية للمحكوم عليه فأن وضع المحكوم عليه من حيث العمل لن يكون بذلك مختلفة عن وضع العامل الحر الذي لا يثور بالنسبة له اعتبار عمله ايلاما، وتطبيقا لهذا الرأي يسود في الوقت الحاضر القول بأن المحكوم عليه لا يكلف بأن يعمل أكثر مما يعمل أي مواطن عادي أو في ظروف اسوأ من الظروف التي يعمل فيها (7).

هذا وقد استبعدت المؤتمرات الدولية فكرة الإيلام عند القيام بالعمل، حيث نصت التوصية الأولى من مؤتمري لاهاي لعام 1950 وجنيف لعام 1955 على  عدم جواز اعتبار العمل عقوبة اضافية(8)، وانما هو وسيلة معاملة فحسب. كما نصت القاعدة (71ف1)  من مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين على أنه يجب الا يكون العمل في السجون متسمة بالتعذيب في طبيعته).

اذا فالنظرة الصحيحة للعمل هي استبعاد عنصر الإيلام من اغراضه، وذلك ان الإيلام يتحقق بسلب الحرية ولعل في هذا الاجزاء نصيبا كافيا منه(9).

2 - الغرض الاقتصادي: يتحول الهدف من العمل الى اقتصادي بعدما أصبح بإمكان الدولة الحصول على موارد اقتصادية من استغلال ايراد العمل من بيع المنتجات التي يصنعها النزلاء، ومن هنا ظهرت نظرية الاعتماد الذاتي للمؤسسات العقابية، ومؤداها أن تغطي ايراداتها النفقات التي تصرف على المؤسسات الاصلاحية، فلا تخصص الدول أي شيء من دخلها القومي للأنفاق على هذه المؤسسات (10)، وهناك من قال بوجوب أن يحقق العمل ربحا يتمثل في زيادة ثمن بيع المنتجات على النفقات(11). الا انه بمقتضى هذا الاتجاه المتمثل بالاهتمام بتحقيق الربح من وراء ايجاد دخل يعين المؤسسات العقابية على الإدارة الذاتية يؤدي الى عدم الاهتمام بتأهيل النزلاء ومن ثم اغفال السياسة العقابية السليمة التي تنظر الى المؤسسات العقابية باعتبارها مؤسسات علاجية تهدف الى تقويم سلوك النزيل واعادته الى الحضيرة الاجتماعية، فعلى سبيل المثال فإن هذه الأفكار تقود الى اغفال أهمية التدريب المهني والاتجاه الى تقسيم العمل وتخصص السجن في إنتاج نوع أو أنواع محدودة السلع، وكل ذلك لا يتفق مع السياسة العقابية السليمة. وفي هذا السياق أنصب اهتمام مؤتمر بروكسل لعام 1847 على العمل في السجون بوصفه أمرا مربحا للدولة، الا ان مؤتمري لاهاي العام 1950 وجنيف لعام 1955 قد رفضا اعتبار العمل في المؤسسات العقابية مصدر ربح اقتصادي وركزا على ضرورة وصفه وسيلة لتقويم الجاني واعادته الى المجتمع عضوا مطيعا للقانون(12)، لذا ذهب الرأي الغالب إلى أن الغرض الاقتصادي الذي يهدف اليه نظام العمل في السجون يجب ان يعد في المرتبة الثانية بعد التهذيب والتقويم وهو ما تهدف اليه السياسة العقابية حديثا (13)، وفي هذا الخصوص نصت القاعدة (72 ف2) من مجموعة قواعد الحد الأدنى على أنه (ومع ذلك فان صالح المسجونين وتدريبهم المهني يجب أن لا يكون ثانوية بالنسبة للرغبة في تحقيق ربح مالي من صناعة ما في المؤسسة العقابية)، كما أكدت ذلك القاعدة (82) واقرها مؤتمر جنيف لمكافحة الجريمة معاملة المذنبين لعام 1955.

كذلك رفض المشرع العراقي صراحة الغرض الاقتصادي للعمل في المؤسسات العقابية عندما اشار في م (53) من قانون السجون الى أنه (يراعى عند وضع سياسة العمل في السجن احتياجات السوق بقدر الإمكان على أن لا يتقيد بسياسة الاكتفاء الذاتي).

وفي مجال الدراسات العقابية أجريت دراسة في الولايات المتحدة الأمريكية شملت (88) مؤسسة، وكان هدف الدراسة هو بيان الهدف الأساسي من العمل، فأكدت (22) مؤسسة أن الهدف الأول هو تدريب النزلاء وأكدت (11) مؤسسة ان الغرض الأساسي هو توظيف النزلاء، ، بينما أكدت (51) مؤسسة ان الغرض الأساسي (التأهيل) يعد في

المرتبة الأولى، ومن ذلك يتضح أنه يجب الا يكون الغرض من العمل اقتصادية في المقام الأول بحيث يوصل المؤسسة العقابية كما قيل في فترة معينة إلى نوع من الاكتفاء الذاتي، فالمؤسسة العقابية ليست مصنعا ولا ينبغي أن ينظر اليها على انها كذلك، وبالإضافة الى ذلك فإنه من الطبيعي أن تتحمل الدولة اعباء مالية في إدارة المؤسسات العقابية، فهي مرافق عامه تؤدي للمجتمع خدمة عامة بمكافحة الاجرام فيكون حكمها حكم سائر المرافق العامة التي تلتزم الدولة بالأنفاق عليها ولا يجوز أن يكون السعي الى الربح غرضا في ذاته تسعى اليه الدولة .

3- التأهيل: أن القيام بالعمل يؤدي إلى خلق أو تكوين (عادة العمل ) لدى النزلاء مما يدفع عنهم الكسل والبطالة ويخلق المهارات وينمي الإمكانيات التي تيسر لهم بعد الأفراج عنهم وسائل مشروعة لاكتساب الرزق(14)، ومن شأن ذلك كله أن يكسبه اعتدادا بنفسه فيرسخ لديه ايمان بأن الاجرام سلوك غير لائق به فيكون ذلك اقوى ردع ضد العودة الى الاجرام، كما يساعد العمل على اقرار النظام داخل المؤسسة الاصلاحية، وذلك أن شغل يوم المحكوم عليه بالعمل يوفر لديه الاستعداد للتعاون مع القائمين على ادارة المؤسسة وبخلافه أن من لا يشترك في العمل سوف ينتابه الملل والضجر ويكون أحد عناصر الشغب والفوضى ويحاول عصيان أوامر إدارة المؤسسة العقابية(15)، بينما العمل يكسب النزيل مهنة تجعله يعيش حياة متقاربة ومشابهة لحياته في مجتمعه الحر، وقد أثبتت الدراسات العقابية أن للعمل دورة تهذيبية ملحوظا بالنسبة لطائفة خاصة من المحكوم عليهم وهي طائفة الذين يرجع اجرامهم للكسل أو البطالة. فباعتيادهم على العمل يستأصل سبب اجرامهم، فضلا عن أن هذا الدور التهذيبي ذو طابع عام بالنسبة لجميع المحكوم عليهم فمن شأن العمل أن يكشف عن المواهب وينميها ويكسب من تتوافر فيه اعتزازا بالنفس واحتراما للحياة المنتجة، وفي هذا يقال بإيجاز عن العمل العقابي بأنه تدريب على العيش الشريف (16).

وهذا الدور التهذيبي والتأهيلي نجاحه مرهون بسيادة النظام في المؤسسة، وتبدو أهمية ذلك لدى القائمين على إدارة المؤسسة، اذ لا يستطيعون أداء عملهم الا في ظل نظام مستتب بها.

ولهذا تنص غالبية القوانين على أن العمل واجب على النزيل، لأن ممارسته تفيده في المحافظة على صحته الجسمية وتجنبه الاضطرابات النفسية والعقلية الناجمة عن ايداعه داخل المؤسسة العقابية لمدة طويلة بدون عمل، وأخيرا يؤدي القيام بالعمل في المؤسسة العقابية الى حصول النزيل على مقابل تدخر إدارة المؤسسة العقابية جزء منه وتسلمه له عند الأفراج عنه (17)، فيلجأ اليه التماسا للرزق ويكون في ذلك ما يصرفه عن اشباع حاجاته عن طريق الأجرام(18)، وفي هذا الخصوص حدد المشرع العراقي بالنص القانوني أهداف العمل في السجن حيث نصت م (51) من قانون السجون على أنه (يجب ان يكون العمل في السجن مستهدفة تأهيل السجين وتدريبه مهنيا ويهيا له اسباب المعيشة خارج السجن ويساعده الى الاندماج في المجتمع ويجعل منه مواطنا صالح). وعلى أساس ما تقدم فأن الغرض الأساس من العمل في السجون هو تأهيل المحكوم عليه وتقويمه، ويتحقق الغرض التأهيلي عن طريق تدريب النزيل على مباشرة مهنة معينة تتفق مع ميوله ورغباته الشخصية، وتتولى لجنة التصنيف تحديد نوع العمل من قبل اخصائيين فنيين وإداريين بعد اجراء الدراسات والفحوص التوضيح العمل الملائم لكل حالة على حدة، ولكي يحقق العمل الغرض التأهيلي يجب أن تراعي المؤسسة العقابية نوع الأعمال التي يكلف بها المحكوم عليه، فلا يقتصر التدريب على النواحي الصناعية، بل يجب أن يشمل النواحي الزراعية حتى يمكن ایجاد نوع العمل الذي يلائم رغبات وقدرات كل نزيل، فضلا عن ذلك يجب ان يكون العمل منتجا حتى يلاقي اقبالا من جانب النزيل، اذ يقدر فائدته مما يدفعه الى الاستمرار فيه بعد الإفراج عنه، كذلك يجب أن يكون نوع العمل واسلوبه مطابقا لما هو كائن خارج المؤسسة اذ يسهل على المحكوم عليه القيام بالعمل الملائم حينما يعود للمجتمع، وبذلك يحقق العمل الغرض التأهيلي للمحكوم عليه

ثانيا: تكييف العمل

 كان العمل نوع من الالتزامات المفروضة على النزيل قديمة، وحقا محضا للدولة وكانت له خصائص العقوبة(19)، الا أنه أضحى في الوقت الحاضر حقا للنزيل بالإضافة الى كونه واجبا يقع على عاتق النزيل القادر عليه(20)، وقد أكدت ذلك م (63) من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948.

العمل واجب: القاعدة العامة أن العمل الزامي داخل السجون أي للعمل في السجون صفة الزامية(21)، والاستثناء هو اعفاء فئات معينة من النزلاء لاعتبارات خاصة (22) . وقد أكدت القاعدة (71) من مجموعة قواعد الحد الأدنى الصفة الإلزامية للعمل في المؤسسات العقابية حيث جاء فيها (يجب أن لا يكون طابع العمل التعذيب والإيلام وان يلزم بالعمل جميع النزلاء مع مراعاة مدى استعدادهم الجسماني والعقلي وفق ما يقرره الطبيب) (23).

وجدير بالذكر أن الصفة الإلزامية للعمل تستمد من طبيعة العقوبة، فهي الزام على المحكوم عليه الذي يكون في موقف اذعان أمام الدولة فلا يحق له التخلص من الالتزامات المفروضة عليه، ولكون العمل وسيلة أصلية لتحقيق غرض العقوبة في الاصلاح والتأهيل، أي عنصرا في المعاملة العقابية(24)، والمحكوم عليه يخضع- وفقا للقانون وبناءا على الحكم القضائي۔ لكل ما تفرضه المعاملة من أساليب، وبالإضافة الى ذلك فهو ملتزم من قبل المجتمع بتهذيب نفسه وتأهيلها دفعا لخطورته الاجرامية، لذلك كان منطقيا في أن يكون للعمل ايضا صفة العقوبة في الإلزام قبل المحكوم عليه.

ويترتب على ذلك أن العمل العقابي لا ينشئ بين الدولة والنزيل علاقة تعاقدية وإنما ينشؤها القانون مباشرة، ومن ثم لا محل لتطبيق أحكام المسؤولية التعاقدية على هذا النوع من العمل (25)، نضف الى ذلك أن الالتزام بالعمل ذو نطاق عام يمتد الى جميع المحكوم عليهم. وذلك أن  لأغراضه محلها بالنسبة لكل فئاتهم، ويتضح بذلك أنه فيما عدا حالات عدم القدرة على العمل (26) ليس من الملائم أن تعفى منه فئة من المحكوم عليهم وكل ما يترتب من اختلاف بين فئات المحكوم عليهم هو جواز التنوع في الأعمال بحيث تلائم مقتضيات تأهيل كل فئة، وتطبيقا لذلك يتعين اقرار الالتزام بالعمل بالنسبة للمحكوم عليهم بمدد قصيرة او لجرائم سياسية(27). والأحداث والنساء (28)، والشواذ.

ومن النتائج المترتبة على التزام النزيل بالعمل أيضا هو أنه ليس له مناقشة شروط العمل ولا رفض نوع العمل المفروض عليه او الامتناع عن ادائه والا تعرض لتوقيع الجزاءات التأديبية التي تقررها الأنظمة الداخلية باعتباره مخالفة تأديبية. ولكن رغم ذلك فقد ذهب بعض العلماء الى ان الخبرات المختلفة اثبتت لهم ان النزيل كثيرا ما ينفذ الالتزامات المتعلقة بالعمل باختياره دون ان يتطلب الأمر أن تستعمل وسائل القهر لجبره على ذلك وفي بعض الحالات يطلب المحكوم عليه من تلقاء نفسه تشغيله داخل المؤسسة العقابية حتى وان كانت العقوبة بطبيعتها لا تلزمه بذلك (29)، فالعمل الذي يتم وفقا للشروط المعتادة يجد اقبالا وقبولا من جانب النزيل ولو كان شاقا أو خطرا، وهو ما يجد سنده في أن العمل يحقق مزايا عدة للنزيل يدركها ويقدرها فيقبل على ادائه بمحض ارادته واختياره في أغلب الأحيان.

2- العمل حق: على الرغم من كون العمل ذو صفة الزامية، الا انه في نفس الوقت حقا للنزيل، فتشغيل النزلاء يعد أحد مظاهر العمل في الدولة، فاذا كانت العقوبة تتضمن سلبا لحرية المحكوم عليه فأن قاعدة شرعية العقوبة تستوجب عدم حرمان النزيل من الحقوق الأخرى التي يتمتع بها كمواطن في الدولة ومن بينها حق العمل، فاذا حرم النزيل منه فهو تشديد جسامة العقوبة وهذا يتعارض مع المبادئ التي تكفل حماية الحقوق الفردية في العصر الحديث، علما ان تكييف العمل بكونه حق للنزيل لا يستند فقط الى ما تقرره الدساتير والقوانين بشأن الاعتراف بحق الفرد في العمل. بل له ما مبرره وهو أن ترك النزيل دون عمل يجعله في حالة بطالة وهي حالة تزيد من جسامة العقوبة نظرا لما يترتب عليها من آثار سيئة سواء من الوجهة الصحية أو الاجتماعية للنزيل هذا من جانب، ومن جانب آخر أن صفة المحكوم عليه كإنسان تجعل له قبل المجتمع الحق في توفير العمل له(30)، نضف الى ذلك أن وصف العمل بأنه اسلوب تهذيب وتأهيل ينبني عليه اعتباره حق للمحكوم عليه، اذ التأهيل- وفقا الآراء الحديثة. حق لمن انحرف سلوكه (31).

هذا ويترتب على تكييف العمل بأنه حق جملة نتائج أهمها ما يأتي:

أ- وجوب توفير العمل لكل نزيل: أن أهم النتائج التي تترتب على تكييف العمل بأنه حق أنه لا يجوز ابقاء المحكوم عليه في حالة بطالة، وأنه لا يجوز للدولة أن تستعمل الإلزام بالعمل أو الحرمان منه كعقوبة تأديبية، لذلك يقع على عاتق الإدارة في المؤسسة العقابية واجب توفير العمل لكل نزيل قادر على العمل وعدم بقاؤهم بدون عمل (32)، وفي هذا الخصوص فقد أقر المشرع العراقي بأن العمل حق لكل نزيل عندما نص في م (49) من قانون السجون على أنه يجب توفير العمل المناسب لكل سجين مع مراعاة القواعد الفنية للتصنيف). ومن الجدير بالذكر أن العمل العقابي يتطلب أن تتوافر فيه عدة شروط تتفق مع الأسس التي يعتمد عليها هذا الحق، اذ يتعين أن تحدد شروطه بما يتفق مع تكييفه بأنه التزام وحق، ويتفق كذلك مع نفي صفة العقوبة عنه واعتباره مجرد اسلوب تهذيب وتأهيل، ويتعين أن تحدد هذه الشروط كذلك بما يكون من شانه توجيه العمل الى تحقيق الأغراض المستهدفة به، وتتمثل تلك الشروط بما يأتي:

ب- الا يكون العمل شاقة أو مفسدة للنزيل: وهذا يعني أنه يجب مراعاة الظروف الصحية الجيدة في مكان العمل من تهوية الى اضاءة وتوفير كافة المستلزمات من الات وأدوات للقيام بالعمل، ويجب ان يكون هناك تحديد لساعات العمل بحيث لا يعمل النزلاء أكثر من العمال الأحرار، وعلى نحو يتفادى الارهاق الضار بإمكانيات المحكوم عليه، ويكون من شأنه ترك وقت كاف لتطبيق برامج التهذيب والتعليم، ويرتبط بذلك وجوب الاعتراف للنزيل بحق في يوم عطلة أسبوعي.

وفي هذا الخصوص نصت القاعدة (75 ف1) من مجموعة قواعد الحد الأدنى على أنه يجب أن يحدد بقانون أو لائحة إدارية الحد الأقصى لعدد ساعات عمل المسجونين يوميا أو اسبوعيا مع مراعاة اللوائح والعرف المحلي المتبع في تشغيل العمال الأحرار. ويجب أن يترك هذا التعيين يوم راحة اسبوعي ووقتا كافيا للتعليم واوجه النشاط الأخرى التي تقتضيها معاملة المحكوم عليهم وتأهيلهم)(33). هذا ويشترط في العمل الذي يؤديه النزيل الا يكون انفراديا، بل يؤدي على شكل جماعي لأن من شأن العمل الانفرادي الإضرار بصحة النزيل.

ج-  أن يكون العمل منتجا: أن علة تطلب هذا الشرط تكمن في أن بهذا النوع من  العمل تتحقق القيمة الفعلية للعمل كوسيلة من وسائل المعاملة العقابية حيث لا يحقق العمل غرضه في التأهيل الا اذا كان منتجا، أي ذا غرض انتهاجه يستهدفه (34)، لأن العمل المنتج يؤدي الى التعلق به والاقبال عليه داخل وخارج المؤسسة العقابية، حيث أنه يشعر المحكوم عليه بأنه قد اكتسب مهنة اضفت عليه احتراما واعتزاز بالنفس داخل المؤسسة للعمل الشريف خارجها(35)، أي يرفع الروح المعنوية لديه ويخلق لديه الأمل في استرداد مكانته الاجتماعية (36).

وعلى العكس فان العمل العقيم يؤدي بصاحبه الى النفور وعدم الرغبة في القيام به(37)، كما يتعين أن يكون العمل كافيا يشغل يوم عمل كامل اذ أن الاقتصار على توفير عمل اقل من ذلك يعني الحرمان من بعض الحق. وفي هذا الخصوص نصت القاعدة (71ف3)  من مجموعة قواعد الحد الأدنى على أنه (يتعين امداد المحكوم عليهم بعمل منتج وكافي لشغل كل منهم خلال الوقت المعتاد ليوم عمل كامل).

د-  أن يكون العمل مفيدا: ويعني ذلك أن يكون العمل الذي يباشره النزيل داخل المؤسسة العقابية مشابها للعمل الحر حتى يمكنه بعد الإفراج عنه ان يباشر نفس العمل بعد اتقان له داخل المؤسسة، حيث يجد من يطلب تشغيله مع زملاء جدد في العمل الحر، كما ينبغي أن تكون وسيلة أداء العمل هي بعينها وسيلة اداء العمل الحر، وتطبيقا لذلك فأنه لا يجوز أن يعمل المحكوم عليه بالأسلوب اليدوي في صناعة اصبحت تدار خارج المؤسسة عن طريق الآلات (38)، ويقود هذا الشرط الى تطلب أن يؤدي العمل العقابي بشكل جماعي(39)، اذ هو يؤدي كذلك في الصناعة الحرة، ويعني ذلك استبعاد العمل الفردي الذي يؤديه المحكوم عليه في زنزانة مغلقة. وفي هذا الخصوص نصت القاعدة (72 ف2) من مجموعة قواعد الحد الأدني على أنه يجب أن يكون تنظيم العمل ووسائله في المؤسسات العقابية على غرار مثيله في المجتمع الخارجي على قدر المستطاع حتى يمكن تهيئة المسجونين واعدادهم لمواجهة الظروف الطبيعية للحياة المهنية) (40).

هـ - أن يكون العمل متنوعة بقدر الإمكان (صناعي وزراعي)(41)، بحيث يتسنى ايجاد الأعمال التي تلائم ظروف وإمكانيات كل نزيل (42)، وان تكون من الأعمال التي يغلب أن يباشرها بعد الافراج عنه کي تحقق غرضها في التأهيل. وهذا بطبيعة الحال يقتضي الاعتراف بحقه في اختيار العمل الملائم، ولكن هذا الحق مقيد بإمكانيات المؤسسة وانواع الأعمال المتوفرة فيها، وباعتبارات صلاحية نوع العمل لتهذيب المحكوم عليه وتأهيله واتساقه ومقتضيات النظام التأديبي وفي هذا الخصوص نصت القاعدة (71ف6) من مجموعة قواعد الحد الأدنى على أنه (يجب ان يكون للمحكوم عليهم اختيار نوع العمل الذي يرغبون في مباشرته، وذلك في الحدود المتفقة مع الأصول السليمة لتوجيه كل محكوم عليه الى مهنة معينة ومتفقة مع مقتضيات الإدارة والنظام العقابي) (43).

نضف الى ما تقدم أن للتدريب المهني أهمية كبيرة في تنظيم العمل العقابي، لذلك يقتضي أن يسبق توجيه المحكوم عليه الى العمل تدريبا مهنية كافية يكفل له أن يباشره وفق الأساليب الفنية الحديثة، ويتطلب الاهتمام بهذا التدريب ان يخصص له مكان في السجن وأن يعهد إلى الأخصائي بالأشراف عليه(44)، كما ينبغي أن تقترب 

مناهج التدريب المهني مما هو مقرر في المعاهد الفنية، واذا اتيح للمحكوم عليه عقب انتهاء فترة التدريب اجتياز امتحان والحصول على شهادة مثبتة لذلك، فان ذلك يساهم على نحو فعال في تأهيله(45)، وقد اشارت القاعدة (71 فه) من مجموعة قواعد الحد الأدنى الى الأهمية التي ينبغي الاعتراف بها للتدريب المهني(46)، ولا بد من الاشارة الى ان هناك ثمة أنواع من العمل زات طابع خاص ينبغي النظر في مدى ملاءمة اقرارها في المؤسسات العقابية وفي مقدمة هذه الأنواع الأعمال التي تؤدي خارج المؤسسة العقابية، وهي تضم صورا متعددة، فثمة الاشتغال بالأعمال الزراعية أو أعمال المنفعة العامة كشق الترع، او الاشتغال في مصنع خارج السجن كأي عامل حر ثم العودة في نهاية يوم العمل إلى المؤسسة، وقد اعترفت بهذا النوع من العمل القاعدة (73 ف1) من مجموعة قواعد الحد الأدنى وأن اشترطت خضوع المحكوم عليهم اثناء هذا النوع من العمل لرقابة رجال الإدارة العقابية (47).

ومن الصور الخاصة للعمل العقابي اشتغال بعض المحكوم عليهم في اعمال الخدمة في المؤسسة كالنظافة واعداد الطعام والكساء بل والمساهمة في اقامة الأبنية اللازمة للمؤسسة واعداد تجهيزاتها الفنية وتجري النظم العقابية كافة على توجيه بعض المحكوم عليهم الى هذه الأعمال ومن الصور الخاصة ايضا السماح للمحكوم عليهم اصحاب المواهب الفنية أو الإمكانيات العلمية بإنتاج اعمال لحسابهم (48) ، ويقتضي ذلك بطبيعة الحال اعفاءهم من الأعمال المعتادة المفروضة على سائر المحكوم عليهم، وتجيز مبادئ علم العقاب واغلب النظم العقابية ذلك، ولكن يشترط ان تتولى الإدارة العقابية مباشرة الأعمال اللازمة لاستغلال الإنتاج الفني أو العلمي كي لا يكون للمحكوم عليه صلات بالعالم الخارجي على نحو لا تجيزه قواعد النظام العقابي.

ب- الحصول على مقابل أو نظير للعمل: من المؤكد أن لإعطاء المحكوم عليه مقابلا العملة مزايا عديدة، فمن ناحية يعد ذلك حافزا للنزلاء على الانضباط والنظام، ومن ناحية أخرى فانه يغرس في نفس المحكوم عليه قيمة العمل والحياة النشيطة المنتجة، ثم أنه في النهاية يساعد على مواجهة النزيل لبعض من أعباء الحياة بعد الإفراج عنه(49)، نضف الى ذلك ان التجربة أثبتت أن تقاضي المحكوم عليه مقابلا نظير عمله من شأنه أن يدنو بالعمل العقابي الى تحقيق أغراضه، ويكاد ينعقد الاجماع في علم العقاب والقوانين الحديثة على أن العمل العقابي ينبغي أن يكون نظير مقابل، ومع ذلك فقد اختلفت الآراء حول ما اذا كان النزيل يستحق مقابلا لأداء العمل في المؤسسة العقابية، ومصدر هذا الخلاف أن العمل حينئذ هو اسلوب المعاملة العقابية، ويعد بالتالي الزاميا على المحكوم عليه الذي ليست له الحرية المطلقة في الامتناع عن تنفيذ الشروط التي تفرض عليه في هذا الشأن. وكان الرأي السائد قديمة هو نفي صفة الأجر عن المقابل الذي يحصل عليه النزيل، ويرتبط بذلك نفي أن يكون للمحكوم عليه حق في الحصول عليه، وانما هو مجرد تبرع من الدولة تدفع اليه اعتبارات من المصلحة العامة وذلك بحجة عدم وجود عقد بين المؤسسة العقابية وبينه يمكن أن ينشا عنه حق للمحكوم عليه في الأجر والتزام الإدارة بأدائه له، كما أن العمل العقابي عنصر من عناصر المعاملة العقابية، فسبب التزام المحكوم عليه به ليس الأجر الذي يمنح له، وانما الحكم القضائي الصادر بالعقوبة، أي أن عمله هو مجرد وفاء بالتزامه الخضوع لتنفيذ العقوبة(50)، الا أن الرأي الحديث يذهب الى اعطاء صفة الأجر لما يحصل عليه النزيل لقاء عمله(51)، وحجة هذا الرأي مستمدة من التكييف الحديث للعمل بأنه حق للمحكوم عليه، مما ينبني عليه الاعتراف له بالمزايا المتفرعة عنه، ويستفاد في ذلك من م (23) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 التي تنص على أنه (لكل فرد بدون أي تمييز الحق في أجر المثل عن العمل الذي يؤديه) (52). وممتدة كذلك من تكييف العمل بأنه التزام تحمله الدولة قبل المحكوم عليه يفرض عليها أن تفي نحوه بكل ما يرتبط بهذا الالتزام الرئيسي من التزامات فرعية متولدة عنه، فضلا عن ذلك أن العلاقة بين المحكوم عليه والإدارة العقابية تتميز - وفقا للآراء الحديثة- بطابع قانوني تتولد عنه حقوق و التزامات متبادلة هذا من جانب، ومن جانب آخر أن العمل لا يفرض على السجين باعتباره جزاءا جنائية، فهو يتعدى معنى العقوبة التي تقتصر على تقييد او سلب الحرية، اذ يلزم النزيل بالعمل تحقيقا الغرض تهدف اليه العقوبة الا وهو التأهيل والإصلاح. وبذلك يمكن تبرير المقابل الذي يجب أن يعطى للمحكوم عليه نظير ما يؤديه من أعمال بأغراض تتعلق بالعدالة والإنسانية، أما من الوجهة الاجتماعية نجد ايضا أن الأجر كثيرا ما يساعد النزيل على التخلص من مشاكل أسرية تنشأ بسبب ايداع المحكوم عليه بالمؤسسة خاصة اذا كان هو العائل الوحيد لأسرته، كما قد يساعد النزيل لإجراء يستعين به لسداد احتياجاته بعد خروجه من المؤسسة العقابية وحتى تستقر اوضاعه في المجتمع ولكن هناك في الفقه العربي من يميز بين المكافأة والأجر(53)، ويرى أن ما يجب للمسجون يسمى مكافأة اذا كان يعمل بخدمة مصلحة السجون، واذا كان يعمل المصلحة الغير يسمى أجرا(54)، ويستند هذا الاتجاه في ذلك الى أن العمل لا يتقرر بناءا على عقد يبرم بن الإدارة العقابية والنزيل، كما أنه يدخل في نطاق التنفيذ العقابي مما يجعله الزاميا على النزيل، فضلا عن ذلك أن الدولة تتحمل كافة النفقات الخاصة بالمحكوم عليه طيلة فترة التنفيذ العقابي، كنفقات الغذاء والكساء والعلاج، وتحميه من البطالة، وعلى ذلك فلا محل لالتزام بوضع أجر مقابل اداء العمل. ولكن طبقا للرأي الراجح ان مقابل اداء العمل يجب ان يعد من قبيل الأجر، اذ لا يشترط أن يتقرر بناء على عقد، بل يكفي أن يقره القانون أو الأنظمة والتعليمات الخاصة، وقد أكدت م (23 ف5 ) من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحق في أجر المثل عن العمل، وهذا يؤكد حق المحكوم عليه في الأجر على أساس أن العمل في السجون يعد امتدادا للعمل خارجها وأن السجين يتمتع بحق العمل وحق الأجر، مما ينبني على ذلك ان يحدد الأجر طبقا لأجر المثل(55)، أي يجب تقدير المساواة بين ما يتقاضاه النزيل وما يعطى لمن يقوم بمثل عمله في الحياة العامة، الى جانب ذلك أن الأجر لا يحقق الغرض المقصود في تشجيع المحكوم عليه على أدائه ولا يؤدي وظيفته التهذيبية المطلوبة الا اذا كان هذا الأجر عاد(56). ولكن من المتفق عليه الآن أنه يجوز للدولة أن تقطع من الأجر ما يوازي نفقات اعالته في المؤسسة العقابية أو تستوفي منه المصاريف القضائية والغرامة والتعويضات التي يكون قد حكم بها عليه، على أن يخصص جزء منه للأنفاق على عائلته وجزء آخر يدخر حتى يوم الأفراج عنه، ثم بعد ذلك يعطى له ما تبقى لأنفاقه داخل المؤسسة(57)، وفي هذا اشارت القاعدة (76) من مجموعة قواعد الحد الأدنى الى أنه يجب السماح للمحكوم عليه باستعمال جزء من الأجر لشراء الأشياء المرخص بها التي تخصص للاستعمال الشخصي وارسال جزء آخر الى عائلته، واشارت ايضا الى أنه يجب النص على أن جزءا من الأجر تحتجزه الإدارة ليكون رصيده يسلم له لحظة الأفراج عنه، وفي جميع الأحوال يمكن القول أن الأجر الذي يحصل عليه النزيل لقاء عمله داخل المؤسسة له دور كبير في تأهيل النزيل لأنه يشعره بقيمة العمل ويزيد ثقة النزيل بنفسه (58).

وعلى اساس ما تقدم فأن الراجح في علم العقاب الحديث هو عدم جواز الالتجاء الى الحرمان من الأجر أو نقصانه كجزاء تأديبي عن سلوك للمحكوم عليه غير متصل بالعمل، ولكن يجوز الالتجاء الى ذلك جزاءا لسلوك متصل بالعمل، وعلة هذه التفرقة ان اعتبار الأجر حقا متفرعة عن الحق في العمل يؤدي الى اقرار ارتباطه به، بالإضافة الى أن هذه التفرقة مقررة بالنسبة للعمل الحر(59)، ويعتقد بأنه ينبغي أن يتضمن النظام العقابي قواعد تقرر زيادة الأجر اذا ازداد انتاج المحكوم عليه عن الحد المعتاد كي يكون في ذلك الحث على المزيد من التعلق بالعمل والاستفادة من قيمته التهذيبية .

ج- تمتع النزيل بالضمانات الاجتماعية المقررة في حالة اصابته بأي مرض من جراء العمل وضمان حقه في الاستفادة من التأمينات الاجتماعية التي تصرف عن الأمراض المهنية، أي حماية المحكوم عليه من مخاطر العمل وما يمكن أن يتعرض له من جراء القيام بالعمل داخل المؤسسة العقابية، وبذلك يتمتع المحكوم عليه داخل المؤسسة بذات الضمانات الخاصة بالعمل خارج المؤسسة، وهذا هو الرأي السائد في علم العقاب الحديث وفي هذا الخصوص نصت القاعدة (74 ف2) من مجموعة قواعد الحد الأدنى على أنه (يجب اتخاذ الوسائل اللازمة لتعويض المسجونين عن حوادث العمل بما فيها أمراض المهنة طبقا لنفس الشروط التي يقررها القانون للعمال الأحرار) (60).

أما المشرع العراقي فأنه قد أكد في م (48) من قانون السجون على وجوب توفير جميع وسائل الأمن الصناعي في محلات العمل، كما يقرر منح مكافأة في حالة اصابة النزيل بحوادث العمل، حيث نصت م (52 ف1) من القانون ذاته على أنه (لا تتجاوز نصف المبلغ المقرر بمقتضى القوانين والأنظمة الخاصة بالعمل والضمان الاجتماعي)(61)، وبهذا فالمشرع العراقي قد فرق بين النزيل والعمال الآخرين عند وقوع الإصابة.

ثالثا: اساليب تنظيم العمل  

تتنوع أساليب تنظيم العمل العقابي وتدق المفاضلة بينها، ولكن مع ذلك فمن المتعين تحديد أكثر هذه الأساليب ملاءمة لتحقيق الأغراض المنوطة بالعمل، وبعض هذه الأساليب يتعلق بكيفية تنظيم الإنتاج، والبعض الأخر يتعلق بكيفية تسويق المنتجات، وتقسم هذه الأساليب تبعا لمدى تدخل الدولة في الاشراف عليها- الى ثلاثة أقسام: قسم يتضاءل فيه اشراف الدولة، فتعهد الى رجال اعمال بإدارة الإنتاج ويطلق على هذا النظام اسم (المقاولة). وقسم تتولى فيها الدولة إدارة الإنتاج مباشرة، ويطلق على هذا النظام تعبير الإدارة المباشرة) أو (الريجي). وبين القسمين المذكورين يتوسط ثالث تتقاسم فيه الدولة ورجل أعمال تتفق معه تنظيم الإنتاج ويطلق على هذا النظام اسم (التوريد). النظام المقاولة: بموجب هذا النظام تتفق الدولة مع رجل الأعمال ليتولى الأخير الإدارة الكاملة للإنتاج، ومن ثم عليه تقديم المواد الأولية وجلب الآلات وتشغيل النزلاء مقابل أكسائهم واطعامهم كما يتحمل اجورهم، وكذلك يعين من لدنه الفنيين الذين يشرفون على العمل، ويتولى تسويق المنتجات لحسابه(62).

وتتمثل فائدة هذا النظام في أنه يخفف عن الدولة الأعباء المالية، اذ أنها لا تلتزم بتوظيف رأسمال، وتتجنب الدولة ايضا كافة المخاطر الاقتصادية الناجمة عن فشل الإنتاج، ومع ذلك الا أن لهذا النظام مساوى كثيرة، لأن المقاول لا يزود النزيل بالتدريب المهني الكافي بل يصرفه الى العمل، وأنه يحاول أن يتمسك بالأكفاء من النزلاء أكبر وقت ممكن، ومن ثم يحاول منعهم من الاستفادة من فرصة الإفراج

 

الشرطي، كما يمكن هذا النظام المقاول من التدخل في شؤون الإدارة العقابية ويكسب نفوذا على السجناء (63)، فضلا عن ذلك ترجيح المقاول مصلحته الخاصة في جني ربح على المصلحة العامة في تهذيب المحكوم عليهم وتأهيلهم.

وقد أخذ هذا النظام يضمحل تدريجيا ولم يعد سائدا في الوقت الحاضر، بسبب عدم تحقيقه للأهداف الحديثة للسياسة العقابية المتمثلة بتأهيل المحكوم عليهم، لأنه من اهم مساوئه ان المقاول يهدف اساسا من وراء تشغيل النزلاء الى تحقيق أقصى ربح وهو ما يدفعه الى تكليف النزلاء بالعمل دون مراعاة ظروفهم الصحية والنفسية وميولهم وقدراتهم الخاصة لهذا قضت مجموعة قواعد الحد الأدنى بعدم تفضيل اتباع هذا الأسلوب في تنظيم العمل داخل المؤسسات العقابية، حيث نصت القاعدة (73 ف1) منها على أنه من المفضل أن تقوم مصلحة السجون بنفسها بإدارة مصانعها ومزارعها إدارة مباشرة وليس عن طريق متعهدين خصوصيين)(64).

2- نظام التوريد: يفترض هذا النظام في صورته الأصلية أن تتعاون الدولة مع رجل الأعمال، فتقتصر مهمة رجل الأعمال على توريد المواد الأولية والآلات، ومن ثم يستلم المنتجات لبيعها لحسابه، ولكن الاشراف الفني والإداري على النزلاء وتوجيههم يكون بيد الإدارة داخل المؤسسة العقابية، الا أن رجل الأعمال ملزم بدفع الأجور الى النزلاء نتيجة استغلاله لثمرة عملهم(65). وهو ما يعرف بنظام القطعة، والذي يتميز بأن المورد لا يدفع للدولة مبلغا محددا جزافا أو مراعيا فيه أنه أجر للعمل، وانما يحدد باعتباره ثمنا لكل قطعة تسلم اليه (66).

آن ميزة نظام التوريد هو أنه يوفق بين نظام التوريد ونظام الإدارة المباشرة، فيخفف عن الدولة بعض أعبائها دون أن يحرمها من الاشراف على العمل في جوانبه المختلفة. ولكن هذا النظام غير معروف من الناحية الواقعية لأنه من الصعب أن يقبل رجل الأموال زج أمواله في مشروع تجاري دون أن يكون له الأشراف على كيفية استغلال هذه الأموال (67)، فضلا عن أن هذا النظام لا يخلو من المساوئ لكونه يؤدي الى اغفال. بعض الاعتبارات العقابية في مقابل اعتبارات اقتصادية حيث يتضمن اخلالا بالقيمة التهذيبية للعمل (68).

3- نظام الإدارة المباشرة: بمقتضى هذا النظام تتولى الدولة لوحدها إدارة الإنتاج وتتحمل مخاطرة الاقتصادية، فتقدم الآلات والأدوات والمواد الأولية الى النزلاء ليعملوا الصالح المؤسسة العقابية، وتلتزم الأخيرة بدفع الأجور لهم، ثم تسوق المنتجات لحسابها، نضف الى ذلك أنه بمقتضى هذا النظام تحتفظ الدولة بالإدارة الفنية للإنتاج، فهي التي تعين المشرفين الفنيين(69).

وهذا النظام هو المفضل في النظم العقابية الحديثة(70)، وقد نصت عليه القاعدة (73 ف1) من مجموعة قواعد الحد الأدنى حيث جاء فيها (الصناعات والمزارع العقابية ينبغي أن تتولى الإدارة توجيه سير العمل فيها ولا يجوز أن يعهد بذلك الى مقاولين)(70).

أن الميزة المهمة لهذا النظام هو أنه يكفل للعمل العقابي في جميع جوانبه سواء في ذلك الجوانب الإدارية والفنية. خضوعا مباشرة الأشراف الدولة، وهي بتمثيلها المصلحة العامة ينتظر منها أن ترجح الأغراض العقابية للعمل على اغراضه الاقتصادية، لذلك فأن الإدارة العقابية في ظل هذا النظام لا تضحي بمصلحة النزيل من أجل الربح، بل تسعى الى تأهيله وتقويم سلوكه من خلال تدريبه على بعض المهن لكي يكتسب النزيل مهارة فنية في حرفة معينة ويجيدها مما يسهل عليه بعد الخروج من المؤسسة العثور على العمل واكتساب الرزق الشريف الذي يبعده عن الجريمة، ومن أجل ضمان عدم العود الى الجريمة مستقبلا

ومن مزايا هذا النظام ايضا هو أنه يمكن الإدارة العقابية من توجيه العمل الهدف التأهيل والتقويم، فيراعي مصلحة المحكوم عليه التي تكون في الاعتبار الأول ولو أدى ذلك إلى تحمل الإدارة نقصا في الربح أو بعض الخسارة، كما بمقتضى هذا النظام يمكن توجيه الإنتاج الناشئ عن العمل العقابي أما للاستهلاك في المؤسسات العقابية أو للتسويق خارجها، كما يمكن تشغيل النزلاء في الخدمات العامة كالطرق والمزارع الحكومية(71)، وعلى الرغم من تلك المزايا فهناك عيوب تعتري هذا النظام تنحصر في تعرض الدولة لتحمل الخسارة أحيانا، كذلك أن نقص الفنيين اللازمين للأشراف والتوجيه يؤدي إلى نقص الإنتاج كما ونوعا عن نظيره في السوق.

4- نظام التعاقد : مفاد هذا النظام هو أن تبرم اتفاقية بين المؤسسة العقابية وإحدى الدوائر الإنتاجية المتخصصة، وبموجبها يرسل النزيل اليها في ساعات محددة المباشر فيها عمله، وبعد الانتهاء من عمله يرجع الى المؤسسة الإصلاحية ويمنح النزيل اجرا مماثلا لما يتقاضاه بقية العمال الأحرار (72).

موقف المشرع العراقي: حدد المشرع العراقي الأحكام المتعلقة بالتشغيل في المواد (18- 22) من قانون المؤسسة العامة للإصلاح الاجتماعي، فأعطى لكل نزيل الحق في العمل ضمن حدود قدراته ومؤهلاته في نطاق القواعد الفنية للتصنيف والإمكانات المتوفرة بقصد تأهيله وتدريبة مهنية وتهيأة اسباب العيش له بعد انقضاء محكوميته ومساعدته على ان يندمج في المجتمع وصيرورته مواطنا صالح م (18) من القانون المذكور وقد قرر المشرع أن يكون العمل جزء من تنفيذ العقوبة وليس عقوبة بذاته والزم اللجان الفيه بأن تنظر الى العمل على أنه من مستلزمات حفظ كيان النزلاء والمودعين والمجتمع م (19) منه وبمقتضى الفقرة (أولا) من م (20) منه نص المشرع على أن يتم تنظيم العمل للنزلاء في أقسام الإصلاح الاجتماعي على ان تكون ظروف العمل بمستوى يقترب من المستوى المطبق خارجها من حيث النوع وطريقة الأداء وانواع الآلات والادوات المستعملة

أما الفقرة الثانية من نفس المادة أجازت تشغيل النزلاء خارج المؤسسة العامة للإصلاح الاجتماعي وفقا لضوابط منها:

 أ- أن تتولى دائرتا اصلاح الكبار واصلاح الأحداث في المؤسسة مهمة التعاقد مع الجهات الحكومية التي تكون بحاجة الى قوى عاملة في مشاريعها وفق الأساليب والضوابط والتعليمات التي يصدرها مجلس ادارة المؤسسة.

ب- يجب تطبيق النصوص الخاصة بالأجور وتحديدها وبأوقات العمل والراحة والإجازات والأعياد المنصوص عليها في قانون العمل رقم (150) السنة/ 1970 المعدل على النزلاء العاملين داخل أقسام ومدارس الإصلاح الاجتماعي وخارجها .

ج- أن تراعي القوانين والأنظمة والتعليمات المرعية فيما يتعلق بالأجور وساعات العمل لمن يتم تشغيلهم بوظائف واعمال إدارية أو فنية من غير المشمولين بقانون العمل.

د. أن يخضع النزلاء لأحكام قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال رقم (35) لسنة 971 المعدل. ها تتحمل الجهة صاحبة العمل نسبة (2٪) من أجور النزيل لحساب فرع اصابات العمل وتسدد هذه النسبة بكاملها الى المؤسسة العامة للتقاعد والضمان الاجتماعي للعمال. و يجوز اشتغال النزلاء خارج المؤسسة العامة للإصلاح الاجتماعي لدى الجهات

الحكومية ممن لا تزيد محكوميتاهم على خمس سنوات اذا كانوا قد قضوا في اقسام ومدارس الإصلاح الاجتماعي مدة لا تقل عن (10٪) من المدة وكذلك النزلاء الذين تزيد محكوميتاهم على خمس سنوات اذا كان هؤلاء الأخرون قد امضوا (25٪) من مدة محكوميتاهم في أقسام ومدارس الإصلاح الاجتماع ويراعي في ذلك التأكد من حسن السلوك والجدارة للعمل الخارجي بتأييد من اللجنة المنصوص عليها في م (16) (73).

 وبمقتضى م (21) من قانون المؤسسة قرر المشرع العراقي توفير وسائل السلامة والصحة المهنية في محلات العمل داخل أقسام الإصلاح الاجتماعي على نحو مماثل لما هو موجود في خارج تلك الأقسام.. أمام (22) منه نصت على ان مجلس ادارة المؤسسة يصدر تعليمات تحدد قواعد العمل والأجور للنزلاء داخل الأقسام وخارجها .  

__________________

1- ادوين سذر لاند كريس – مبادئ علم الاجرام – ترجمة محمود السباعي و حسن صادق المرصفاوي – مكتبة الانجلو المصرية – القاهرة – 1968 ص 412 مرجع سابق، ص 680.

2-Germain: opcit, p.90                                                                                     

3- ينظر م (520) من قانون الإجراءات الجنائية المصري.

4- كان ذلك في القانون السوفيتي سابقا.

5- د. محمود نجيب حسني- علم العقاب۔ دار النهضة العربية. القاهرة ، 1967 ، ص329.

6-John Lewis Gillin: Criminology and penology, P.414                                 

7-Work for prisoners, Report of the Advisory Council on the Employment of prisoners. Home office and Scottish Home Department, London, 1964, no. 21, P.7.

8- د. علي احمد راشد العمل في السجون في ضوء أعمال مؤتمري لاهاي وجنيف. مجلة العلوم القانونية والاقتصادية. س 1- ع 1- 1959- ص 119.

9- مازال للأفكار القديمة تأثيرها على الرأي العام الذي يعتبر المحكوم عليهم جدير بكل صنوف الإيلام ومن بينها إيلام العمل، بل أن لهذه الأفكار صداها في القوانين التي تقر تعدد العقوبات السالبة للحرية، وتعتبر العمل أحد ضوابط هذا التعدد، وبصفة خاصة في القوانين التي لا تزال تعترف بعقوبة الأشغال الشاقة، ولهذه الأفكار صداها كذلك في القوانين التي تقرر فروقا أساسية بين ظروف العمل العقابي والعمل الحر.

ينظر:.314    .John Lewis Gillin; opcit., P                         

10- د. حسن علام العمل في السجون اطروحة دكتوراه مقدمة الى جامعة القاهرة- دار النهضة العربيد 1970-  ص230.

11- Frank T. Flynn: Employment and Labour in contemporary correction, edited by paul-T w Tappan, 1951, P. 243.

12- د. علي احمد راشد العمل في السجون في ضوء أعمال مؤتمري لاهاي وجنيف. مجلة العلوم القانونية والاقتصادية. س 1- ع 1- 1959 ، ص 120.

13- قرر مؤتمر جنيف لعام 1955 في توصيته الثانية بانه (لا يجوز اخضاع مصلحة المحكوم عليهم وتكوينهم المهني للرغبة في تحقيق الربح عن طريق العمل العقابي).

14- سذرلاند- مرجع سابق، ص689.

15-  أثبتت التجربة هذا الدور للعمل، فحينما عطل العمل العقابي في السجون الأمريكية استجابة لمطالب رجال الصناعة الحرة الذين ادعوا منافسة منتجات السجون لهم بما يضر بصناعاتهم فكانت عاقبة ذلك  حدوث حالات اخلال عديدة بالنظام حتى لقد قيل بحق (أن البطالة هي مقدمة التمرد) ينظر

 opcit, P. 92. German                                                                                        

16- د. علي عبد القادر القهوجي علم الإجرام والعقاب- الدار الجامعية للطباعة والنشر- بيروت۔  1984 ص 689.

17- د. محمد خلف مبادئ علم العقاب۔ ط2- مطابع دار الحقيقة بنغازي- 1977   ، ص228.

18- اكدت المجموعة الأوربية للأمم المتحدة عام 1954 على الدور التهذيبي للعمل ينظر في ذلك: د. محمود نجيب حسني ۔ مرجع سابق، ص 237- 238.

19-Methods moderns: opcit, P. 125.                                                              

20-  ابتدأ العسل العقابي باعتباره التزاما يضاف الى العقوبة، ثم تطور ليصير التزاما مندمجا في العقوبة أي مجرد عنصر في النظام الذي تفترضه ولم تكن الدولة وفق هذا التكييف. تتحمل التزامات في شان العمل، ولكن استظهار اغراض اجتماعية للعقوبة تلتزم الدولة بتحقيقها قد انشا على عاتقها التزامات تقابلها بطبيعة الحال حقوق للمحكوم عليه، وقد ترتب على ذلك أن تغير تكييف العمل فصار التزاما وحقا للمحكوم عليه ينظر:

389. R.P.VOGELMAN: Prisoner rights, P

21- عبرت عن ذلك م (14) عقوبات مصري بعبارة (الأشغال الشاقة) و م (19) عقوبات مصري بعبارة العمل في عقوبة السجن و م (19) عقوبات مصري بعبارة (الحبس مع الشغل)

22-  استثنت م (24) من قانون السجون المصري من العمل الإلزامي فئة المحبوسين احتياطيا والمحكوم عليهم بالحبس البسيط .

23-  اقر مؤتمر جنيف هذا التكييف للعمل فقرر في توصيته الأولى (أن جميع المحكوم عليهم يلتزمون بالعمل في حدود إمكانياتهم البدنية والعقلية كما تتضح بالفحص الطبي علما أن مؤتمر لاهاي سبق مؤتمر جنيف في تقرير هذا التكييف في توصيته الأولی۔

24- د. حسن علام العمل في السجون اطروحة دكتوراه مقدمة الى جامعة القاهرة- دار النهضة العربيد 1970 ، رقم 135. ص 130.

25- د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق، ص292.

26- اذا كان الأصل في نطاق الالتزام بالعمل هو العموم، فانه من المنطقي أن يعفى من الخضوع له من يتبين  انه لا محل لأن تتحقق بالنسبة له الأغراض المبتغاة بالعمل، وهذه الحالات ترد الى عدم المقدرة على أدائه، بل قد يكون في الالزام بالعمل في هذه الحالات ارهاق يصيب بالضرر الصحة البدنية أو العقلية للمحكوم عليه فيعرقل تحقيق أغراض العقوبة، ومن أجل ذلك قيدت قرارات مؤتمر جنيف الالتزام بالعمل بمراعاة الإمكانيات البدنية والعقلية كما يحددها الطبيب

27- د. حسن علام العمل في السجون اطروحة دكتوراه مقدمة الى جامعة القاهرة- دار النهضة العربيد 1970 ، رقم 146 و 147. ص 130 و 136.

28- Gillin: opcit, P. 426                                                           

29- في هذا الخصوص نصت توصيات مؤتمر جنيف على أنه (يجب التصريح بالعمل للمحكوم عليهم الذين لا يمكن الزامهم قانونا به اذا رغبوا في ادائه ويمكن تشجيعهم عليه).

30- د. حسن علام- مرجع سابق۔ رقم 151- ص 139.

31- اعترف مؤتمر لاهاي في وصيته الأولى بحق المحكوم عليه في العمل حيث جاء فيها الجميع المحكوم عليهم الحق في العمل و عليهم الالتزام به).

32- ينبني على تكييف العمل بانه حق للمحكوم عليه وصفه بانه التزام تحمله الدولة قبله، ويبرر التزام الدولة بتوفير العمل للمحكوم عليهم أنهم قوة عاملة كبيرة، وان من واجبات الدولة أن تشرف على استغلال الإمكانيات والقوى الاجتماعية في سبيل خير المجتمع ينظر: د. محمود نجيب حسني- علم العقاب۔ دار النهضة العربية. القاهرة. 1967 ، ص 342.

33- في هذا الخصوص اشارت م (77) من لائحة السجون السوداني و م (4) من قانون السجون الاماراتي الى تحديد ساعات العمل على أنه لا تتجاوز (8) ساعات يوميا

34- Work for prisoners: opcit, no. 34, P. 10.                                                  

35-  د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق، ص262.

36-  في هذا الخصوص نصت التوصية الثانية من مؤتمر لاهاي على أن العمل العقابي كالعمل الحر ينبغي أن يكون له غرض محدد وتنظيم فعال، ويتعين أن يؤدي في ظروف ووسط من شأنه تنمية ذوق العمل والاهتمام). وقد حذا حذو ذلك مؤتمر جنيف في توصيته الثالثة .

37- د. محمد خلف- مرجع سابق، ص235.

38-Work for prisoners: opcit, no.35, P.10.                                                     

39- Methods moderns: opcit, P. 127.                                                             

40- اشارت التوصية الثالثة من مؤتمر لاهاي الى أن (ادارة العمل العقابي وتنظيمه ينبغي أن يكونان في حدود الاستطاعة. على نسق إدارة العمل الحر وتنظيمه اللذين تحكمها في الوقت الحاضر مبادئ احترام الكرامة الإنسانية، وبهذا الشرط يمكن أن يكون للعمل في السجون عائد اقتصادي ومنفعة اجتماعية، ثم ان ذلك يرتفع بالدور التهذيبي للعمل كما اشارت الى هذا الشرط التوصية الثالثة من مؤتمر جنيف حيث جاء فيه (جعل المحكوم عليهم قادرين على الالتئام مع ظروف الحياة الاقتصادية العامة) واشارت ايضا الى أن الشرط يطبق على الأعمال الصناعية كما يطبق على الأعمال الزراعية .

41- أن المشرع الإماراتي قسن الأشغال الى فنية و غير فنية م (77) من قانون السجون اما المشرع السوداني فقد قسمها الى اشغال فنية وشاقة وعائية م (76) من لائحة السجون.

42- اشارت التوصية الأولى من مؤتمر لاهاي الى أنه يجب على الدولة أن تضمن للمحكوم عليهم عملا كافيا ومناسبا). كذلك اشارت التوصية الثالثة من مؤتمر جنيف الى أن (على الدولة واجب توفير عمل كاف ومناسب للمحكوم عليهم).

43-  اشارت التوصية الأولى من مؤتمر لاهاي الى أنه (يتعين أن يكون للمحكوم عليهم مكنة اختيار العمل الذي يرغبون في ادائه وذلك في الحدود التي تتفق مع اعتبارات التوجيه المنهي ومقتضيات الإدارة العقابية والنظام التأديبي العقابي) كذلك أشارت إلى هذا الحق التوصية الخامسة من مؤتمر جنيف

44-Work for prisoners: opcit, no. 69, P. 19-20.                                      

45-Germain: opcit, P. 89

46- أكد مؤتمر جنيف على أهمية التدريب المهني حيث جاء في توصياته (في تحديد برنامج العمل العقابي فان عناية كبيرة ينبغي أن توجه الى التكوين المهني، وبصفة خاصة بالنسبة للمحكوم عليهم الشبان، ويجب أن تكون أساليب وقواعد هذا التكوين مطابقة لما هو مقرر بصفة عامة في الدولة بحيث يحصل المحكوم عليهم على اعداد معادل للأشخاص الذين تلقوا التدريب خارج المؤسسة، ويحصلون تبعا لذلك على شهادة أو دبلوم وفقا للقواعد المعتادة).

47- في هذا الخصوص اشار مؤتمر جنيف في توصيته التاسعة الى أنه (يحسن إنشاء نظام يختار بمقتضاه بعض المحكوم عليهم وبصفة خاصة من تكون مدد عقوباتهم طويلة. فيسمح لهم في خلال الشهور الأخيرة التي تسبق الأفراج بمغادرة المؤسسة العقابية يوميا للعمل لدى رب عمل خاص او في مشروع عام ويحسن أن يعمل في ذات الحرفة التي كان يباشرها قبل الأدائة او تلقاها اثناء تنفيذ عقابه)

48- Methos moderns: opcit., P. 132.                                                               

49- د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق، ص 263.

50- أقر بهذا الراي مؤتمر باريس لعام 1895 حيث جاء فيه أنه (ليس للمسجون حق في أجر أنما للدولة مصلحة في إعطائه منحة) كما اشارت توصيات مؤتمر لندن لعام 1925 لنفس الأمر ينظر: 181   .Revue penitentiare, 1925, P  

51-  د. حسن علام- مرجع سابق۔ رقم 177 - ص164/د. محمود نجيب حسني- علم العقاب- مرجع سابق۔ ص 351 هامش 1.

52-  اعترف بصفة الأجر كل من مؤتمر لاهاي في توصيته السادسة، ومؤتمر جنيف في توصيته السابعة ومجموعة قواعد الحد الأدنى في القاعدة (76/ف1).

53- أن الاتجاه الغالب في القوانين العربية هو تسمية المقابل الذي يحصل عليه النزيل بالأجر كقانون تنظيم السجون اللبناني م (131) منه، وقانون السجون الإماراتي م  (42ف 3)  منه، وقانون السجون الليبي م (33) منه، وقانون السجون العراقي م (51ف1) منه، غير أن المشرع الكويتي يذهب الى تسمية المقابل بالمكافأة حسب نص (38) من قانون السجون.  

54- د. حسن صادق المرصفاوي- تطبيق قواعد الحد الأدنى في البلاد العربية الحلقة العلمية العربية لدرامية قواعد الحد الأدنى لمعاملة المسجونين في ضوء التطورات الحديثة في الميدان العقابي- بغداد - 1973۔ ص 39

55- هناك اتجاه يذهب الى انه يجب أن يكون الأجر أقل من أجر المثل، محتجا بذلك بعدم جواز المساواة بين عامل مجرم و عامل شريف، ومشيرا بعد ذلك الى المزايا التي لا يتمتع بمثلها العامل الحر كإيوائه واطعامه وكسائه على نفقة الدولة وتمتعه بضمان ضد البطالة ينظر

:,Pierre Bouzat et Jean pinatel: Traite de droit Penal et de  criminology, I 1963,no.483, p.406

56- اتجه مؤتمر لاهاي الى تأييد هذا الرأي فقرر في توصيته السادسة أنه (على الرغم من الصعوبات المرتبطة بالنظام الذي يقرر حساب أجر المحكوم عليه وفق القواعد الخاصة بالعمل الحر، فإن المؤتمر يوصي بتطبيق هذا النظام في أوسع نطاق ممكن). أما مؤتمر جنيف فاكتفي بالقول في توصيته السابعة بان المحكوم عليهم يجب أن يتلقوا مكافأة عادلة لعملهم وأوجب أن تكون هذه المكافأة غير ضئيلة وان تكون كافية ليكون في وسع المحكوم عليه مساعدة عائلته وتعويض المجني عليه .

57-  د. على عبد القادر القهوجي- مرجع سابق، ص293/د. حسن علام العمل في السجون اطروحة دكتوراه مقدمة الى جامعة القاهرة- دار النهضة العربيد 1970 ۔ رقم 192. ص179

Work for prisoners: opcit, no. 86, P. 23.

58- MANUEL LOPEZREY: Some consideration on the character and organization of prison Labour-the journal of law criminology and police science- Vol.49. P. 11 WEYAND-A study of wage-payment of prisoners apenal/method journal of criminal Law- criminology and police science- Vol.10, P.558.

59-  د. محمود نجيب حسني- مرجع سابق، ص 357- 358.

60-  في هذا السياق اشارت التوصية الخامسة من مؤتمر لاهاي الى أنه ينبغي أن يحصل المسجونون على تعويضات عن اصابات العمل و الأمراض المهنية وفقا لقوانين بلادهم، وينبغي أن يؤخذ في الاعتبار اشتراكهم في أوسع نطاق ممكن في جميع نظم التأمينات الاجتماعية المطبقة في بلادهم واشارت التوصية السادسة من مؤتمر جنيف على (وجوب اتخاذ تدابير ليست أقل ملاءمة مما يقرره القانون للعمال الأحرار، وبالإضافة الى ذلك فانه يتعين أن يستفيد المحكوم عليهم في اوسع نطاق ممكن من نظام التأمين الاجتماعي المطبق في بلادهم) كما اشارت الى أن الاحتياطات المقررة لحماية أمن وصحة العمال الأحرار ينبغي أن تتخذ كذلك في المؤسسات العقابية).

61- اجمعت القوانين العربية على ضرورة استفادة النزلاء من التعويضات عن اصابات العمل ينظر: م (112) من قانون السجون الجزائري، و م (36) من قانون السجون الليبي.

62- Bouzat et pinatel: opcit, no.476, P. 404.                                         

63- د. محمود نجيب حسني- علم العقاب- مرجع سابق، ص362.  

64-  يلاحظ أن م (93) من نظام السجون السوري اجازت تنظيم العمل وإدارة المصانع وذلك من قبل متعهدين، كما بينت م (99) منه التدابير التي تتخذ بحق المتعهد في حالة البطالة

65- Bouzat et pinatel: opcit, no.478, P. 504/Germain: opcit., P. 99

66- Prison labour: united nations publications 1955, P. 11.

67- د. محمد خلف. مرجع سابق، ص 241.

68-  على الرغم من مساوئ هذا النظام فقد أخذت به فرنسا و على نطاق واسع  .

69- تتفرع عن هذا النظام نظم تفصيلية تتصل اساسا بتسويق المنتجات، فثمة نظام الاستهلاك العام: حيث تستهلك المرافق العامة هذه المنتجات وثمة نظام الحساب العام: حيث تصرف الدولة منتجات السجن لحسابها في السوق الحر، وثمة نظام الأشغال العامة: حيث تستغل الدولة المحكوم عليهم في الأعمال ذات المنفعة العامة كتعبيد الطرق أو شق الترع. ينظر في ذلك:.11 .Prison Labour; opcit., P 4 - أخذ بهذا النظام القانون الفرنسي وكذلك نظام السجون السوري، حيث نصت م (93) منه على ان ( تنظيم العمل وإدارة المصانع تكون من قبل الدولة مباشرة ويتخذ هذا الأسلوب احدى الصور الآتية :-

 أ- الإنتاج للاستهلاك، يقتصر العمل في السجون على السلع اللازمة لاستهلاك المؤسسات العقارية او ما من المصالح الحكومية.

ب- الانتاج للتسويق: يشمل الإنتاج لاستهلاك الجمهور حيث يتم تصنيعها في السجون على نفقة الإدارة العقابية ثم تتولى بيعها للجمهور لحسابها الخاص. ج- التشغيل للخدمات الخاصة هنا تستفيد الدولة من تشغيل النزلاء في المزارع الحكومية والطرق العامة و غيرها من  الخدمات العامة). أما المشرع السعودي فقد اشار في م (16) من نظام السجن والتوقيف الى أنه يكون تشغيل المسجونين والموقوفين وفق قواعد تضعها وزارة الداخلية بالاشتراك مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية).

70- تبنى مؤتمر جنيف ذات الاتجاه، فأشار في توصيته الثانية إلى أنه يجوز الالتجاء الى المشروعات الخاصة اذا اقتضت ذلك اسباب قوية، و ويتعين في هذه الحالة اتخاذ الاحتياطات الضرورية كي لا يؤدي ذلك الى استغلال العمل العقابي، ويتعين كذلك اتخاذ الاحتياطات التي تكفل حماية مصالح الصناعة الحرة والعمال الأحرار).

71-  د. علي عبد القادر القهوجي- مرجع سابق ص 364. 

72- - من القوانين العربية التي اقرت هذا النظام قانون تنظيم السجون اللبناني حيث اشارت م (122) منه الى اعطاء اللجنة الإدارية المشرفة على تشغيل المعامل داخل السجن سلطة تفاوضية مع الدوائر والأفراد والمتعهدين، وان تساوم على الأسعار بيع وشراء وان توقع العقود.

73- جاء هذا بمقتضى التعديل الاول لقانون المؤسسة العامة للإصلاح الاجتماعي رقم 8 لسنة 1986

 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+