المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16342 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ربنا وآتنا ما وعدتنا على‏ رسلك}
2024-04-28
ان الذي يؤمن بالله يغفر له ويكفر عنه
2024-04-28
معنى الخزي
2024-04-28
شروط المعجزة
2024-04-28
أنواع المعجزة
2024-04-28
شطب العلامة التجارية لعدم الاستعمال
2024-04-28

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير بسم الله الرحمن الرحيم  
  
1136   04:39 مساءً   التاريخ: 2023-04-15
المؤلف : الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الكتاب أو المصدر : تسنيم في تفسير القرآن
الجزء والصفحة : ج1 ص327-339.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / مقالات قرآنية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2016 1664
التاريخ: 3-12-2015 1653
التاريخ: 2024-04-17 173
التاريخ: 2023-07-24 608

تفسير بسم الله الرحمن الرحيم

 

الباء: لفظ (الباء) حرف جر و مجموع الجار والمجرور (بسم) كلمة وليس كلاما ولا جملة مفيدة، ولذلك لايفيد معني تامة، إلا إذا لوحظ المتعلق، وسيأتي الكلام حول تعيين المتعلق في ختام البحث عن مفردات الآية الكريمة: (بسم الله ...).

اسم: وهو اللفظ الذي يحكي عن مسماه، وهذه الكلمة مشتقة إما من (السمة) بمعنى العلامة، كما عليه الكوفيون، أو من (السمو) بمعني العلو والرفعة كما عليه البصريون، كذلك يحتمل أن لا يكون مشتقة من شيء وان له وضعا خاصا به. ومن الواضح أن إثبات هذا المحتمل كإثبات قول الكوفيين صعب؛ لأنه كما قال الراغب وبعض المفسرين الآخرين(1)، فإنه لأجل تشخيص مبدإ الاشتقاق يمكن مراجعة التغييرات و الطارئة على تصريف الكلمة للحصول على جذرها الاشتقاقي، وحيث إن كل كلمة تعود إلى جذرها الأصلي في الجمع، والتصغير والنسبة، لذا يمكن الحصول على شواهد تدل على أن كلمة اسم مشتقة من السمو الا من الوسئم؛ لأن جمع اسم هو "أسماء" وليس (أوسام) وتصغيرها سمي"، لا (وسيم).

ومؤلف كتاب (أقرب الموارد) وبعد أن يبين معنى الاسم يناقش القولين المذكورين ولا يرجح واحدة منهما، لكنه يضع كلمة اسم في باب سمو"، وهذا الوضع يتضمن احتمال تأييده لقول البصريين. وعلى كل حال فإن الاسم في العرف واللغة هو بمعنى اللفظ الدال على الشخص أو الشيء، والاسم هنا ليس بمعنى الاسم الذي يقابل الفعل والحرف.

و"الاسم" في اصطلاح أهل العرفان بمعنى (الذات مع التعين الخاص) أي الذات التي ينظر إلى صفة من صفاتها، أو إلى جميع صفاتها. والاسم في هذا الاصطلاح هو من سنخ الوجود الخارجي و والعيني لا من مقولة اللفظ. ومثل هذا الاسم يكون له اسم وله مفهوم دال عليه وهو (اسم الاسم)، واللفظ الدال عليه يسمى "اسم اسم الاسم".

الله: وهو أعلى اسم من أسماء الذات المقدسة ومعناه الوجود  المحض والجامع ومبدأ جميع الكمالات الوجودية والمنزه من كل نقص، وحيث إن تلك الذات المقدسة جامعة لكل الأسماء الحسنى والصفات الحسنة، لذا يقال: (الله هو اسم الذات الجامعة لجميع الكمالات) وإلا فإن الاشتمال على جميع الكمالات ليس مأخوذة في معنى الكلمة.

وهذا الاسم المبارك الذي يعبر عنه "بلفظ الجلالة" قد استعمل في القران 2697مرة، وهو في الأصل (إله) وقد حذفت الهمزة بسبب كثرة الاستعمال وبالحاق (الألف واللام) به أصبح يشكل (الله).

و(إله) بمعنى "مألوه" والمألوه هو بمعنى المعبود أو المتحير فيه (أي الذات التي حارت وتاهت فيها جميع العقول والقلوب) أو المفهوم الجامع بين هذين الاثنين.

وفي اللغة العربية ولسان الوحي يطلق (إله) على كل معبود يخضع أمامه الأتباع والعابدون سواء كان حقا أم باط"، كما في الآيات الكريمة: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} [النحل: 51] ، {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } [الفرقان: 43] ، {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا} [الأنبياء: 62].

ولكن (الله) وبسبب كثرة الاستعمال فهي علم (اسم خاص) للذات المقدسة الإلهية الجامعة لجميع الصفات الجلالية والجمالية ولا تطلق إلا عليه: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24] ، ولهذا فإن لفظ الجلالة (الله) يقع موصوفة لجميع الأسماء الحسنى الإلهية، مثل "الرحمن" و"الرحيم"، ولكن هو الايقع صفة لأي اسم، ولذلك يقال: "إن الله هو اسم لذاته، وبقية أسماء الله هي أسماء لصفاته".

الرحمن والرحيم: صفتان من الصفات العليا لله سبحانه، وهما مشتقتان من مادة (الرحمة). ورحمان صيغة مبالغة تدل على الكثرة، ورحيم صفة مشبهة تدل على الثبات والبقاء).

وقد ذكرت معاجم اللغة معاني كثيرة لكلمة "الرحمة" مثل: الرقة، الرأفة، اللطف، الرفق، العطف، الحب، الشفقة، حرقة القلب، ويرة عليه: أولا: أن هذه كلها مقدمات و مراحل سابقة للرحمة، وليست هي الرحمة نفسها، لأن الإنسان عندما يرى المشاهد المثيرة للمشاعر تنبعث ابتداء في قلبه الرقة واللطف والعطف وحرقة القلب والمحبة والشفقة والرأفة ومن ثم تحصل الرحمة. ثانيا: إن الذي ذكر هو صفة مصداق من مصاديق الرحمة التي تحصل لدى الإنسان، أما الرحمة التي تنسب إلى الذات المقدسة الإلهية فهي منزهة من أي لون من ألوان الانفعال والتأثر، وكما قال أمير المؤمنين(ع): إن الله سبحانه "رحيم لا يوصف بالرقة"(2). وعليه، فإن المعنى الجامع للرحمة هو العطاء والإفاضة لسد حاجة المحتاجين، وبهذا المعنى تنسب إلى الله سبحانه، وكما جاء في مفردات و الراغب: (الرحمة من الله إنعام وإفضال)(3).

ومفردتا الرحمن والرحيم اللتان هما من مادة مشتركة لهما معنيان مختلفان بسبب الاختلاف في الهيئة والتركيبة اللفظية، فالرحمن على وزن فعلان وتفيد المبالغة، فوزن فعلان يدل على الكثرة والوفرة مثل: غضبان ومعناه الممتلئ بالغضب. إذا فالرحمن يعني المبدأ الممتلئ والفياض بالرحمة، والرحمة الرحمانية للذات المقدسة الإلهية هي تلك الرحمة الواسعة المطلقة التي وسعت جميع الممكنات، وتفاض على الا المؤمن والكافر.

هذه الرحمة الواسعة في الفيض المنبسط ونور الوجود الشامل الذي أضاء كل شيء: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: 75]. وأما الرحيم فعلى وزن فعيل، وهي صفة مشبهة تدل على الثبات والبقاء ومقتضى هيئتها الخاصة أنها تعني المبدأ الذي له رحمة ثابتة وراسخة التي هي أقل سعة من الرحمة الرحمانية، وهي تلك الرحمة الخاصة التي تفاض فقط على المؤمنين والمحسنين {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43].

وكلمة (رحمن) مثل كلمة (إله) يمكن إطلاقها على غير الله إذا كانت بغير الألف واللام، ولكن إذا دخلت عليها الألف واللام فلا تطلق إلا على الذات المقدسة الإلهية(4).

 

متعلق الباء في بسم الله: إن البحث حول متعلق الباء مبني على ماهو معروف بين المفسرين من أن لفظ الباء حرف جر وأن مجموع الجار والمجرور كلمة وليس كلامة، وأما إذا لم تكن الباء حرف جر وكان مجموع جملة (بسم الله الرحمن الرحيم)، أو (بسم الله) خاصة عنوانا ومقدمة لابتداء الأعمال كالمقالة أو الكتابة أو الأمور الأخرى، ولم تكن من سنخ الكلمات القابلة للتجزئة والتركيب والمرتبطة بما قبلها وما بعدها (المحذوف، أو المذكور) ففي هذه الحالة فإن البحث عن متعلق الجار والمجرور غير صحيح، كما أن البعض احتملوا هذا المعني بالنسبة إلى عناوين بعض السور مثل (الحاقة) و(القارعة). ومن الواضح أن هذا الاحتمال ليس له سند عقلي ولا نقلي بل هو احتمال محض.

كذلك إذا كان لفظ "الباء" في بسم الله وباقي حروف الكلمة أيضا كل منها رمزة خاصة ومختصرة لاسم إلهي معين، كما ورد في الحروف المقطعة، فههنا أيضا يكون البحث عن متعلق حرف الجر بلا ثمرة، لأن لفظ "الباء" في هذه الحالة يكون جزء من أجزاء اسم إلهي خاص ولا حاجة له أن يتعلق بالآخر، لأنه ليس حرف جر حتى يجري الكلام في موضوع متعلقه(5)، لكن هذا الاحتمال غير مبرهن كذلك.

والذي يبدو لنا هو نفس مبنى المشهور بين المفسرين من أن لفظ الباء حرف جر ويحتاج إلى متعلق. وإن كان البحث حول تعيين متعلق الباء لايحظى بأهمية خاصة بالنسبة إلى المعارف القرآنية. ولهذا فإن صدر المتألهين أرجع من يريد التحقيق في مواضيع من قبيل: تعيين متعلق الباء وتقدم أو تأخر المتعلق المحذوف ومعني تعلق الاسم بالقراءة في الآية الكريمة: {اقرأ باسم ربك} والسر في كسر حرف الباء مع أن الحروف البسيطة مثل كاف التشبيه ولام الابتداء وواو العطف وفاء العطف مبنية على الفتح وسائر البحوث التي هي في هذا المستوى إلى التفاسير المشهورة لاسيما تفسير الكشاف للزمخشري ولم يحقق هو فيها بنفسه(6)، لكن الالتفات الإجمالي إليها لأجل التفسير المتعارف مفيد ونافع. ولهذا فإن الأستاذ العلامة الطباطبائي ذكرها بعبارة قصيرة أسوة بالمفسرين من ذوي الدقة والتركيز في الكلام ولم يهمل موضوع تعيين المتعلق والإشارة إليه (7) .

وينبغي الالتفات إلى أن الله سبحانه بمقتضي (هو الأول) فهو بداية لكل عمل وكل شأن، والعمل الذي يبدأ من دون الالتفات إليه فهو منقطع الأول، كما أن العمل والشأن الذي يتم من دون قصد التقرب إليه بما انه هو الآخر) فسيكون منقطع الآخر وأبتر. ولذلك فإن كل عمل لابد أن يبتدئ باسم الله. ومن الضروري أن لا يكون مثل هذا العمل خالية من الرجحان، لأن العمل المرجوح الذي لا يرضي الله عنه لايمكن أن ينسب أبدا إلى الله.

ومعني ابتداء العمل باسم الله لايختص بذكر لفظ (بسم الله) في بدايته ولا يعني أن هذا اللفظ وحده يحظى بالعناية، بل كل ما هو عامل للذكر الإلهي فهو كاف وإن لم يكن خصوص كلمة (بسم الله). ولهذا فإن بعض الأدعية لاتبتدئ بكلمة (بسم الله) وإنما تبدأ بالتحميد أو التسبيح أو التكبير، وفي جميع هذه الحالات قد حصل الالتفات إلى اسم من الأسماء الحسني والصفات الإلهية العليا، كما أن امتثال الأمر الإلهي في موضوع حلية وطهارة المذبوح أو المنحور واشتراطه بالتسمية في الآية الكريمة: {مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِي} [الأنعام: 118] والآية الكريمة: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] لايختص بذكر البسملة، فقد روي أن شخصا سأل الإمام(ع) هل إن ذكر التسبيح أو التكبير أو التهليل أو التحميد لله كان عند الذبح أم لا؟ فقال الإمام(ع): "هذا كله من أسماء الله، لا بأس به"(8)، أي أن اسم الله قد ورد في جميع هذه الكلمات ومثل هذا الذبح صحيح وهذا المذبوح أو المنحور حلال.

وتارة يقترن ذكر اسم المعنى بفعل معين مع لفظ الباء الذي هو حرف الجر مثل: "بحول الله وقوته أقوم وأقعد" و{اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وفي مثل هذه الموارد ليس هناك ابهام في تعبين متعلق الباء، وتارة يبدأ عمل ما بسم الله بحيث يكون هذا العمل بمثابة قرينة معينة يمكن أن تعين متعلق حرف الجر، مثل من يريد أن يتلو سورة من القرآن أو يريد أن يقوم من مكان أو يجلس فيه(9) ومثله الذابح أو الناحر عندما يريد أن يذبح شاة أو ينحر بعيرة فيقول: بسم الله، فهو يقصد بذلك بسم الله أضحي وبسم الله أذبح، ومثله أيضا ابتداء المؤلف بتأليفه والمدرس بدرسه وصاحب المهنة بعمله، فإن احتمال تعين متعلق حرف الجر في مثل هذه الموارد في محله تماما وإن كان احتمال تعلقه بمتعلق و عام يناسب الموارد العامة مثل "الابتداء" و"الاستعانة" معقول أيضا.

طبعا من الممكن أن يكون المتعلق اسمة فتكون الجملة اسمية، ل ويمكن أن يكون فعلا فتكون الجملة فعلية مثل: ابتدائي (أي الابتداء الثابت في الظرف المستقر لا اللغو) بسم الله.. وابتدأت بسم الله، لأن حرف الجر محتاج إلى المتعلق كي يتخلص من النقص ويصير تامة، وهذه النتيجة تحصل بواسطة الاسم مرة مثل "ابتدائي" ومرة بواسطة الفعل مثل "ابتدأت". والبحث حول تعيين المتعلق سببه أن حرف الجر محتاج إليه، ومن هذه الجهة ليس هناك فرق بين أقسام المجرور، فلو قيل "بالله" ولم تذكر كلمة اسم فإن البحث حول تعيين المتعلق يبقى قائما.

وأما السبب في اختيار عبارة "بسم الله" بدلا من قول (بالله) فقد ذكروا فيه وجوهة عديدة منها: 1. لأجل التبرك بالاسم. 2. لأجل التمييز بين الابتداء بالعمل وبين القسم لأن القسم يحصل بعبارة (بالله) وليس بسم الله". 3. حيث إن الاسم هو عين المسمى فلا فرق بين (بالله) وبين (بسم الله). 4. في أول الأمر وبواسطة الإنس باسم الله تصفو

القلوب من العلائق والسر من العوائق حتى ترد كلمة (الله) على القلب النقي والسر الصفي(10).

ويروي محمد بن جرير الطبري حديث عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم)  مضمونه أن أم المسيح(ع) أرسلت ابنها عيسى إلى المكتب ليتعلم من المعلم فن الكتابة، فقال المعلم: أكتب (بسم)، فقال عيسى(ع): بسم ماذا؟ فقال المعلم: لا أعلم، فقال عيسى: "الباء" بهاء الله، "السين" سناؤه والميم" مملكته. ثم يقول الطبري أخشى أن يكون الناقل قد أخطأ في النقل وإن مقصود المعلم هو (ب)، (س)، (م) على النحو الذي يتعلم فيه مع الأطفال الحروف الأبجدية. ولعل راوي الحديث قد أخطأ وربط بين الحروف الثلاثة المذكورة ونقلها بشكل (بسم)؛ لأن تأويل المنقول المذكور لا يتناسب أبدا مع كلمة (بسم الله الرحمن الرحيم) طبقة الموازين لغة العرب(11).

ويرى محيي الدين ابن العربي أن متعلق حرف الجر في كل سورة تبدأ بالحمد هو فعل من مادة الحمد مثل: "حمدته" أو "أحمده"(12). ويرى عبد الرزاق الكاشاني أن متعلقه "ابدأ" و"أقرأ". طبعا هو يرى أن "الاسم" هو الصورة النوعية للإنسان الكامل الجامع للرحمة الرحمانية والرحيمية الذي هو مظهر الذات الإلهية والاسم الأعظم(13).

وقد جاء في بعض النصوص، وكما سيأتي في البحث الروائي أن: معنى قول القائل بسم الله، أي أسم نفسي بسمة من سمات الله عز وجل وهي العبادة"(14). وعليه فإن المتعلق المحذوف لحرف الجر مشتق من مادة "اسم"، والمتكلم أو الكاتب يريد أن يسم نفسه بسمة وعلامة العبودية. وقال بعض المفسرين: إن في هذه الرواية تنبيها على أنه يجدر بمن يقول "بسم الله" أن يكون جادة عند كلامه في أن يوجد في نفسه  نموذجا للصفات الإلهية.(15)

وعلى كل حال، فإن متعلق "الباء" إذا كان من مادة القراءة أو أية مادة أخرى مناسبة، فحيث إن الاسم له مراتب فالقراءة أو العمل ي المناسب الآخر أيضا سيكون له درجات والقائل "بسم الله" في أي درجة ابتدأ بها فهو سيواصل عمله طبقا لتلك الدرجة؛ وكما جاء في الحديث: اقرأ وارق".(16)

والملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أن القرآن من حيث إنه كلام الله، و متكلمه بواسطة إيجاد هذه الحروف والكلمات أعد كتابة تدوينيا فهو ذو صفة "تعليمية"، ومن حيث إن العباد يتلونه ويتعلمون معانيه ويزكون أنفسهم بواسطة العمل بما فيه فهو ذو صفة "تعلمية". وعلى هذا فعندما يقول الله سبحانه "بسم الله" فلايصح أن يقال: إن متعلقها هو الاستعانة أو يتوهم أن معنى حرف الجر هو الاستعانة، لكن عندما يتلفظ بها العباد

فيمكن أن يكون متعلقها من مادة الاستعانة ونظائرها كما أن معنى حرف و الجر أيضا يمكن أن يكون الاستعانة. طبعا هذا لا يعني الجمع بين الاستعانتين، لأنه يجب حتما تجنب الجمع بين الاثنتين.

وعلى كل حال، فحيث إن كلمة (بسم الله) جزء من السورة وجزء من القرآن أيضا، فإذا قرئت للاستعانة أو لمعنى آخر، فهي وإن كانت بلحاظ اللفظ غير شاملة لنفسها، لكنها من جهة الملاك تتضمن نفسها أيضا، أي أن الاستعانة من الله كما تتحقق بالنسبة إلى أجزاء السورة الباقية وكذلك سائر كلمات القرآن، فهي متحققة أيضا بالنسبة إلى (بسم و الله) ذاتها. وحتى في الابتداء باسم الله، يجب اعتبار الاسم الإلهي مقدمة اللافتتاح والتسمية والبسملة. نعم لو لم تكن (بسم الله) جزءا من السورة وكانت خارجة عن القرآن لأمكن أن تقع عنوانا للابتداء باسم الله ولكانت السورة تبدأ بواسطة الافتتاح بها. ومهما يكن فإن التسمية الإلهية مفتاح لكل باب مغلق ومنفذ إلى كل كنز(17).


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. المفردات للراغب، التفسير الكبير، الجامع لأحكام القرآن، منهج الصادقين.

2. نهج البلاغة، الخطبة 179، المقطع 4.

3. مفردات الراغب، "رح م".

4. التحقيق، ج4، ص 91؛ مفردات الراغب، "رح م"؛ الميزان، ج1، ص18.

5. قال القشيري: ان جماعة يتذكرون من خلال حرف الباء) بر الله واحسانه إلى أوليائه، ومن حرف السين) سره مع أصفيائه ومن (الميم) منته على أهل ولايته، وجماعة أخرى يتذكرون من حرف الباء) براءة الله من كل قبيح ومن حرف السين سلامة الله من كل عيب ومن حرف الميم) مجد الله سبحانه... وجماعة أخرى يتذكرون من حرف الباء) بهاء الله ومن حرف السين) سناء الله ومن (الميم) ملكه. (لطائف الاشارات، ج1، ص56).

6. تفسير القرآن الكريم، ج 1، ص 29 - 30.

7. الميزان، ج1، ص15.

8. وسائل الشيعةة، ج16، ص 327.

9. تفسير الطبري، ج 1، ص 78.

10. لطائف الاشارات، ج1، ص56

11. تفسير الطبري، ج 1، ص 81 - 82 بتصرف.

12. ايجاز البيان في الترجمة عن القرآن، المطبوع في حاشية تفسير و اشارات ابن العربي، ج 1، ص 21.

13. تأويلات الكاشاني، ج 1، ص7.

14. نور الثقلين، ج 1، ص 11.

15. بيان السعادة، ج1، ص25

16. البحار، ج8، ص133.

17. كما قال النظامي الكنجوي في بداية مخزن الأسرار:

بسم الله الرحمن الرحيم

هي المفتاح لباب كنز الحكيم

وفي مقدمة ليلى والمجنون أنشد قائلا:

يا من اسمه افضل ديباجة

كيف استطيع أن استهل رسالتي بغير اسمك

وفي بداية الأجسام السبعة ينشد قائلا:

يا من رأى عالم الوجود نفسه منك

ويامن لم يكن قبلك من وجود

انت في البداية بداية لكل شيء

وفي النهاية نهاية لكل شيء

وفي مقدمة الرسالة الاسكندرية (الاسكندرنامه):

الهي ان العالم مملكتك

ولك الخدمة منا ولك الربوبية يا الهي

انك أنت الملجأ للرفيع والداني

فالكل معدوم والموجود هو أنت

وفي بداية رسالة الإقبال (اقبالنامه) وبما يشابه مقدمة مخزن الأسرار انشد كالتالي:

اينما يكتشف العقل كنزا

فإنه يصنع له مفتاحاً من اسم الله

الله الواهب للعقل ومكرم العقلاء

المنقذ لغير هو العقلاء

طبعاً ان النظرة التوحيدية للشعراء والأدباء ليست متساوية فما قاله الحكيم ابو القاسم الفردوسي:

باسم إله الروح والعقل

حيث ان الفكر لا يرقى الى أعلى من هذا

ليس مساوياً لما قاله الشيخ محمود الشبستري

باسم الذي علم الفكر للروح

واسرج مصباح القلب بنور الروح

لأنه وإن كان الفردوسي قال بأن الله خالق الروح وخالق العقل لكن هناك أمراً ثالثاً وهو بيان العلاقة بين الروح المفكرة والفكر لم يأت في أبياته الجميلة أما عارف شبستر فهو اضافة إلى الأمر الأول والثاني وهو الإشارة الضمنية إلى خالقية الله للروح وللفكر قد التفت إلى أمر ثالث وهو ربوبية الله في تعليم الإنسان وإيجاد نور الفكر في روح المفكر، حتى لايتوهم أحد بأن الله وإن كان قد خلق أصل الروح وأصل العلم، لكن اكتساب العلم يتم من قبل الروح الإنسانية نفسها والعالم لا يحتاج في اكتسابه للعلم إلى افاضته عليه من قبل الله. وخلاصة القول هي أن الفردوسي قد أشار الى جعلين بسيطين، والشبستري * أشار إلى جعلين بسيطين وإلى جعل تأليفي، وعلى كل حال فإن كتاب "عرفان روض الأسرار" "گلشن راز" مشهود لأصحاب القلوب، كما ان كتاب (ملحمة رسالة الملوك) [حماسه شاهنامه معلوم لأصحاب النظر والفكر، وكلاهما نظم منضود وبديع في ساحة التوحيد الإلهي: وإن كان لاينبغي استبعاد علو منزلة البصر على النظر بل ينبغي إعتبار ان رجحان البصر على النظر أمر تقتضيه البصيرة.

والمناسب أن لانطلق عنان الكلام فنعدل عن المسير المشهور ونرد في معبر المستور الذي لا يبلغه إلا نزر من سالكي طريق المعرفة وقليل من سالكي صراط العبادة التي منطلقها الشكر والمسافة التي يملؤها الحب. نعم فالتحرر من غير الصمد لن يكون نصيب الأجوف من الناس وشهود الشهيد المطلق لا يحظى به كل أكمه وأعور وأحول وأعمى.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



لأعضاء مدوّنة الكفيل السيد الصافي يؤكّد على تفعيل القصة والرواية المجسّدة للمبادئ الإسلامية والموجدة لحلول المشاكل المجتمعية
قسم الشؤون الفكرية يناقش سبل تعزيز التعاون المشترك مع المؤسّسات الأكاديمية في نيجيريا
ضمن برنامج عُرفاء المنصّة قسم التطوير يقيم ورشة في (فنّ الٕالقاء) لمنتسبي العتبة العباسية
وفد نيجيري يُشيد بمشروع المجمع العلمي لحفظ القرآن الكريم